تكليف "بن مبارك" يضع اليمن على حافة الهاوية.. والحوثيين يهددون بالتصعيد
الأربعاء 08/أكتوبر/2014 - 01:36 م
طباعة

جاء تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيس جديد للوزراء اليمن ليضفي مزيدا من البلبلة لحالة من القلاقل السياسية تأججت عقب استيلاء الحوثيين على العاصمة التي يقطنها مليونا نسمة.
فقد عين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مدير مكتبه الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيسا جديدا للوزراء تنفيذا لاتفاق السم والشراكة مع المقاتلين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء.
رفض حوثي وتهديد بالتصعيد

إلا أن تعيين بن مبارك أدى إلى رفض جماعة أنصار الله الذراع السياسي لحوثيين، وهو ما يعني تأزم الموقف في اليمن واتجاهه إلى التعقيد بدلا من إنهاء الأزمة التي اشتعلت عقب رفع أسعار الوقود "الجرعة".
رفض "أنصار الله" الذراع السياسية لجماعة الحوثيين في اليمن، تعيين أحمد بن مبارك رئيسًا للوزراء، مؤكدين أنه لا يعبر عن الإرادة الشعبية ولا عن أي توافق سياسي.
وقال القيادي الحوثي علي البخيتي: إن "قرار تعيين أحمد بن مبارك رئيسًا للوزراء مرفوض لأنه لا يعبر عن الإرادة الشعبية ولا عن أي توافق سياسي".
وأضاف البخيتي في تصريحات صحفية: "إن أي قرارات تتخذ دون توافق لن يكون لها أي واقع ملموس على الأرض وتؤدي فقط إلى تعميق أزمة الثقة المتوارثة منذ آخر أيام مؤتمر الحوار، كما أنها تعد خرقًا واضحًا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تم توقيعه مؤخرًا، وتثبت أن هناك أطراف لا تزال تنتهج سياسة الأمر الواقع، التي جرت البلد إلى كل المآسي والحروب ويتحمل من يتخذ مثل هكذا قرارات غير توافقية مسئولية فشل العملية السياسة التي تم الاتفاق على خطوطها العريضة في اتفاق السلم والشراكة".
ودعا القيادي الحوثي إلى استمرار التصعيد الشعبي والثوري لمواجهة مثل هكذا سياسات ضربت عرض الحائط بكل الاتفاقات التي نصت على الشراكة الوطنية واحترام الإرادة الشعبية.
كان المقاتلون الحوثيون قد سيطروا على العاصمة الشهر الماضي دون مقاومة تذكر بعد أن تغلبوا على قوة عسكرية تنتمي لحزب الإصلاح الإسلامي المعتدل المنافس لتصبح لهم اليد العليا في شئون البلاد.
ويضيف رفض الحوثيين تعيين رئيس جديد للوزراء مزيدا من البلبلة لحالة من القلاقل السياسية استمرت بضعة أسابيع عقب استيلاء الجماعة على العاصمة التي يقطنها مليونا نسمة.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت مصادر يمنية مطلعة أمس، عن وجود تحركات عسكرية لعناصر حوثية نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي بين البحر الأحمر وبحر العرب، للسيطرة عليه.
وعدّت الأوساط السياسية في صنعاء أن تقدم المتمردين الحوثيين في مأرب سيثير مواجهات مع «القاعدة» الناشطة في المنطقة وفي باقي محافظات جنوب وجنوب شرقي اليمن.
المؤتمر الشعبي يرفض "بن مبارك"

إلا أن رفض الحوثيين لتكليف بن عمر لم يكن وحده على الساحة، فقد جاء الرفض الحوثي متناغما مع اعتراض حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي يترأسه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، على قرار الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وصف عبده الجندي، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني، تكليف أحمد بن مبارك بتشكيل الحكومة بـ"القرار غير الموفق" مضيفا أن مستشاري الرئيس أخطئوا.
وأوضح الجندي: إنه "إذا كان بن مبارك مستقلًا وجنوبيًا لكننا قبلنا به، من منطلق الحرص على الوحدة الوطنية، لكن الدكتور أحمد عوض بن مبارك عضو المجلس الوطني الذي يمثل أحزاب اللقاء المشترك".
وأوضح الجندي؛ في تصريح لوكالة "خبر" للأنباء، أنه سيكون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من المحافظات الست الجنوبية، وهذا سيؤدي إلى عدم ارتياح لدى بقية المحافظات ذات الكثافة السكانية الكبيرة، مضيفا ": "هذا أمر لم يكن معمولا حتى في الماضي الذي أسفر عن وجود قضية جنوبية".
وتابع: إذا كان رئيس الجمهورية من المحافظات الجنوبية فمن المفترض أن يكون رئيس الوزراء من المحافظات الشمالية؛ لأن التوازن أمر ضروري ومهم حتى لا توجد مبررات تؤدي إلى عدم ارتياح لدى الغالبية المطلقة من السكان".
وقال إنه "ليس من مصلحة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي أن يفرض عليه رئيس وزراء جنوبيا، حتى لو كان من ذوي القدرات الخارقة؛ كون مثل هذا التعيين يؤثر على ما نحن بحاجة إليه ويؤدي للخروج عما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية المؤكدة على الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره".
الإخوان يرحبون

وجاء موقف التجمع اليمني للإصلاح الذراع السياسي مغايرا لمواقف القوى السياسي في اليمن؛ حيث أعلنت قيادات الإخوان باليمن ترحيبهم بتكليف أحمد بن مبارك رئيسا لوزراء اليمن، وهو ما يثير علامات استفهام حول التنسيق بين الرئيس اليمني وجماعة الإخوان، ويزيد الأزمة تعقيدا.
الحراك الجنوبي يرحب

رحب حزب الاتحاد الديمقراطي للقوى الشعبية بتكليف الدكتور أحمد بن مبارك بتشكيل الحكومة الجديدة… واعتبر القرار استجابة لاتفاق السلم والشراكة بين القوى السياسية اليمنية، متمنين أن ترى مخرجات الحوار الوطني النور، في ظل اختيار أمين عام مؤتمر الحوار الوطني رئيساً للوزراء؛ مما يسهل في تطبيقها على أكمل وجه كونه المختص فيها.
وأعلن حزب الاتحاد الديمقراطي للقوى الشعبية تأييده المطلق لقرار رئيس الجمهورية، داعيا بقية القوى السياسية إلى الترحيب والتأييد والعمل معا لتنفيذ اتفاق السلم والشراكة وتطبيق مخرجات الحوار الوطني، داعيا أيها إلى الابتعاد عن المحاكاة السياسية والبدء في بناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة.
شكوك خليجية

وجاء موقف دول الخليج من تعيين أحمد بن مبارك ليزيد شكوك العواصم الخليجية في إمكانية نجاح رئيس الوزراء المكلف في تجاوز الأزمة السياسية الراهنة في اليمن، مشيرين إلى أن الوضع الراهن في البلاد يتطلب مقاربة سياسية لا علاجا تكنوقراطيا.
وأوضحت المصادر لـ"إرم" أن الخلفية الأكاديمية لرئيس الوزراء الجديد لا تبدو مشجعة للفرقاء السياسيين للمشاركة في الحكومة، وأنه دون هذه المشاركة لا يمكن تجاوز العراقيل التي تعترض مسيرة الوفاق اليمنية.
وذكرت هذه المصادر أن رئيس الوزراء الجديد هو مرشح الرئاسة اليمنية التي لم تستطع أن تدير الأزمة وبدت ضعيفة أمام المد الحوثي.
وأضافت المصادر أن تكليف بن مبارك يبدو كما لو أنه إقرار ضمني بسيطرة الحوثيين على السلطة حتى لو كان رئيس الحكومة لا ينتمي إلى هذه الجماعة.
المشهد الآن

يبدو أن اليمن مقبل على فترة عصيبة من التناحر السياسي بين القوي السياسية في اليمن وربما تذهب الأمور إلى أكثر من ذلك؛ إلى حرب أهلية في ظل المواجهات بين تنظيم القاعدة والحوثيين، وفي ظل توجه الحوثيين للسيطرة على مناطق مطلة على ساحل البحر الأحمر، وهي مناطق نفوذ لليمن الجنوبي؛ مما يهدد بوجود صراع قبلي مذهبي يفتك باليمن ويهدد وحدته.