بعد تفجيرات بروكسل.. الإرهاب "يسن أنيابة" في قلب الاتحاد الأوروبي
الثلاثاء 22/مارس/2016 - 01:06 م
طباعة

يبدو أن الإرهاب بدأ يسن أنيابه في أوروبا، وبالأخص بعد فشل الأخيرة في سياسة المواجهة للجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش" الإرهابي، ليدخل الإرهاب بصدر رحب في قلب الاتحاد الأوروبي، فبعدما شهدت العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر 2015، سلسلة من التفجيرات الإرهابية، طال الإرهاب العاصمة البلجيكية "بروكسل" صباح اليوم الثلاثاء 22 مارس 2016؛ حيث وقع تفجيران بمطار بروكسل، عند صالة مغادرة المسافرين بالقرب من الخطوط الجوية الأمريكية "أمريكا ايرلينز"، ومترو أنفاق قريب من مقر الاتحاد الأوروبى.

وقتل ما لا يقل عن 23 شخصاً وجرح 35 آخرون، في انفجارين أحدهما انتحاري في مطار "زافينتيم"، وانفجارات آخرى في محطات للمترو في حي مالبيك وشومان، في بروكسل، قلب الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت السلطات البلجيكية، رفع حالة التأهب إلى الدرجة القصوى في جميع أنحاء البلاد، كما عقدت الحكومة البلجيكية اجتماعا طارئا بعد تفجيرات المطار.
واستدعي الجيش للمشاركة في العمليات الأمنية في البلاد، وطلب مركز إدارة الأزمات المواطنين بالبقاء في منازلهم، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية.
وطلب الاتحاد الأوروبي من موظفيه البقاء في منازلهم بعد الهجمات، والتزام الموظفين في أماكنهم.
وأغلقت السلطات البلجيكية، المطار وأوقفت جميع الرحلات منه وإليه، كما علقت جميع خدمات القطارات إلى المطار وقطعت جميع الطرق المؤدية إليه، فيما عمدت إلى إخلاء المطار من المسافرين، استنادًا إلى شاهد بالقرب من بوابة المسافرين إلى الولايات المتحدة، وأضاف الشاهد أن "أشخاصًا كثيرين كانوا مضرجين بالدماء، كما تم إيقاف حركة القطارات الواصلة بين مدينة بروكسل والمطار".
وحسب التلفزيون البلجيكي فقد عثر رجال الشرطة على 3 عبوات ناسفة لم تنفجر في المطار، وأفادت مصادر بلجيكية بإطلاق نار من قبل شخص يتكلم العربية قبل وقوع الانفجارات.
ووصف الادعاء العام البلجيكي، الانفجارات التي وقعت بـ"الإرهابية".
ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي الفرنسي، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني أنه سيعقد اجتماعاً أمنياً لبحث تداعيات تفجيرات بروكسل.
ويرى مراقبون أن التفجيرات في مطار بروكسل تأتي بعد أيام من اعتقال المطلوب الأول أوروبيًّا صلاح عبد السلام، وكانت الشرطة البلجيكية ألقت القبض على مخطط هجمات باريس صلاح عبد السلام خلال مداهمات في منطقة مولينبيك في ضواحي بروكسل الجمعة 18 مارس 2016.
ووصفت وسائل إعلام بلجيكية الحادث بـ"العمل الإرهابي"، وذكر التلفزيوني البلجيكي أن الهجوم داخل المطار كان "انتحارياً".
وكان أعلن مدعي باريس، فرنسوا مولانس، السبت الماضي، أن عبد السلام أكد للمحققين "أنه كان ينوي تفجير نفسه في ستاد دو فرانس قبل أن يتراجع".
في حين كشف أمس الاثنين عن هوية شريك لصلاح، هو "نجم العشراوي" الذي عثر على آثار من حمضه النووي على متفجرات استخدمت في يوم اعتداءات باريس.
وأظهرت صور بثها مسافرون، ووسائل إعلام محلية، حالة من الهلع والخوف في صفوف المسافرين، وعشرات سيارات الإسعاف والشرطة تحيط بالمطار، وذكر مراسل الجزيرة أن قوات من الشرطة والجيش طوقت المطار.
كما أظهرت صورٌ عددًا من الجرحى في حالة يُرثى لها نتيجة إصاباتهم الدامية، فيما بدت أجزاء من المطار بحالة دمار جزئي.

وكانت اعتبرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أمس الاثنين، أن الإرهاب الذي يضرب أوروبا يأتي في الغالب كنتيجة للسياسات التي ارتكبها الغرب في أفغانستان والعراق وليبيا، وهو أمر يجب أن يترسخ في أذهان الجمهور الأوروبي.
وأوضحت الصحيفة، أن وسائل الإعلام عادت للتركيز على التهديدات التي من الممكن أن يشنها تنظيم داعش في أوروبا في أعقاب اعتقال صلاح عبد السلام في بلجيكا الذي يعتقد أنه كان المخطط لهجمات باريس.
وبينت أن عملية القبض عليه تشير من جديد إلى إمكانية إفلات أخطر الإرهابيين من قبضة الشرطة، مبينة أنه كان يعيش في منزله بحي مولنبيك في بروكسل، وكان يعمل في مجال التجارة.
الصحيفة أضافت أن وسائل الإعلام تركز على تنظيم داعش وخطره فقط عندما يرتكب مذبحة كما هو الحال عندما وقعت هجمات باريس، أو الهجمات التي نفذها التنظيم في شاطئ تونس، ولكن سرعان ما ينتهي هذا التركيز لتعود الحياة إلى طبيعتها في وقت تشهد فيه بغداد مثلاً، العديد من الهجمات التي يشنها التنظيم، وكذا الحال بسوريا، "حتى خيل لنا أن هذا هو الوضع الطبيعي".
وتساءلت الإندبندنت: أوروبا تذهب ضحية ما بين الحربين الجاريتين في العراق وسوريا، وصار السؤال: لماذا نضرب في أمننا كلما تأزم الشرق الأوسط؟ وبحسب الصحيفة فإن هذا السؤال يدل على أن "الجمهور لا يعي أن السياسات الكارثية في العراق وأفغانستان وليبيا وخارجها هي التي أدت إلى خلق الظروف المناسبة لصعود تنظيم الدولة والجماعات المتطرفة الأخرى".
واعتبرت أن السياسات الأوروبية أسهمت بتأجيج العنف، "فتنظيم الدولة بات قوة متنامية في ليبيا، وهو أمر ما كان ليحدث لولا أن ساعد نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق وديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا في تدمير الدولة الليبية والإطاحة بنظام القذافي".
ويرى خبراء أنه بعد هجمات باريس كانت بلجيكا في حالة تأهب قصوى زعزعت الوضع الداخلي وأشاعت هواجس شديدة الرعب بشن هجمات إرهابية وشيكة، إذ شهدت بروكسل حالة إنذار إرهابي قصوى وصلت ذروتها غداة سلسلة عمليات للشرطة لم تسمح بتوقيف المشتبه به الرئيسي في التحقيق في اعتداءات باريس صلاح عبد السلام.
كان مراقبون قالوا: "إن بروكسل علي أعتاب هجوم "جدي ووشيك" ستبقى مصابة بشبه شلل كامل في وضع غير مسبوق في المدينة التي تضم مقر الاتحاد الأوروبي، في الوقت نفسه كانت طلبت السلطات البلجيكية من مواطنيها عدم نشر أي معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي حول العمليات الأمنية التي تنفذها الشرطة إثر هجمات باريس، لكن البلجيكيين تلقوا الأمر بحسهم الفكاهي وبدءوا بنشر صور قطط التزامًا بالتكتم لحسن سير العمليات".

الخبراء في شئون الإرهاب يرون أن الحكومة البلجيكية تعاملت بتسامح كبير مع انتشار أفكار متطرفة في السنوات الماضية، وسيكون من الصعب الآن تغيير الأمور بالنظر إلى السنوات الضائعة في عدم مكافحة الميولات والمواقف المتطرفة، فالملاحظ بأن قضية الإرهاب تشكل ضغطًا كبيرًا داخل المعترك السياسي البلجيكي والأوروبي حاليًا، وهذا ما حدث بالفعل حيث قام هؤلاء المتطرفون بعمل إرهابي في قلب القارة العجوز، وهذا يعني بأن المتطرفين سيشكلون قنبلة إرهابية مؤقتة قد تفجر أوروبا في أي لحظة.
الجدير بالذكر أنه عقب تفجيرات باريس أظهر فيديو لتنظيم داعش الإرهابي، مقاتلًا من التنظيم عرف نفسه بأنه "البلجيكي" وهو يدعو "إخوته" في الخارج لاتباع نموذج هجمات باريس التي أثنى على نجاحها في إحلال الدمار بفرنسا، وقال المقاتل متحدثا باللغة الفرنسية، وقال المقاتل الذي عُرف باسم أبو قتادة البلجيكي، "أوجه رسالة لإخوتي الباقين بالخارج.. أيا إخوتي. خافوا الله وسيروا على خطى إخوتكم الذين قلبوا فرنسا رأسا على عقب في ساعات قليلة".
وكان لدى السلطات البلجيكية تخوفًا أن يكون عبد السلام عاد إلى بلجيكا لشن هجمات جديدة؛ حيث قال آنذاك رئيس الوزراء شارل ميشال في مؤتمر صحفي: "ما نخشاه هو هجوم على غرار الهجوم على باريس إذ من الممكن أن ينفذ عدة أفراد العديد من الهجمات في مواقع متعددة في نفس الوقت".
وكانت ألقت الشرطة البلجيكية القبض على 16 شخصًا آخرين في مداهمات في أعقاب هجمات باريس الدامية، لكنها لم تتمكن من اعتقال المشتبه به الرئيسي.
وكانت بوابة الحركات الإسلامية تناولت في تقرير سابق لها، أن فريق عمل من الخبراء تابع للأمم المتحدة كشف عن أن البلجيكيين يشكلون العدد الأكبر بين الدول الأوروبية من المقاتلين الأجانب لدى تنظيم داعش في العراق وسوريا وقالت اليزابيتا كارسكا رئيسة فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في بيان لها إن "عدد المقاتلين الأجانب من الجنسية البلجيكية هم الأعلى بين الدول الأوربية وفقا لنسبة عدد المقاتلين الذين يلتحقون بصفوف تنظيم داعش للمشاركة بالمعارك في العراق وسوريا"، وعلى السلطات البلجيكية أن تظهر رؤية وطنية شاملة وتتخذ إجراء حيال قضية المقاتلين الأجانب على المستوى الفيدرالي والإقليمي والمحلي".
فيما ذكرت "بوابة الحركات" أيضا في تقرير أخر، أن تنظيم الشريعة في بلجيكا، أسس عام 2010 بهدف فرض الشريعة الإسلامية، وقد حل التنظيم بعد سنتين، ولكن السلطات البلجيكية تعتقد أنه واصل العمل على تجنيد المحاربين وإرسالهم إلى سوريا.
وقال التقرير أن السلطات في بلجيكا كانت على دراية بالتنظيم،، ولكن السلطات البلجيكية تعتقد أنه واصل العمل على تجنيد المحاربين وإرسالهم إلى سوريا، وكانت البدايات الميدانية للتنظيم في مارس 2010 حينما قام عناصر التنظيم بتعطيل الدراسة بجامعة أنتويرب، وفي وقت مبكر من أبريل 2010، أمر وزير الداخلية البلجيكية بوضع المنظمة تحت المراقبة، وفي 2011 هددت المنظمة بقتل وزير الدفاع البلجيكي؛ بسبب مشاركة بروكسل في عملية حلف الناتو وإسقاط نظام معمر القذافي.
"داعش" يعلن مسئوليته ويتوعد بمزيد من العمليات

وكعادة التنظيم تبني أي انفجار أو عملية انتحارية في أي مكان بالعالم؛ قام التنظيم بالإعلان عن مسئوليته عن الانفجارين؛ حيث أعلنت وكالة "أعماق" الإعلامية التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، منذ قليل، مسؤولية التنظيم عن تفجيرات العاصمة البلجيكية "بروكسل"، التي أسفرت عن مقتل 23 شخصا وإصابة العشرات، وقالت الوكالة، في بيان بثته أحد قنوات الأخبار التابعة لها على برنامج "تيلجرام": "إن العملية احتوت على تخطيط وسرعة تنفيذ وحركة، دون الإفصاح عن تفاصيل العملية، وتوعدت بمزيد من العمليات في أوروبا".
وتعتبر هذه التفجيرات الإرهابية التي وقعت في بروكسل اليوم، ما هي إلا خطوة تمهيدية لمزيد من الإرهاب في أوروبا، ومع السياسات التي تتبعها الدول الأوروبية، أصبحت الأخيرة طريق سهل لفرض سيطرة التنظيم علي دول العالم وبالأخص بلجيكا التي ستدخل ضمن البؤر الإرهابية في العالم وتصدير الإرهاب.
للمزيد عن "الشريعة من أجل بلجيكا".. اضغط هنا