الثغرة الأمنية في مطار بروكسل وسر المتفجرات في اليد اليسرى

الأربعاء 23/مارس/2016 - 03:03 م
طباعة الثغرة الأمنية في
 
شهد العالم ذعر وهلع بلجيكا إثر التفجيرات التي هزت العاصمة بروكسل. إذ استُهدف مطار المدينة بتفجيرين انتحاريين وشهدت محطة مترو الأنفاق مالبييك تفجيرا آخر بعد ساعة واحدة من هجوم المطار، وفيما يلي أبرز تفاصيل ما وقع في هذا الهجوم:
أسفرت تفجيرات بروكسل عن مقتل 20 شخصا على الأقل في محطة مترو الأنفاق مالبييك وعشرة آخرين على الأقل في المطار الدولي، وأصيب إجماليا 230 شخصا.
وتبنى تنظيم “داعش” مسؤولية الهجوم في بيان منسوب نشرته وكالة أعماق التابعة للتنظيم حيث ذكرت: “نفذ مقاتلو الدولة الإسلامية اليوم الثلاثاء سلسلة تفجيرات بأحزمة وعبوات ناسفة استهدفت مطارا ومحطة قطار رئيسية وسط مدينة بروكسل عاصمة بلجيكا المشاركة في التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية.”
وتبقى بروكسل إلى حد كبير في حالة تأهب أمني عال إذ رفعت السلطات البلجيكية مستوى التهديد في الدولة إلى الدرجة الرابعة، ويبقى المطار مغلقا، كما توقفت الكثير من أنظمة النقل في المدينة، رغم استئناف بعض خدمات النقل عملياتها. وأصدرت العديد من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهولندا وتركيا والإمارات العربية المتحدة بيانات تنصح فيها رعاياها بعدم السفر إلى بلجيكا بشكل خاص وتجنب أوروبا بشكل عام.
الهجمات
المطار: وقع تفجيران في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، في صالة المغادرة بمطار بروكسل، وقع أحدهما خارج نقاط التفتيش الأمنية للركاب وبالقرب من منصات استقبال، وفقا لمسؤول بشؤون شركات الطيران أطلع على الوضع.
وكانت هناك قنبلة ثالثة متروكة في المطار ولكنها لم تنفجر، وفقا لوزير الداخلية البلجيكي، جان جامبون.
محطة مترو الأنفاق: بعد ساعة تقريبا على تفجيرات المطار، هز انفجار آخر محطة مترو مالبييك في نهاية ساعة الذروة. وتقع المحطة في قلب المدينة، في منطقة تُطلق عليها اسم “الربع الأوروبي” حيث توجد مقرات عدد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وهي مقر حلف الشمال الأطلسي (ناتو).
التحقيق
المشتبه بهم: نشرت السلطات البلجيكية صورة لثلاثة مشتبه بهم في هجوم مطار بروكسل الثلاثاء، ونقلت وسائل الإعلام البلجيكي، صباح الأربعاء، أن السلطات تعرفت على هوية منفذي هجوم المطار وهما الشقيقان البلجيكيان إبراهيم وخالد بكراوي.
وقالت السلطات في وقت سابق إن اثنين نفذا الهجومين الانتحاريين، في حين تعتقد السلطات أن الثالث كان بمثابة مرشد لهما، مكلف بضمان تنفيذ الآخرين الهجمات، وفقا للمدعي العام البلجيكي، فان ييو وعدد آخر من الخبراء.
وأضاف المدعي العام أن الشخص الثالث كان يرتدي سترة خفيفة وقبعة، وتجري الآن عمليات البحث عنه، حيث غادر المطار بعد اصطحابهما إليه، ويقول مسؤولون إنهم يعتقدون أنه هو المخطط للهجوم.
وذكرت وسائل الإعلام البلجيكية العثور على بندقية كلاشنيكوف في صالة المغادرة بالمطار.
مداهمات الشرطة:
 قامت الشرطة البلجيكية بعدد من المداهمات المتصلة بهجمات الثلاثاء في بروكسل، بحثا عن المشتبه بهم الذين لهم صلات بالتفجيرات، حسبما ذكرت شبكة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية “RTBF”، نقلا عن مصادر قضائية.
وأخبر سائق التاكسي الذي قاد المشتبه بهم إلى المطار، المحققين عن الموقع الذي ركب منه الرجال الثلاثة قبل ذهابهم إلى المطار، ما أدى إلى مداهمة تلك المنطقة، وقال المسؤولون إن السائق تعرف على أحد الرجال الثلاثة من صور كاميرات المرقبة.
وقال المدعي العام فان ييو إن المحققين كانوا يبحثون في المساكن ولكنهم لم يكشفوا عن مواقع البحث.
وحلقت مروحية تابعة للشرطة تحمل قناصا، فوق حي “سكاربيك”، مساء الثلاثاء. ورجح محللون أن المروحية كانت توفر غطاءً لتأمين مداهمات السلطات على الأرض.
وعثر المحققون على علم تنظيم “داعش” وعدد من القنابل ومواد كيماوية خلال واحدة من تلك المداهمات، حسبما جاء في بيان المدعي العام البلجيكي، الذي قال فيه: “خلال تفتيش منزل في سكاربيك، وجد المحققون قنبلة محشوة بمسامير، ومنتجات كيماوية، وعلم تنظيم داعش. ثغرة أمنية
لكن تشديد الحراسة هذا وتكثيف المراقبة لا يمنعان دخول الإرهابيين إلى صالة المغادرين، فالصالة مكان عام يدخله ويخرج منه آلاف الناس من المودِّعين والعائلات والسياح وغيرهم بكل حرية، إذ إنه لا توجد نقاط تفتيش على المدخل. هنا يقول فيلد: "إن هذا الاعتداء يؤكد شكّي وظنوني التي خامرتني طوال الوقت بأن الوجود العسكري الأمني لا يخلق سوى إحساس زائف بالأمن والأمان في المطار، بينما الإرهابيون يمكنهم الإفلات من عين الرقيب رغم وجود الضباط المسلحين".
بالفعل بدأت بعض البلدان الآن بتفتيش كل حقائب الركاب قبل دخولهم صالة المغادرين، والأمر نظرياً قابلٌ للتطبيق في مطار "زافنتيم"، بيد أن ذلك من شأنه - حسب الخبير فيلد - أن يخلق طوابير طويلة مزدحمة ستعيق وتعرقل مصالح الناس.
تجربة أمريكية فاشلة
"في الولايات المتحدة وعقب أحداث 11 سبتمبر ٢٠١٢ فرضت الولايات التفتيش عن المتفجرات في حقائب المسافرين عند الدخول إلى المطار، لكنها بعد ذلك ألغت هذا الإجراء الاحترازي نظراً لطول فترة الانتظار. ويبقى السؤال حتى بعد سنوات كما هو: ما التدابير الأمنية التي يرتضيها المسافرون؟".
في الحقيقة توجد هناك الكثير من التحسينات الممكنة على أمن مطار زافنتيم، لكن لكل منها ثمنه. مثلاً، هل نحن مستعدون لقبول منع دخول صالة المغادرين على الجميع إلا ممن يحمل بطاقة سفر؟ وهل نحن مستعدون لقبول الانتظار ساعات طوالاً ريثما يتم تفقد وتفتيش الأمتعة والحقائب؟
يعلق دي فيلد قائلاً: "إننا حتى لو قبلنا بكل ذلك، يظل من المستحيل تفتيش جميع المسافرين تفتيشاً دقيقاً عند نقاط تفتيش حقائب الأيدي وأوراق السفر قبل دخولهم إلى ردهة المطار الداخلية".
المتفجرات في اليد اليسري
لفت محللون إلى اليد اليسرى لكلا المشتبه بهما بتنفيذ التفجيرين الانتحاريين في مطار العاصمة البلجيكية، بروكسل، حيث يظهر ارتداء كل منهما لقفاز أسود واحد فقط. وأوضح المحللون لـ CNNإن ارتداء قفاز واحد بهذا الشكل وباليد ذاتها لكلا المشتبه بهما قد يشير إلى محاولة لإخفاء جهاز التفجير الخاص بالحزام الناسف المخبأ تحت ملابسهما، في حين ذهب محللون آخرون للقول بأن هذا قد يكون محاولة لإخفاء آثار مواد كيماوية استخدمت في تصنيع الأحزمة الناسفة.
بدوره، أكد محلل شؤون الأمن القومي في شبكة CNN، بيتر بيرغن، أن مفتاح الأدلة في التحقيق في تفجيرات بروكسل هو نوع المتفجرات المستخدمة في مطار المدينة ومحطة مترو أنفاق مالبييك، ومقارنتها مع تلك التي استخدمها تنظيم “داعش” في هجمات باريس العام الماضي أو هجمات تنظيم القاعدة في لندن عام 2005.
إذ قال بيرغن إنه إذا تم استخدام قنابل مصنوعة من بيروكسيد الأسيتون أو “TATP”، قد يُشير ذلك إلى التحقق من تنفيذ “داعش” للتفجيرات في بلجيكا بالفعل، بعد إعلان التنظيم تبنيه المسؤولية على وسائل التواصل الاجتماعي، مساء الثلاثاء. إذ أعلنت السلطات الفرنسية في أعقاب هجمات باريس التي وقعت في الـ13 من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى استخدام تلك المادة.
وتُبنى قنابل “TATP” باستخدام مادة بيروكسيد الهيدروجين وهو مكوّن موجود بالمنزل، ويستخدم لتبييض الشعر قبل صبغه… وكانت مثل هذه القنابل بمثابة علامة تجارية تُميّز عمليات الإرهابيين الجهاديين في الغرب لأكثر من عقد من الزمان، لأنها مادة من السهل جداً الحصول عليها، على عكس المتفجرات ذات المستوى العسكري، التي تشدد السلطات رقابتها في معظم الدول الغربية.
ولكن بيرغن أشار أيضا إلى استخدام “القاعدة” تلك المادة في تفجيرات “السابع من يوليو/تموز” في لندن في السابع من يوليو/ تموز عام 2005، حيث دربت القاعدة خلية من الانتحاريين البريطانيين على صنع ذلك النوع من القنابل لتسخين وتقطير مُبيّض الشعر العادي، وخلطه مع غيره من المكونات لصنع مزيج متفجر فعال.
وتستمر السلطات الآن في التحقيق في التفجيرات وتتركز الجهود على البحث عن الشخص الذي ترك قنبلة لم تنفجر في المطار قبل أن يغادر، حسبما قال وزير الداخلية البلجيكي، جان جامبون.

شارك