بعد الحديث عن قرب تحريرها.. الرقة "الهدف" الصعب للتحالف الدولي والأسد
الأربعاء 26/أكتوبر/2016 - 02:22 م
طباعة

بعد مرور أسبوع على بدء معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش الدموى بدأت التصريحات المتفائلة تتوالى عن قرب تحرير "الرقة " معقل داعش الرئيسي في سوريا وهو الأمر الذي كشف عنه وزير الدفاع الفرنسي ونظيره الأمريكي بأن التحالف الدولي يناقش تفاصيل خطة لمهاجمة مدينة الرقة؛ حيث أكد وزيرا الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان والأمريكي آشتون كارتر أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة ناقش تفاصيل خطته لمهاجمة التنظيم في مدينة الرقة معقله الرئيسي في سوريا، وأن التحالف الدولي تدارس مرحلة ما بعد طرد تنظيم الدولة من مدينة الموصل العراقية.

وذكر كارتر في مؤتمر صحفي مشترك مع لودريان عقب اجتماع لوزراء دفاع التحالف بباريس، أن واشنطن تتوقع أن تتداخل عمليتا الموصل والرقة ضد تنظيم الدولة، وهو جزء من خطة التحالف، وأن وزراء دفاع الدول الأعضاء في التحالف ركزوا في اجتماعهم اليوم 26-10-2016م على كيفية إنهاء سيطرة تنظيم الدولة على الرقة، وأن التحالف وضع أسس بدء عملية الرقة، ومنها تحديد القوى المحلية التي ستساعد التحالف في تحقيق الهدف المرسوم، وأنه راضٍ عن سير معركة استعادة مدينة الموصل من يد تنظيم الدولة، والتي تجري بتعاون بين التحالف الدولي والجيش العراقي وقوات البيشمركة، وأن وزراء دفاع دول التحالف راجعوا الخطة الموضوعة قبل أقل من سنة لهزيمة تنظيم الدولة في سوريا والعراق، وأنه تم تحديد ما يمكن للتحالف فعله لتسريع تنفيذ الخطة وكيفية حماية أراضي الدول الأعضاء من هجمات التنظيم، والتهديدات المستقبلية التي يمثلها الأخير.

من جانبه، قال وزير الدفاع الفرنسي: إن الدول الأعضاء بالتحالف ناقشت الخطوة المقبلة والمتمثلة في استعادة الرقة، وإن الأمر يمثل هدفًا استراتيجيًّا إسوة باستعادة الموصل، وإن الهزائم لحقت بتنظيم الدولة في مناطق عديدة في سوريا، كما تم فرض قيود وعزلة على مسلحي التنظيم، وإن وزراء دفاع التحالف بحثوا المخاطر التي يشكلها تنظيم الدولة على الدول الأعضاء؛ لأن حجم تهديده ما زال كبيرًا.
تصريحات وزيري الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان والأمريكي آشتون كارتر سبق وأكد عليها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قائلًا: إن على قوات التحالف الدولي التحضير لمرحلة ما بعد تحرير الموصل، والذي كان يتحدث في اجتماع بباريس لأعضاء التحالف أن أمن الموصل واستقرارها يمثل أمن المنطقة برمتها، ولكن الواقع على الأرض يؤكد على أن معركة تحرير الموصل ليست سهلة كما أن معركة تحرير الرقة ليست سهلة أيضًا، وهو ما أكد عليه تركي حسن المحلل العسكري والاستراتيجي بعد توارد أنباء سابقة عن مشاركة قوات كردية بدعم من التحالف الدولي، قائلًا: إن عملية تحرير محافظة الرقة من "داعش" والتي أعلن الجيش الأمريكي عن تحالف فصائل عربية وكردية لإنجازها، أمامها صعوبات كثيرة، وقد تأخذ وقتًا طويلًا، وأن هذا الأمر بات معروفًا منذ أشهر، عندما أعلن السيد صالح مسلم الجاهزية الكاملة من أجل التحرك بإتجاه الرقة وتحريرها، لكن هذا كان ينقصه الغطاء السياسي، واعتقد أن المرحلة الحالية قد تم الغطاء السياسي من قبل الولايات المتحدة وغض الطرف حتى من موسكو التي لا مانع لديها من أن تجري وتقدم الدعم لهذه القوات من أجل تحرير مدينة الرقة.

وتابع: إن مدينة الرقة هي مدينة كبيرة ومن الصعب إنجاز عملية تحريرها بسرعة، وبنفس الوقت من الصعب على قوات قليلة غير مؤهلة بشكل كامل تحريرها، وما أعلمه أن قوات سوريا الديمقراطية هي مجموعة من المكونات، سواء من وحدات حماية الشعب ومن جماعة الجيش الحر، وما يطلق عليه الآن أبوعيسى ومن تيار الغد الذي شكله أحمد الجربا من مجموعات تصل إلى مئات دربتها الولايات المتحدة من أجل الإسهام في هذه المسألة، وهناك بضع مئات من الجنود الأمريكيين الذين يوجهون ويقودون وبنفس الوقت يقدمون الخبرة الفنية وتوجيه الطيران أن تحرير الرقة ممكن ولكنه ليس سهلا؛ لأنه لا تستطيع هذه الوحدات إنجاز ذلك حتى ولو قدمت الولايات المتحدة لها الدعم الجوي؛ حيث إن الرقة كمدينة وكذلك البلدات على الطريق تحتاج إلى قوات أكثر من ذلك، فبحسب إعلان الأكراد في وحدات قوات حماية الشعب أنه لديهم عشرات الآلاف ليصل هذا الرقم إلى حوالي 46 ألف والبعض يقول 38 ألف والبعض 34 ألفا، ولكن القوات المحضرة حاليًّا لهذه العملية في مرحلتها الأولى عددها حوالي من 10 إلى 12 ألفًا، وأعتقد أن هذا الرقم في هذه المساحات الجغرافية الكبيرة لا تستطيع إنجاز هذه المهمة، خاصة أنها ستتقدم على 3 اتجاهات وهي اتجاهات صعبة.

وأضاف: "أعتقد أن التقدير بأن عناصر في الرقة عددهم يتراوح بين 3 إلى 5 آلاف فقط فهذا الكلام غير دقيق، وهذا الرقم- إن كان صحيحًا- فيمكن أن يتبدل صباح الغد ليكون 10 آلاف، أي أنه يتم المناورة بمجموعات إرهابية من مختلف المناطق الأخرى عندما تشعر داعش أنها مهددة حقيقة، هذا أولا، وثانيًا مدينة الرقة مختطفة منذ أكثر من 3 سنوات من داعش، ولذلك قامت بتحضيرها هندسيًّا، وأقامت الأنفاق واحتجزت أهاليها كدروع بشرية، وبالتالي هناك صعوبات حقيقية وكثيرة جدا في طريق تحرير الرقة، وأن مدينتي الرقة والموصل هما معقلان أساسيان لداعش، وبالتالي فإن الدفاع عنهما هو دفاع مستميت، وقال: إن علاقة "داعش" بالولايات المتحدة موجودة وصحيحة؛ لأن هناك معطيات تؤكد علاقة هذا التنظيم بالولايات المتحدة، وعندما تم حرق هذه الورقة تم شيطنته من أجل استثمار فصيل آخر، وأن هناك حساسية مفرطة بين أهالي الرقة والأكراد، وهذه الحساسية ستشكل عامل إعاقة للقوات المتقدمة، قائلًا: إن هذه الحساسية زادت في الأيام الأخيرة سواء من موضوع الإدارة الذاتية وإعلان منطقة حكم ذاتي والكونفدرالية، وهذا الأمر يشكل الآن هواجس ليس لدى أهالي الرقة فقط، بل في كل سوريا.

فيما اعتبر الكاتب ماهر الخطيب أن هناك رغبة أمريكية روسية في تحقيق انتصارات نوعية في هذا المجال، يأتي في سياقها الإعلان عن بدء المعركة ضد المعقل الأول في العراق، الموصل والمعقل الأول في سوريا الرقة وطرح الكثيرون سيناريو الانطلاق نحو المواجهة المفصلية في الرقة؛ نظراً إلى الأهمية التي تكتسبها على الصعيدين العسكري والسياسي، خصوصاً بعد الكلام عن تنسيق روسي- أمريكي لتحرير أحد أهم معاقل "داعش" في سوريا، الذي تم نفيه لاحقاً من الجانبين، في وقت يجري الحديث فيه عن تقدم العملية السياسية في الأوساط الدولية، نتيجة التوافق بين واشنطن وموسكو على الخطوط العريضة، وهو ما تُرجم من خلال بدء عملية تحديد مواعيد تشكيل حكومة وحدة وطنيّة، تجمع بين الحكومة الحالية وقوى المعارضة، بالإضافة إلى إمكانية ولادة دستور جديد.

وتابع: في الصورة العامة، يتم الحديث اليوم عن احتمال أن تكون هذه المعركة مشتركة؛ نظراً إلى عدم امتلاك أي جهة وحدها القدرة على حسمها من دون مساعدة الفريق الآخر، أي أنها ستكون بالتعاون غير المباشر بين الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية"، تحت غطاء جوّي أمريكي- روسي، بحيث يتم توزيع المهام للوصول معاً إلى نقطة الانتصار، بدل خوض معارك متفرقة من المرجح ألاّ تصل إلى أي نتيجة تذكر، بسبب إمكانية المراوغة لدى "داعش" وبالنسبة إلى الجيش السوري، بدأ التلميح إلى الإنطلاق نحو الرقة منذ المعارك التي خاضها على طريق أثريا خناصر، قبل أشهر قليلة، في حين كانت "قوات سوريا الديمقراطية" تتحدث عن هذا الأمر على وقع المعارك التي تخوضها في ريف الحسكة، وقبل ذلك لدى سيطرتها على مدينة عين عيسى، إلا أن هناك مجموعة من الأسئلة التي ينبغي أن تطرح قبل الحديث عن إمكانية حصول هذه المعركة في وقت قريب، أبرزها يتعلق بقدرة الجيش السوري على الانتقال من تدمر نحو الرقّة؛ نظراً إلى أن على طريقه هناك معارك عدّة ليست سهلة، أبرزها في دير الزور التي تعتبر من أهم تحصينات "داعش" في سوريا.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن عمليّة تحرير الرقة، وإن نضجت على المستوى الدولي إلى حد بعيد، لكنها ليست بالسهولة التي يتصوّرها البعض، وبالتالي فإن تأثير تحريرها سيترتب عليه العديد من المخاطر المستقبلية على تركيبة النظام السياسي في سوريا في المستقبل.