بعد انشقاق فصيل جديد.. 4 تحديات تواجه الملا "هيبة الله" في قيادة "طالبان"

الخميس 26/مايو/2016 - 04:19 م
طباعة بعد انشقاق فصيل جديد.. علي رجب
 
تشهد حركة "طالبان" الأفغانية انقسامًا حادًّا عقب إعلان مقتل زعيمها الملا أختر محمد منصور، وتعيين الملا ورجل الدين هيبة الله أخوند زاده زعيمًا جديدًا للحركة، وهو ما وضعها أمام تحدٍّ مصيري يُهدد تماسكها، خاصةً في ظل إعلان فصيل الانشقاق عن الحركة، واستمرار تهديد تنظيم "داعش" ومساعيه لفرض السيطرة على الساحة الأفغانية، واستقطاب عناصر وكوادر الحركة للقتال في صفوفه، بشكل بات يفرض تساؤلات عديدة حول مستقبل "طالبان" في ظل القيادة الجديدة، ومدى قدرة القائد الجديد على تجاوز محاولات الانشقاق داخل الحركة.

زعيم جديد متشدد

زعيم جديد متشدد
فقد أعلنت حركة طالبان الأفغانية الأربعاء تعيين الملا ورجل الدين هيبة الله أخوند زاده زعيماً جديداً لها وهو خيار تم اتخاذه سريعاً، ليحل بذلك مكان الملا منصور الذي قتل في غارة شنتها طائرة أمريكية بلا طيار.
وأضافت الحركة في بيانها أن سراج الدين حقاني والملا يعقوب- ابن زعيم طالبان الأسبق الملا عمر- عُيِّنا نائبين لأخوند زاده."
وعقد المتمردون اجتماعات طارئة منذ الأحد، غداة مقتل الملا منصور في باكستان، قبل أن يعلنوا مقتله رسمياً الأربعاء. وبعد ثلاثة أيام من المداولات، وقع اختيارهم على الملا هيبة الله أخوند زاده رجل الدين المعروف لدى قلة فقط، واليد اليمنى السابقة للملا منصور.
وتم تعيينه "بالإجماع، وبايعه الجميع"، وتم اختيار نائبين له سيضطلعان فيما يبدو على الأرجح بدور أكبر؛ حيث يشرف سراج الدين حقاني على الجانب العسكري والملا يعقوب ابن الملا عمر على الجانب السياسي، حسبما أكدت حركة طالبان في بيان على شبكة الانترنت.
وتتباين السرعة في الإعلان عن تعيين هيبة الله مع الفترة الطويلة التي أخفت خلالها مقتل الملا عمر، القائد التاريخي لطالبان الذي قتل عام 2013 في باكستان.
رغم أن الملا هيبة الله لم يكن يعتبر من الأسماء المرجحة لخلافة الملا منصور في نظر الخبراء الذين رجحوا اختيار شخصية أخرى من التمرد الإسلامي مثل الملا يعقوب، ابن الملا عمر، مؤسس الحركة، أو سراج الدين حقاني زعيم شبكة حقاني القوية والحليف المقرب من حركة طالبان.
وذكرت تقارير إعلامية أفغانية أن الرجلين قد يكونان رفضا قيادة الحركة، أحدهما بسبب صغر سنه، والآخر لـ"أسباب شخصية". غير أنهما سيتمتعان بثقل داخل الحركة، إذ إن مجلس الشورى اختارهما نائبين للملا هيبة الله الذي يرث لقب "أمير المؤمنين".
للمزيد عن الملا هيبة الله أخوند زاده.. اضغط هما 
وللمزيد عن سراج الدين حقاني.. اضغط هنا

انشقاقات داخل "طالبان"

انشقاقات داخل طالبان
كما حدثت انقسامات ورفض لبيعة الملا أختر منصور عند توليه زعامة الحركة؛ فقد أعلن فصيلٌ بقيادة الملا محمد رسول انشقاقه عن الحركة رفض تعيينه الملا هيبة الله زعيمًا جديدًا للحركة، وهو أول انشقاق رسمي في الحركة المتطرفة.
والعام الماضي شهدت حركة طالبان انقسامات ورفضًا لبيعة الملا أختر منصور عند توليه زعامة الحركة، فقد أعلنت عائلة الملا عمر، ممثلة في نجله الملا يعقوب وشقيقه الملا عبد المنان، رفضها مبايعة الملا أختر منصور، ودعت القادة الدينيين إلى التحكيم في الخلافات المتزايدة حول انتقال السلطة داخل الحركة، عوضًا عن مبايعة أي طرف، وهو ما أيده "مجلس إمارة أفغانستان الإسلامية"، الذي أعلن رفضه تسمية الملا منصور زعيمًا للحركة، بموجب ما وصفه بـ"قرار فردي"، وأكد أنه "لن يتم تسمية خليفة للملا عمر حتى الانتهاء من فترة الحداد، واجتماع كل المجموعات، كما عارض كل من الملا محمد حسن رحماني والي قندهار، والملا عبد الرزاق وزير داخلية "طالبان" وأنصارهما، واللذان يشكلان كتلة لا يستهان بها داخل الحركة، تعيين الملا منصور زعيمًا للحركة؛ حيث اعتبرت هذه الكتلة اختيار منصور انقلابًا على الشرعية، وحاولت أن تستقطب عناصر الحركة لتأييد الملا يعقوب ابن الملا عمر (26 عامًا) الذي تخرج قبل سنوات في إحدى المدارس الدينية في مدينة كراتشي الباكستانية، لكنها لم تنجح في الضغط على قادة الحركة لتحقيق ذلك. بينما وصف محمد طيب أغا رئيس المكتب السياسي لحركة "طالبان"، اختيار زعيم جديد للحركة "من قبل أفغان خارج البلاد"-على حد قوله- بأنه "خطأ كبير"، وذلك في بيان أعلن فيه استقالته، وقال فيه: إن "اختيار الملا أختر منصور زعيمًا جديدًا خطأ كبير؛ لأن كل الزعامات التي انتخبت في الخارج جرّت عواقب وخيمة على الشعب الأفغاني"، وهو ما يشير إلى فترة زعامة الملا منصور القصيرة (عشرة أشهر فقط) إلى تورط أعضاء من داخل الحركة في مقتل الملا أختر، ويدل على أن الحركة في طريقها إلى الانشقاق والتقسيم، وهو ما يضعف موقفها أمام الجمهور المؤيد لها.
كما يبدو أن الموقف العدائي للملا منصور دفع واشنطن للقضاء عليه. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: إن مقتل منصور يشكل "محطة مهمة في جهودنا البعيدة الأمد لإعادة السلام والازدهار إلى أفغانستان".
واتسمت فترة زعامة الملا منصور القصيرة (عشرة أشهر فقط) بتصعيد الهجمات العسكرية وتكثيف الاعتداءات، خصوصاً في كابول.

تحديات تواجه الملا "هيبة الله"

تحديات تواجه الملا
تواجه حركة "طالبان"، في ظل أزمة القيادة الجديدة بعد وفاة الملا عمر ومقتل خليفته الملا أختر منصور، تحديات كبرى يُمكن أن تؤثر بشكل ملحوظ على مستقبلها، في مقدمتها الصراع والحوار مع الدولة الأفغانية، فالملا هيبة الله "يمثل الوضع الراهن" لعهد الملا منصور وهو ما يشير إلى استمرار حركة الصراع والحرب مع الجيش الأفغاني المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، ففي عهد سلفه، علقت محادثات السلام القصيرة إلى أجل غير مسمى في الصيف الماضي، وباءت كل جهود كابول لإعادة حركة طالبان إلى طاولة المفاوضات بالفشل.
التحدي الثاني هو بقاء حركة طالبان كفصيل موحدة قادر على الاستمرار المواجهة في أفغانستان، فعلى أمير المؤمنيين الجديد للحركة أن يسعى إلى توحيد طالبان التي تشهد انقسامات منذ إعلان مقتل الملا عمر. 
التحدي الثالث أمام الملا هيبة الله، أنه ليس صاحب القرار الحقيقي داخل الحركة، رغم ما يتمتع به من مكانة في طالبان، إلا أنه عليه أن يثبت أنه الزعيم الحقيقي للحركة وليس الزعيم الرمزي في ظل وجود مراكز قوى داخل الحركة، متمثلة في عائلة مؤسس طالبان الملا عمر، وسراج الدين حقاني، والذي من المتوقع أن يشرف على الجانب العسكري أي أنه صاحب الكلمة في العمليات العسكرية للحركة، والملا يعقوب على الجانب السياسي.
التحدي الرابع هو وقف "التمدد الداعشي"؛ حيث لم يتوقف تنظيم "داعش" عن التمدد في أفغانستان منذ ظهوره في بداية عام 2015، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الأفغانية، بل أخذ يتمدد في المناطق التي تخضع لنفوذ "طالبان"، وتمكن من السيطرة على عدد من معاقل الحركة في هلمند، وبعض المناطق من إقليم زابل المجاور لقندهار التي تمثل معقلها الرئيسي. واللافت في هذا السياق، هو أن نشاط التنظيم لم يقتصر على الأقاليم الجنوبية البعيدة عن العاصمة كابول، بل شهدت الأقاليم المجاورة لها تحركات للمقاتلين المنتسبين إلى التنظيم، على غرار إقليم لوجر، كما بدأ التنظيم في تأسيس معسكرات في المناطق الجبلية النائية.
وأخيرًا، وفي ظل التطورات التي تشهدها حركة "طالبان"، فإن نجاح الملا هيبة الله في قيادة حركة "طالبان" في هذه المرحلة الراهنة الحرجة، سوف يرتبط بقدرته على التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الحركة، وهي مهمة لا تبدو سهلة، في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها أفغانستان خلال الفترة الحالية.
كما سيؤدي وفاة الملا أختر منصور إلى صراع أجنحة داخل التنظيم، مع نفوذ قوي للتيار المتشدد، مما يعني زيادة أعمال العنف في أفغانستان، بين أجنحة الحركة والتنظيمات الأخرى كـ"داعش" والجيش الأفغاني.

شارك