بطريرك الكلدان يحذر في رسالة العيد: "انقسام العراق يقودنا للخراب"

الإثنين 21/مارس/2016 - 12:26 م
طباعة بطريرك الكلدان يحذر
 
سيطر الوضع الراهن في العراق على الرسالة الروحية لعيد القيامة- حسب توقيت الكنيسة الكلدانية- التي كتبها البطريرك روفائيل ساكو بطريرك الكلدان بالعراق والعالم؛ حيث غاب عنها الطابع الروحي والشكل الاحتفالي بالعيد، فقد بدأت بكلمات موجعة تقول: أجواؤنا مَشحونةٌ، وبلدنا مُجزأ، وبعضُه لا يزال تنظيمُ الدولة الإسلاميّة يحتله، والمؤسف أيضًا أن كلَّ تحالفٍ منقسمٌ على نفسه؛ بسبب صراع المصالح وطموحِ الزعامة، فغاب "الوطن فوق الجميع" و"كرامة الإنسان في المقدمة". وأود أن أذكر هنا بقولِ المسيح: "كُلُّ مَملَكةٍ تَنقَسِمُ على نَفْسِها تَخْرب، وكُلُّ مَدينةٍ أَو بَيتٍ يَنقَسِمُ على نَفْسِه لا يَثبُت" (متى 12/25).
وأضاف البطريرك صراحة: "واقع مُحزن ومؤلم ومُحبط، لكنه لا يزالُ هناك أَمل. نحتاج إلى خطوات عمليّة للخروج من هذا الوضع القاسي ومنع من أن تؤدي هذه الصراعات إلى مزيدٍ من الفُرقة والاقتتال والموتى والتهجير والخراب والضغوطات النفسية والقلق والخوف. لننظر نحن المؤمنين مسيحيين ومسلمين وصابئة وإيزيديين، نظرة إيمانية هادفة إلى مأساتنا، ولنستقد منها في جعلها فرصة خصبة وقُوّة دافعة لاستعادة الثقة والتسامح والتلاقي عبر الحوار الجاد والمصارحة؛ من أجل تحقيق المصالحة الوطنيّة والوحدة والشراكة والسلام، وتفويتِ الفرصةِ أمام من يَسعون لاستثمار مشاكلنا لمصالحهم (قوى داخلية وخارجية!).
لنُبرهنْ أننا قادرون على الانفتاح على بعضِنا البعض، والتعايش مع الاختلاف في الآراء، ولنتسارع كفريقٍ واحدٍ رجالاً ونساءً لفعلِ شيءٍ؛ من أجل خلاصِ بلدِنا وأنفسِنا! فالسياسةُ ليست لعبةَ مصالح، بل إحساسٌ بالمسئوليّة وفكرٌ وثقافةٌ ومواقفُ شجاعةٌ لتنفيذ ما يَتطلعُ اليه شعبُنا من إصلاحات.
نحن المسيحيين في هذه الأيام الصعبة، بالأمسِ ختمنا الصوم الأربعينيِّ وبدأنا الأسبوع المقدّسَ للاحتفال بعيد الفصح- القيامة (الأحد 27 آذار) أجمل أعيادِنا وأكثرُها بهجةً ورجاءً، ولكيلا نبقى ننظر إلى جراحاتِنا الظاهرة، ونفقد الرجاء المسيحي لهذا الألم- الصليب، أدعوكم إلى الحكمة والتروي والبقاء معًا متحدينَ على الأرض التي ولدنا فيها وعشنا عليها مع إخوتنا الآخرين نحو 1400 سنة وبنينا معًا حضارةً مشتركة. وحذار من التخبّط وفسح المجال أمام أشخاص وجمعيات ودول ليستغلوا معاناتنا لمصالحهم ويشتتوننا في أربع أقطار المعمورة (50 هنا و100 هناك).
أدعوكم لتكونوا قامة إنسانية ومسيحية ووطنية كما يريدُ المسيح، ونموذجاً معتدلاً ومُحبّاً، حاضراً وفاعلاً، نموذج "نورٍ ورجاء" في الولاء للوطن "بيتنا" وللعراقيين "أهلنا"، والتواصل مع الجميع والتكامل والتعاون في بناء حاضرنا المناسب ومستقبلنا وعندها حضورُنا لن يكونَ مهدداً!
وأود أن أختم بهذه العبارة من العهد الجديد في مواجهة معاناتنا والتمسك بالثبات في إيماننا ومحبتنا ورجائنا ورسالتنا شهادة للمسيح رسول السلام: "كُونوا في الرَّجاءِ فَرِحين وفي الشِّدَّةِ صابِرين وعلى الصَّلاةِ مُواظِبين. واغلِبوا الشَّرَّ بِالخير". (رومية 12/10 و21). عيد مبارك وقيامة حقيقية لكل واحد منا ولعائلاتنا وعودة سريعا للمهجرين إلى بيوتهم، وسلام لكنائسنا ولبلدنا والعالم".

شارك