حل حركة «الشباب المسلم».. هل ينهي وجود الإرهاب في مخيم عين الحلوة؟

الأربعاء 17/أغسطس/2016 - 01:14 م
طباعة حل حركة «الشباب المسلم»..
 
جاء إعلان حركة «الشباب المسلم» في عين الحلوة عن حلّ نفسه، الثلاثاء 16 أغسطس، رسالة لكل الكيانات السلفية المتشددة أو الوليدة في المخيم الذي شهد عددا من الصراعات بين الجماعات المتطرفة والتي اثرت بشكل كبير علي سكاني المخيم من اللاجئين الفلسطينيين.

حل «الشباب المسلم»

حل «الشباب المسلم»
وقد أعلنت حركة «الشباب المسلم» الذي يضم عددًا من العناصر والتيارات المتشددة في مخيم عين الحلوة في بيروت، الثلاثاء 16 اغسطس2016،  حلّ نفسها، معللةً ذلك إلى مصلحة المخيم وأن الغاية من التجمع انتفت وكي لا يستغل لمآرب أمنية.
وأشار "الشباب المسلم" في بيان لها، إلى أن الخطوة تهدف إلى "الحفاظ على أهلنا وأعراضنا في المخيم ومنع أيِ فرصة من أيِ جهة تستغل هذا الاسم من أجل مآرب سياسية دنيوية لا تخدم الا المتربصين بنا".
وحركة  «الشباب المسلم» ظهرت في النصف الأول من 2015 بعد دمج مسلحي «جند الشام» و«فتح الاسلام» في التنظيم، وهما تنظيمان يضمان رموزا متورطة بعمليات ارهابية، فان هذه القوى تتعامل مع بقية الفصائل من باب الندية، وهي لا تتورع عن خوض اي اشكال او اشتباك مع حركة «فتح»، لمعرفة بالظروف التي تحكم عمل الحركة التي تبتعد في كل مرة عن خوض معركة عسكرية حاسمة مع هذه المجموعات.
وضم تنظيم «الشباب المسلم» قادة ورموزا من المتطرفين الاسلاميين، وهم من بلال البدر وأسامة الشهابي وزياد أبو النعاج وجمال حمد وهيثم ومحمد الشعبي ورامي ورد وعدد من أتباع الشيخ المعتقل أحمد الأسير، واوكلت لاسامة الشهابي مسؤولية النطق باسمه.
وكان نهج "الشباب المسلم" متاثرا بفكر ومنهج تنظيم القاعدة حيث يقول اسامه الشهابي امي التننظيم، أن  تنظيم «القاعدة» هو أكبر وأوسع من تنظيم، لقد أصبحت «القاعدة» فكراً ومنهجاً وعقيدة، نلتقي معهم على الكتاب والسنة، فالجميع يدور مع الحق كيفما دار، فلله الحمد والمنّة أنّ تنظيم «القاعدة» مُتبع للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ونحن نتشرّف بانتمائنا الفكري لتنظيم «القاعدة»، و«القاعدة» تقول بإقامة خلافة إسلامية في الأرض، وقتال المشروع الصهيو-صليبي العالمي، وهذا مشروعنا، كذلك ورفع الظلم عن المسلمين والمستضعفينن بحسب تصريحاته.
وارتبطت تنظيم «الشباب المسلم» لوقت طويل بأي حديث له علاقة بالخلايا النائمة، التي لا تزال تشكل خطرًا على لبنان وإن استيقظ كثيرون من أفرادها في أكثر من منطقة وهم أصلًا لم يكونوا نيامًا، فيما بقي "الشباب المسلم" تحت المرصد ليشكلوا إمارة لم تكن لتقتصر فقط على أمراء المجموعات الإرهابية في الشمال والبقاع والجرود أيضًا.
وقد وجهت اتهامات الى حركة «الشباب المسلم» في السنوات الماضية بتنفيذ عمليات اغتيال في المخيم وفرض نفسه كلاعب أساسي على الأرض في مواجهة «فتح» وتشكيلات فلسطينية أخرى محسوبة على خط المقاومة.
وبحسب المعلومات فإن المجموعات المسلّحة المنتمية الى «الشباب المسلم» وعديدها لا يتجاوز الـ 200 عنصر يتوقع أن تنضم الي القوى الاسلامية داخل المخيم ومنهم "عصبة الانصار" و"الحركة المجاهدة" و"حماس" ، لحماية نفسها من أي انتقام محتمل، وقررت مجموعات أخرى أن تستمر بولائها إلى الشيخ أسامة الشهابي والذي كان مسؤول جبهة النصرة في المخيم.
وقد سيطرة«الشباب المسلم» خلال صراعها مع «فتح»، علي العديد من الاحياء في مخيم عين الحلوة حيث كان سيطرة في يوليو 2015 علي 5 احياء من خلال التمدد الى الجوامع والاقامة والصلاة فيها ليلا ونهارا.

خريطة التنظيمات:

خريطة التنظيمات:
مخيم الحلوة يشغل مساحة كيلو متر مربع واحد ويسكنه حوالى 70ألف فلسطينى ينتمون لكل الفصائل الفلسطينية ،كما أن عين الحلوة من أكبر المخيمات الفلسطينية فى لبنان الذى يضم 12مخيما للفلسطينيين بها حوالى 450ألف فلسطيني، ويحاط عين الحلوة بأسوار وبوابات تحت سيطرة الجيش والقوى الأمنية اللبنانية بحيث لايخرج منه ولايدخله أحد إلا بمعرفة وتصريح الجيش اللبناني.
وتتشابك خريطة سيطرة المسلحين بتشعب عين الحلوة وتداخل أزقته وأبنيته على مساحة كيلومتر مربع واحد هي مساحة المخيم الإجمالية. نحو 20 فصيلا وتنظيما، مثل «فتح» و«الديمرقراطية» و«الشعبية»، و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وفصائل «منظمة التحرير»، بالإضافة إلى «عصبة الأنصار» و«الحركة المجاهدة». وعلى الضفة الأخرى، نجد تنظيمات من «جند الشام» و«داعش» و«النصرة» و«الشباب المسلم»، ولا بأس بمجموعات لا يزيد عديدها عن عشرة مسلحين تجدهم يسيطرون ربما على زاروب واحد، لكنهم يبايعون تنظيمات أكبر حجماً وبطشاً.
وتسيطر «حركة فتح» على نحو خمسين في المئة من المخيم، ولديها رسميا نحو ألف مسلح، منقمسين بين منير المقدح، و «اللينو» (محسوب على محمد دحلان)، مروراً بصبحي أبو عرب، مسؤول الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، وصولاً إلى أبو أشرف العرموشي، مسؤول الأمن الوطني في صيدا. ومن المفترض أن يمسك بكل هؤلاء فتحي أبو العردات، مسؤول الساحة اللبنانية في السلطة الفلسطينية.
وتتوزع «السيطرة» ضمن منطقة «فتح» على مناطق المقدح في أحياء بستان القدس والمنشية والملعب على حدود مخيم الطوارئ حيث «جند الشام» التي تحوّل معظم عناصرها إلى «الشباب المسلم».
وتمتد منطقة «فتح اللينو» في حي الزيب والبراكسات (مع أبو عرب) وفي الصفوري إلى حطين ومن فوقه «جبل حليب» امتدادا إلى حاجز درب السيم لـ «الأمن الوطني ـ فتح» ومسؤوله صبحي أبو عرب. ليس حي «حطين» صافيا لـ «فتح». ففيه أيضاً «داعش» و «النصرة» و «الشباب المسلم» و«عصبة الأنصار». وتتداخل سيطرة أبو عرب في «البراكسات» أيضاً. وفي حي «الزيب» هناك «فتح» الأمن الوطني (أبو عرب) وفتح «اللينو».
بعد «فتح» تأتي «عصبة الأنصار» التي يتزعمها حالياً أبو طارق السعدي، بعدما اختفى أميرها «أبو محجن» منذ عقدين من الزمن. تتميز «العصبة» بتماسكها وبالأعمار الشابة لعناصرها (نحو 250 مسلحاً)، وبانتهاجها «فقه الواقع» وهو أشبه بالسياسة الواقعية، وهو ما جعلها تصنف «معتدلة». ويتمحور حضورها في أحياء الصفصاف والطوارئ وجزء من «الزيب» شمالا على حدود نفوذ المقدح.
مع ظهور «داعش» و«النصرة» و«الشباب المسلم»، بدأ عناصر من المجموعات الإسلامية مبايعتها. وعليه ترسو الخريطة حالياً على عماد ياسين الذي انتقل من «العصبة» إلى «جند الشام» ومن ثم التحق بـ «داعش». يعتبر ياسين الأخطر بين مبايعي «داعش» لاتصاله المباشر بالرقة وبمسؤول العمليات الخارجية في «داعش» «أبو خالد العراقي» الذي خطط لتفجيرات الكرادة ومطار أتاتورك. وبرغم قوة ياسين، إلا أن جمال الرميض الفارس، ولقبه «الشيشاني»، يعتبر أمير كل مبايعي «داعش» في عين الحلوة.
ويفرّق سكان المخيم بين التنظيمات الإرهابية التي استجدت بعد الحرب السورية والفلسطينيين النازحين من سوريا. لا يظلمون الأخيرين بالقول إنهم هم من أتوا بـ «داعش» و النصرة» و «الشباب المسلم». «الوقود البشري» للإرهاب أساسه شبان من المخيم «وليس من الفلسطينيين القادمين من سوريا» على حد تعبير أحد الناشطين في المخيم. يذهب الرجل أبعد من ذلك للقول إن بعض القوى في المخيم تستغل هؤلاء النازحين فتوظفهم كعسكر براتب مئة دولار، أو مقابل السكن فقط.

الصراع في المخيم:

الصراع في المخيم:
ونتيجة لكل هذه الجماعات والتنظيمات، شهد مخيم عين الحلوة صراع بين حركة «الشباب المسلم» وعددا من التنظيمات داخل المخيم في مقدمتها «حركة فتح»، فقد شهدن عام 2015 العديد من الاشتباكات بين«الشباب المسلم» و«حركة فتح»، واستخدموا في صراعهم القذائف الصاروخية وال 23 ملم و14 ونصف والبيكيسيه والكلاشنكوف والقذائف اليدوية.
ونتيجة للصراع الدموي في المخيم، وتخوفا علي حياة اللائجين الفلسطنيين، وعلاقة المخيم بالدولة اللبنانية، شهد مارس 2016 عقد لقاء مصالحة بين حركة "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" في قاعة الاسدي في الشارع التحتاني داخل مخيم عين الحلوة، تلبية لدعوة من لجان احياء المنشية وعرب زبيد، بهدف طمأنة الاهالي وتتويجا لسلسلة من اللقاءات للجان الاحياء والقواطع في ما بينها وبين اللجان والحركة والتجمع والقوى الاسلامية.
وشارك في الاجتماع قائد الامن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب وقائد القوة الامنية الفلسطينية في المخيمات اللواء منير المقدح وقائد القوة الامنية في عين الحلوة العميد خالد الشايب وعن الشباب المسلم الشيخ جمال حمد، في حضور ممثل القوى الاسلامية الشيخ جمال خطاب، ممثل "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ ابو شريف عقل، ممثل حركة "حماس" في منطقة صيدا ابو احمد فضل، ممثل "انصار الله" ابراهيم ابو السمك وممثلون للجان الاحياء والقواطع في المخيم.

تراجع «الشباب المسلم»

تراجع «الشباب المسلم»
وبحسب تقارير اعلامية، فان العديد من الاسباب ادت الي حل تنظيم  الشباب المسلم في مقدمتها طبيعة تعامل الجخزة الامنية الللبنانية مع الموقوفين، والعفو عن الكثير منهم ممن تخلي عن السلاح، فقد قدم الجيش اللبناني تسهيلات لكل شخص يرغب بتسليم نفسه. وقام بتفكيك الكثير من الألغام في وجههم، وذلك ما ساهم ببناء نوع من الثقة مع المؤثرين والفاعلين من الأمنيين والسياسيين في مخيم عين الحلوة ومن فصائل وقوى إسلامية ووطنية بهدف وصول هذا الملف إلى النتيجة التي وصل إليها.
 وكذلك تراجع زخم الجماعات الارهابية "داعش" و"جبهة النصرة" في سوريا، في ظل الحرب العاليمة ضد الارهاب.
ومن الأسباب التي ساهمت بفرط «الشباب المسلم » الاستنفار الذي قاده السلفي المتشدد بلال بدر باسم «الشباب المسلم» بوجه «حركة فتح» الفلسطنية احتجاجا على شطب اسماء ثمانية عناصر محسوبين عليه من قيود المحاسبة التابعة لـ«فتح» وهم من افراد عائلته ومسجلين على اسم جبهة حليفة لـ «فتح».
وكاد الاستنفار يتسبب بمعركة بين «فتح» و«الشباب المسلم» لولا تدخل «امير اسباب المسلم» الشيخ اسامة الشهابي و«عصبة الأنصار» و«الحركة الاسلامية المجاهدة» لسحب المسلحين من الطرق.
وتبين أن بلال بدر اتخذ قرار الاستنفار بنفسه من دون العودة إلى الشيخ الشهابي. وشكّل هذا القرار عود الثقاب الذي اشعل فتيل خلافات حادة بين الرجلين افضت الى قرار اتخذه الشهابي بحل التجمع وصدر البيان بهذا الخصوص.
وختاما فإن قرار حل حركة «الشباب المسلم» تمثل تطورا ايجابيا  في أمن وسلامة المخيم، وتفتح الطريق أمام الجماعات المتشددة الاخري في التخلي عن السلاح، والالتزمام بقوانين الدولة اللبنانية.

شارك