وسط استعداد "داعش".. حرب تصريحات بين العراق وتركيا تهدد خط التحالف لتحرير الموصل

الأربعاء 12/أكتوبر/2016 - 02:58 م
طباعة وسط استعداد داعش..
 
اقتربت معركة تحرير الموصل من يد تنظيم "داعش" الإرهابي، وسط استعداد من قبل القوات العراقية والتحالف الدولي، فيما ذكرت تقارير إعلامية عن حشد تنظيم "داعش" مقاتليه لمعركة الأهم منذ إعلان دولة الخلافة في الموصل يونيو 2014.

حشد "داعش"

حشد داعش
فتنظيم «داعش» الإرهابي يحشد آلاف المسلحين الذين فروا من الرمادي والفلوجة وهيت والرطبة في قضاء القائم على الحدود مع سورية، وسط معلومات عن نيته شن هجوم واسع على بلدات حديثة وهيت والرطبة قبيل معركة تحرير الموصل.
وقد قال مسئولون عراقيون وأمريكيون: إن مقاتلي داعش نشروا الشراك الخداعية في مختلف أنحاء مدينة الموصل وحفروا خنادق وجنّدوا الأطفال لأداء أدوار الجواسيس، تحسّبًا لهجوم مرتقب لإخراج الجهاديين من معقلهم في العراق.
ويقول عدد كبير من المسئولين الغربيين، إنه من الممكن شن هذا الهجوم الكبير في أكتوبر الجاري، على أمل استعادة المدينة قبل نهاية السنة. وتفيد آخر التوقعات التي قدمتها وزارة الدفاع الأمريكية، بأن ما بين 3000 و4500 عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية ينتشرون حاليًّا في الموصل.
وقال أربعة من سكان المدينة في مكالمات هاتفية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي: إن الجهاديين الذين اجتاحوا الموصل دون مقاومة قبل عامين قاموا بتلغيم جسورها الخمسة بالمتفجرات وأعدوا سيارات ملغومة ومهاجمين انتحاريين وكثفوا عمليات الرصد والمراقبة.
وقال هوشيار زيباري الذي كان وزيرًا للمالية وقبلها وزيرًا للخارجية: إن الجهاديين "يتحصنون للقتال من أجل الموصل. وهم أكثر حذرًا وقد حلقوا لحاهم للاختلاط بالسكان وينقلون مقارهم الرئيسية باستمرار".
وقال زبياري أحد كبار أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني والمطّلع على الاستخبارات الخاصة بتحركات رجال داعش في الموصل وكذلك الكولونيل جون دوريان المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة: إن التنظيم يعمد إلى نقل رجاله وعتاده عبر أنفاق تحت الأرض.
وقال دوريان: "ترى مقاتلًا يدخل من مكان ويخرج من مكان آخر. وهذه المداخل مكشوفة على الدوام وهي هدف له الأولوية".
وأضاف أن مقاتلي داعش أقاموا تحصينات خرسانية ويستخدمون الكتل الخرسانية في إقامة جدران لسد المداخل أمام القوة المهاجمة. وقال سكان في الموصل: إن المتشددين حفروا خندقًا عرضه متران وعمقه متران حول المدينة لملئه بالنفط المشتعل لزيادة صعوبة توجيه الضربات الجوية.
وقال أحد سكان المدينة، إنه تم نشر أطفال في سن صغيرة بعضهم في الثامنة في مختلف أرجاء المدينة للقيام بعمليات المراقبة والإبلاغ عن السكان، وفي بعض الأحيان يكون هؤلاء الأطفال مسلحين بمسدسات وسكاكين. ويتولى الأطفال تجنيد أطفال آخرين للقيام بالمهمة نفسها.
ويجلس متشددون على أسطح المباني المرتفعة على مشارف الموصل، وهم يحملون نظارات الرؤية الليلية المكبرة لرصد أي شخص يحاول الهرب، كما يحفر مقاتلون حفرًا في الشوارع بأجهزة ثقب الأرض لوضع شحنات متفجرة فيها.
وقد بدأ المتشددون يستخدمون نساء في عمليات التفتيش المفاجئة للبيوت حتى يمكنهم التحقق من عدم إخفاء سكانها من النساء أي شيء عن التنظيم.
وقال ساكن في الموصل لرويترز عبر وسائل التواصل الاجتماعي" "هم يائسون ويبدو أنهم خائفون ويستخدمون نساءهم في تفتيش البيوت".

خط التحالف :

خط التحالف :
في المقابل نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن تواصل استعدادات القوات الأمريكية لإرسال 400 جندي إضافي استعداداً للمعركة العسكرية المرتقبة لتحرير الموصل، وتنقل الصحيفة عن مسئولين عسكريين توقعهم بدء المعركة في أكتوبر.
وكجزء من التحضيرات والاستعدادات للمعركة المرتقبة فقد وصل إلى العراق 400 جندي أمريكي استعداداً لعملية تحرير الموصل ثاني أكبر المدن جنوب العراق من تنظيم "داعش". 
وتوقع مسئولون بداية عملية تحرير الموصل خلال أكتوبر الجاري فيما تحضر القوات العراقية لهذه المعركة المؤجلة. وقال ستيفن تاونسند قائد قوات التحالف الدولي: إن "الجنود أرسلوا لدعم القوات العراقية في مدينة القيارة جنوب الموصل المعروفة بنقطة انطلاق قوات التحالف"، وأضاف أنه "يوجد في العراق الآن ما يزيد عن خمسة آلاف جندي أمريكي".
 وقدر المسئول العسكري الأمريكي أعداد مقاتلي التنظيم بما بين 3 آلاف و4500 مقاتل في الموصل، ثلثهم نواة مقاتلي "داعش" ممن هم مستعدون للموت في منطقة الاشتباك. 
واعتبر الباقين "مجندين أو انتهازيين يحملون راية "داعش" في يد ويحملون في اليد الأخرى الراية العراقية" على حد قوله. 
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن القائد في مكافحة الإرهاب معن السعدي "انتهت القوات تقريباً من التحضيرات لانطلاق العملية والقوات منظمة الآن، ومن الممكن بدء العملية خلال الشهر الجاري"، متوقعاً أن تكون "المعركة صعبة في الموصل، التي تعتبر آخر معارك "داعش"؛ حيث كل شيء ممكن من قبل التنظيم كونها معركة وجودية بالنسبة إليه". 
وقد كرر وزير الدفاع الفرنسي جان- ايف لودريان خلال زيارة إلى حاملة الطائرات شارل ديغول التي تقوم بعمليات في البحر المتوسط، عزم بلاده على "استئصال" تنظيم "داعش".
وقال أمام مجموعة من الصحافيين، الخميس 6أكتوبر، إنه "تحرك سياسي... قبل أن تبدأ عمليات على نطاق واسع في العراق"، ملمحا بذلك إلى الهجوم المقبل لاستعادة الموصل، ثاني مدن العراق من قبضة التنظيم المتطرف.
وقال وزير الدفاع الفرنسي "أريد أن أؤكد عزم فرنسا على المضي قدما في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حتى الاستئصال التام لداعش" (تنظيم الدولة الإسلامية).
وتعد فرنسا أحد أبرز المساهمين في التحالف بنحو 5 بالمئة من الغارات بعد الولايات المتحدة.
وتشن قواتها غارات وتقوم بمهمات استخباراتية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق منذ سبتمبر 2014، وفي سوريا منذ خريف 2015، انطلاقا من قواعد في الأردن والإمارات.
وتنتشر حاملة الطائرات شارل ديغول في إطار التحالف للمرة الثالثة منذ يناير 2015.

تخبط عراقي:

تخبط عراقي:
وتضارب الأنباء حول جاهزية الحكومة العراقية لحرب تحرير المصولن وسط الخلافات على مشاركة الحشد الشعبي الذي يغلب تشكيله فصائل شيعية مما يحول المعركة إلى طائفية، في ظل التصريحات المتبادلة بيت تركيا والعراق.
وعززت قوات الأمن العراقية مواقعها في الأنبار، خلال الأيام القليلة الماضية، قرب بلدات عانة وراوة والقائم التي ما زالت تحت سيطرة «داعش»، ويخشى الجيش العراقي من إقدام التنظيم على فتح جبهة مفاجئة في المحافظة مع انطلاق الحملة العسكرية على الموصل.
وتشارك في المعركة المرتقبة إلى جانب القوات العراقية، قوات البيشمركة الكردية والحشد الشعبي الذي يضم في معظمه فصائل شيعية تابعة لإيران إلى جانب قوات الحشد العشائري (سنّية)، وسط مخاوف من توترات طائفية، حيث يتهم العرب السنّة، الشيعة بارتكاب جرائم طائفية في مدن سنية بعد تحريرها من قبضة الدولة الإسلامية.
لكن الحقيقة هي أن الجيش العراقي في وضع أسوأ (رغم أنه لا يمكن تصور أسوأ) مما كان عليه سابقاً. إذ كما ينقل الصورة، قبل أيام، مراسل محطة "سي. إن. إن" الأمريكية من أربيل، فإنه في مقابل البشميركة ومقاتلي "داعش"، في أماكن سيطرتهما، ليس هناك وجود للجيش العراقي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المركزية، بل ميليشيات شيعية تحت مسمى "الحشد الشعبي" الخاضع لإيران. وينقل المراسل من أرض المعارك أن كثيرا من الجنود العراقيين في ما يُفترض أنه "الجيش النظامي الوطني"، يتنازلون عن رواتبهم الشهرية لقادة تشكيلاتهم العسكرية، لقاء عدم إرسالهم للخدمة على جبهات القتال المشتعلة.

حرب كلامية:

حرب كلامية:
كما اندلعت حرب كلامية بين العراق وتركيا على خلفية تحرير الموصل وهو ما يؤثر على خطط التحالف الدولي لتحرير البلاد، فقد شنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء 11 أكتوبر، في هجوماً لاذعاً على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مطالباً إياه بأن يعرف حدوده. وقال أردوغان خلال اجتماع في إسطنبول موجهاً جزءاً من كلامه إلى العبادي "إنه يهينني شخصياً. أنت لست نظيري، ولست على مستواي". وأضاف: "ليس من المهم مطلقاً كيف تصرخ من العراق. عليك أن تعلم أننا سنفعل ما نريد أن نفعله". وأردف "من هو هذا؟ رئيس الوزراء العراقي! اعرف حجمك أولا".
أما مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فقد وصف هجوم أردوغان وبعض المسئولين الأتراك بالانفعالي، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية تتجه الآن نحو المجتمع الدولي لعقد جلسة طارئة بمجلس الأمن بخصوص التواجد التركي في شمال العراق.
وفي وقت سابق قال العبادي: إن تواجد القوات التركية على الأراضي العراقية، غير مرغوب فيه، وخارج عن إرادة الحكومة العراقية، يذكر أن عدد أفراد القوات التركية الموجودة على الأراضي العراقية يقدر بـ 1200 عنصر، في معسكر يقع على مشارف المدينة.
ولم تكن ميليشيات الحشد الشعبي، غائبة عن هذه الأجواء التصعيدية، فقد خرج أوس الخفاجي، زعيم ميليشيا أبي الفضل العباس، وبصحبته كريم المتحدث باسم الحشد، في تصريحات شتم فيها أردوغان وهدد بضرب مصالح تركيا بالعراق. 
وقال الخفاجي: "نخاطب المدعو رجب طيب أردوغان، فيعد أن سكت الجميع عن وقاحتك، فشمخت بأنفك، نخاطبك اليوم من بغداد التي تحديتها وتجاوزت حدودك، فنقول: لئن جرت علينا الدواهي مخاطبتك، فإننا نستصغر قدرك ونستعظم توبيخك ونستكبر تقريعك".
وحمل زعيم الميليشيا في خطابه، أردوغان مساندة أمريكا في احتلالها للعراق، لافتا إلى أنهم (الميليشيات) طردوا الأمريكيين من العراق شر طردة، فـ"تأدب يا رجب، فإن كنت تسوق مشاكلك الداخلية إلى العراق فنحن غير مستعدين لهذا".
ودعا الخفاجي، الرئيس التركي إلى النظر لمشاكل الأرمن والأكراد في ديار بكر، بدلا من الدخول إلى بعشيقة، فيما خاطب الشعب التركي بالقول: إن "مصالحكم في العراق مهددة بسبب هذا الأرعن، وإن شركاتكم وأبناءكم في العراق مهددون".
وشدد على أن "الحشد الشعبي لن يقبل بأي اعتداء على سيادة العراق، فإن مخاطبتك لرئيس الوزراء اليوم إهانة لا نقبل بها ولن نسكت عنها، وسنحرر الموصل بمفردنا لأننا قادرون وسنعاملك معاملة العدو، وانتظر ذلك قريبا أليس الصبح بقريب".
فيما قال نائب رئيس وزراء تركيا، نعمان قورتولموش، لوكالة الأناضول الرسمية للأنباء اليوم الأربعاء: إن القوات التركية ستبقى في معسكر بعشيقة العسكري في شمال العراق، حتى يتم طرد تنظيم داعش من مدينة الموصل القريبة منه.
وفي مقابلة بثتها على الهواء محطة تي.آر.تي خبر قال قورتولموش إن تركيا ستشارك في عملية الموصل ما لم تشارك وحدات حماية الشعب الكردية السورية.

مخاوف إنسانية:

مخاوف إنسانية:
وتأتي الاستعداد لمعركة الموصل وسط مخاوف إنسانية، فالموصل التي يبلغ عدد سكانها ما يصل إلى 1.5 مليون نسمة هي مقر دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم في شمال العراق منذ عام 2014 ويجري المقاتلون استعدادات مكثفة لصد قوات الأمن العراقية التي يدعمها تحالف تقوده الولايات المتحدة ومنعه من استعادة المدينة.
وقد أبدت منظمات الإغاثة قلقها بسبب إمكانية سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين خلال القتال.
وقالت ليز جراندي منسقة الشئون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق إنه من المتوقع أن يفر 200 ألف من سكان المدينة خلال الأسبوعين الأولين من الاشتباكات.
ختاما، تكشف الحر الكلامية بين تركيا والعراق عن مخاوف تصريحات متضاربة لأطراف المعنية بتحرير الموصل ، وهو ما يضعف خط التحالف الدولي لتحرير المدينة، وسط حشد من قبل تنظيم "داعش لمواجهة المعركة، في ظل استمرار معاناة أهلها من مجازر التنظيم.

شارك