ضربات الجيش المصري الاستباقية تقضي على زعيم جديد لأنصار بيت المقدس
السبت 06/أغسطس/2016 - 12:55 م
طباعة

تضع القوات المسلحة المصرية في اولويات استراتيجيتها في مواجهة الإرهاب وجماعاته التكفيرية "الضربات الاستباقية" التي تعد أحد أهم الوسائل في إجهاض العمليات الإرهابية قبل تنفيذها وهو الأمر الذي ساعد في تنفيذ ضربة استباقية ناجحة أسفرت مقتل زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء وتدمير عدد من مخازن الأسلحة والذخيرة .

وكشف بيان للمتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنه بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة من القوات المسلحة، قامت قوات مقاومة الإرهاب بالتعاون مع القوات الجوية بتنفيذ عملية نوعية استهدفت خلالها توجيه ضربات دقيقة ضد معاقل تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي بمناطق جنوب وجنوب غرب مدينة العريش، وتمكنت خلال هذه الضربات من قتل زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي المدعو (أبو دعاء الأنصاري) وعدد من أهم مساعديه وتدمير مخازن الأسلحة والذخائر والمتفجرات التي تستخدمها تلك العناصر، بالإضافة إلى مقتل أكثر من (45) عنصرًا إرهابيًّا وإصابة العشرات من التنظيم وتأتي هذه العمليات الناجحة في إطار تعهدات القوات المسلحة بالثأر لشهدائنا الأبرار والإصرار على تعقب وملاحقة كافة العناصر الإرهابية وقياداتها أينما وجدوا وحتى تنعم مصر وشعبها العظيم بالأمن والاستقرار.
ويعد أبو دعاء الأنصاري، واحدًا من أبرز قادة تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، الذي أعلن مبايعته لتنظيم داعش، والمسئول عن التواصل بين أنصار التنظيم وعناصر داعش في ليبيا، ورغم ندرة المعلومات عنه، إلا أنه في وقت سابق، وتحديدًا يوم ١٣ فبراير الماضي أكدت المعلومات الاستخبارية أن المدعو محمد فريج زيادة، من قبيلة السواركة، هو الزعيم الفعلي، لجماعة بيت المقدس، وأن القوات هاجمته في مقر إقامته بمزرعة بالمدينة، إلا أنه فر، وتبين حينها أنه شقيق مؤسس التنظيم توفيق فريج زيادة، الذي قتل في حادث بالفيوم، بعد انفجار قنبلة حرارية كان أعدها لتفجير أحد الكمائن الشرطية.

وأكدت مصادر أمنية أن «أبو دعاء الأنصاري» و«محمد فريج زيادة» هما اسمان لشخص واحد، وهو زعيم المجموعات المسلحة بمدينة العريش، مؤكدة أن أبو أسامة المصري، هو المشرف العام على التنظيم وأن الجماعات الإرهابية دائما ما تلجأ إلى استخدام أسماء حركية لعناصرها للابتعاد عن الملاحقات الأمنية، وهو أسلوب متبع في كل الحركات الإرهابية، وهو ما يؤكد أن «أبو دعاء الأنصاري» ليس الاسم الحقيقي لزعيم تنظيم بيت المقدس الذي تم تصفيته خلال الساعات الماضية، وأنه اسم تم اختياره له بعد انضمامه للتنظيم وتولى «الأنصاري» زعامة التنظيم في سيناء، ليكون المسئول عن العمليات الإجرامية التي أعلنها التنظيم خلال الفترة الأخيرة.
يعتبر أنصار تنظيم بيت المقدس أبو دعاء الأنصاري، خليفة زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، والتي يطلق عليها اسم «ولاية سيناء» بمصر، وهو واحد من القيادات الجديدة التي صعدها التنظيم بعد مقتل معظم وجوهه القديمة والمعروفة إعلاميًا، خاصة أن المطاردات المستمرة من قبل قوات الأمن أجبرت التنظيم على اختيار قيادات جديدة الذين يتواجدون في سيناء منذ بِدء العمليات الإرهابية، وينتقلون بين الحين والآخر إلى ليبيا، لتنفيذ عمليات للتنظيم، بجانب العمليات الإرهابية في سيناء.

وتأتي عملية التصفية التي تصنف كـ"نوعية" بعد يومين فقط من إصدار "لهيب الصحراء" الصادر عن "بيت المقدس" ووردت في مقطع الفيديو البالغ 35 دقيقة، مؤشرات على تراجع قوة التنظيم وعملياته في سيناء بالمقارنة بالعمليات التي كان ينفذها فور إعلان "البيعة"، إذ كان يستهدف وقتها كمائن للجيش فيما جاء إصدار "لهيب الصحراء"؛ لتجميع عمليات التنظيم في الشهور الأخيرة وبتصنيف هذه العمليات تجدها لا تخرج عن استهداف دبابة أو مجند دون الإشارة إلى عملية كبيرة منظمة، ما اعتبره محللين كانحصار لقوة التنظيم وتفوق ملحوظ لعمليات الجيش.
وقال الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنها خطوة مطلوبة استهدفت زعيم "بيت المقدس"، كما أنها قاسمة للتنظيم الإرهابي، موضحًا أنها البداية التي ستستأنف بتصفية باقي أذرع التنظيم في سيناء وأن العملية تكشف عن نجاح القوات المسلحة في اختراق التنظيم، وقدرتها على جمع المعلومات عن أماكن اختباء قياداتها، ما يعني إن سقوط التنظيم كليًا بات وشيك.
واستبعد أن يدعم "داعش" في سوريا والعراق "بيت المقدس"، قائلًا: "هم يستخدمون التكتيك القاضي باستقلال الفروع عن القاعدة، بمعنى أن الفرع يعمل وفقًا لظروف البيئة المحلية الخاصة به ثم إن تنظيم "داعش" يواجه صعوبات في سوريا والعراق، هو يريد أصلًا المساعدة فكيف نتوقع أن يقدم هو المساهد للأفرع ومن المتوقع قيام التنظيم بعمليات كبرى في سيناء كرد على اغتيال "الأنصاري"؟ لكنها لن تتعدى تلك التهديدات إلى التنفيذ.

واعتبر رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة، تصفية الجيش لزعيم تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي المدعو أبو دعاء الأنصاري، ضربة قوية ومتميزة لرأس الإرهاب في سيناء ودليل نجاح متراكم، فلم يكن ليتم اغتيال هذا الرجل لولا عمليات صادقة ونوعية، وبالتالي هو نتاج عمليات وقعت على مدى طويل وأن الإرهاب في سيناء لا يرتبط بشخص قائد للإرهاب ولكن بتوفير البيئة الحاضنة للإرهاب، وأن سيناء تعتبر رقعة مغرية؛ لذا يجب وضع استراتيجية تنموية وحوارية لها بجانب الاستراتيجية العسكرية.
وتطرق مدير المركز، إلى رد فعل تنظيم "داعش" الإرهابي على خطوة تصفية زعيمه في سيناء، قائلًا: "أنا أعتقد أن هناك ترابطًا تنظيميًا قويًا بين داعش في سوريا والعراق وبين داعش في سيناء وصل إلى حد الدعم بالرجال والسلاح وليس بالإعلام فحسب وهناك ترابط كشفت عنه وثائق تم العثور عليها من قبل القوات المسلحة؛ لذا نحن أمام ترابط تنظيمي يجعلنا نتصور أن تسعى "داعش" لمد فرعها في سيناء بعناصر أو سلاح لمساعدته في كبوته".
وقال اللواء نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية: إن الجيش المصري مستمر في عملية "حق الشهيد" بسيناء، وسقفها الزمني هو تطيهر سيناء بالكامل من الإرهاب، مشيرة لوجود عناصر الاستطلاع والمخابرات التي لا تتوقف عن جمع المعلومات على مدى الساعة وأن توافر المعلومات يليه توجه الأسلحة لمكان تجمع الإرهابيين كلمة السر في نجاح العملية، حيث تهاجم القوات الجوية ثم تمشط القوات البرية المنطقة بالكامل، وأن مقتل زعيم التنظيم لن يوقف العمليات الإرهابية لوجود صف ثاني وثالث ولكن حتى يتم ترقية زعيم بنفس المستوى سيكون قد مر كثير من الوقت وتدمير التنظيم.

فيما اهتمت الصحف العالمية مقتل زعيم تنظيم "أنصار بيت المقدس" أبو دعاء الأنصاري؛ حيث علقت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية قائلة: "إنه يمثل انتكاسة كبرى للمسلحين في شبه الجزيرة وإن اسم أبو دعاء الأنصارى ليس معروفًا على نطاق واسع، ولم يتم ذكره من قبل كزعيم للجماعة المسلحة في سيناء، ورجحت أن يكون هذا الاسم مجرد لقب كما هو معتاد في الجماعات الإرهابية، وهذه الأسماء عادة ما ترتبط بالمدينة أو البلد الذي ينحدر منه المسلح أو المكان الذي تبناه كوطن له، وإن البيان لم يقدم العدد الإجمالي للقتلى، ولم يحدد مكان العملية، إلا أن مسئولين عسكريين على اضطلاع بالأمر، قائلا: إن الأنصاري ومساعديه قتلوا في ضربة جوية استهدفت منزلا وسط مزارع الزيتون جنوب العريش، ولفتت إلى أن الصور التي قدمها الجيش للضربة تؤكد ما قاله المسئولان اللذين تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة عملية حساسة.
كما نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية صور الضربات الجوية لمواقع الجماعة جنوب العريش، التي نشرها المتحدث العسكري، الذي قال إنها وُجهت على أساس معلومات استخباراتية دقيقة ونقلت الصحيفة عن "اتحاد أبحاث وتحليل الإرهاب" أن عدد أعضاء التنظيم غير معروف، ولكنه يضم ما بين مئات إلى آلاف قليلة من المسلحين، وأن أغلبهم من القبائل البدوية، ولكن لديهم أيضًا أعضاء من المحافظات الأخرى وخارج مصر.

ونقلت "فوكس نيوز" الأمريكية عن مصادر استخباراتية أن أبو دعاء الأنصارى يعد العقل المدبر لإسقاط الطائرة الروسية، التي أودت بحياة 224 راكبًا، معظمهم من الروسيين، في نوفمبر 2015م وأنه كان مسئولًا عن أنشطة التنظيم الإرهابي في المنطقة، بما فيها هجمات ضد القوات التابعة للأمم المتحدة في سيناء، وكان مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن القوات المسلحة المصرية دائمًا ما تضع في أولويات استراتيجيتها في مواجهة الإرهاب وجماعاته التكفيرية "الضربات الاستباقية" التي تعد أحد أهم الوسائل في إجهاض العمليات الإرهابية قبل تنفيذها، وهو الأمر الذي ساعد في تنفيذ مقتل زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء أبو دعاء وتدمير عدد من مخازن الأسلحة والذخيرة .