عمومية الإخوان واستمرار الصراع على قيادة الجماعة
الثلاثاء 29/مارس/2016 - 10:21 م
طباعة

جماعة الإخوان تسير على صفيح ساخن، حيث تعيش هذه الأيام بين الرفض الشعبي لها، ومحاربة النظام، وبين الصراع الداخلي الذي يزداد يومًا بعد يوم، وزيادة في حدة الأزمات التي قد تعصف بوجود الجماعة شهدت التطورات الجديدة التي تعرضت لها "الإخوان" مؤخرًا، عقب فشل تنظيم جمعية عمومية للجماعة في تركيا، سجالا بين القيادات المحسوبة على مجموعة محمود عزت، وبين شباب التنظيم، الذين طالبوا بأن يسجل التنظيم في تاريخه فشل القيادات الحالية ومسئولياتها عن زيادة الأزمات الداخلية.

من جانبه قال عامر شماخ، القيادي بجماعة الإخوان في تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك": "من أخطاء عام 2012 أنه تولى شباب -لم يتربوا التربية الكافية- مناصب قيادية؛ جريًا وراء موضة تمكين الشباب التي ظهرت عقب الثورة. وأضاف القيادي بجماعة الإخوان :"ماذا كانت النتيجة؟ في هذه اللحظة هناك إساءات بالغة إلى الجماعة بأسرها بسبب أحد هؤلاء الشباب، فالإخوان لا يعرفون هذا الفحش الذى يتحدث به هذا الشاب". بدوره طالب الشيخ حجازي إبراهيم، القيادي بجماعة الإخوان، شباب جماعة الإخوان بأن يمسكوا لسانهم ولا يهاجمون القيادات الحالية قائلا :"أمسك لسانك واعمل، أنا أنصح إخواني الصادقين، أن نتوب إلى الله ونرجع إليه ونخلص في توبتنا وأوبتنا، وأن نمسك ألسنتنا عن النيل من القيادة، فالثقة فيها، والثقة بينها وبين الجند هي أساس القوة وطريق النصر، وأن نجد في العمل، ونكف عن الكلام، ونسرع إلى أبواب العمل.

وتابع في تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك": "أقول لمن لا تروقهم قيادة الجماعة، الساحة واسعة، ونحن نساعد كل جهد مخلص ونقف بجانبه ونؤيده – على حد قوله - . وفى المقابل قال عمرو فراج، القيادي الإخوانى، ومؤسس شبكة رصد، إن على الإخوان أن تسجل في تاريخها، فشل القيادات الحالية للجماعة وكانوا سببا في قتل قواعد الإخوان. وأضاف فراج في تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك": "لازم يا جماعة الإخوان أن نسجل في التاريخ أن قيادات الاخوان بداية من 2013 حتى 2016 كانوا السبب في قتل الأمل في نفوس شباب الجماعة، وزيادة عدد المتواجدين في السجون من الجماعة، والتسبب في إضرار للصف الإخوانى وعدد من كوادره، وإهدار عشرات الفرص والتحالفات والموارد البشرية والمالية والعلاقات خلال هذه الثلاث سنوات كانت كفيلة بتغيير موازين القوى تماما. وتابع فراج :"لم يستغلوا – أي قيادات الإخوان - بأي شكل يذكر في التاريخ هذا العدد الضخم من الشباب الذي خرج من مصر وانتشر في عدة دول ولم ينشئوا مؤسسات تحتضنهم وتستغل طاقاتهم وتوظفهم في الاطار الصحيح أو حتى توجههم للتطور المطلوب لخدمة مصر والجماعة مستقبلا، وتعمدت القيادات القديمة أن تتجاهل كل ما تعلموه في عقود حياتهم الطويلة وأن تتجاهل ما كانوا يربون الصف، بجانب إهدار أموال التنظيم التي يتم تجميعها من اشتراكات الإخوان وتبرعات جهات عدة في أمور لا طائل منها ولا خير فيها ولا قيمة ولا عائد يعود منها سواء كانت مؤتمرات او سفريات أو مؤسسات إعلامية لا تخاطب إلا حزب الكنبة من الإسلاميين في الأساس.

وأشار فراج إلى أن القيادات الحالية للجماعة تعمدت خسارة الدول الداعمة لمواقف الجماعة، وعدم محاولة إيجاد أي شكل من اشكال التعاون المثمر الذى يعود بالنفع على أبناء الجماعة في الخارج أو الداخل بل أصبحت بعض القيادات تسعى لمكاسب شخصية من علاقاتها بتلك الدول وتتناسى مشاكل شباب الجماعة المطحون في هموم العيش اليومي، بدورها قالت هبة زكريا، عضو مجلس شورى الإخوان إن وحدة الصف هي الأمل في وحدة الجماعة ورمانة الميزان بين المتنافسين على قيادة التنظيم فلتقولوا التي هي أحسن واستروا عيوب إخوانكم طالما ليسوا في موقع مسئولية ولا مساءلة وفرقوا بين عيب الفرد أو خطأه الشخصي الذى يستحق النصيحة في السر .
من جانبه قال خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن المشاجرة التي نشبت بين قيادات جماعة الإخوان في تركيا على خلفية الاعتراض على إجراء انتخابات داخلية دون علم أحد هو أمر متوقع وستزداد الخلافات مادامت أفكار التكفير تبث علناً على شباب الإخوان بالخارج والداخل. وأضاف الزعفراني أن خلافات الإخوان في الخارج اشد واعنف من الداخل لوجود عدد من المطلوبين في أحداث عنف هرباً بالخارج- وهؤلاء تسيطر عليهم أفكار العنف والتكفير فالموجهات في الخارج ستزداد وما حدث في تركيا من مشاجرات في تركيا ستكون بداية. وتابع :"كيف تحدث وحده بين أفكار تكفيرية أدخلها الإخوان على أنفسهم بتحالفهم وتعاونهم مع أشد الجماعات تكفيرًا، وهى السبب الرئيسي في الأزمة الحالية".
وحسب توقعات خبراء في حركات الاسلام السياسي أن تؤدي واقعة منع شباب الإخوان من حضور فعاليات الجمعية العمومية إلى تعميق الأزمة الداخلية والدفع نحو المزيد من الانشقاقات، وحسب تعبير هؤلاء الخبراء فقد دقت فعاليات الجمعية العمومية لجماعة الإخوان المسلمين التي عقدت في تركيا إسفينا جديدا في نعش التواصل بين جبهتي “الشيوخ” و“الشباب” المتصارعتين. حيث شهدت الجمعية العمومية إقدام مدحت الحداد مسؤول الإخوان بتركيا، على استدعاء الشرطة التركية لمنع شباب الجماعة المحسوبين على جبهة محمد كمال من حضور فعالياتها.
ومدحت هو شقيق عصام الحداد المستشار السابق للرئيس المعزول محمد مرسي، والمحسوب على جبهة القيادات التاريخية التابعة لمحمود عزت.

وأكدت بعض المصادر أن عناصر من الشرطة حضرت لمقر جمعية رابعة في إسطنبول، مساء الأحد 27 مارس 2016، بناء على طلب من الحداد لمنع مشاركة عدد من الإخوان المحسوبين على القيادة الشبابية من حضور الجمعية. وتوقع خبراء أن تؤدي الواقعة إلى تعميق الأزمة الداخلية للجماعة، وربما الدفع نحو المزيد من الانشقاقات عن التنظيم الذي بدا كأنه يفقد السيطرة على عناصره الشبابية. واعتبر عبد الشكور عامر القيادي السابق بالجماعة الإسلامية أن إقدام مدحت الحداد على إبلاغ الشرطة عن شباب الإخوان ليس جديدا على الحركات الإسلامية، فقد سبق وأن أبلغت الجماعة الإسلامية أجهزة الأمن بأسماء الرافضين لمبادرة وقف العنف في تسعينات القرن الماضي في مصر، كما فعلها الإخوان أنفسهم قديما، مشيرا إلى أن الجماعة لن تتورع عن فعل أي شيء مقابل الحفاظ على كيان التنظيم. ولفت عامر إلى أنه في تاريخ صراع الإخوان مع السلطة في مصر كان الأمر دائما ينتهي بانقسامات شديدة في صفوف الجماعة، مثلما حدث عقب فترة الصراع الطويلة التي خاضتها مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر طوال حقبتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، والتي انتهت في السبعينات بخروج أعداد كبيرة من الشباب لتأسيس تنظيمات إسلامية موازية بعضها متطرف جدا، مثل التكفير والهجرة، والجهاد، والجماعة الإسلامية وغيرها.
وتركت واقعة استدعاء الشرطة في تركيا أخيرا، أثرا كبيرا على شباب الجماعة، خاصة من الراديكاليين الذين شنوا هجوما على قيادات الجماعة وطالبوهم بضرورة التنحي. وقال خالد المصري أحد شباب الإخوان عبر صفحته على فيسبوك “من حقنا أن نقول كفاية لكل واحد شارك في الفساد داخل الجماعة كما عملنا مع الحزب الوطني (المنحل) بعد ثورة يناير.
وأضاف أن الجماعة للشباب وليست للقيادات التي فشلت في كل شيء، مطالبا “اتركوا لنا الجماعة بفكرها الذي تركه حسن البنا وخذوا جماعتكم التي ابتدعتموها وأسميتموها الإخوان المسلمين.

واعتبر مختار نوح القيادي السابق بالإخوان أن الجماعة لم تعرف طوال تاريخها شيئا اسمه انتخابات، ولم يكن لشباب الجماعة رأي يوما ما وبالتالي فما يحدث أمر طبيعي.
ورأى أن ما حدث سوف يجعل من يسمون أنفسهم شباب الإخوان يعجلون بقرار الانشقاق، مؤكدا أن الجماعة انتهت تنظيميا في مصر ولم يعد لها وجود على أرض الواقع. واستبعدت قيادات سابقة بالجماعة أن تنتهي الصراعات بسيطرة الشباب على الجماعة لأن الجماعة لن يديرها في النهاية سوى من يملك التمويل، بمعنى آخر الشيوخ الذين يسيطرون على اقتصاد الإخوان.