الحرب على داعش ثلاث سنوات أو أكثر...تصريحات منسق التحالف تشعل حرب الغضب
الإثنين 06/أكتوبر/2014 - 03:21 م
طباعة

أعلن الجنرال الأمريكي جون آلن منسق التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية داعش- أن التخطيط لمعركة استعادة الموصل، ثاني المدن العراقية قد يستغرق عاما.
وصرح آلن قائلا: أما القضاء على داعش فقد يستغرق ثلاث سنوات.
وكان أول من استُفِز من هذه التصريحات هو السيد أثيل النجيفي محافظ نينوي الذي كتب معلقا على صفحته الشخصية على فيس بوك:
"إن أهالي الموصل يستغربون عندما أقول بأن معركة تحرير الموصل لن تتأخر سوى أشهر قليلة وهم يسمعون التحالف الدولي والعالم يتحدث عن سنة على الأقل لتحرير الموصل، وعن ثلاث سنين للقضاء على داعش".. مضيفا بأن العقلاء يعلمون بأن حرب داعش في الموصل لن تكون أبدا بتجهيز قوة تقتحم المدينة على الرغم من أَهلها... وما من قوة تستطيع ذلك أو ترغب في عواقب مغامرة كهذه... فالتحالف الدولي سيسعى أولا إلى كسب أهل الموصل وتشجيعهم للانقلاب على داعش والتعاون مع القوة الداخلة للمدينة...
وأشار محافظ نينوي: "من هنا يظهر الفرق في تقديرنا للمدة المطلوبة عن تقدير قوات التحالف الدولي التي ترى بأنها تحتاج إلى فترة طويلة لكسب المواطنين وتغيير قناعاتهم، بينما نرى نحن بأن أهل الموصل رافضون لداعش ومستعدون للعمل ضدها، ولدينا قواعد جاهزة للعمل..."، مختتما حديثه بأن الجهد السياسي الذي يجب أن يبذل مع أهالي الموصل وأطرافها سيكون أهم من الجهد العسكري... وأن القيادة السياسية للمعركة هي الأهم والأكثر حسما.
استغلال التصريح

أما رد فعل مسيحيي المدينة المُهَجَّرين منها حول المدة الزمنية التي أعلنت لتحرير الموصل أو للقضاة على داعش فجاءت غاضبة حيث طالبوا في أحاديثهم.. إلى ضرورة وضع آلية واضحة بشأن الشروع في عمليات التحرير؛ حيث قال أحد المهجرين ويدعى يوسف يعقوب أن ضبابية الإشارة إلى عملية تحرير الموصل وتزايد الإشاعات بشأن الموعد الحقيقي للشروع بتلك العملية أوقعنا ضحية للكثير من النفوس الضعيفة التي بدأت تساومنا، خصوصا ونحن من أستاجرنا منازلَ في بعض مدن الإقليم، فمن طلب منا إيجار منزله قبل شهر مبلغا معقولا بدا يساومنا على زيادة المبلغ بعد التصريحات التي أعلنها قائد قوات التحالف، فيما طالب أمين داؤود الجهات المسئولة بإيجاد مواعيد وتحرك فاعل؛ من أجل إنهاء أزمة الآلاف من النازحين، الذين ملوا أوضاعهم المأساوية، ويتمنون العودة بأسرع وقت لديارهم.
حرب عمياء

وحيد عبد المجيد
وعن عدم تحديد موعد تقديري للحرب قال المحلل السياسي الدكتور وحيد عبد المجيد: إن الحرب على داعش حرب عمياء بلا استراتيجية محددة لها، ولا أحد يعرف ما هو التصور المحدد لما سوف تستغرقه من وقت، سوى الولايات المتحدة، فهي المستفيد الوحيد، كما أنه لا يوجد تصوير لما بعد الحرب.
مدة أطول.. أموال أكثر

العسكري اللواء حمدي
الخبير العسكري اللواء حمدي بخيت استغرب الإعلان عن ثلاث سنوات لمحاربة تنظيم في حرب دعائية بالأساس، وقال: إن أمريكا تدرب جنودها في المنطقة في حرب لا تستغرق ثلاثة شهور؛ الأمر الذي يؤكد أنها تسعى لنشر الفوضى وابتزاز الدول العربية للحصول على الأموال والبترول.
عشر سنوات

الكاتبة وفاء صندي
وتقول الكاتبة وفاء صندي: "داعش"، التنظيم الذي مهما بلغت سطوته وسيطرته يظل هزيلا بالنظر إلى عمقه الاستراتيجي وخبرته الميدانية في القتال وقوة تسليحه، وصغيرا بعنصره البشري (الحديث هنا عن عشرة آلاف مقاتل، فيما لا يتجاوز مستوى تسليحه سيارات "تندر" وبنادق "كلاشينكوفات" ورشاشات)، والذي لا يعرف من قواعد الحرب سوى لغة الذبح والقتل، سواء كانوا أفرادا أو ميليشيات من المتشددين والمنبوذين والغاضبين والمتمردين على أوطانهم، والفارين إلى سوريا والعراق عبر الحدود التركية، والحاصلين على الأسلحة سواء من مموليهم السابقين أو ما تم الاستيلاء عليه من ثكنات الجيش العراقي.
ولو كان تدخل حزب الله اللبناني وحده بحشده لمقاتليه وقدرته التسليحية وقوته القتالية جوا وبرا لقضى على "داعش" في سوريا، إلا أن أمريكا اختارت أن تحشد له أكثر من أربعين دولة؛ من أجل خوض حرب لم تظهر بعد استراتيجيتها، وهي تعلم أولا أنها لن تكسب الحرب من الجو، وأنها ستضطر عاجلا أم آجلا للنزول إلى البر، أو ستنسحب بعد أن تترك الخراب من خلفها كما فعلت سابقا في العراق وأفغانستان واليمن والصومال.
وتضيف وفاء قائلة:
وإذا كانت أمريكا تريد أن تحصل من خلال هذا التحالف على غطاء شرعي لاستكمال حرب بدأتها قبل أكثر من 10 سنوات، وتريد أن تعوض اليوم خسارتها فيها، وتنفذ مخططاتها المبنية على تقسيم المقسم داخل العالم العربي، وتحتاج أيضا إلى من يتحمل معها فاتورة هذه الحرب المفتوحة والطويلة التي يمكن أن تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات إذا ما علمنا أنها سوف تمتد لأكثر من ثلاث سنوات وفقا لتقديرات أمريكية، أو عشر سنوات وفقا لتقديرات أوروبية. فإن فرنسا تستغل هذه العملية العسكرية من أجل عرض تكنولوجياتها الحديثة وإمكاناتها في الصناعات العسكرية، كما أنها ستستغل التقارب السياسي الحاصل بين باريس والعواصم الخليجية من أجل أن توفر المزيد من صفقات الأسلحة الفرنسية لتلك الدول، فضلا عن الاستفادة من استثمارات تجارية مشتركة تهدف إلى دعم الاقتصاد الفرنسي الذي لا يزال يعاني من تداعيات الأزمة الأوروبية.. وبطبيعة الحال من غيره الاعتماد على التمويل الخليجي من عائدات النفط سوف يحقق طموحات باريس ويغطي تكلفة الحرب ويعطي الشرعية للتدخل في أمن المنطقة، خصوصا أن دول المجلس أبدت استعدادها دفع الثمن ولو كان مكلفا مقابل "إعادة الاستقرار الإقليمي" (كما تدعي)، أو القضاء على نظام الأسد وكسر شوكة إيران، (كما يقول الواقع)،هاته الأخيرة التي راحت بتزامن مع الحرب ضد داعش تقاتل في اليمن من خلال ذراعها الحوثي. أما الاستقرار الذي تبحث عنه السعودية وشقيقاتها فلن يكون أكيدا بإسقاط داعش وحدها، وإنما سيشمل ما ثم إعلانه في وقت سابق نظاما / تنظيما إرهابيا.
أما هذه الحرب التي تشكل في كل حال انتهاكا للسيادة السورية والعراقية، إلى أن تستكمل اللائحة، فالحرب التي بدأت بالعراق لن تنتهي بسوريا ويمكن أن تنتقل إلى لبنان والأردن ومصر واليمن وليبيا وغيرها من دول المنطقة بدافع محاربة الإرهاب، فلكل من دول التحالف مآرب فيها وحسابات وأهداف تريد أن تحققها بحكم الأجندات المختلفة للدول الإقليمية الفاعلة (فإيران تساوم مشاركتها في الحرب بملفها النووي، وتركيا تشترط أن لا تكون العملية العسكرية لصالح الأسد، والسعودية تراهن على إسقاط بشار..)؛ مما يطرح تساؤلا: أولا، حول الأهداف النهائية للحرب والتي تبدو غير واضحة ومتباينة يمكن مع أي سوء تنفيذ لها أن يحمل تهديدات للأمن القومي لدول المنطقة.
ثانيا: مستقبل الحرب إذا ما تعارضت أهدافها أو خططها مع أجندات دول التحالف، فماذا ستكون في هذه الحالة نهايتها أو أي حل سيتم اللجوء إليه لتجاوز الخلاف؟
ضربات جوية

ومن ناحية أخرى، أمريكا تقول بأنها ستقود حربا جوية، وهي تعلم أن الضربات الجوية يمكن أن تحد من امتدادات داعش، أو تجعل عناصرها تتنقل من مكان إلى مكان، لكن لا تستطيع من خلالها أن تقضي عليها نهائيا. أما إذا اعتمد التحالف على تقديم الدعم والسلاح لجماعات عسكرية محلية (البيشمركة والصحوات في العراق والجيش الحر في سوريا، أما اكراد سوريا والعراق فإن تركيا تبدي معارضتها تسليحهم خشية تسرب الأسلحة إلى أراضيها)- يبقى هذا الخيار سيفا ذا حدين، فبإمكانه أن يواجه داعش مباشرة وربما يتصدى لها، لكن من الممكن أن يضع المنطقة ككل تحت رحمة حروب أهلية وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب، ليستمر مسلسل العنف والاستنزاف وزرع الفتنة والحقد الذي ولد فكر داعش وغيرها.