اتهامات متبادلة بين الرياض وطهران.. وسوريا تهدد مستقبل التوافق بين البلدين

الثلاثاء 14/أكتوبر/2014 - 05:58 م
طباعة اتهامات متبادلة
 
على الرغم من تناثر بعض الرؤى والأحاديث من وقت لآخر، حول توافق إيراني سعودي يظل هذا الامر مجرد تطلعات لم ترقَ إلى مستوى التفعيل، ويظل الخلاف جوهريًا بين البلدين حول قضايا بعينها، على رأسها مسألة سوريا، خاصة ًبعد قيادة السعودية مع الولايات المتحدة وغيرهما من الدول، التحالف الذي يسعى للقضاء على ما يسمى بـ" تنظيم دولة الخلافة" المعروف إعلاميا بـ" داعش"، والإصرار على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف طهران.
وزير الخارجية السعودي
وزير الخارجية السعودي
و جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي الأخيرة لتثير هذه الخلافات مرة أخرى، فقد صرح سعود الفيصل الاثنين بأن هناك تحفظًا على سياسة إيران في المنطقة، في كثير من هذه النزاعات، وأن إيران هي جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل.
وأضاف في تصريحاته : "في سوريا مثلا لديها قوات.. تحارب سوريين، في هذه الحالة، يمكننا القول إن القوات الإيرانية قوات محتلة في سوريا لأن النظام فقد شرعيته".
وقال: "إذا كانت (إيران) تريد أن تساهم في حل المشاكل في سوريا، عليها أن تسحب قواتها من سوريا".
وجاء رد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان رافضا ً لتصريحات الفيصل قائلا ً " إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الدولة الأهم في المنطقة التي تكافح الإرهاب، إيران تساعد حكومتي وشعبي العراق وسوريا على التصدي للإرهاب ضمن إطار القوانين الدولية".

صراع ممتد

حيدر العبادي
حيدر العبادي
قد ظل الصراع  في المنطقة بين السعودية وإيران صراعًا تاريخيًا، اتخذ شكله الظاهر وتبلور عقب اندلاع الثورة الإيرانية، حيث ظهر خطاب جديد في المنطقة وصف النموذج الإيراني بأنه نموذج الإسلام الثوري التقدمي في مقابل ما وُصف بالإسلام الرجعي أو الأمريكي في إشارة إلى النموذج السعودي، وكرد فعل لذلك فقد تبنت السعودية خطاباً معاديًا لإيران والشيعة لحماية نفسها من المد الثوري، وبدا هذا الخطاب كأنه يبرز خلافًا دينيًا، لكنه في الواقع ينطوي عن خلافات سياسية.
واتخذ هذا الصراع أشكالًا أخرى وصلت إلى تقسيم النفوذ وحرب بالوكالة في سوريا، فالسعودية كانت تساند المعارضة والجماعات المسلحة ضد بشار الأسد، بينما إيران تساند نظام بشار الأسد في مواجهة المعارضة.
وتبدى هذا الصراع بشكل كبير في العراق وأزمتها الأخيرة بعد اجتياح داعش لها، حيثُ لم تحرك السعودية ساكنا تجاه هذا الاجتياح  في بداية الأمر بل وذهبت بعض التحليلات لتقول بأن هناك دعمًا سعوديًا لهذا الاجتياح، بينما تمسكت إيران بنوري المالكي رئيسا للوزراء والمعروف أن السعودية كانت تريد عزله طوال الوقت.
لكن بعد  تكليف حيدر العبادي لرئاسة الوزراء في العراق أعيد الكلام حول وجود توافق سعودي إيراني تركي قبل اختياره،  وقد عبّرت إيران عن دعمها لعبادي على لسان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، في أول تصريح إيراني يشير بوضوح إلى القبول بهذه المعادلة الجديدة.
كذلك رحّبت السعودية وجامعة الدول العربية بتسمية العبادي عبر برقية تهنئة، أرسلها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أكد فيها على ضرورة "المحافظة على وحدة العراق، وتحقيق أمنه واستقراره وإنمائه وعودته إلى مكانته في عالمه العربي والإسلامي"، وقد أيدت بعض المصادر اللبنانية هذا التحليل، مؤكدةً أن الحوار بين طهران والرياض وضع على الطريق.

تقارب بحذر

وزير الخارجية الإيراني
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان
و قد أُثيرت بعض التحليلات التي تقول بأن هناك تشجيعًا غربيًا للحوار السعودي ـ الإيراني خاصة في ضوء التفاهم النووي بين إيران والدول الست الكبرى "دول مجلس الأمن إلى جانب ألمانيا"، وفي ظل  الاقتراب من  حل شامل للملف النووي الإيراني، وترافق مع خطوات مدروسة وثابتة في اتجاه التقارب الإيراني- الأمريكي، وما قد يشكله من هلع لدول الخليج خاصة على المستوى الأمني وملء الفراغ الذي يحدثه الانسحاب التدريجي لأمريكا من المنطقة.
 ويبدو أن الدخول إلى نقطة الحوار السعودي الإيراني، تتمثل في إقناع السعودية بأنه ليس بمقدورها وضع شروط تعجيزية على الملف النووي الإيراني أو في القضايا الخلافية، وأيضا  في إقناع إيران بأنها وإن كانت في موقع قوة، خاصة بعد تفاهمها مع  دول الست، فإن هناك  حصارًا سنيًا من حولها ويتم استثارته بوسائل مختلفة، وأنه ليس بمقدور إيران وحلفائها الوقوف بوجه مليار مسلم سُني.

ملفات خلافية

جماعة الإخوان في
جماعة الإخوان في مصر
ومما لا شك فيه أن الحوار لن ينتج عنه توافق كامل في الملفات الشائكة الكبرى بين البلدين والتي تتمثل في " لبنان وسوريا والعراق وإخوان مصر"، ولكن سيتم الحوار بشكل جزئي على هذه القضايا.
وتبدو قضية مثل الخلاف حول تأييد جماعة الإخوان في مصر، قضية يمكن حلها بسهولة، فالسعودية قد تخلت عن تأييدها للإخوان بل وأعلنت وقوفها جوار السلطة المصرية الجديدة، أما إيران التي تضع قدمًا في معسكر الإخوان وأخرى في معسكر السلطة المصرية، فإنها من السهل التخلي عن الجماعة خاصةً أن تأثير الجماعة أصبح شبه ميت في مصر والمنطقة ككل.
أما القضية العراقية بدا أن هناك توافقًا بشكل ما حول أن يكون على رأس السلطة رئيس وزراء شيعي، بينما يعطى نفوذًا بشكل أكبر للسنة، مع استقلال الأكراد وهو ما ستشهده الأيام المقبلة، خاصة  مع مباركة أمريكية لهذا السيناريو.
ولكن في قضية اليمن والبحرين فإن السعودية ستكون حاسمة جداً بشأنهما ولن تسمح بتمديد أي نفوذ ايراني داخلهما، لأن ذلك معناه ضرب العمق الاستراتيجي للسعودية.
ويبدو أن القضية السورية ستكون الأصعب في النقاش والتفاوض بين البلدين، فإيران متمسكة بشكل قوي ببشار الأسد، وهو ما تراه السعودية عائقًا تخطى حدوده مع المملكة وهدد مصالحها في المنطقة، لكن مع التوسط الأمريكي والضغط الروسي، هل سيتم التوصل لحل يسعى إلى خروج آمن للأسد مع القضاء على نفوذ "دولة الخلافة " داعش، خاصةً بعد تخطيها الحدود وتنامي نفوذها في المنطقة ككل؟! هذا ما ستظهره الأيام المقبلة.

شارك