"حزب الله" وأحلام التمدد "اللامحدود" في سوريا

السبت 09/أبريل/2016 - 03:31 م
طباعة حزب الله وأحلام التمدد
 
يصر "حزب الله" دائمًا على إثبات أن تواجد عناصره في الحرب السورية ليس بالأمر العابر، وأنه ليس تدخلًا مؤقتًا دعماً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد فقط، وإنما العديد من الشواهد تؤكد على رغبة الحزب لترسيخ دوره في سوريا وفي المنطقة عامة بدعم إيراني مكشوف، ولكن هذه الأحلام دائما ما يواجهها الفشل في معظم الأحيان، حتى وإن نجحت لبعض الوقت. 
حزب الله وأحلام التمدد
هذا وقد أكد تقرير لموقع "ستراتفور" مستندًا إلى معلومات عن مصادر دبلوماسية ومصادر مقربة من "حزب الله" حول الوجود العسكري للحزب في سوريا، على أن وجود ميليشيات الحزب في سوريا سيزيد في المستقبل بعد أن كشفت بعض صور الأقمار الاصطناعية، وجود قاعدة عسكرية لحزب الله قرب القصير القريبة من الحدود اللبنانية السورية؛ حيث بنى مواقع دفاعية "كبيرة" منذ سيطرته على المنطقة في يونيو 2013.
ويشير التقرير المذكور إلى أن تلك القاعدة بالقرب من القصير هي جزء من استراتيجية حزب الله المستقبلية في سوريا، فهي ستلعب دوراً فعالاً في حماية الحزب وقواعده داخل لبنان من التهديدات المحتملة في حال الإطاحة بالأسد. وقد عمد الحزب إلى إفراغ محيط تلك القاعدة بهدف تسهيل عمله ومراقبة ما يجري على طول الجانب السوري من الحدود، كما بنى ساترًا ترابيًّا على امتداد الحدود قرب القصير، بالإضافة إلى أن الحزب حفر الأنفاق من تلك المنطقة إلى الداخل اللبناني، وأن حزب الله بذلك يدرك مع عرابه الإيراني أن الحرب السورية تشكل فرصة لتعزيز وجودهما في تلك المنطقة الحدودية. 
 ولم يكتفِ "حزب الله" بذلك، بل عمد إلى تخزين الذخيرة والأسلحة والصواريخ ومنها صواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاون والهاوتزر، كما ينوي نقل بعض دباباته إلى هناك.. وتلك القاعدة العسكرية تتضمن ما لا يقل عن 4 مصانع منفصلة للذخيرة في القاعدة، كما تشكل هذه القاعدة قرب القصير مركزاً مهماً لإيران ولتواجدها العسكري في المنطقة، ويزورها ضباط رفيعو المستوى من الحرس الثوري الإيراني، في كثير من الأحيان ويتفقدون تلك المواقع بالقرب من القصير لتصبح القاعدة والمنشآت جزءًا من خطة مستقبلية لحزب الله؛ للإبقاء على ما يقارب 3000 مقاتل بشكل دائم في سوريا، على أن يتمركز جزء كبير منهم في تلك القاعدة، ويمكن لتلك المنطقة أن تشكل موقعاً للتفاعل والتدريب بين حزب الله وإيران.
حزب الله وأحلام التمدد
على جانب آخر نشرت مجلة ذي أمريكان انترست، تقريراً قالت فيه: "إن تنظيم "حزب الله" لم يكتف بالدفاع عن لبنان فحسب، وإنما شن حملات هجومية ضد الجماعات المتمردة في سوريا، وبذلك امتدت أيديهم إلى ما لا تطيق، وتمددوا بطريقة لا تقوى عليها قدراتهم، ومنحوا القوات المسلحة اللبنانية، فرصة حقيقية لتوطد نفسها، كمدافع شرعي عن جميع الأراضي اللبنانية.
وقالت المجلة الأمريكية: "إن حزب الله منظمة إرهابية تلي تنظيم القاعدة في عدد ضحاياها من الأمريكيين، ولكنها تحظى بالتبجيل والبطولة في أنحاء كثيرة من لبنان من قِبَل المسيحيين والمسلمين السنة والشيعة على حد سواء، لوقوفها ضد إسرائيل والقيام بدور الطليعة في القتال ضد داعش ومع ذلك، حتى بداية الحرب الأهلية السورية، لم يُظهر حزب الله رغبة كبيرة في القيام بعمليات دولية من النوعية، التي يقوم بها تنظيم القاعدة أو فيلق القدس الإيراني، ولكن منذ اندلاع القتال، نشر حزب الله حوالي 5000 مقاتل في سوريا، أي ما يقرب من ثلث إجمالي قوته القتالية، وبلغ عدد القتلى من رجاله 1000 جندي، وهذا يعني أن حزب الله قد تمدد بطريقة لا قِبَل له بها".
واستشهدت ذا أمريكان انترست بما كتبه البرلماني والسياسي اللبناني، باسم الشاب، على موقع "معهد الشرق الأوسط للدراسات" وجاء فيه التالي: "لقد كان الجيش اللبناني يقوم بكل هدوء، على مدى السنوات القليلة الماضية، بتطوير قوة يُعتد بها، بمساعدة الولايات المتحدة، وكان يتم توجيه التدريب والمواد نحو مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي ومراقبة الحدود، ولم ير حزب الله ذلك تهديداً لترسانته العسكرية من الصواريخ والقذائف بعيدة المدى وكان الجيش اللبناني أفضل استعداداً للأزمة السورية وامتدادها في لبنان، لقد تلقت وحدات النخبة في الجيش اللبناني، ولا سيما الجنود المقاتلين والقوات الخاصة ومغاوير البحر، تدريبات على حرب المدن ومواجهة القوات غير النظامية ومكافحة التمرد وتتميز المعدات العسكرية الأمريكية، خارج سياق المواجهة مع إسرائيل، بأنها مناسبةً تماماً لمواجهة القوات غير النظامية ومراقبة الحدود".
حزب الله وأحلام التمدد
وتابع: "توفر قوة متواضعة، لكنها فعالة من طائرات الهليكوبتر، قدرة على التنقل والأهم من ذلك، فقد تسلم الجيش اللبناني طائرات "سيسنا"، وهو ما جعله يتمتع بقدرات مراقبة واستطلاع متقدمة فضلاً عن قوة نيران فائقة بصواريخ هيلفاير ويمتلك الجيش اللبناني أسلحة تقليدية أخرى، مثل مدفع هاوتزرM198  ودبابات M-60A3 وM48A5، التي تتميز بقوة نيران دقيقة ومتواصلة كما كشفت مشاركة حزب الله في سوريا عن افتقاره إلى قوة النيران المباشرة، فضلاً عن عدم كفاية قدراته الاستطلاعية لحرب عصابات يكون فيها هو الطرف المتلقي ولقد تضمن الصراع الآن جهاديين بأسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات المحمولة، يواجهون مقاتلين لحزب الله بأسلحة مماثلة، وبمعنى من المعاني، لقد أعدّ حزب الله العدة للحرب الخاطئة، فلن يكون هناك استخدام لصواريخ كاتيوشا طويلة وقصيرة المدى، المصممة للحرب ضد إسرائيل إلا قليلًا وبدا أن الصواريخ الصينية المضادة للسفن، وكذلك الصواريخ الخفية المضادة للدبابات وقصيرة المدى في جنوب لبنان، التي تواجه إسرائيل ليست ذات قيمة عسكرية تُذكر، عندما ظهر التهديد الحقيقي لحزب الله قادماً عبر الحدود الطويلة والمرهقة مع سوريا، ولم يتوقع حزب الله كل ذلك وعانى من سوء استعداد لحرب غير نظامية ومراقبة للحدود، وقد لجأ إلى إقامة مواقع ثابتة لا تختلف عن ما أقامه الإسرائيليون في جنوب لبنان.
حزب الله وأحلام التمدد
 فيما أشارت صحيفة "عكاظ" السعودية إلى "أن التقرير الدوري الذي أعلنه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون حول تطبيق القرار 1559 والذي لفت فيه إلى تورط حزب الله في العراق واليمن وسوريا، مؤشر على أن زمن تمدّد حزب الله خارج الحدود اللبنانية انتهى، وأن الصمت الدولي تجاه ذلك تبدّد".
ورأت أن "ما جاء في تقرير مون سيكون فاتحة لسلسلة من المواقف الدولية الضاغطة على حزب الله والمطالبة بانكفائه إلى داخل لبنان ووقف تدخلاته في الدول العربية، وأن حزب الله وبالتعاون مع شخصية سياسية يشرف على تأمين كل الرعاية لعائلات قيادات حوثية تم نقلها إلى لبنان في الآونة الأخيرة عبر طائرات تابعة لخطوط إحدى الدول إلى مطار بيروت الدولي ولقد تم تأمين المأوى لهذه العائلات التي وصلت وبحوزتها حقائب من الأموال في إحدى المناطق الجبلية التي تحظى فيها الشخصية السياسية اللبنانية بنفوذ ملحوظ، وأن هناك مجموعة أمنية تابعة لحزب الله تشرف على أمن هذه العوائل في مقر إقامتها وخلال تنقلاتها؛ حيث من المتوقع أن تصل أعداد أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة".
حزب الله وأحلام التمدد
مما سبق نستطيع التأكيد على أن حزب الله دائمًا يحاول إثبات أن تواجد عناصره في الحرب السورية ليس بالأمر العابر، وأنه ليس تدخلًا مؤقتًا دعماً لنظام الرئيس السوري بشار الأسد فقط، وإنما رغبة من الحزب لترسيخ دوره في سوريا، ولكن هذه الأحلام دائمًا ما يواجهها الفشل في معظم الأحيان، حتى وإن نجحت لبعض الوقت. 

شارك