(الشيخ التاسع والعشرون للجامع الأزهر).. عبد الرحمن الشربيني

الجمعة 29/مارس/2024 - 11:28 ص
طباعة (الشيخ التاسع والعشرون
 
الشيخ  التاسع والعشرون 
المشيخة : التاسعة والعشرون 
مدة ولايته : عامين 
من (12 محرم 1323هـ - 1905م) إلى (ذي الحجة عام 1325هـ 1907) 
المذهب : غير معروف 
الوفاة : عام 1334 هـ - 1926م
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة)... باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر
 هو عبد الرحمن الشربيني ونسبه إلى قرية شربين، وغير معروف تاريخ مولده وتوفى  عام 1334 هـ - 1926م، ليكون بذلك الشيخ التاسع والعشرون  للجامع الأزهر على المذهب المالكي  وعلى عقيدة أهل السنة. 
نشأته وتعليمه 
نشأ في قريته شربين التي نُسِبَ إليها ، وحفظ القرآن الكريم ثم قدم إلى القاهرة تمهيدًا للالتحاق بالأزهر، الذي درس به علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره وظهر نبوغه ورشحه أساتذته للتدريس بالأزهر الشريف وكان فاهمًا لمشكلات الدراسة والتدريس ويميل إلى دراسة أمهات الكتب والمتون ، وكان يحمل الطلبة على التعمق في أصول أمهات الكتب، ودراسة هذه المصنفات وكان الشيخ عازفًا عن الدنيا وزاهدًا فيها وكان مؤمنا بفكرة المحافظة على القديم مشفقًا على الأزهر من التطور "المذموم" فيهجر علوم الدين إلى علوم الدنيا. 
فترة ولايته
 صدر قرار بتولية الشيخ الشربيني مشيخة الأزهر في 12 محرم 1323هـ - 1905م، وأقام الخديوي بهذه المناسبة حفلا كبيرًا خلع فيه كسوة التشريفة على الإمام الشربيني، وألقى خطبة محتفيًا بالشيخ، قال فيها :
"إن الجامع الأزهر قد أسس وشُيِّدَ على أن يكون مدرسة دينية إسلامية تنشر علوم الدين في مصر وجميع الأقطار الإسلامية، وأول شيءٍ أطلبه أنا وحكومتي أن يكون الهدوء سائدًا في الأزهر الشريف، فلا يشتغل علماؤه وطلبته إلا بتلقي العلوم الدينية النافعة، البعيدة عن زيغ العقائد وتشعب الأفكار؛ لأنه مدرسة دينية قبل كل شيء".
ومن هنا يتضح مدى العداء الذي أضمره الخديوي لمحاربة رجال الإصلاح والتجديد في الأزهر الشريف، وأشاع بأن العلوم الحديثة جناية على الدين، وأن الإسلام يكرهها، وعندما وجد في الشيخ الشربيني عزوفًا عن الدنيا وزهدًا فيها، اعتقد أنه إذا تم إسناد مشيخة الأزهر إليه، سينشغل بزهده عن أمور المشيخة، وهذا يتيح له أن يبسط سلطانه على الأزهر، ويطلق يده في شئون الأزهر وطلابه، وقد مرض الشيخ الشربينى فترة أثناء توليه المشيخة وانتدب الشيخ شاكر للأشراف على الأزهر حتى تم شفاء الشيخ وتولى مهام منصبه.
مواقفه 
 باشر الشيخ عبد الرحمن الشربيني مهامه فحد من حركة الإصلاح والتجديد في الأزهر، وقف ضد إدخال العلوم الحديثة للأزهر، وذلك خوفا منه الأزهر وعلمائه وطلابه من بطش الحكام ، وقطع رواتب العلماء الطلاب الموقوفة عليهم، ومنع ترميم أبنية الأزهر، ومما يؤكد على ذلك أن الشيخ الشربيني كان زاهدًا في الدنيا معرضًا عن زخارفها، وإنه وقف ضد العلوم الحديثة اعتقادًا وخوفًا من أن يتهاون الطلبة في دراسة العلوم الدينية والعربية والتحقيق والبحث فيها، وكان يخشى أن تصرفهم العلوم الحديثة عن البحث في المصادر والأصول وتستنفد طاقاتهم، فلا يولون العلوم الشرعية واللغوية ما يستحقانها من اهتمامٍ وعنايةٍ ويصبح الأزهر مثل باقي المدارس التابعة لنظارة المعارف "وزارة التربية والتعليم حاليا".
 وظل متمسكًا بأن يبعد الأزهر عن أهواء الساسة والحكام، ومنع كل محاولات الخديوى  للسيطرة على الأزهر الشريف والاستيلاء على أوقافه وأمواله وشئونه من وراء ظهر الشيخ الشربيني، فأبى عليه ذلك، وقدَّم استقالته في ذي الحجة عام 1324هـ.  
مؤلفاته
ليس للشيخ الشربيني مصنفات ومؤلفات كثيرة، ولكنه كان متعمقًا في الدراسات الدينية، والمراجع القديمة، ومن مؤلفاته:
1- تقرير على حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع للسبكي في أصول فقه.
2- تقرير على حاشية ابن قاسم على شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري لمتن البهجة الوردية (بهجة الحاوي) وهي منظومة في الفقه الشافعي.
3- تقرير على حاشية "عبد الحكيم" على شرح السيالكوني على شرح القطب على الشمسية في المنطق.  
الانتقادات الموجهة إلى عهد توليه المشيخة 
 يرى بعض المؤرخين أن 5 من أئمَّة الأزهر الشريف منهم الشيخ عبدالرحمن الشربيني قد شهد الأزهر في عهدهم حالة من الضعف تمثلت فيما يلي:
1- إنَّ منصب شيخ الأزهر في أيامهم قد ضعُف بعدما كان قويًّا مهابًا عزيز الجانب، وصار ألعوبةً في أيدي الحكَّام، يُقلِّدون مَن يشاؤون المشيخة، وينتزعونها ممَّن يشاءون.
2- إنَّ مَن تولى منصب المشيخة منهم كان لا يطيقُ صبرًا على البقاء فيها لأسبابٍ ؛ فكانوا يستقيلون المرَّة تلو الأخرى، ويعتكفون في بيوتهم؛ رغبةً في التخفُّف من أعباء وهموم هذا المنصب.  
3- إنَّ بعض المناصب في ذلك العصر كان لا يطولها العزل؛ مثل: عضوية مجلس الشورى، وعلى الرغم من أنَّ منصب مشيخة الأزهر كان أَوْلَى بهذه الحصانة وأحق.

شارك