الخلافات بين "جند الأقصى" و"أحرار الشام" نار تحت رماد الصراع السوري
الخميس 13/أكتوبر/2016 - 01:17 م
طباعة

على ما يبدو أن الصراع بين جماعة "جند الأقصى" وحركة "أحرار الشام" لن يحسم بشكل كامل، وأن نار الصدام ستستمر لفترة؛ مما قد يرجح اشتعالها مجددًا تحت "رماد" الأزمة السورية، ففي الوقت الذي تم فيه الاتفاق بين حركة أحرار الشام الإسلامية وجند الأقصى بواسطة من جبهة فتح الشام- "جبهة النصرة "سابقًا- لحل الخلاف ووقف الاقتتال خرج علينا القائد العام لحركة "أحرار الشام الإسلامية" أبو يحيى الحموي (مهند المصري) بالتأكيد على أنه تم القضاء على فصيل جند الأقصى "إنهاء كاملاً"، وأن "العمل جار على ملاحقة قادتها ورءوس الغلو فيها"، واصفاً إياها بـ "الشرذمة النجسة".

جاء ذلك في كلمة مصورة بثت ليل الأربعاء 12-10-2016م على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث أكد أبو يحيى أن عناصر الحركة لن يتراجعوا عن معركتهم بالقضاء على تنظيم "جند الأقصى" واستئصالهم، مهدداً إياهم إن حاولوا تجميع أنفسهم، فإن الحركة وفصائل المعارضة لن تتوانى من القضاء عليهم مرة ثانية وأن أعظم رزية منيت بها الثورة الشامية منذ انبلاج فجرها هي داء الغلو، وأن أعظم منحة امتن الله بها على عباده المجاهدين في الشام إنهم كانوا أول من يكشف زيف الغلاة وأن أول طعنة غلو" تعرضت لها الثورة السورية كانت عبر تنظيم "الدولة الإسلامية"، وخلال الحرب مع الأخيرة ظهرت "جرثومة خبيثة أدعت الحياد بين أهل السنّة والخوارج" قاصداً تنظيم "جند الأقصى"، الذي لم يحدده بالاسم حتى منتصف الكلمة.
وأشار الحموي إلى أن مقرات الجُند أصبح يقصدها جميع مؤيدي تنظيم الدولة، وتحولت إلى مستودعات لتخزين السلاح، وانسحابهم من تحالف "جيش الفتح"، في إشارة لخلافهم مع أحرار الشام على عدم قبولهم قتال تنظيم الدولة وان الجُند تخلفوا عن معظم المعارك التي تخوضها الفصائل الثورية و"أشغلوا عناصرهم بنشر الغلو وتكفير الفصائل والعمل الأمني عليهم وأنه بعد متابعة المكاتب الأمنية للفصائل الثورية مصدر السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، ومسبب الاغتيالات التي استهدفت قادة الفصائل في ريف إدلب، تبيّن أن مصدرها مقراتهم، علاوةً على أنه أصبحوا قناة عبور إلى مدينة الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة وبالتالى أصبح غلوهم وإفسادهم وضرورة إنهاءهم محل إجماع كافة الفصائل الثورية بلا استثناء"، لافتاً إلى تغاضيهم عن الحوادث السابقة، والتي كان يتدخل أهل العلم لحلها.

وقال: "نعلن اليوم أننا تمكنا بحمد الله من إنهاء عصابة جند الأقصى إنهاءً كاملاً والعمل جار على ملاحقة قادتها ورءوس الغلو فيها وأن الاتفاق مع جبهة "فتح الشام"، التي أعلن الجُند بيعتهم لها منذ يومين تقريباً، تضمن إنهاء أي تكتل لتنظيم الجُند إنهاءً تاماً، واعتقال "جميع رءوس الغلو فوراً" وجميع القتلة، وتقديمهم للمحكمة الشرعية، وأنه بتحقيق هذه النقاط "نكون بإذن الله قد خلصنا البلاد والعباد من شرر هذه العصابة المنحرفة وأذا حاول عناصر الجُند إعادة تجميع أنفسهم مرة فلن نتوانى بعون الله عن ما ابتدأناه من استئصالهم".
ولكن سرعان ما قامت جبهة فتح الشام بالرد عليه حيث قال "حسام الشافعي" المتحدث باسم الجبهة إنه بعد دخول قضية الأحرار والجند حيز مراحل الحل، أنجزت عدة خطوات عملية متمثلة بإيقاف إطلاق النار، وإطلاق سراح ما يقارب 130 محتجزًا للأحرار لدى الجند مقابل حوالي 25 للجند وفي حال ادعاء أي طرف لمزيد من الأسرى فسيقدم دعواه تلك للمحكمة واستلمت جنودنا الحواجز ونقاط التماس بين الطرفين لتهدئةالأمور وإبعادهما عن خط المواجهة درءًا لأي خرق ممكن أن يعيد الاقتتال للمشهد مجددًا وتشكلت المحكمة التي ستنظر بالقضايا وستباشر عملها فورًا بإذن الله. مشكلة من طرفي الأحرار والجبهة مع قاض مرجح وكل ذلك تم في أقل من 48 ساعة بفضل الله، بعد حملة تجييش كبيرة، وانطلاق الطلقة الأولى لحرب كانت ستحرق الساحة برمتها وتطلق رصاصة الرحمة عليها لولا لطف الله بنا، ثم انطلاق مساعي عقلاء القادة من جميع الأطراف لاحتواء هذه النازلة بالحلول الشرعية، وبذل الوسع في ذلك".

وفند الشافعي كلمة أبو يحيى قائلاً: "من فقد الأحبة والقادة، ندعو الله أن يثبت فؤاده ويلهمه الرشاد والصواب ويتقبل شهداءهم ويشافي جرحاهم، ويظهر للمستمع من أول وهلة أن المعركة كانت ستنتهي وأن تلك الجماعة أبيدت إلا أن فتح الشام آوت تلك "الشرذمة النجسة والحقيقة أن المعركة كانت في بدايتها ولم تحسم لطرف دون آخر، والمعطيات كانت تشير لحرب استنزاف طويلة، لا يحمد عقباها ولقد استنفدت فتح الشام كافة المحاولات لإيقاف الاقتتال وتواصلت مع الطرفين إلا أن أحرار الشام لم ترض بمحكمة البتة رغم ضمانة الجبهة للجند وكانت مسألة البيعة هي الورقة الأخيرة والمطفأة الوحيدة لنار الحرب التي اندلعت، وقد اضطررنا لحرق مراحلها، فقد كان الواجب هو التهيئة لها".
ولفت الشافعي إلى جلسات الجند مع فتح الشام قائلاً: "من اجتماعات موسعة وخطوات سليمة ليكون اندماجًا صحيحًا، لكن الظرف لم يكن يسمح بمزيد من الوقت تحملنا هذا العبء بعد مشاهدتنا لطبول الفتنة تدق، والمحرشين في سعار وتحريض شديد، وفقد السيطرة قد أوشك! جلسنا مع الجند واتفقنا معهم على قبول البيعة بشروط؛ منها: قبولهم بالمحكمة الشرعية، وتسليم المتورطين، وتقديم من تثبت عليه تهمة الخوارج وتبني سياسة الجماعة -تلك الجماعة المعروفة بحربها مع الخوارج وسلامة فكرها ومعتقدها ولله الحمد-، ولا يمكن لعاقل أن ينكر ذلك".

وختم الشافعي بالقول: "فأمام هذه الشروط التي رضوا بها لا يجوز إطلاق حكم الخارجية والنجاسة عليهم كما جاء في كلمة الشيخ، فإن كان يقصد بذلك الخوارج منهم فلا بأس- وعذرًا أيها الشيخ الكريم، فإننا لم نقبل بيعة "شرذمة نجسة" بل مجاهدين أطهار سمع الجميع بصولاتهم في معركة تحرير إدلب.. وبعد أن تم الاتفاق بين الجبهة والجند من جهة على التعهد بالمضي بمسارات الحل، وبين الجبهة والأحرار من جهة أخرى ووضعت بنود لذلك.. وتحول كل هذا للقضاء الشرعي، وبحضور قضاة شرعيين للأحرار، فينبغي التهدئة والسكينة ليأخذ القضاء مجراه بعيدًا عن التشويش والتخويف الذي ربما يفشله أو يحرفه، أو التصعيد الذي يوغر الصدور، ويفسح للمحرشين مدخلاً ينفذوا من خلاله، فنعود للمربع الأول لحرب طويلة.. لا يمكن أن يحسمها أحد الأطراف، ويخرج الأمر من دائرة العقلاء ليستلم مصير الساحة مجموعة من أصوات المغامرين تحلق خلفهم أمنيات الحالمين..".
وتعود أسباب الصراع بين الحركتين إلى ما يلي:
1- عمليات القتل المتبادلة بين الطرفين ومنها مقتل "حسام محلول" أمير القوة التنفيذية في محكمة إدلب بكمين قرب إدلب.
2- إعدام أسرى من حركة من أحرار الشام الإسلامية على يد مقاتلين من جند الأقصى.
3- اتهام حركة من أحرار الشام الإسلامية لجند الأقصى بالغلو ودعم تنظيم داعش.
4- ضلوع جند الأقصى في عمليات اغتيال ضد قيادات الفصائل السورية
5- وجود خلايا داخل جند تابعة لتنظيم "داعش".
6- دعم أطراف وقيادات داخل جند الأقصى، تنظيم داعش لوجستياً وبشريا.
7- اعتبار حركة أحرار الشام الإسلامية عمل جند الأقصى العسكري يهدف إلى عرقلة مسيرة الثورة في سوريا.
8- محاولة جند الأقصى المستمرة تعطيل معركة حماة ضد النظام السوري.
9- اختطاف عناصر تابعون لجند الأقصى مسئولًا أمنيًّا في أحرار الشام من مدينة سراقب بريف إدلب، وطالبوا الحركة في المقابل بالإفراج عن خلية أمنية مرتبطة بتنظيم داعش.

مما سبق نسطيع التأكيد على أن الصراع بين جماعة جند الأقصى وحركة أحرار الشام لن يحسم بعد وأن نار الصدام ستستمر لفترة، مما قد يرجح اشتعالها مجددًا تحت "رماد" الأزمة السورية، والخاسر الأكبر في ذلك سيكون الشعب السوري.