تركيا بين التورط في "داعش"... وتصاعد نفوذ الأكراد

الأربعاء 24/سبتمبر/2014 - 11:07 م
طباعة تركيا بين التورط
 
مع بدء الحرب على "داعش" يضيق الخناق على تركيا للحاق بركب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن حكومة رجب طيب أردوغان تخشى من تصاعد قوة الأكراد في حالة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، أو خسارة الشعبية بالشراع التركي والدعم الغربي في حالة ظلت خارج التحالف واتساع دائرة الاتهامات بدعم التنظيم.

أمريكا: تركيا ضمن التحالف

امريكا تركيا ضمن
امريكا تركيا ضمن التحالف
لم يمر وقتا طويلا على تحرير الدبلوماسيين الأتراك من يد تنظيم الدول الإسلامية "داعش"، حتى أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس أن تركيا تعهدت بالمشاركة في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش.
وأضاف في كلمته أمام منتدى مكافحة الإرهاب الدولي في نيويورك، أن تركيا تعهدت بالمشاركة في الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، مشددا على أن «تركيا عضو في هذا التحالف بشكل كامل، وستكون في صفوفه الأمامية».
ولفت كيري إلى أن تركيا، التي استطاعت تحرير رهائنها من قبضة "داعش"، مستعدة لتقديم المزيد من الدعم في محاربته.

ترحيب تركي بحرب ضد "داعش"

ترحيب تركي بحرب ضدداعش
ترحيب تركي بحرب ضدداعش
ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الثلاثاء، بالضربات الجوية ضد تنظيم داعش في سوريا، مؤكدا أن أنقرة يمكن أن تقدم دعما عسكريا ولوجيستيا للحملة العسكرية. وقال أردوغان للصحفيين الأتراك في نيويورك: «إنني أنظر إليها (الضربات الجوية) بشكل إيجابي. ومن الخطأ أن تتوقف. يجب أن تستمر خارطة الطريق هذه». وردا على سؤال حول المساهمة التركية في العمليات العسكرية، قال: «سنتخذ أي خطوات ضرورية لمكافحة الإرهاب». وأضاف أن ذلك يشمل «جميع أنواع الدعم بما فيها العسكري والسياسي.. إنها تشمل الدعم السياسي واللوجيستي».

اتهامات بدعم "داعش"

اتهامات بدعم داعش
اتهامات بدعم داعش
أصبح تنظيم «داعش» جارا رسميا لتركيا، بعد التطورات الأخيرة في الشمال السوري التي أسفرت عن تمدد التنظيم في المناطق الكردية، وسط اتهامات لأنقرة بتسهيل هذا التقدم، مقابل الإفراج عن الرهائن الأتراك الذين كان التنظيم يحتجزهم في مدينة الموصل العراقية، فيما استمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في «التدحرج» بموقفه حول عملية إطلاق الرهائن التي وصفها في البداية بعملية إنقاذ، ثم بعملية تفاوض، ليقول أمس: إن تحريرهم ناجم عن «مقايضة سياسية».
وأشار مسئول العلاقات العامة في «وحدات حماية الشعب الكردي» ناصر حاج منصور، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «شكوك كردية حول سماح أنقرة لداعش بالهجوم على مدينة كوباني (السورية ذات الأغلبية الكردية) والعبث بها بكل الوسائل، مقابل الإفراج عن الرهائن الأتراك لديها»، مضيفا: إن تركيا «جزء من عملية الهجوم على كوباني».
ويستند الأكراد في تقديراتهم بوجود صفقة «تسهيل الهجوم على كوباني مقابل الرهائن الأتراك»، إلى ما سماه حاج منصور بـ«تصرفات الدولة التركية في الأيام الأولى للهجوم» الذي بدأ الخميس الماضي، وأسفر عن سيطرة «داعش» على 60 قرية كردية وعربية في ريف كوباني (عين عرب) في شمال حلب. 
كما يعبر مقاتلي «داعش» الجرحى معبر تل أبيض الحدودي في الرقة إلى داخل الأراضي التركية حيث يتلقون العلاج، وأكد ناشطون وشهود عيان كثيرون أن «حشودا من داعش استخدموا أراضي تركية حدودية لشن هجمات على قرى كردية حدودية، وذلك في المنطقة الواقعة بين عين عرب وتل أبيض، على الجبهة الشرقية لكوباني».
كما بعثت إحدى القنوات التلفزيونية التركية، ووسائل أعلام عربية وأجنبية مشهدا لقطار قادم من تركيا توقف قبالة منطقة حدودية خاضعة لسيطرة (داعش) داخل سوريا، وتتضمن معسكر تدريب لهم، حيث أنزل أغراضا لم نعرف ماهيتها قبل أن تُنقل الأغراض إلى داخل الأراضي السورية عبر الشريط الحدودي.

دفاع تركي

دفاع تركي
دفاع تركي
في ظل الضغوط والاتهامات المتصاعدة ضد تركيا بـدعم "داعش" لم يجد جاويش أوغلو وزير الخارجية في حكومة أحمد داود أوغلو، تبريرا مقنعا لعدم المشاركة في التحالف، قال: إن تركيا رصدت وطردت أكثر من ألف مقاتل أجنبي من 75 بلدا مختلفا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الوزير التركي قوله خلال منتدى مخصص لمكافحة الإرهاب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: إن «تركيا تحملت هذا العبء بشكل كبير. لقد خصصنا إمكانات لرصد وترحيل أكثر من ألف مقاتل إرهابي أجنبي أتوا من نحو 75 بلدا». واتهمت أنقرة غالبا بإقامة علاقات ملتبسة مع الجهاديين الأجانب الذين يعبرون حدودها للقتال في سوريا. ويتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه دعم مقاتلي المعارضة السورية الأكثر تطرفا وبينهم عناصر «داعش» سعيا إلى تعجيل إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

سر الصفقة الغامضة

سر الصفقة الغامضة
ومع التكتم الشديد واختلاف وصف الصفقة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ظهرت أمس تفاصيل إضافية حول عملية التبادل التي قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: إن 3 أشخاص فقط يعرفون تفاصيلها. إذ أكدت صحيفة تركية أن ما جرى هو عملية تبادل شملت عناصر من التنظيم كانوا موقوفين لدى إحدى فصائل المعارض السورية، بينهم عائلة مسئول في «داعش» قتل في اشتباك مع معارضين سوريين. وقالت صحيفة «حرييت»: إن جماعة «لواء التوحيد» من الإخوان المسلمين كانت تحتجز عناصر «داعش» وعددهم 50 شخصا وإنها وافقت بعد مفاوضات طويلة على الإفراج عنهم. ومن بين هؤلاء أسرة أحد قياديي التنظيم ويدعى حاج بكر كان أعلن مقتله في يناير بعد معركة بين مجموعته وإحدى وحدات الجيش السوري الحر. وأوضحت الصحيفة أن الرهائن الأتراك وصلوا إلى الرقة (شمال سوريا) الجمعة، إلا أن تنظيم الدولة الإسلامية انتظر حتى الساعة الخامسة من صباح السبت للسماح لهم بالرحيل عندما أفرجت جماعة «لواء التوحيد» عن عناصره.
وفي تركيا، تقدم سزجين تانريكولو نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، والنائب عن مدينة إسطنبول، باستجواب لرئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يطالبه فيه بالكشف عما إذا كانت تركيا قدمت وعودا لتنظيم «داعش» مقابل إطلاق سراح الرهائن الأتراك أم لا.

المسألة الكردية والموقف التركي

المسألة الكردية والموقف
حتي الآن وبشكل غير رسمي لم تعلن تركيا المشاركة في حرب ضد "داعش" فحكومة رجب طيب أردوغان هي الدولة الوحيدة في «التحالف الدولي ضد داعش»، وفي حلف «شمال الأطلسي» التي تمتلك حدوداً مع المناطق التي يسيطر عليها «الدولة الإسلامية». لذلك كان من المفترض أن تؤدي دوراً فعالاً في هذه الحرب، لكنها اختارت أن تقوم بـ«الدعم الإنساني واللوجيستي» ضمن «التحالف».
وتخشى تركيا في حرب "داعش" أن تقوى شوكة الأكراد، ففي ظل الدعم اللا محدود لرئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، وفي ظل تنامي قوة حزب العمل الكردستاني في سوريا، وبدء اشتعال الغضب في أكراد العراق- يرى مراقبون أن حكومة أردوغان بالتواطؤ مع «داعش» قامت باستحداث المنطقة العازلة، وبتسهيلٍ من استخباراتها لغزو التنظيم المناطق الكردية، التي مثلت ثاني أكبر العمليات التي تخوضها «داعش» بعد اجتياحها الموصل، وهي تؤدي إلى السيطرة على الشمال السوري وإخضاع الأكراد، وبالتالي ضرب مشروع الحكم الذاتي.
ومع فشل حكومة أردوغان في الوصول إلى صفقة مع حزب «العمال الكردستاني» التركي بتسليم سلاحه وحلّ التنظيم من أجل إغلاق الملف الكردي، إلا أن التطور في المنطقة جعل ذلك أمرا غير واقعي مع تنامي «داعش» واحتلالها لقرى كردية على الحدود السورية. فالحزب يسعى إلى تحديث أسلحته وإلى قتال «داعش»؛ لأن الأمر سيحميه في سوريا ويكسبه شرعية دولية. في السياق نفسه أثار التقارب الغربي مع «الكردستاني» غضب البارزاني أيضاً، الذي يعتبر نفسه زعيم كل الأكراد، ولا يمكنه أن يرى عبد الله أوجلان ممثلاً لهم، بالرغم من أن البيشمركة تقاعست في الدفاع عن سنجار. وفي إطار «الدفاع عن النفس».

المشهد الآن

المشهد الآن
الآن حكومة رجب طيب أدروغان في مأزق كبير، فهي تخشي من سقوط "داعش" أن يكشف تورطها في دعم التنظيمات الإرهابية، وأيضا أن يؤدي ذلك إلى ظهور قوي للحركة الكردية في جنوب تركيا؛ مما يؤدي إلى تمتع الأكراد بصورة من صور الحكم الذاتي كجائزة على المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش"، مما يؤدي إلى تراجع شعبية حكومة حزب العدالة والتنمية، وسط تصاعدات باتهامات أن الحزب على علاقة بالتنظيمات الإرهابية في سوريا وعلى رأسها تنظيم "داعش".

شارك