مساعي "الحشد الشعبي" لدور سياسي.. استنساخ لتجربة حزب الله وجماعة الحوثي
الأحد 28/أغسطس/2016 - 07:49 م
طباعة

بدا أن ميليشيا "الحشد الشعبي" الشيعية في العراق والمدعومة بقوة من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا تسعى إلى حصر عملها على خوض المعارك والقتال ضد تنظيم "داعش" على الأرض وفقط، إنما تسعى إلى الانتقال إلى العمل السياسي عبر خوض انتخابات المحافظات والبرلمان، الأمر الذي يُعيد إلى الأذهان الفكرة التي قامت عليها ميليشا "حزب الله" اللبناني الذي يلقى هو الآحر دعماً لوجستياً من قبل إيران. للمزيد عن تنظيم الحشد الشعبي (تأسيسه وأهدافه وعلاقاته بإيران.. يمكن الرجوع للدراسة المنشورة في موقع الحركات الإسلامية ...... اضغط هنا
فميليشيا حزب الله، قبل أن تكون حزباً سياسياً يمثل رقماً صعباً في المعادلة اللبنانبة الداخلية، كان جماعة مُسلحة لعبت دوراً بارزاً في قتال الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير أراضي الجنوب، إلا أن إيران لعبت على معتقدات حزب الله الشيعية الإثنى عشرية، وأخذت تحاول التقارب مع "حزب الله" حتى أصبح الحزب أحد أذرع إيران العسكرية في لبنان، الأمر لم يتوقف على ذلك النحو، فبدأ "حزب الله" في الانخراط في العمل السياسي والترشح على مقاعد البرلمان وأخذ حصص في الحكومة.
الأمر كذلك تكرر في اليمن إذ أن ميليشيا جماعة الحوثي المدعومة من إيران، بعدما أثبتت أنها قوة على الأرض، بدأت منذ 2000 محاولات الانفصال بجنوب اليمن، إلى الدرجة التي وصول فيها الأمر إلى القيام بعملية انقلابية على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

لذلك لايمكن النظر إلى خطوة "الحشد الشعبي" على انها بمنآي عما حدث في لبنان حينما سمحت الدولة بوجود ميليشيا مسلحة على أرضيه فظهر حزب الله وأصبح شبه منفصل بالجنوب اللبناني، وكذلك عما حدث في اليمن والدور الذي تلعبه ميليشيا جماعة الحوثي في في المشهد اليمني، ما يعني ان مساعي "الحشد الشعبي" الانخراط في العمل السياسي، هي استنساخ للدور الذي نشأت من خلاله ميليشيا حزب الله وجماعة الحوثي.
ومع كثرة النزعات الطائفية في العراق، تبدو خطورة خطوة الحشد الشبعي في الانخراط في العمل السياسي، إذ من المرجح زيادة تعقد المشهد العراقي مع دخول الحشد الشعبي المعترك السياسي، خاصة أن الحشد الشعبي وقع منه مجازر في حق أهالي المدن السنية التي دخلها الحشد أثناء قتاله "داعش".

وقد فسر مراقبون خطوة "الحشد الشعبي"، بأنها جاءت بإعاز من إيران، وأن الخطوة تستهدف الاستقواء بالحشد كونه قوة عسكرية كبيرة على الأرض من الممكن ان تُسخر تلك القوة في تمرير العديد من القرارت السياسية، خاصة في ظل ضعف حكومة العبادي وعدم الثقة الكبيرة في قدرات الجيش العراقي الوطني.
زعيم التيار الإصلاحي، الشيعي مقتدى الصدر، كان من بين أبرز مناهضي خطوة الحشد الشعبي، في خوض غمار التجربة السياسية، إذ حذر الصدر، من مشاركة "الحشد الشعبي" في الانتخابات العراقية المقبلة، وأشار إلى أن مشاركة الحشد الشعبي في انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان ستحول الحكومة إلى حكومة "ميليشيات"، وستكسب أصوات الشعب بغير وجه حق.

ووصف الصدر مشاركة أفراد من قوات الحشد الشعبي في الانتخابات بـ "الانتحار للعملية السياسية"، إذ لا يملكون الخبرة السياسية الكافية، على حد قوله، ورد الصدر على سؤال لأحد أتباعه حول تسجيل مفوضية الانتخابات كيانات تتضمن أسماء تشير إلى "الحشد الشعبي" قائلا: مثل هذه التسميات ستحول الحكومة إلى حكومة عسكرية وكسب أصوات الشعب بغير وجه حق، وأضاف: مثل هذه التسميات ستؤدي إلى زج الجهاد في السياسة ما يعني تشويه سمعة الجهاد والمجاهدين.
من جانبها، قالت المفوضية العليا للانتخابات العراقية، اليوم الأحد، إن الحشد الشعبي مؤسسة أمنية، ولا يمكن تسجيلها كياناً سياسياً ليشارك في الانتخابات، وأضافت المفوضية في بيان أن الحشد الشعبي "مؤسسة عسكرية لها ارتباط أمني بالأجهزة الأمنية، وأن قانون الاحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015 والذي شرعه البرلمان، وصادقت عليه رئاسة الجمهورية، يحظر تسجيل أي كيان سياسي، على شكل تنظيم عسكري أو شبه عسكري، وأنه لا يجوز للكيانات السياسية الارتباط بأية قوة عسكرية، كانت".
وأوضحت المفوضية أنها لم تسجل أي كيان سياسي باسم الحشد الشعبي، لمخالفة ذلك للقانون العراقي.
وقد جاء بيان المفوضية بعد تحذيرات زعيم التيار الصدي مقتدى الصدر، من مشاركة ميليشيات "الحشد الشعبي" في الانتخابات العراقية المقبلة، الأمر الذي سيجعل الحكومة القادمة "حكومة عسكرية أو حكومة ميليشيات، كسبت أصوات الشعب بغير وجه حق".
ومن المُقرر أن يشهد العراق في أبريل 2017 انتخابات مجالس المحافظات، ثم الانتخابات البرلمانية في أبريل2018، وان انظام الحاك في العراق هو النظام البرلماني، ما يعني أن أغلبية مجلس النواب هي من لها الحق في تشكيل الحكومة، إلا أن الاعتبارات السياسية في العراق دائماً ما تحاول القوى جميعها إلى الوصول إلى حكومة وحدة وطنية.

المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لم تكتفي البيان التي أصدرته في وقت سابق اليوم، إنما أكد أوضح رئيس المفوضية مقداد الشريفي، اليوم الاحد، بان ما اشيع عن منع مشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات القادمة هو سوء فهم غير دقيق، وأكد الشريفي، بان الحشد الشعبي هو هيئة أمنية تابعة للدولة، وبهذا فلا يحق للهيئة ترشيح نفسها للانتخابات ككيان سياسي، مثلها كالدفاع والداخلية، مبينا، بان القرار الذي فهم خطا من قبل الإعلام، يشمل كل الكيانات السياسية ذات الاجنحة المسلحة.
وأضاف الشريفي، بكون القرار لم يصدر من الهيئة، انما هو قانون مفعل من قبل رئاسة الوزراء، حيث ينص على منع مشاركة أي كيان سياسي، له ارتباط بفصيل أو جناح مسلح، وبهذا لا يستهدف القرار هيئة الحشد الشعبي، انما يخص كل الكتل والأطراف السياسية التي تروم المشاركة.