تقرير يبحث عن مصير 41 ألف مسيحي شردتهم الحرب في اليمن

الخميس 12/مايو/2016 - 01:55 م
طباعة تقرير يبحث عن مصير
 
لا يعرف أحد على وجه الدقة العدد الدقيق للمسيحيين في اليمن. ولكن مما لا شك فيه أن الحرب الدائرة هناك شتتت استقرارهم مهما كان عددهم، كما أودت بحياة بعضهم.. مؤسسة "هيومن رايتس ووتش" نشرت تقريرًا مهمًّ رصد بعض مظاهر الدمار والقتل والخراب الذي حل بالمسيحيين في اليمن، جاء فيه: 
"قتلت حرب اليمن الوحشية في اليمن العام الماضي أكثر من 3000 مدنياً، ودمرت ممتلكات مدنية كبيرة. سيطرت جماعات مسلحة مختلفة، أبرزها الحوثيون وقوى إسلامية أخرى، على المدن والبلدات في هذا البلد المسلم البالغ عدد سكانه 26 مليون نسمة. يسود انعدام القانون في معظم أنحاء البلاد.
وأثّرت الحرب على المجتمع المسيحي في اليمن بصورة حادة. يُقّدر عددهم بنحو 41 ألف مسيحي من اليمنيين الأصليين واللاجئين، الذين فرّ كثير منهم في 2015 من البلاد التي مزقتها الحرب؛ حيث يُستهدَف المسيحيون والأقليات الأخرى المتناقصة، ويتضاءل أملهم بالحماية من قبل دولة مقسمة، معطلة وآخذة في التدهور.
كان جون (كما سأدعوه)، المسيحي اليمني، يدير مكتبة احتوت الأدب المسيحي في تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن. وصف جون الخطر المتصاعد على المسيحيين في بلد يتوسع فيه الإسلاميون المتشددون بازدياد. قال لي إنه تلقّى تهديدات لعدة سنوات -غالبا على "فيسبوك"- بما في ذلك من أشخاص وصفوه بالمرتدّ. لكن هذه التهديدات لم تُثِر قلقه قط. كان يعلم أن الشرطة المحلية لن تسمح بحدوث أي شيء له.
وصلت شحنة كتب في 23 فبراير 2015 إلى جون، وفيها أناجيل وغيرها من المؤلفات المسيحية إلى مطار تعز. صادر مسئولو الجمارك الشحنة، وقال مسئول متواجد أثناء ذلك لـ"هيومن رايتس ووتش": إن مسئولين آخرين اقترحوا حرق الكتب؛ لأنها "كانت مسيئة للمجتمع والدين". قال: إن نفس المسئولين أنذروا محامي جون بأن عليه الحذر من "رجال متهورين بدافع ديني، قد يحرقون مكتبة [جون] إذا دخلت الشحنة المدينة".
اندلع القتال في تعز في مارس 2015 بين أنصار قوات الحوثيين الشمالية وجماعات إسلامية مسلحة معارضة لحكمهم. قال جون: إن الهجمات ازدادت ضده على وسائل الإعلام الاجتماعي حينها. أصبحت العناصر المتطرفة أكثر نشاطا في المعارضة ضد الحوثيين في المدينة، في نهاية نيسان، ولم يَعُد لديه خيار سوى الفرار.
قال لي أحد جيران جون إنه في صباح 27 سبتمبر وصل حوالي 15 رجلاً مسلحاً وملثّماً يرتدون ثيابًا سوداء في شاحنتي "بيك أب" من نوع "تويوتا"، إلى البناء الذي يحوي شقة جون ومكتبته. قال الجار إنه شاهدهم "يحزمون الكتب المسيحية في صناديق من مكتبة [جون] ويضعونها في السيارات". رآهم يحرقون الكتب في سوق الصميل العام القريب.
تعرّف الجار على زعيم الجماعة الذي كان مقاتلاً معروفاً في المدينة، ومرتبطا بـ "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب". استجوب المقاتل جاراً آخر حول قيام جون "بالتبشير وبيع الكتب المسيحية للناس".
أرسل جون لـ "هيومن رايتس ووتش" صورة عن الكتابة التي تركها المسلحون على جدار غرفة المعيشة، والتي تقول بالعربية: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، الدولة الإسلامية، لعنة الله على المسيحيين". أرسل جيرانه إليه صورة وقالوا إنه توجد رسائل أخرى أيضاً. ليس من المستغرب أن يخاف جون من العودة إلى دياره.
هوجِمت المؤسسات المسيحية 3 مرات في الآونة الأخيرة في مدينة عدن الجنوبية، ثاني أكبر مدينة في اليمن.
تستشري الجماعات الإسلامية المسلحة في المدينة، رغم أنها تخضع ظاهرياً لسيطرة الحكومة. اقتحم مسلحون كنيسة "القديس يوسف" وأحرقوها في 15 أيلول، وهي إحدى 4 دور عبادة مسيحية في المدينة. قال شاهد عيان: إن عدداً من المسلحين الملثمين، يرتدون قمصاناً بيضاء عليها شعار "الدولة الإسلامية" باللون الأسود، وصلوا إلى الكنيسة على دراجات نارية. عندما غادروا بدأت النار بالاشتعال. عند وصول سيارات الإطفاء بعد أكثر من 30 دقيقة، كان معظم الكنيسة قد احترق.
دمّر انفجار كنيسة "الحبل بلا دنس" الكاثوليكية بعدن في 9 ديسمبر. زعم السكان المحليين أن الإسلاميين كانوا مسئولين.
دخل 4 مسلحين مجهولين مأوى مسنّين مسيحيًّا في عدن وقتلوا 16 شخصًا على الأقل في4 مارس، بما في ذلك حراس وسائقِين وطباخِين و4 راهبات، كما ذكرت وسائل إعلام. أفادت تقارير بأن المسلحين اختطفوا كاهناً هندياً أيضاً. كما دمّر المهاجمون كل الرموز المسيحية والأغراض الطقسية. لم يتعرض سكان المأوى غير المسيحين للأذى.
لا يبدو الكشف عن منفذي الهجمات محتملاً، كما أن تقديمهم إلى العدالة أبعد احتمالاً. لا تُثير مسألة هوية المهاجمين اهتمام المسحيين والأقليات الأخرى المتناقصة، بقدر ما يعنيهم واقع استهدافهم، دون معاقبة المعتدين، بأمل ضئيل بحمايتهم من قبل دولة مقسمة، معطلة وتتآكل".

شارك