تحرير حطام من آثار الشر.. بصمات داعش على دير "مار اليان" بسوريا

الثلاثاء 05/أبريل/2016 - 10:49 ص
طباعة تحرير حطام من آثار
 
اهتمت وسائل الإعلام العالمية بتحرير مدينة تدمر الأثرية من أيادي تنظيم الشر داعش. وعلى استحياء قامت وكالة الأنباء الفرنسية بتقديم تغطية لما أصاب دير "مار اليان" في قلب البادية السورية.. لم يبق منه إلا الركام بعد إخراج مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية منه الأحد الماضي؛ حيث رصدت أطلال الدير الأثري الذي يعود للقرن الخامس الميلادي، والبصمات التي تركها فوقه تنظيم الدولة الإسلامية الذي حطم الدير وكنائسه وكتب على بعض حجارته: "أتيناكم بأسود جياع ترى لحم العدا أشهى طعام". ثم قام بتفجير الدير حتى تفحمت كنيسته. 
يقع دير "مار اليان" في مدينة القريتين التي كانت تعتبر رمزًا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في سوريا. تعود إحدى كنيستي الدير المبنية من الأجر والطين إلى القرن الميلادي الخامس، إلا أن ما تبقى منها لا يعدو كونه ركامًا، بحسب ما أفاد فريق وكالة فرانس برس الذي زار المكان أمس الاثنين.
وقام مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في أغسطس 2015 بتدمير الكنيسة، مستخدمين المتفجرات والجرافات؛ "بحجة أن مرتاديها كانوا يعبدون إلها غير الله الواحد". ولاحظ الفريق أن جمجمة القديس مار اليان مع بعض عظامه لا تزال داخل تابوته الحجري، أما الغطاء المزين بصليبين محفورين فقد تم تحطيمه. يتحدر القديس اليان من حمص في وسط سوريا، وقتل على أيدي الرومان لرفضه التخلي عن دينه المسيحي.
وقال الأب جاك مراد، المسئول في هذا الدير التابع للسريان الكاثوليك، في اتصال هاتفي معه في إيطاليا بعد أن شاهد صورًا للتابوت أرسلتها له فرانس برس عبر تطبيق واتس أب "إنه فعلا تابوت القديس مار اليان وعظامه".
وكان هذا الكاهن تمكن من الفرار من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في تشرين الاول 2015، بعد أن بقي محتجزا لديه 84 يومًا؛ حيث هدد بالقتل في حال لم يتخل عن دينه ويعتنق الإسلام. وقال الأب جاك مراد لفرانس برس: "أنا في غاية الحزن وأفضل التزام الصمت؛ لأن الصمت بمواجهة كل ما يحصل هو كلمة الحق".
أما الكنيسة الجديدة في الدير التي دشنت في التاسع من سبتمبر عام 2006 فهي متفحمة بالكامل، والطاولة الحجرية التي كانت تستخدم مذبحًا محطمة. ويحوي الدير 16 غرفة دمر القصف قسما منها، فيما لا تزال الطناجر والصحون مبعثرة في المطبخ وقاعة الطعام بعد أن غادر مسلحو التنظيم الجهادي المكان على عجل.
وفي غرفة مجاورة لا تزال قائمة أكياس صغيرة تحوي بقايا عظام تعود إلى مقبرتين: واحدة مملوكية والثانية عثمانية على مقربة من الدير، قام علماء آثار بجمعها في الدير، بحسب ما قالت لفرانس برس مي معمرباشي التي شاركت قبل عشر سنوات في أعمال تنقيب في هذا المكان.
ويوضح الأب مراد أن كنيستين أخريين في وسط مدينة القريتين: واحدة للسريان الأرثوذكس وأخرى للروم الكاثوليك، تعرضتا للحرق منذ الأسبوع الأول لوصول مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
وتمكن الجيش السوري من استعادة مدينة القريتين الأحد، وهي تعتبر واحدة من آخر المواقع التي كان التنظيم الجهادي لا يزال يسيطر عليها في محافظة حمص. وكان عدد سكان مدينة القريتين يبلغ نحو ثلاثين ألف شخص، بينهم 900 مسيحي قبل الحرب.
وقال ضابط في الجيش السوري برتبة عميد لوكالة فرانس برس وهو يقف داخل كنيسة مار اليان المدمرة: "تقع بلدة القريتين وسط الصحراء في منطقة مفتوحة بين القلمون بريف دمشق وريف حمص الجنوبي، وتعتبر هامة لوقوعها في منطقة وسطى تؤدي شرقًا إلى تدمر ودير الزور، وغربًا إلى حمص ودمشق والطريق الدولي".
وأضاف الضابط: "مع السيطرة على هذه المدينة، تم قطع كل هذه الطرق التي كان يستفيد منها داعش الذي فرّ باتجاه بلدة البصيرة شرقًا وسط الصحراء والجيش يلاحقه". وأوضح أن التنظيم الجهادي "قاتل لنحو عشرة أشهر في هذه المنطقة، وحاول البقاء فيها كثيرًا" قبل أن يجبره الجيش السوري على الانسحاب منها.
وعلى غرار تدمر فإن مدينة القريتين خالية تمامًا من سكانها ومعظم مبانيها إما مدمرة وإما مصابة بأضرار جسيمة؛ بسبب المعارك الضارية التي جرت فيها. ومن أصل سكان المدينة المسيحيين الـ900 بقي 277 منهم فيها حتى بعد دخول مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية إليها. وتم إعدام شخص منهم، فيما قتل عشرة آخرون في القصف، وخمسة لا يزالون محتجزين لدى التنظيم. أما الباقون فتمكنوا من الفرار نهاية العام 2015. بحسب الأب مراد.

شارك