الإخوان والسلفيون.. من التفاهم والتعاون.. إلى التلاسن والصدام!!
الأربعاء 08/أكتوبر/2014 - 08:08 م
طباعة

عادت مجددا الحرب الكلامية بين الاخوان والقيادات السلفية، بعد ظهور الداعية السلفي، محمد حسان في صورة له ويبدو عليه علامات المرض، وهو في المملكة العربية السعودية بموسم الحج، وتناقلت صفحات إخوانية هذه الصورة، معلقين بكلمات الشماتة، في إشارة منهم إلى أن حسان يؤيد الرئيس السيسي الذى يعتبر عدوًا لهم.
وكتب شاب إخواني عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الشيخ "حسونة" على حد قوله، مُصاب بشلل في فمه ووجهه وهو في السعودية، قائلاً: "هل لو كان هذا الرجل ضد السيسي كان دخل السعودية أصلا، هل يستحق هذا الرجل الذي لم يدعو للحرائر أن ندعو له، هل وقف هذا الرجل يوما مع الحق، اللهم جازاه بما يستحق.
بداية الصدام

بسرعة البرق، انتشرت التدوينة عبر الصفحات الإخوانية، مما أشغل غضب الشباب السلفي من مؤيدي محمد حسان، حيث كان ردهم: "هل الشماتة من أخلاق المسلمين، أو من يدعون الدفاع عن الإسلام والشرعية المزعومة.
الأمر الذى دفع أحمد محمد حسان، نجل حسان، يرد سريعًا على شماتة الإخوان، قائلا: والدي يتماثل الشفاء بشكل سريع وصحته جيدة، وقام بنشر صورة تعبر عن تحسن الحالة الصحية لوالده، سرعان ما تناقلتها صفحات محبي الشيخ ردا على شماتة الإخوان.
لم يعلق قيادات الإخوان على تصرفات الشباب، في حين اشتعل مشايخ السلفية غضبًا، الأمر الذى دفعهم للتصدي لما فعله شباب الإخوان، واعتبروه تطاولاً على العلماء.
هجوم سلفى

على الفور أصدر عضو مجلس شورى الدعوة السلفية الشيخ أحمد الشريف، بيانا استنكر فيه شماتة الإخوان ودعا للشيخ حسان بالصحة والعافية.
ورد الشريف على هذه الشماتة، قائلا: لمثل هؤلاء من شباب دعم الشرعية إن مخالفة اجتهادكم لا تعنى تكفير غيركم إنّ جماعتكم في اليمن تتصالح مع الحوثية وفي العراق تتعامل مع الشيعة الإثني عشرية وفي لبنان ترشح الدرزي وفي المنصة تستغيث بالأسطول السادس ومع ذلك تهدمون العلماء وتشهرون بالدعاة وتسخرون من المخالف وتتهمون النوايا وتطعنون في الاجتهادات وتخونون التيارات وتظنون أنكم على الحق والثبات.
وقال الداعية المحسوب على التيار السلفي، محمد سعيد رسلان، إن أكل لحوم العلماء حرام شرعا، لافتا إلى أنّ جماعة الإخوان المسلمين ربّت أعضاءها على الشماتة والتكفير والهجوم على الآخر لمجرد مخالفتها الرأي.
وأشار رسلان إلى أن منهج الإخوان المنحرف عن تعاليم الإسلام الصحيح يستحل ما يُواجهه إذا اختلف معه في الرأي أو لم يسانده لتنفيذ أفكاره الهدامة والمخربة"، قائلاً: "موقف شباب الإخوان من الشيخ يرجع إلى أنهم شعروا بنبذ المجتمع المصري لهم فراحوا يخوضون في الناس ويدخلون في نواياهم، والغريب أنهم يدعون الدفاع عن الإسلام.
في المقابل، تناولت نفس صفحات الإخوان السابقة، موقف السلفين بكل استهزاء وسخرية، حيث قالت إحدى الصفحات "زهرة رابعة": "الخونة بيساندوا بعض وبيدافعوا عن بعض والشرفاء للشرفاء"، على حد قولها.
محمد حسان وتناقض الآراء

من المعروف أن الشيخ محمد حسان، ظهر بقوة عقب ثورة 25 يناير، بمواقفة السياسية المتناقضة نوعا ما، فهو كان ضد المظاهرات التي خرجت يوم 25 يناير، و ما كان من حسان الا أنه انتقد هذه المظاهرات و حرم الخروج على الحاكم ، و ظل على موقفه هذا إلى أن تحولت المظاهرات إلى ثورة شعبية ونجحت في خلع مبارك، فتحول موقفه فجأة من رافض للثورة إلى مؤيد لما يحدث ، بل و حاول السطو على مكتسبات الثورة و الخروج بشعارات، تطبيق الشريعة ، بل وتولى حسان مبادرة للاستغناء عن المعونة الأمريكية بإنشاء صندوق العزة والكرامة، لكن هذا الصندوق أصبح مصيره مجهول حتى الآن، مما وضعت حوله الكثير من الشبهات والتساؤلات.
وعقب تولى محمد مرسى حكم مصر، وقف حسان وراء المشروع الإخواني بكل قوته، وسخر قناته الفضائية لمحاربة التيار الليبرالي وأي معارضة لحكم الإخوان، ومع اندلاع 30 يونيو حارب حسان وقناته حركة تمرد الداعية للمظاهرات، و حارب المظاهرات بكل الأشكال ، وحاول الإنزواء بعدما أغلقت السلطات قناته نظرا لتحريضها ضد المظاهرات وتحريضها على العنف ضد المتظاهرين ، و كان المؤيدين لاعتصامي رابعة والنهضة و شارك في الاعتصامين و حاول النزول يوم فض الاعتصام لكن قوات الأمن منعته .
أعاد حسان فتح قناته تحت اسم آخر و هو " الروضة " بعد اتفاق مع الأمن بعدم التكلم في السياسة ، وتم عزله مؤخراً من الخطابة بسبب استغلاله للخطبة الدينية في الحديث عن السياسة داخل المسجد.
مواكبة التطورات

الهجوم الاخير الذي شنه الاخوان على السلفيين يأتي تعبيرا عن ما وصلت اليه العلاقات المتغيرة بينهما مؤخرا، فبعد أن كان الإخوان والسلفيين يسيرون على منهج واحد إلى حد كبير، أصبح كل منهما يتعامل على أساس الوضع الراهن، فالإخوان يروا أن السلفيين مؤيدين للنظام الحالي الذى هو على غير إرادتهم، أما السلفيين يسايرون الموجه ويواكبون التطورات، طمعًا منهم في كسب ود النظام الحالي.
ويبدو أن الصراع السلفي الإخواني بدأ في تطبيق نظرية "البقاء للأقوى"، فالإخوان يرون أنهم "الجماعة الأم" التي على الإسلاميين أن يقبلوا بقيادتها ويسيروا في ركابها، مراعين تاريخها وخبراتها، لكن في المقابل يؤكد التيار السلفي دائمًا على رفضه لهيمنة فصيل واحد على الحياة السياسية، وعلى ذلك يتحرك السلفيون وفي مخيلتهم تجارب تاريخية عانوا في ظلها من إحساس القوة لدى الإخوان، ويبدو أن التيار السلفي السياسي يرى ان الفرصة باتت سانحة "لاحتلال" المكان والمكانة التي غادرها التيار الإخواني في الملعب السياسي المصري.
العلاقة قبل ثورة 25 يناير

الدعاة السلفيون، قبيل ثورة 25 يناير كانت نشأتهم مع الإخوان حيث كانوا يطبقون نفس الفكر إلى حد ما، إذ نشأ بعضهم في بيوت إخوانية، كالشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي اعتقل والده وعمه من بين من اعتقلوا من الإخوان في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بينما عمل البعض الآخر من السلفيين بين صفوف حركة الإخوان في بداية نشأتهم، لكن مع تأسيس جماعتهم بالإسكندرية في سبعينيات القرن الماضي في الوقت الذي كانت فيه معظم قيادات الإخوان في السجون رفض السلفيون العمل ضمن جماعة الإخوان، واختاروا مواصلة تأسيس جماعتهم انطلاقا من المنهج السلفي الذي يهتم بالعقيدة، ويحارب البدع.
وآنذاك وقعت صدامات بين الطلاب السلفيين والإخوان داخل جامعة الإسكندرية عام 1980، إذ كان طلاب الإخوان ما زالوا يعملون ضمن تيار الجماعة الإسلامية الطلابي الذي شرع السلفيون بالخروج منه بسبب هيمنة الإخوان عليه، وهو الطباع الذى تربى عليه الإخوان منذ تأسيسهم على يد حسن البنا، "الهيمنة والسيطرة".
وبالرغم من هذه البداية التي شهدت نوعًا من الصراع بين السلفيين والإخوان إلا أن عدد من الرموز السلفية تشيد بجهود مؤسس حركة الإخوان حسن البنا.
وفي المجمل والأعم حرصت التيارات السلفية –على تنوعها- عن البعد عن ملعب السياسة والانخراط المباشر في الاحداث التي تستدعي بلورة مواقف سياسية،
العلاقة عقب ثورة 25 يناير

في أعقاب ثورة الـ 25 يناير وما حققته من انفتاح على الممارسة السياسية، بدأ الصراع الحقيقي بين السلفيين والإخوان، يطفو على السطح، فالإسلاميين يقولون إنه ليس لديهم الاستعداد لأن يتنازلوا عن مبادئهم الدينية، أو أن يتصارعوا من أجل السياسة، خاصة أنهم لا يؤمنون بفكرة المعارضة من أجل المعارضة.
ولذلك زادت الدعوات التي تحث على الوحدة وطرح الخلاف، والنظر إلى مساحة المشترك، وأيضا تلك التي تنادي بممارسة سياسية غير بعيدة عن روح الإسلام ومبادئه.
وتبنى عدد من الرموز والقيادات الدعوية فكرة توحيد الجهود، وكان على رأس هؤلاء الشيخ محمد حسان، والقياديين عبود وطارق الزمر، وغيرهم الكثير من كافة ألوان الطيف الإسلامي.
وجاء توافق بين الإسلاميين تجاه الكثير من القضايا والأحداث، في أعقاب الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والحفاظ على المادة الثانية من الدستور، ومعركة هوية مصر الإسلامية، ومليونيه الـ 29 من يوليو 2011، والموقف من قضية المبادئ فوق الدستورية، والانتخابات الرئاسية، ووضع الدستور، وغيرها من المواقف الكثيرة.
لكن في الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة لم يوفق الإسلاميون في تشكيل تحالف انتخابي واحد يجمع أحزابهم، بعدما اختار "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، تشكيل التحالف الديمقراطي مع عدد من القوى والأحزاب غير الإسلامية، وخاض السلفيون الانتخابات من خلال "تحالف من أجل مصر"، وهو التحالف المكون من أحزاب النور، والأصالة، والبناء والتنمية، والإصلاح.
لكن بالرغم من ذلك خرجت تصريحات من الجانبين ترغب في اتفاق بين "الدعوة السلفية"، "وجماعة الإخوان" على التزام الآداب الإسلامية في المنافسة الانتخابية، بحيث يكون تنافسا شريفا، وهو ما صرح به ياسر برهامي، قائلا: نحن جميعا يحكمنا شرع الله سبحانه وتعالى، والمفروض أن الأمر بيننا يبنى على قوله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"، وأضاف: هذا نقوله للإخوة عندنا حتى لو لم يلتزم به الإخوان.
ومن جهته، دعا الشيخ محمد حسان مؤيدي "الحرية والعدالة"، و"النور" إلى التآخي لنصرة شريعة الله.
بعد انتهاء العملية الانتخابية، وفي أعقاب دخولهم إلى البرلمان، بدأ الاختلاف السياسي والتوجه، يظهر من خلال مواقف وأحداث عديدة، بداية من اليمين الدستوري داخل البرلمان، الذي ذيله السلفيون بعبارة "بما لا يخالف شرع الله"، مرورا بحادثة رفع الآذان داخل المجلس، حتى الاختلاف حول النص على الشريعة الإسلامية في الدستور، والموقف من إقالة حكومة الجنزوري قبل الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من أن السلفيين كانوا الحلفاء الأقوى للإخوان، وبالأخص أثناء اعتصامي، رابعة العدوية ونهضة مصر، حيث كان السلفيون يشكلون العدد الأكبر في اعتصام "النهضة"، في محاولة منهم للانفراد بالحياة السياسية عقب الاطاحة بالإخوان، وبالرغم أيضا من أن معظم المظاهرات التي خرجت عقب الإطاحة بمرسى، معظمها شخصيات سلفية، إلا أن السلفيون أعلنوا تأييد الرئيس السيسي، في محاولة منهم لكسب النظام الحالي والعودة بقوة إلى الحياة السياسية من خلال البرلمان القادم.
ومع أن الإخوان كانوا يسيرون على منهج "السمع والطاعة" ولا جدال في آرائهم ولهم قيادي واحد، وأن السلفيون على العكس تمامًا فهم يرون أن كل قيادي سلفي هو شيخ نفسه، وآرائهم منفردة، إلا أنهم يدركون أن الشعب الذى أطاح بالإخوان لن يقبل مثيل أخر كالسلفيين.
مستقبل مجهول

من خلال المشهد الآن، نرى أن الأمر يتجدد مرة أخرى قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيبدو أن الإخوان يدركون خطورة الوضع الراهن، ويحاولون إثارة الجدل والتشكيك في السلفيين، كما ذكر الكاتب الصحفي، عبد الرحيم على، في برنامجه "الصندوق الأسود"، أن الإخوان دائمًا كانوا يكيلون الاتهامات للسلفيين، واصفين إياهم بعملاء أمن الدولة وحزب الزور وحزب الظلام، وأن الإخوان لم يكفوا عن مهاجمة السلفيين على الرغم من أنهم عقدوا الكثير من التفاهمات السياسية معهم ، في عهد المخلوع "مرسي"، صحيح أن الاخوان لم يلتزموا بأغلب تلك التفاهمات، في ظل الرغبة في الانفراد بالسلطة وتهميش الاخرين ،حتى الحلفاء، وصحيح ايضا ان التيار السلفي كان ظهيرا ومناصرا للإخوان في اعتصامي النهضة ورابعة، وفي الاحتشادات والتظاهرات التي اعقبت الاطاحة بمرسي وفض الاعتصام ، ولكن جرى في النهر بعد ذلك ماء كثير، ليصل الطرفان لمرحلة الاختلاف والمخالفة والتلاسن والتشهير.
أصبح الآن مستقبل السلفيين في النزول المباشر للحياة السياسية كما يخططون مجهول وبالأخص في ظل رفض الشعب لتجربة فصيل اسلامي ،نسبيا اقل تشددا منهم،أي الاخوان، فهل الشعب الذى أطاح بالإخوان سيقبل بالسلفيين في الحياة السياسية؟