(الشيخ الثامن والعشرون للجامع الأزهر).. علي الببلاوي
الخميس 14/يوليو/2016 - 12:15 م
طباعة
الشيخ الثامن والعشرون
المشيخة: الثامنة والعشرون
مدة ولايته: عام واحد
من (2 ذي الحجة 1320هـ -1904م ) إلى (9 محرم 1323هـ - 1905م) المذهب : المالكي
الوفاة: 3 ذي القعدة 1323 هـ 1905م
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة)... باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر
هو علي بن محمد بن أحمد الببلاوي الإدريسي الحسني المالكي المولود 1835م الموافق شهر رجب 1251 هـ ونسبه إلى قرية ببلاو، وهي قرية تقع في شمال "سنبو" غربي بحر يوسف من أعمال (ديروط) بمحافظة أسيوط، ومن سلالة الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، وابن السيدة فاطمة الزهراء فهو ينتسب للبيت النبوي الكريم، توفي عن عمر يناهز 70 عاماً في 3 من ذي القعدة 1323هـ - 1905م وشُيِّعَت جنازته بعد الصلاة عليه في المسجد الحسيني، ودُفِنَ في بستان العلماء بمقابر المجاورين ليكون بذلك الشيخ الثامن والعشرون وللجامع الأزهر على المذهب المالكي وعلى عقيدة أهل السنة.
نشأته وتعليمه
نشأ في قريته ببلاو التي نُسِبَ إليها، وحفظ القرآن الكريم ثم قدم إلى القاهرة تمهيدًا للالتحاق بالأزهر، الذي درس به علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره وظهر نبوغه ورشحه أساتذته للتدريس بالأزهر الشريف والمسجد الحسيني؛ حيث ألقى دروسًا في شرح الكتب المقررة في مناهج العلوم.. صدر قرارٌ بتعيينه بدار الكتب المصرية لإعارة الكتب داخليًا وخارجيًا، وسافر للحجاز وأدَّى فريضة الحج عام 1281هـ والتقى بكثيرٍ من علماء المسلمين، ودرس التنظيم المكتبي، وشارك في تصنيف الكتب وفهرستها، كما اشتهر بالتصنيف، ثم تولى رئاسة دار الكتب وأصبح ناظرًا لها في 1299هـ، وكان دقيقًا منظمًا في عمله وأصبح نقيبًا للأشراف في 6 شوال عام 1312 هـ.. رشحه لذلك الشيخ حسونة النواوي وكان الشيخ حسونة النواوي رئيسًا لمجلس إدارة الأزهر قبل أن يكون شيخًا للأزهر ونظم النقابة تنظيمًا دقيقًا وضبط أوقافها ونظم مواردها ومصادرها، وكلَّ ما يتعلق بنفقاتها، وبنى ست دور من أموال الأوقاف ليستغل إيراداتها في النفقات المهمة، وصرف المستحقات في مواعيدها، وفاتحه المسئولون في ترك شياخة المسجد الحسيني؛ لأن منصب نقابة الأشراف يفوق هذا المنصب بكثير فرد عليهم الببلاوي قائلًا: "ألا إنْ كانت النقابة تمنعني من خدمة مسجد سيدنا الحسين فإني لا أقبلها"، وظل مباشرًا للمنصبين معًاً حتى 1320هـ.
فترة ولايته
تولى مشيخة الأزهر مدة تقارب عامًا، بدأت من 2 ذي الحجة 1320هـ -1904م شيخًا للأزهر، وعمل على إصلاح الأزهر الشريف بالتعاون مع الشيخ محمد عبده، ولكن تدخل الخديوي وحاشيته ضد إصلاح الأزهر، فقدم استقالته من المشيخة في 9 محرم 1323هـ- 1905م .
مواقفه
كان له العديد من المواقف السياسية حتى قبل توليه المشيخة؛ حيث عاش أحداث الثورة العرابية وشارك فيها، لكن من وراء الستار، وكانت صلته قوية بشاعر الثورة العرابية محمود سامي البارودي، وعندما تولى المشيخة وبدأ في عملية الأصلاح بالتعاون مع الشيخ محمد عبده تدخل الخديوي توفيق وحاشيته ضد إصلاح الأزهر، وكان يضيق ذرعًا بالشيخ محمد عبده مفتي مصر وعضو مجلس إدارة الأزهر، فأراد الخديوى أن يحمل الإمام الببلاوي ويجبره على معارضة الشيخ محمد عبده، وعرقلة جهوده في الإصلاح، ولكن الإمام الشيخ الببلاوي لم يستجب لرغبة الخديوي، وظل ملتزمًا بالحق، متعاونًا مع الشيخ محمد عبده، ووافق على كل مساعي الشيخ محمد عبده الإصلاحية، واستجاب له مع أنه يعلم أن هذا يغضب الخديوي، وأنه قد يسلبه منصبه الكبير، كما أنه قد يسلب ولديه منصبيهما المهمين، فقام المغرضون بدسِّ الوقائع بين الشيخ، وبين الخديوي، وادعوا أن الشيخ محمد عبده هو صاحب القرار والسلطة على شيخ الأزهر، ولم يعد له من الرئاسة إلا اسمها، وأن الكلمة هي كلمة المفتي، ولما بلغ الشيخ الببلاوي ذلك قال: "إن الشيخ محمد عبده لا يريد إلا الإصلاح، فلا وجه لمعارضته"، وساءت الأحوال فضاق صدر الشيخ بما يحاك حوله، وبالعقبات التي توضع في طريق مناهج الإصلاح في الأزهر؛ ولهذا قدَّم الشيخ الببلاوي استقالته في 9 محرم 1323هـ- 1905م .
مؤلفاته
له العديد من المصنفات، منها:
1- الأنوار الحسينية.
2- رسالة في فضائل ليلة النصف من شعبان، وتوجد منها نسخة خطية مكتوبة في 1313هـ، وقد علق عليها ولده الشيخ السيد محمد برسالة سماها "عروس الفرقان في الحث على ترك البدع وشوائب النقصان على الرسالة الببلاوية بليلة النصف من شعبان".
3- إجازة منه للشيخ محمد بن حامد المراغي المالكي الجرجاوي أجازه فيها بما في "ثبت" الشيخ محمد بن محمد الأمير الكبير.
4- "إعجاز القرآن" وهي مجموعة مقالات نشرها في "روضة المدارس" وجمعها ابنه السيد محمود.
5- الأنوار الحسينية في شرح الحديث المسلسل "يوم عاشوراء" ونصه: "صيام يوم عاشوراء إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
الانتقادات الموجهة إلى عهد توليه المشيخة
يرى بعض المؤرخين أن 5 من أئمَّة الأزهر الشريف منهم الشيخ على الببلاوي قد شهد الأزهر في عهدهم حالة من الضعف تمثلت فيما يلي:
1- أنَّ منصب شيخ الأزهر في أيامهم قد ضعُف بعدما كان قويًّا مهابًا عزيز الجانب، وصار ألعوبةً في أيدي الحكَّام، يُقلِّدون مَن يشاءون المشيخة، وينتزعونها ممَّن يشاءون.
2- أنَّ مَن تولى منصب المشيخة منهم كان لا يطيقُ صبرًا على البقاء فيها لأسبابٍ ؛ فكانوا يستقيلون المرَّة تلو الأخرى، ويعتكفون في بيوتهم؛ رغبةً في التخفُّف من أعباء وهموم هذا المنصب.
3- أنَّ بعض المناصب في ذلك العصر كان لا يطولها العزل؛ مثل: عضوية مجلس الشورى، وعلى الرغم من أنَّ منصب مشيخة الأزهر كان أَوْلَى بهذه الحصانة وأحق.