التحالف يدخل حرب "المجهول" ضد " داعش".. وسط توقعات بمعارك طويلة الأجل

الإثنين 22/سبتمبر/2014 - 01:16 م
طباعة التحالف يدخل حرب
 
مع بدء الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، هناك تساؤلات عديدة: هل يمكن هزيمة التنظيم من قبل قوات التحالف الدولي الذي تم تشكيله مؤخرًا لمواجهة تهديدات داعش؟ فجبهة الحرب ضد "داعش" شملت تحالفًا بين كل من الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي "الناتو" وقوات البيشمركة الأكراد الذين يتلقون بدورهم دعمًا من قبل الحكومات الغربية وإيران.

قوة "داعش" وصعوبة هزيمته

قوة داعش وصعوبة هزيمته
هناك العديد من القوى التي تمتلكها "داعش" على الأرض سواء كانت هذه القوى عسكرية أو استخباراتية أو مادية، بالإضافة إلى القوة العددية للتنظيم مع وجود دعم من قبل أهالي المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم.
ونجاح داعش في استغلال المظالم السنية في العراق وسوريا، وفي الوقت الذي أساء فيه الغرب فهم طبيعة الصراع في المنطقة واستغلال تنظيم الدولة الإسلامية للمظالم السنية في العراق وسوريا، خضعت مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية لسيطرة البعثيين الذين تم دعمهم من قبل القبائل السنية المحلية التي لطالما عانت من التهميش من قبل حكومة بغداد بقيادة نورى المالكي ذي الخلفية الشيعية، ولم يقتصر الأمر على مدينة الموصل فقط، بل امتد ليشمل سقوط محافظة الأنبار هي الأخرى في يد التحالف الثلاثي فيما بين القبائل السنية وتنظيم داعش والبعثيين في أوائل عام 2014.
كما يتمتع التنظيم بتواجد قوي في الساحة السورية والأراضي التي يسيطر على مساحات كبيرة من التراب السوري، وكان آخرها منذ أيام حيث سيطرت على 60 قرية بالقرب من الحدود السورية التركية.
كما يتمتع تنظيم" داعش" بوفرة الموارد المادية التي تتيح دفع مبالغ مالية كبيرة للمقاتلين بطريقة تثير التساؤل والإعجاب وتسيطر "داعش" على مساحات هامشية من الحقول في شمال العراق، إلا أنها كافية لتأمين الاكتفاء الذاتي للمجموعة الإرهابية. قبل شهرٍ، قُدِّرت قيمة سوق النفط التي تسيطر عليها داعش في العراق بنحو مليون دولار يومياً. اليوم، ومع التوسع والسيطرة على حقول نفط إضافية وطرق التهريب، يُعتقد أن هذه السوق تجمع حوالي 2 مليون دولار يومياً. وبهذا يتوفر بين يدي داعش 370 مليون دولار سنوياَ، وهو مبلغ كافٍ للاستمرار بالعملية ما وراء العراق.
وتأتي القوة العسكرية كأهم أركان صعوبة هزيمة "داعش" بصورة سريعة، فقد طور تنظيم داعش قدرات قتالية في البداية من خلال قتال عناصره ضد الجيش السوري ومقاتلي حزب الله الداعمين للنظام السوري وتنامي قوة الميليشيات العراقية في الأراضي السورية بين عامي 2012 و2014.
وكشف تقرير للمخابرات الأمريكة "سي أي إيه" أن عدد مقاتلي "داعش" وصل إلى 32 ألف مقاتل، تستند التقديرات إلى استعراض لتقارير المخابرات الأمريكية منذ شهر مايو وحتى أغسطس الماضيين، بزيادة عن تقديرات سابقة أشارت إلى أن عدد مقاتلي "داعش" بلغ نحو 10 آلاف مقاتل.
كما تميزت المواجهات فيما بين هذه التنظيمات وتنظيم الدولة الإسلامية بالندية وحتى من دون أية مساعدات خارجية.

الرد العسكري

الرد العسكري
يبقى الرد العسكري على داعش حتى الآن مرتعشًا ومرتبكًا. ففي الوقت الذي لم تطأ فيه الجيوش الغربية أرض المعركة بعد، فإن الجيش العراقي يعاني من الفوضى، كما أن نجاح وحدات الجيش العراقي المقاتلة في مواجهة داعش مرهون بالدعم العسكري الغربي. وبالرغم من أن البديل المتاح لمكافحة التنظيم الجهادي يتمثل في القوات الكردية، إلا أن ثمة صعوبات لا تزال تكتنف الاستعانة بهذا البديل في ظل الممانعة العراقية في تسليح الأكراد أو حتى التوصل إلى تسوية سياسية بشأنهم.
 وفي الوقت الذي قامت فيه الولايات المتحده بشن 160 غارة جوية على داعش، يبدو الأمر أصعب من المتوقع خاصة مع المرونة التي تتمتع بها داعش وقدرتها على المناورة ونقل مسرح العمليات من العراق إلى سوريا أو إلى الأردن.
واعتبر وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل، أن "الحملة ضد داعش هي معركة العراقيين أولا، وأن القوة العسكرية وحدها ليست كافية لهزيمته"، مطالبا بـ"التنسيق على المستوى السياسي".
وقال هيجل خلال جلسة استماع أمام الكونغرس، إن بلاده "ستجري مزيدا من المشاروات بشأن محاربة داعش، متعهدا بتوسيع الحملة الجوية التي تنظمها القوات الأمريكية ضد عناصر تنظيم "داعش" في العراق، وأشار إلى أن "دول التحالف بما فيها تركيا التزمت بمساعدة العراق".
وأوضح هيجل أن استراتيجية الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، ستتم على مراحل، تبدأ بتزويدهم بأسلحة بسيطة ومعدات للاتصال وتدريبهم عليها، وصولاً إلى تزويدهم بأسلحة متطورة، لافتا إلى أن الخطة المقدمة للرئيس الأمريكي، تتمثل في استهداف مواقع لداعش في سوريا، لـ "ضرب قدراتها القيادية والتحكمية واللوجستية وبناها التحتية".
ووافق مجلس النواب الأمريكي، على طلب للإدارة الأمريكية، بتخصيص مبلغ 500 مليون دولار لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة.

تحالف مرتبك

تحالف مرتبك
وبدأت الولايات المتحدة مؤخرا في حشد ائتلاف واسع من حلفائها خلف عمل عسكري أمريكي محتمل ضد تنظيم "داعش" ويبدو أن التحالف لم يتوصل إلى استراتيجية حقيقة لمواجهة تنظيم الدولة، والحفاظ على هذا التحالف الدولي بقيادة أمريكا ضد داعش سيتطلب عملاً. وبما أنّ اللاعبين الإقليميين منغمسون في حرب باردة فيما بينهم، سيكونون عرضة لانتقال تركيزهم من داعش، إذا عانت من النكسات، إلى خصوماتهم المتبادلة. 
ومع أن استقلالية داعش هي نقطة قوة إلا أنها أيضاً مكمن ضعف. فهي تتمتع بقدرة فريدة على توحيد معظم اللاعبين في حرب الشرق الأوسط الباردة الجديدة ضدها. فإيران وحلفاؤها يكرهونها بسبب أيديولوجيتها المعادية جدّاً للشيعة. أما السعوديون، فيخافون منها لأنها تهديد محلي محتمل إذا تحولت السلفية إلى أيديولوجية سياسية ثورية بوجه الحصن المنيع الموالي للنظام في المملكة العربية السعودية. وتركيا والأكراد والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا كلها ستفشل إذا انتصرت داعش.
 وقد أدت نجاحاتها مؤخراً إلى تردد الإدارة الأمريكية بإعادة إدخال الجيش إلى العراق، وجعلت الإيرانيين يتراجعون عن دعم نوري المالكي لرئاسة الحكومة في العراق. ويجد كل من واشنطن وطهران وبغداد وأربيل وأنقرة ودمشق والرياض أمام مصالح متوازية إن لم تكن متطابقة بالتعامل مع داعش.
كما تزال الأجندات والأولويات الغربية في المنطقة يعتريها التضارب والتباين، فإيران تبدي استياءً واضحًا من التحالف الدولي لمواجهة داعش والتي تم استبعادها منه. على الجانب الآخر، تعرقل الحكومة العراقية إمدادات المعدات العسكرية الثقيلة التي تحتاجها قوات البيشمركة الأكراد. من جانبها تأمل واشنطن في نجاح حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها في العراق مؤخرًا بقيادة حيدر العبادي والتي تشمل تمثيلًا سنيًا أقل من سابقه في حكومة المالكي التي خلفت إرثًا من الفساد السياسي والنزعات الطائفية. علاوة على ذلك، فإن تقديم الدعم العسكري لحزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية الشعبية الكردية أمرًا غير قابل للتنفيذ خاصة مع اعتبار تلك الجماعات تنظيمات إرهابية، ومعارضة تركيا لدعم هذه الجماعات. 

المشهد الأن

وفي النهاية، إنّ مهارة التنظيم، التي لا شك فيها، في خلق الأعداء ستتجلى ليس فقط بين القوى الخارجية فحسب، بل أيضاً بين الأشخاص الذين تدعي حمايتهم.
ويبدو أن التحالف سيخوض حربا طوية الأمد ضد تنظيم "داعش" قد تمتد لسنوات طويلة تستزف فيها القدرات الاقتصادية لدول المنطقة، ويبقى الفكر الجهادي قائما مع استمرار البيئة الحاضنة له.
فالقضاء على داعش لا يعني القضاء على التطرف، فتنظيم الدولة يعتبر امتدادًا للتطرف الجهادي الذي يمكن العثور عليه في تنظيمات أخرى كتنظيم القاعدة، وحركة طالبان، والمخابرات الباكستانية، بل في شوارع المدن الأوروبية وكذا جماعة الإخوان المسلمين.
لذلك هل سيكرر الغرب تجربته في أفغانستان من خلال حرب امتدت من 2001 وحتى الآن استنزفت قدرات دول التحالف ماديا وعسكريا، ولم تحقق نتائج تذكر، أم أنه سيكون هناك تعاملا آخر في الحرب ضد "داعش"؟

شارك