مخاوف استمرار انتهاكات "الحشد" تتجدد مع "قرب " تحرير الموصل من داعش
الإثنين 24/أكتوبر/2016 - 02:20 م
طباعة

على الرغم من مرور عدة أيام على بداية معركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش الدموى إلا أن المخاوف تتجدد من استمرار انتهاكات الحشد الشعبي في المدينة، كما حدث من قبل في مدينة الفلوجة وتكريت حيث آلاف من مسلحي الميليشيات الشيعية في القتال، وهو الأمر الذي حذر منه المسئول الاستخباراتي الأمريكي السابق ديكستر فيلكينز قائلا: "إن مسئولين عراقيين أخبروه أن آلافاً من رجال الميليشيات الشيعية يشاركون في معركة الموصل، وأن الحكومة الإيرانية هي من تدير عدداً من تلك الوحدات العسكرية، الذين لدى معظمهم سجل دموي قديم في قتل مدنيين".

وتابع: "الوحدات التي أرسلت إلى الخطوط الأمامية تضم عناصر من حزب الله، الذي يعتقد أنه مسئول عن تفجير السفارة الأمريكية وثكنات المارينز في بيروت في عام 1993، ومقتل ما مجموعه 329 شخصاً وهو ما يتعارض مع تعهد قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والبيت الأبيض لإبقاء العراق كمجتمع متعدد الطوائف، والامتناع عن تشجيع سياسات قد تشعل توترات عرقية وطائفية في البلاد ولكن تنتشر الميليشيات الطائفية بعلم مسئولين أمريكيين، الذين يؤكدون أنه سيتم لجم هذه الميليشيات ومنعها من ارتكاب نفس الجرائم التي اشتهرت بها.
ونقل عن تقرير صدر عن معهد دراسات الحرب في واشنطن، أن تنظيمين من الميليشيات التابعة لإيران اقتربا من مدينة الموصل، وهما كتائب حزب الله وعصائب الحق، وأن قرابة ألفي من عناصر تلك الميليشيات قدموا من سوريا، حيث كانوا يقاتلون لصالح النظام السوري. ولكلا المجموعتين سجلات قديمة في عمليات قتل طائفية ارتكباها خلال الحرب الأهلية العراقية، كما التقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نهاية الأسبوع الماضي، بقادة ميليشيات، ومنهم هادي العامري، زعيم لواء بدر، والمعروف، كغيره من المجموعات، بارتكابه عمليات قتل طائفية، وأن العامري التقي بقاسم سليماني، المشرف على عمليات إيران العسكرية في الشرق الأوسط، والذي وضعته الحكومة الأمريكية على قائمتها لرعاة الإرهاب، وأن السبب الرئيسي لطلب الحكومة العراقية العون من الميليشيات الشيعية يعود إلى عدم قدرة الجيش العراقي أداء المهام العسكرية بمفرد على الرغم من إن ثلاثة ألوية عراقية فقط قادرة على الصمود في المعركة، وأما الميليشيات الشيعية غير مستعدة ولا مدربة على القتال وإذا كان هجوم الفلوجة نموذجاً، فإن الاستعانة بميليشيات شيعية سيكون كارثياً.

ولكن الحشد الشعبي باعتبارها قوّة عسكرية كبيرة تحظى بدعم سياسي وحتى ديني كبيرين، فقد تمّ اللجوء إلى إجراء توافقات وعقد صفقات مع قادته بهدف إسناد مشاركة له في معركة الموصل، دون إثارة المزيد من مخاوف السكان المحليين ومن غضب أطراف رئيسية أخرى مشاركة في المعركة واقتضت التوافقات أنّ يظل الحشد في الخطوط الخلفية، وأن يقوم بدور الإسناد للقوات النظامية دون أن يدخل المدينة ويشارك في السيطرة الميدانية عليها، لكنّ شكوكا كبيرة حامت حول الالتفاف على تلك التوافقات عبر إقحام فصائل من الحشد الشعبي في قلب المعركة مموهة بأزياء الجيش والشرطة، وضاعف من تلك الشكوك الظهور الكثيف للرايات الشيعية على آليات الجيش الزاحف نحو الموصل المفترض نظريا أن له انتماء وطنيًّا للعراق بمختلف أعراقه وطوائفه، فضلا عن الأهازيج والهتافات وحتى الصراخ بأسماء ورموز شيعية عند إطلاق القذائف والصواريخ على مواقع تنظيم داعش ومقاتليه.
وتسببت قضية الرايات في أول إشكال يستجد على جبهات الموصل بين القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية المشاركة بفعالية في المعركة والتي أوقفت قواة تابعة للحكومة المركزية ببغداد ومنعتها من العبور إلى جبهة بعشيقة شمال شرقي الموصل؛ بسبب رفعها تلك الرايات، وإن قوات البيشمركة اشترطت على القوة العراقية إزالة الأعلام والرايات الشيعية التي ترفعها على مدرعاتها للسماح لها بالعبور إلى بعشيقة، وأضاف أن القوة الحكومية لم تتمكن من العبور إلاّ بعد إزالة جميع الأعلام وفي مقابل إسناد المهمة الرئيسية في معركة الموصل للقوات النظامية العراقية، تم "التعويض" لميليشيات الحشد الشعبي بالسماح لها بالقيام بدور قيادي في معركة قضاء الحويجة من محافظة كركوك على بعد حوالي مئة كيلومتر من الموصل وهدف قرار توجيه قوات الحشد إلى الحويجة بعيدًا عن الموصل إلى تخفيف العداء الطائفي، خلال القتال من أجل إنجاز المرحلة النهائية من الحرب ضدّ داعش في العراق.

يذكر أن منظمة العفو الدولية اتهمت في تقرير نشرته الثلاثاء 16-10-2016م الحشد الشعبي والقوات الحكومية العراقية بارتكاب جرائم حرب بحق فارين من مناطق سيطرة تنظيم داعش وان هناك "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان بحق الفارين من مناطق سيطرة تنظيم داعش ويتخوف من أن تقع هذه الانتهاكات في سياق الحملة العسكرية لاستعادة الموصل ويستند التقرير إلى مقابلات مع نحو 470 من الشهود والمعتقلين السابقين والناجين وكذلك مع مسئولين حكوميين وناشطين في مجال المساعدات الإنسانية.
وقال مدير الأبحاث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية فيليب لوثر: إن "السنة العرب في العراق يواجهون عقب نجاتهم من أهوال الحرب وطغيان تنظيم داعش هجمات انتقامية وحشية على يد الحشد الشعبي والقوات العراقية، وإن على السلطات العراقية أن تتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات المروعة ويتعين على الدول التي تدعم جهود مكافحة تنظيم داعش عدم غض الطرف عن هذه الانتهاكات" كما يلقي الضوء على الهجمات الانتقامية من قبل قوات الحشد ذي الأغلبية الشيعية على نازحين من محافظة الانبار والشرقاط (محافظة صلاح الدين) والحويجة (محافظة كركوك) وفي محيط الموصل (محافظة نينوى).

وبحسب التقرير فإن القوات المسلحة العراقية اعترفت رسميًّا بالحشد الشعبي في فبراير 2016 كجزء من القوات المسلحة العراقية؛ لذا فمن غير الممكن تجاهل مسئولية الحكومة عن هذه الانتهاكات ودعاها إلى وضع ضوابط صارمة لهذه الانتهاكات وتبين أبحاث منظمة العفو الدولية أن جرائم حرب، وغير ذلك من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، قد ارتكبت على أيدي الميليشيات ذات الأغلبية الشيعية، وربما القوات الحكومية، إبان عمليات استعادة الفلوجة والمناطق المحيطة بها من تنظيم داعش في مايو ويونيو 2016م وأن 12 رجلا وأربعة فتية من عشيرة الجميلة كانوا قد فروا من السجر شمال الفلوجة وسلموا أنفسهم لقوات ترتدي زي الشرطة الاتحادية في مايو 2016؛ حيث فصل الرجال والفتيان عن البقية وأعدموا رميًا بالرصاص."

مما سبق نستطيع التأكيد على أنه بالرغم من مرور عدة أيام على بداية معركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش الدموي، إلا أن المخاوف لا زالت تتجدد نظرًا لاستمرار انتهاكات الحشد الشعبي في المدينة، كما حدث من قبل في مدينة الفلوجة وتكريت عندما شارك آلاف من مسلحي الميليشيات الشيعية في القتال، وهو الأمر الذي سوف يستمر بلا شك ما دامت هذه الميليشيات الطائفية تشارك في القتال.