الصفقة التركية مع البشمركة.. هل تُنهي خلاف أنقرة مع التحالف الدولي؟!
الثلاثاء 21/أكتوبر/2014 - 07:14 م
طباعة


في محاولة من تركيا للحفاظ على حدودها وأراضيها، وكذلك استعادة مكانتها التي على المحك في نظر المجتمع الدولي، بدأت أنقرة خطوات فعلية في تغيير استراتيجيتها لمساعدة الأكراد في مواجهة ما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)"، فقد سمحت أمس لأكراد العراق بالمرور عبر أراضيها للعبور إلى مدينة "عين العرب" كوبانى بالكردية، التي يحاصرها تنظيم "داعش" منذ حوالى شهر.
وسمحت تركيا لأكراد العراق الوصول إلى سوريا "عين العرب" للتحالف مع أكرادها ومحاربة "داعش".
في الوقت ذاته اندلعت معارك شرسة في بلدة عين العرب كوباني السورية الشمالية، بعد يومين من الهدوء النسبي، وقد بدأت الاشتباكات عندما شن مسلحو "داعش" هجومًا على جميع الجبهات على المقاتلين الأكراد، ونشب قتال عنيف في أقصى شمال عين العرب عند حلول ليل الاثنين.
تقدم المحادثات الأمريكية التركية

وكان قائد قوات التحالف الجنرال الأمريكي المتقاعد جون ألن ومساعده بريت ماكغورك، قد أكدا أن زيارة حساسة استمرت يومين لتركيا في محاولة لإقناع هذا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي، والمتردد في التورط عسكريا ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يهدد حدودها من مدينة عين العرب كوباني بالكردية الواقعة شمال سوريا.
وقال أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركي، في خطاب سابق له، أمام المسئولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، إذا كانت هناك عملية أو حل عسكري يمكنه أن يعيد السلام والاستقرار إلى المنطقة فإننا ندعمه.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف، إن المحادثات الأمريكية التركية مع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ومسئولين عسكريين حققت "تقدما".
وأضافت أن تركيا وافقت على دعم الجهود الرامية إلى تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة.
الانضمام لدول التحالف

وفيما يبدو قررت تركيا أخيرًا مساعدة التحالف الدولي في محاربة داعش، بعد أن ترددت كثيرًا في الانضمام رسميًا إلى الدول المشاركة، بعد إدراكها أن حدودها مهددة حال سيطرة داعش على مدينة عين العرب، وقد يكون هذا التوافق على مواجهة داعش من قبل أنقرة، رضوخًا للضغوط التي لحقت بها من جانب أعضاء التحالف الدولي، بعد الهجوم الحاد الذي تلقته خلال الفترة الماضية من جانب معظم الدول العربية والأوروبية.
وقد أفادت الولايات المتحدة من قبل، أنه تم إحراز تقدم مع تركيا لمشاركتها في الحرب على تنظيم "الدولة الاسلامية"، مشيرة الى استعداد أنقرة لتأهيل وتدريب معارضين سوريين معتدلين.
ترحيب أمريكي

رحبت الولايات المتحدة الأمريكية، بقرار تركيا حول تغيير استراتيجيتها بفتح حدودها ومرور الأكراد العراقيين، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف في تصريح لها: نرحب بتصريحات وزارة الخارجية التركية، وكان وزير الخارجية التركية مولود شاوش أوغلو أعلن قائلًا "نساعد مقاتلي البشمركة الأكراد على عبور الحدود للتوجه إلى كوباني.
وأضاف الوزير خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي منجي حامد "لم نشأ أبدا أن تسقط كوباني، لقد قامت تركيا بعدة مبادرات للحؤول دون ذلك.
ويأتي تغيير الموقف التركي، فيما أجرت الولايات المتحدة ـ التي كثفت إلى جانب التحالف الدولي الغارات على مواقع "داعش" ـ أول عملية صباح أمس الاثنين لإلقاء الأسلحة والذخائر إلى القوات الكردية التي تدافع عن كوباني.
ويأتي هذا التغير في الموقف التركي على الرغم من إعلانها اليوم، أن المقاتلين من كردستان العراق لم يعبروا الحدود إلى سوريا، انطلاقًا من أراضيها حتى الآن، بعد تأكيدها أمس، أنها سمحت بانتقالهم إلى هناك للدفاع عن مدينة كوباني الكردية.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود شاوش أوغلو، لقناة "إن تي في"، "يتعين على البشمركة عبور الحدود بين تركيا وكوباني، وهذه مسألة يجب البحث فيها، دون مزيد من التوضيحات".
صفقات تركيا والأكراد

بينما وسعت تركيا وحكومة إقليم كردستان من علاقاتهما في السنوات القلية الماضية، فقد اتفقا مؤخرا على شيء أكثر طموحا وأوسع نطاقا، ألا وهو اتفاق بمليارات الدولارات يتضمن بناء انبوب ثان، حسب ما ذكرت تقارير صحفية ومدراء تنفيذيون في قطاع النفط مشتركون في المفاوضات.
وتأتي هذه الصفقة في وقت سعى فيه مؤخرًا مسئولون أتراك ومن الحكومة العراقية إلى إصلاح علاقاتهم التي توترت في السنوات الماضية، وهو جهد تضمن زيارة وزير الخارجية التركي إلى بغداد، الذي أشار إلى أن تركيا ستسعى إلى الفوز بدعم بغداد لصفقاتها مع الأكراد، ودعمت تركيا المعارضة السنية في العراق، ما اثار غضب القيادة الشيعية التي تهيمن على الحكومة ببغداد.
الخوف من داعش أم تسليح الأكراد؟!

الخبير في الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، يعتقد أن سبب التحركات التركية هو حرصها على حماية حدودها وأمنها القومي.
وأضاف أبو هنية أن "الملف الكردي موضوع حساس داخل تركيا، وأن أنقرة تخشى أن يعتمد الغرب على القوات الكردية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
كما يعتقد كفاح محمود، مستشار مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق، أن الإدارة التركية شعرت بجدية التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجاء إطلاق سراح الرهائن أيضا ليشجعها على الانضمام إليه.
وأضاف، أن المباحثات بين حزب العمال الكردي والإدارة التركية أدت إلى اتفاق وقف إطلاق النار داخل تركيا، ولذلك فإن تنظيم الدولة الإسلامية قد يساهم في توحيد الجهود بين الطرفين بشكل أكبر، مشيرا إلى أن تسليح القوات الكردية تم من طرف دول صديقة لتركيا، بالإضافة إلى أن تسليح البيشمركة جاء بموافقة بغداد وبالتالي فلا خطر على تركيا من هذا الأمر.
فيما قالت إذاعة دوتش فيلله الألمانية إن التحركات التركية الأخيرة في منطقة كوباني على الحدود مع سوريا أثارت تخوفات من حدوث تصعيد في الوضع القائم هناك، خصوصا في ظل استمرار الاشتباكات بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي والمقاتلين الأكراد، فأخيرا اتخذت تركيا موقفا واضحا من الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها على ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية.
المشهد الآن

بعد أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان منذ يومين أن بلاده تقدمت بأربعة مطالب حول سوريا، وبدونها فإن تركيا لن تشارك بالتحالف الدولي ضد تنظيم "داعش، تتمثل كما تناولت "بوابة الحركات الإسلامية" في تقرير بعنوان "أربعة مطالب تفضح الموقف التركي من صمود كوباني" http://www.islamist-movements.com/3719 في: إعلان منطقة حظر جوي، وإقامة منطقة آمنة، وتدريب السوريين وتزويدهم بالسلاح، وشن عملية ضد النظام السوري نفسه.. بدا واضحًا أن أنقرة أعادت النظر في موقفها من التفاعل مع التحالف الدولي ضد "داعش"، من منطلقات عدة أبرزها الشعور بتهديد حدودها بعد تمدد الأكراد وتسليحهم، واعتماد التحالف الدولي على البشمركة، الأمر الذي أثار تخوف تركيا بعد معاناتها فترة طويلة من أزمات متجددة مع الأكراد خاصة على الحدود.
وفى الوقت ذاته، إن صفقات الطاقة التي أبرمتها تركيا مع كردستان العراق "البشمركة، التي تشمل النفط والغاز الطبيعي، جعلها تخضع لضغوط الأكراد وتسمح لهم بعبور الحدود لتخليص حلفائهم أكراد سوريا من أيدى داعش، وبذلك يكون الخلاف القائم بين تركيا والتحالف الدولي قد انتهى بمشاركة الأولى في محاربة داعش.