دمشق تنجح في تحرير تدمر.. والأسد يرفض فكرة فدرلة سوريا

الأحد 27/مارس/2016 - 07:02 م
طباعة دمشق تنجح في تحرير
 
تماشيًا مع الانتصارات التي حققها الجيش السوري على حساب تنظيم داعش مؤخرًا، نقل التليفزيون السوري عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله إن استعادة قوات الحكومة السورية لمدينة تدمر توضح نجاح استراتيجية الجيش في الحرب على الإرهاب.
الاسد
الاسد
ونقل عن الأسد قوله لوفد فرنسي زائر يضم برلمانيين "تحرير مدينة تدمر دليل جديد على نجاعة الاستراتيجية التي ينتهجها الجيش السوري وحلفاؤه في الحرب على الإرهاب."
وبعد اللقاء أعلن النائب البرلماني الفرنسي، عضو وفد البرلمانيين الفرنسيين إلى سوريا، نيكولا ديويك، أن الرئيس بشار الأسد يعتبر سوريا صغيرة جدا لإقامة اتحاد فدرالي فيها، موضحا أن الأسد تحدث عن مستقبل سوري مشرق مؤكدا أن "سوريا بلد صغير، وصغيرة جدا لتطبيق الفدرالية".
أوضح البرلماني الفرنسي أن الأسد اعتبر مع ذلك أن بعض المناطق السورية يمكن أن تحصل على حرية وصلاحيات أكبر، لكن مع الحفاظ على دور دمشق المركزي، مشيرا إلى أن الأسد تحدث عن فكرة اللامركزية، أو شيء مماثل لما لدينا في فرنسا، وحسب رأيه، يمكن لبعض المناطق السورية أن تحصل على حريات وصلاحيات أكبر، لكن دور الدولة الذي لا غنى عنه، والسلطات المركزية سوف تبقى".
كما رفض الأسد فكرة منح المسلمين حقا استثنائيا لتولي منصب رئاسة البلاد في الدستور الجديد.
سيطرة الجيش السوري
سيطرة الجيش السوري على تدمر
كان وفد من خمسة برلمانيين يمثل "الجمهوريين"، أكبر الأحزاب الفرنسية المعارضة، قد زار الجمعة الماضية سوريا حيث أجرى لقاءات مع عدد من الشخصيات الدينية والنشطاء السياسيين، والتقى بالرئيس السوري بشار الأسد الأحد.
من جانبه قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هنأ الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة مدينة تدمرن ونقلت وكالة تاس للأنباء عن بيسكوف قوله "ثمّن الأسد غاليا المساعدة التي قدمتها القوات الجوية الروسية وأوضح أن مثل هذا النجاح في استعادة تدمر كان مستحيلا دون مساعدة روسيا."
ونقل التليفزيون السوري عن الأسد قوله لبوتين إن الدعم الجوي الروسي وتصميم القوات المسلحة السورية كانا وراء النجاح في استعادة تدمر، وأضاف "تدمر تهدمت أكثر من مرة عبر القرون ومثلما تم ترميمها سابقا سنعيد ترميمها من جديد كي تبقى كنزا وإرثا حضاريا للعالم."
وكانت هناك تقارير أفادت اليوم أن الجيش السوري تمكن من السيطرة على مدينة تدمر التاريخية بالكامل، وذلك بعد معارك استمرت ثلاثة أسابيع، بعد أن سبق وسيطر تنظيم "داعش" داعش على المدينة الواقعة بريف حمص الشرقي في مايو من العام الماضي.
استمرار الغارات الروسية
استمرار الغارات الروسية لملاحقة الارهابيين
وتشير التقارير الواردة من تدمر أن أصوات إطلاق نار لا تزال تُسمع في الحي الشرقي للمدينة، بعد ان اشتدت الاشتباكات الليلة الماضية، وترافقت مع قصف مكثف من قبل الطائرات الحربية والمروحية الروسية والسورية بالإضافة لقصف مدفعي وصاروخي عنيف، وأكد متابعون أن عناصر داعش انسحبوا إلى السخنة والطيبة والكوم وحقل الهيل، وأسفرت معارك تدمر عن مقتل ما لا يقل عن 400 من تنظيم "داعش"، وما لا يقل 180 عنصراً من قوات الحكومة والمسلحين الموالين لها.
وقال مصدر عسكري سوري لوكالات الأنباء أن "الجيش السوري والقوات الرديفة تسيطر على كامل مدينة تدمر بما في ذلك المدينة الأثرية والسكنية"، مضيفاً أن الجهاديين انسحبوا من المدينة "بعد معارك عنيفة طيلة الليلة" الفائتة، موضحًا أن "وحدات الهندسة في الجيش تعمل على تفكيك عشرات الألغام والعبوات الناسفة داخل المدينة الأثرية" التي تحتوي على كنوز دمر هذا التنظيم المتطرف جزءًا منها.
وطردت القوات الحكومية السورية مقاتلي تنظيم داعش من مدينة تدمر بدعم جوي روسي مكثف فيما وصفها الجيش بأنها "ضربة قاصمة" للإرهابيين، الذين سيطروا على المدينة الأثرية العام الماضي ونسفوا معابدها القديمة، ويمثل فقدان السيطرة على تدمر إحدى أكبر الانتكاسات للتنظيم منذ أن أعلن الخلافة عام 2014 في مساحات واسعة من سوريا والعراق.
وقالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان إن قواتها سيطرت على المدينة بدعم من ضربات جوية روسية وسورية مما يفتح الطريق أمام جزء كبير من الصحراء المؤدية شرقا إلى محافظتي الرقة ودير الزور معقلي التنظيم المتشدد، والاشارة إلى أن تدمر ستكون "قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية" ضد التنظيم في المحافظتين متعهدة "بتضييق الخناق على إرهابيي التنظيم وقطع خطوط إمدادهم  وصولا إلى استعادتها بالكامل وإنهاء الوجود الإرهابي فيها."
ويري محللون أن تحرير مدينة تدمر يكتسب أهمية استراتيجية، ويمهد لاجتثاث تنظيم "داعش" الإرهابي، وخاصة في ظل التطورات الميدانية في العراق، فضلا عن الأهمية الاستراتيجية، فإن تحرير مدينة زنوبيا يكتسب أهمية رمزية، فالعالم تنفس الصعداء لإنقاذ واحد من أهم المواقع الأثرية في سوريا من عبث ظلاميي "داعش"، الذين طال تخريبهم نسْفَ مواقع مدرجة في سجل اليونسكو للتراث الثقافي العالمي. 
ويُعد تحرير تدمر نصرًا  كبيرًا للجيش السوري وحلفائه، وتتيح السيطرة على المدينة، الواقعة في عقدة مواصلات وسط بادية الشام، للجيش السوري التقدم شمالا باتجاه مدينة الرقة، أهم معاقل "داعش" في سوريا، كما يفتح الطريق أمام التقدم إلى دير الزور شمالا، وإلى الغوطة الشرقية لريف دمشق، وريفي السويداء ودرعا جنوبا، كما يسهم هذا التطور المهم في عزل التواصل الجغرافي لـ"داعش" مع أرياف حمص وحماة غربا، والحدود العراقية شرقا، ويضيق الخناق على التنظيم الإرهابي، ويقلص من مساحة سيطرته الجغرافية كثيرا، كما أن تحرير المدينة ينهي سيطرة "داعش" على عدد من حقول الغاز المهمة في محيط المدينة، ويبعد تهديداته المباشرة لجزء مهم من المطارات والقواعد العسكرية للجيش السوري في ريفي حمص الشرقي والشمالي الشرقي.

داعش يتراجع
داعش يتراجع
كما يساهم النصر في تحقيق نتائج سريعة عبر التنسيق بين القوات السورية والجانب الروسي يوضح أن الغارات الجوية وحدها لن تكون مؤثرة في حال غياب تنسيق مع قوى على الأرض؛ ما يضع واشنطن أمام خيارات، ربما لم تكن ترغب فيها، ومنها زيادة التنسيق مع القوات السورية، التي أصبح بمقدورها الآن التقدم نحو مراكز التنظيم في الجزيرة السورية، كما تزداد أهمية تحرير تدمر مع ربطها بإطلاق الجيش العراقي معركة تحرير الموصل، العاصمة الثانية لـ "دولة الخلافة"، وتضييق الخناق على تنظيم "داعش" على طرفي الحدود في سوريا والعراق. 
واكد المحللون على  أن تحرير تدمر لا يكتمل من دون إيفاء الجانب الأمريكي بالتزاماته واثبات جديته في محاربة "داعش" عبر زيادة فعالية ضرباته، والتنسيق على الأرض مع القوى الفاعلة، والمنظمة على الأرض في كل من سوريا والعراق.
كما يساهم هذا النصر في  إعطاء تطمينات للسكان المدنيين، الذين اضطروا إلى البقاء في مناطق سيطرة "داعش" بأن المعركة هي لتحريرهم من ظلم التنظيم، وأنهم لن يخضعوا لأي شكل من أشكال الانتقام أو الإقصاء لأنهم لم يغادروا بيوتهم وأراضيهم.
ويأتي تحرير تدمر بعد نحو شهر من فرض الهدنة بتفاهم روسي- أمريكي، ما مكن الجيش السوري وحلفاءه من التركيز على محاربة "داعش". وتؤكد جميع التقارير أن دحر "داعش" في المدينة جاء بدعم روسي جوي كبير، ومشاركة في القصف، والتشويش على منظومة اتصالات الإرهابيين، وتحديد إحداثيات القصف بعد رصد دقيق لمواقع مقاتلي التنظيم.

وتوضح المشاركة الروسية الفعالة في تحرير المدينة، أن موسكو ملتزمة بمواصلة محاربة الإرهاب، رغم إعلان انسحاب جزء كبير من القوات الروسية قبل أسبوعين. كما تؤكد أن الجانب الروسي أوفى بتعهدات أطلقها وزير الخارجية سيرغي لافروف في وقت سابق، وأعلن فيها أن موسكو سوف تعمل على طرد "داعش" من تدمر، وأنها ستواصل العمل من أجل محاربة الإرهاب، والبحث عن حل سياسي للأزمة السورية في شكل متواز.
يأتي ذلك في الوقت الذى تم فيه تنفيذ السلاح الجوي الروسي 40 طلعة جوية فوق مدينة تدمر السورية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية وأصاب 117 هدفا وقتل أكثر من 80 إرهابيا، والإشارة  إلى أن  الهدنة في سوريا تعرضت للانتهاك عشر مرات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية ولكنها متماسكة بوجه عام.

شارك