(الشيخ السابع والثلاثون للجامع الأزهر).. مأمون الشناوي
الثلاثاء 18/يناير/2022 - 09:35 ص
طباعة
الشيخ: السابع والثلاثون للجامع الأزهر
المشيخة : السابعة والثلاثون والثلاثون
مدة ولايته: عامان
من (الأحد 2 ربيع الأول عام 1367هـ - 18 يناير 1948م،) إلى (21 ذي القعدة عام 1369 هـ - 4 سبتمبر 1950م)
المذهب: غير معروف
الوفاة: عام 1950.
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة).. باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر
ولد محمد مأمون السيد أحمد الشناوي في 10 أغسطس 1878م بقرية الزرقا التابعة حاليًّا لمركز الزرقا محافظ دمياط، وتوفي يوم21 ذي القعدة عام 1369 هـ - 4 سبتمبر 1950م وصلي عليه بالأزهر، وأجريت له المراسم الرسمية، ليكون بذلك الشيخ السابع والثلاثون للجامع الأزهر على المذهب وعلى عقيدة أهل السنة.
نشأته وتعليمه
نشأ في قريته الزرقا التي تربَّى فيها، وحفظ القرآن وهو في الثانية عشرة من عمره تمهيدًا للالتحاق بالأزهر ، ثم جاء إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف وعاش تحت رعاية أخيه الأكبر الشيخ سيد الشناوي الذي سبقه للدراسة بالأزهر وواجه صعوبة في بداية دراسته في حفظ المتون والشروح والحواشي والتقريرات، وكاد ينقطع عن الدراسة ويترك التعليم، ويعود لقريته ا، لولا أنَّ أخاه شجَّعه على مواصلة الدراسة، فستكمل الدراسة في علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره ومنهم الشيخ محمد عبده والشيخ الإمام محمد أبو الفضل الجيزاوي الذي قام باختباره في امتحان الشهادة العالمية، وأستمرت مناقشته في اللجنة أكثر من نصف اليوم، فرأى فيه شابا ذكيا واسع العلم ليحصل على شهادة العالمية في عام 1906، من الدرجة الأولى، وهي درجة لا يحصل عليها إلا القليل من الشيوخ ثم اشتغل بالتدريس بمعهد الإسكندرية حتى سنة 1917، ثم عين قاضياً شرعياً ثم تم اختاره إماماً للسراي الملكية بعد صدور قانون تنظيم الأزهر عام 1930، ثم عين عميدًا لكلية الشريعة ثم عضوًا في جماعة كبار العلماء عام 1934، ثم وكيلًا للأزهر مع رئاسته للجنة الفتوى عام 1944 ثم شيخا للأزهر في عام 1950م.
شيوخه
تأثر الشيخ مأمون الشناوى بعدد من مشايخ عصره الذين درس وتلقى العلم على أيديهم وعلى رأسهم الإمام أبو الفضل الجيزاوي والإمام محمد عبده الذي سار على نهجه في الإصلاح.
فترة ولايته
تولى مشيخة الأزهر لفترة عامين ما بين 2 ربيع الأول عام 1367هـ - 18 يناير 1948م، إلى 21 ذي القعدة عام 1369 هـ - 4 سبتمبر 1950م وصدر القرار بتعيينه شيخًا للأزهر في مساء يوم الأحد 18 يناير 1948م
وعقب تعيينه قام بالعديد من الإصلاحات، منها:
1- توسيع دائرة البعثات للعالم الإسلامي وربط الأزهر بالمعاهد الإسلامية في الخارج، خاصة في دول باكستان والهند والملايو وإندونيسيا وإفريقيا الجنوبية وغيرها.
2- أرسل المتميزين في اللغة الانجليزية لتعلم اللغة الإنجليزية في انجلترا توطئة لإيفادهم إلى البلاد الإسلامية التي تتخاطب بالإنجليزية.
3- يسر الإقامة والدراسة للطلاب الوافدين إلى الأزهر من طلاب. البعوث حتى بلغت البعوث في عهده ما يزيد على ألفي طالبٍ أعدَّ لهم أماكن الدراسة ومساكن الإقامة
4- اعتمد خطة شاملة لإنشاء المعاهد الدينية لتغطي جميع عواصم الأقاليم المصرية ، وافتتحت في عهده خمسة معاهد جديدة وهي: معاهد المنصورة والمنيا وسمنود ومنوف وجرجا
5- توصل إلى اتفاق مع وزارة المعارف ليكون الدين الإسلامي مادة أساسية بالمدارس العمومية، على أن يتولي تدريسها خريجوا الأزهر.
6- ارتفعت ميزانية الأزهر في عهده إلى أكثر من مليون جنيه
7- أستطاع القضاء على التعصب للمذاهب في الأزهر والميولٍ الحزبيةٍ مواقفه
للشيخ محمد مأمون الشناوى العديد من المواقف الوطنية حيث شارك في ثورة 1919م ضد الاحتلال الانجليزي وكان له العديد من الخطب الوطنية
الشيخ والجهاد ضد إسرائيل
في عهد الإمام محمد مأمون الشناوي أصدرتْ مجموعةٌ مِن علماء الأزهر وغيرهم بيانًا دعتْ فيه إلى الجهاد ضدَّ إسرائيل بعدَ صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947م من خلال نداء إلى الأمة العربية بوجوب الجهاد لإنقاذ فلسطين
وهذا نص الفتوى
"إلى أبناء العروبة والإسلام من علماء الجامع الأزهر الشريف هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين
بسم الله الرحمن الرحيم
يا معشر المسلمين... قضى الأمر وتألبت عوامل البغي والطغيان على فلسطين، وفيها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين ومنتهى إسراء خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه.
قضى الأمر، وتبين لكن أن الباطل ما زال في غلوائه، وان الهى ما فتئ على العقول مسيطراً، وان الميثاق الذي زعموه سبيلاً للعدل والإنصاف ما هو إلاّ تنظيم للظلم والإجحاف، ولم يبق بعد اليوم صبر على تلكم الهضيمة التي يريدون أن يرهقونها بها في بلادنا ويجثموا بها على صدورها، وان يمزقوا بها أوصال شعوب وحد الله بينها في الدين واللغة والشعور.
إن قرار هيئة الأمم المتحدة قراراً من هيئة لا تملكه، وهو بعد قرار باطل جائر ليس له نصيب من الحق ولا العدالة، ففلسطين ملك العرب والمسلمين، بذلوا فيها النفوس الغالية والدماء الزكية، وستبقى إن شاء الله رغم تحالف المبطلين ملك العرب والمسلمين، وليس لأحد كائنا من كان أن ينازعهم فيها أو يمزقها.
فإذا كان البغاة العتاة قصدوا بالسوء من قبل هذه الأماكن المقدسة فوجدوا من أبناء العروبة والإسلام قساورة ضراغم ذادوا عن الحمى، وردوا البغي على أعقابه مقلم الأظفار محطم الأسنة، فإن في السويداء اليوم رجالاً وفي الشرى أسادا، وإن التاريخ لعاند بهم سيرته الأولى، وسيعلم الذين ظلموا آي منقلب ينقلبون.
يا أبناء العروبة والإسلام:
لقد أعذرتم من قبل، وناضلتم عن حقكم بالحجة والبرهان ما شاء الله أن تناضلوا حتى تبين للناس وجه الحق سافرا، ولكن دسائس الصهيونية وفتنتها وأموالها قد استطاعت أن تجلب على هذا الحق المقدس بخيلها ورجلها، فعميت عنه العيون، وصمت الآذان، والتوت الأعناق، فإذا بكم تقفون في هيئة الأمم وحدكم، ومدعو نصر العدالة يتسللون عنكم لوإذا، بين مستهين بكم، وممالئ لأعدائكم، ومتستر بالصمت متصنع للحياد، فإذا كنتم قد استنقذتم بذلك جهاد الحجة والبيان، فان وراء هذا الجهاد لإنقاذ الحق وحمايته جهاداً سبيله مشروعة، وكلمته مسموعة تدفعون به كيانكم ومستقبل أبنائكم وأحفادكم، فذودوا عن الحمى، وادفعوا الذئاب عن العرين، وجاهدوا في الله حق جهاده.
{فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً}
{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً}
يا أبناء العروبة والإسلام:
خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا، وإياكم أن يكتب التاريخ أن العرب الأباة الاماجد قد خروا أمام الظلم ساجدين، وقبلوا الذل صاغرين.
إن الخطب جلل، وان هذا اليون الفص وما هو الهزل، فليبذل كل عربي وكل مسلم في أقصى الأرض وأدناها من ذات نفسه وما له ما يرد عن الحمى كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
سدوا عليهم السبل، واقعدوا لهم كل مرصد، وقاطعوهم في تجارتهم ومعاملاتهم، واعدوا فيما بينكم كتائب الجهاد، وقوموا بفرض الله عليكم واعلموا أن الجهاد الآن قد أصبح فرض عين على كل قادر بنفسه أو ماله، وان من يتخلف عن هذا الواجب لقد باء بغضب من الله وإثم عظيم.
{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعداً عليه حقا في التوراة، والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}.
فإذا كنتم بإيمانكم قد بعتم الله أنفسكم وأموالكم فها هو ذا وقت البذل والتسليم، وأوفوا بعهد الله يوف بعهدكم، وليشهد العالم غضبتكم للكرامة،وذودكم عن الحق ولتكن غضبتكم هذه على أعداء الحق وأعدائكم لا على المحتمين بكم ممن لهم حق المواطن عليكم وحق الاحتماء بكم، فاحذروا أن تعتدوا على أحد منهم إن الله لا يحب المعتدين وتتجاوب بعد الأصداء في كل مشرق ومغرب بالكلمة المحببة إلى المؤمنين:
الجهاد، الجهاد، الجهاد، والله معكم".
وكان الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر، على رأس الموقعين ومعه الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية، الشيخ عبد الرحمن حسن وكيل شيخ الجامع الأزهر،الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية السابق، الشيخ محمد عبد اللطيف دراز مدير الجامع الأزهر والمعاهد الدينية، الشيخ محمود أبو العيون السكرتير العام للجامع الأزهر والمعاهد الدينية، الشيخ عبد الجليل عيسى شيخ كلية اللغة العربية بالجامع الأزهر، الشيخ الحسيني سلطان شيخ كلية أصول الدين، الشيخ عيسى منون شيخ كلية الشريعة، الشيخ محمد الجهني شيخ معهد القاهرة، الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ القسم العام، الشيخ محمود الغمراوي المفتش بالأزهر، الشيخ إبراهيم حمروش، الشيخ محمود شلتوت ، الشيخ إبراهيم الجبالي ، الشيخ محمد الشربيني، الشيخ محمد العتريس، الشيخ محمد غرابة، الشيخ حامد محيسن، الشيخ عبد الفتاح العناني، الشيخ محمد عرفة، الشيخ فرغلي الريدي، الشيخ أحمد حميده، الشيخ محمد أبو شوشه، الشيخ على المعداوي، الشيخ عبد الرحمن عليش أعضاء جماعة كبار العلماء، وكثير غير هؤلاء من العلماء والمدرسين في الكليات والمعاهد الأزهرية في القاهرة والأقاليم المصرية.
مؤلفاته
لم يعرف للشيخ الشناوى مؤلفات محددة ولكن كانت لديه موهبته الشعرية والأدبية الأصيلةوقد ترك وراءه مكتبته الكبيرة بـ (الحلمية) فيها مجموعة من الدواوين لشعراء كبار وكتب الأدب، إلى جانب المصادر الأصيلة في التفسير والحديث والفقه وأصوله والتاريخ الإسلامي والبلاغة والفلسفة والتوحيد وكان يحب من الشعراء المتنبي وشوقي، وكان له العديد من المقالات والخطب والمحاضرات والتي جمعها تلميذه الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي في:
1- كتاب الإسلام ومبادئه الخالدة.
2- مقالٌ نُشِرَ تحت عنوان "المصلح الأعظم".