هل تنجح الـ"ترويكا" الدولية في إنقاذ ليبيا؟

الأربعاء 26/أكتوبر/2016 - 02:29 م
طباعة هل تنجح الـترويكا
 
في ظل الأوضاع الملبدة بالغيوم في ليبيا، بدأت بعض الدول تُبدي قلقها مما يحدث في البلاد، وخاصة مع استمرار العراقيل بين أطراف النزاع الليبي؛ ولذلك أكدت جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة أهمية وجود قوة عسكرية وأمنية ليبية متماسكة ومهنية تعمل تحت قيادة موحدة كما هو منصوص عليه في الاتفاق السياسي الليبي.
هل تنجح الـترويكا
جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته الأطراف الثلاثة في ختام اجتماع ثلاثي عقد أمس الثلاثاء 25 أكتوبر 2016، ضم أحمد أبو الغيط، ، وجاكايا كيكويتي الممثل الأعلى للاتحاد الإفريقي ومارتن كوبلر رئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا، وذلك بمقر الامانة العامة للجامعة لمناقشة الوضع الليبي وسبل تعزيز التعاون بين المنظمات الثلاث بغية دفع العملية السياسية ومساندة ليبيا في عملية انتقالها الديمقراطي.
وجددت الأطراف المشاركة- في بيان مشترك صدر في ختام الاجتماع- التأكيد على التزامها بسيادة واستقلال ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية وبتشجيع تسوية سلمية للوضع بقيادة ليبية لتمكين ليبيا من استكمال انتقالها الديمقراطي، مشددة على رفضها لأي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا.
وشددت على الحاجة إلى مقاربة دولية واقليمية متناقصة وتكاملية لمساندة ليبيا في التعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها.
 واتفقت الأطراف الثلاثة على تشكيل "ترويكا" بين الجامعة والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بهدف تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينها لتشجيع المصالحة الوطنية ودفع الحوار السياسي وتسهيل عملية تنفيذ الاتفاق الليبي الموقع بالصخيرات.
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، أعمال عنف تحولت إلى صراع مسلح على الحكم، قسم البلاد بين سلطتين، الأولى حكومة يعترف بها المجتمع الدولي في طبرق، والثانية حكومة مناوئة لها تدير العاصمة طرابلس بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا".
وفي مارس الماضي، تم تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة فايز السراج، بعد موافقة الأطراف الليبية على اتفاق الصخيرات برعاية الأمم المتّحدة.
 وبدأت الحكومة بمهامها في العاصمة طرابلس بعد حصولها على الدعم الدولي رغم عدم حصولها على الموافقة من البرلمان الليبي في الشرق. 
وينص اتفاق الصخيرات الموقع في الـ17 من ديسمبر الماضي على إخراج الميليشيات المسلحة من المدن الليبية ومن بينها العاصمة طرابلس بعد سحب سلاحها الثقيل وبعد فترة زمنية يتم سحب ما تبقى من سلاحها الخفيف، على أن تتم بعد ذلك ترتيبات دمجهم في قوات الجيش أو الشرطة أو في وظائف مدنية أخرى حسب الشروط المطلوبة للوظائف والمتوافرة لدى كل شخص، وهذا ما لم يحدث بعد 9 أشهر من توقيع الاتفاق و5 أشهر من تفويض المجلس الرئاسي لوزرائه في مهامهم وهو التفويض الذي يقطع حجة التعطيل بدعوى عدم نيل الثقة.
وأعلن أبوالغيط في مؤتمر صحفي مع كيكويتي وكوبلر عقب الاجتماع أن هناك اسماً عربياً مطروحاً للتعيين كمبعوث خاص للأمين العام للجامعة لليبيا، ولن يكشف عنه في الوقت الحالي، موضحًا أن الشخصية المرشحة ستصل للقاهرة قريباً وستعمل سويا مع ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. 
وقال كيكويتي الممثل الأعلي للاتحاد الإفريقي: إن الأخير سيساعد في تنفيذ أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه في ليبيا وقد ترسل الدول الإفريقية قوات حفظ سلام إلى هناك، كما أن الاتحاد مستعد للمشاركة في تقديم المساعدة لإعادة بناء الجيش الليبي.
هل تنجح الـترويكا
فيما قال كوبلر: إن هذه "الترويكا" يجب أن تكون مجموعة دعم قوية لليبيين، لكن الحل يجب أن يكون من الليبيين أنفسهم، مضيفًا أنه يجب توحيد الجيش الليبي تحت قيادة واحدة بقرار من الشعب، ونحن يمكن أن نساعد في تنظيم هذه العملية ولكن الشعب الليبي هو صاحب القرار.
وفي وقت سابق، قد حذر كوبلر، من خطورة الوضع الإنساني والأمني في ليبيا، مطالباً بتضافر الجهود والدعم الدولي للمؤسسات الليبية، دون التدخل في الشئون السيادية لهذا البلد، مؤكدًا على أن التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة في ليبيا منذ ثمانية أشهر، مكن من تحقيق تقدم مهم في الجانب السياسي، أدى إلى تجاوز الظروف الحرجة التي عاشتها ليبيا. 
وكشف كوبلر آنذاك عن وصول ما لا يقل عن 100 ألف مهاجر غير شرعي إلى إيطاليا قادمين من مختلف الدول الإفريقية عبر الأراضي الليبية.
 وأعلنت قوات البنيان المرصوص الموالية لحكومة الوفاق الليبية، عن تمكنها من تصفية أحد القادة الميدانيين لتنظيم داعش الإرهابي في سرت .
وأقرت نائبة رئيس مجموعة مجلس شيوخ فرنسا ناتالي مريم خلال مؤتمر صحفي بالقاهرة بخطأ التدخل في ليبيا عام 2011 قائلة :أخطأنا في التدخل العسكري في ليبيا ونحتاج للاتفاق مع مصر والجزائر لإيجاد حل في ليبيا.
وسبق أن أكد رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج على ضرورة تفعيل وبناء جيش ليبي ومؤسسة عسكرية موحدة، لا إقصاء فيها ولا تهميش لأي من القيادات العسكرية الوطنية، والابتعاد عن أي تجاذبات سياسية أو جهوية.
وبحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، فقد أشار السراج إلى وقوفه على مسافة واحدة من الجميع، وتقديره لكل التضحيات المبذولة من أجل تحرير البلاد من خطر الإرهاب، مؤكدا بالخصوص على أن الهدف مما أسماه ملتقى ضباط الجيش هو العمل على الوصول إلى توافق حقيقي بين أفراد المؤسسة العسكرية، وأنه لن يسمح بأن تستغل مثل هذه المبادرات لبث الفتنة والفرقة والانقسام بحسب وصفه.
وكانت أعلنت دول جوار ليبيا في اجتماعها الذي شهدته العاصمة النيجرية نيامي في 19 أكتوبر الجاري، رفضها للتدخل الخارجي في الشئون الداخلية لليبيا، وتمسكها بالحل السياسي الذي يفضي إلى مصالحة وطنية حقيقية من خلال الحوار الشامل والتوافق بين جميع الأطراف الليبية.
وأكدت التزامها بمعايير وتدابير الخروج من الأزمة في ليبيا والحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة ترابها وسيادتها على جميع أراضيها ووحدة شعبها واحترام إرادتها وخياراتها، كما رحب وزراء دول الجوار بالتقدم الذي تم إحرازه في مكافحة الجماعات الإرهابية في ليبيا.
في سياق آخر، قال المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق الوطني: إن المجلس سيعقد جلساته التشاورية بشأن التشكيل الحكومي الجديد بغدامس، الأسبوع المقبل. وجاء ذلك بعد حوالي أسبوعين على عقد المجلس الرئاسي لاجتماع في العاصمة التونسية للتشاور بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة إلا أنه لم يخرج بأي نتيجة.
هل تنجح الـترويكا
وتبنت تونس على مدى الأشهر الماضية جولات من الحوار إضافة إلى مفاوضات تشكيل الحكومتين المرفوضتين، وكانت مدينة غدامس قد احتضنت جولة الحوار الأولى في سبتمبر 2014 قبل أن يتم نقل الحوار إلى مدينة الصخيرات المغربية.
وفي نهاية أغسطس الماضي رفض مجلس النواب منح الثقة لحكومة الوفاق، خلال جلسة شارك فيها 101 عضو، صوّت 61 منهم بالرفض، وصوّت نائب واحد لصالحها.
وأثار إسقاط مجلس النواب الليبي لحكومة الوفاق جدلا حول مصير المجلس الرئاسي الذي ينص القانون 4 المتعلق باللائحة الداخلية لمجلس النواب على استبدال رئيسه ونائبيه في صورة رفض مجلس النواب للمرة الثانية تشكيلة الحكومة التي تقدم بها. لكن المجلس الرئاسي أعلن بعد ذلك أنه سيقوم بتشكيل حكومة جديدة وفي انتظار استكمال المشاورات ومنحها الثقة من قبل مجلس النواب ستتولى التشكيلة الحالية، أي المرفوضة، مواصلة مهامها.
في سياق متصل، وصف السراج إعلان "حكومة الإنقاذ" استئناف عملها في العاصمة طرابلس بـ"العبث"، متعهدا بإنهائه سريعا، قائلا: إن "ما حصل من أحداث في طرابلس خلال الفترة الأخيرة محاولة لخلط الأوراق، وسعي حكومة الإنقاذ لإرباك المشهد".
وأضاف أن المجلس الرئاسي "تعامل بحكمة ولم يستخدم القوة في الوقت الذي يدفع فيه البعض نحو مواجهة دموية، لكننا سنوقف هذا العبث قريبا ولن ننتظر طويلا".
وكان رئيس "حكومة الإنقاذ" خليفة الغويل قد أعلن قبل عشرة أيام عودة حكومته لمباشرة أعمالها من طرابلس بعد غيابها عن المشهد السياسي في البلاد منذ مارس الماضي.
 وعلى إثر ذلك، شهدت العاصمة تحركات للمجموعات المسلحة المسيطرة عليها والموالية لحكومة الوفاق.
وعلى صعيد الوضع في جنوب ليبيا، قال السراج: إن الوضع هناك "خطير جدا على جميع المستويات أهمها الأمنية والإنسانية ويحتاج إلى وقفة جادة، وهناك تنظيمات إرهابية تجوب الجنوب الليبي وبعضها استغل الصراعات التي تحدث بين القبائل".
ويرى مراقبون أن تشكيل قوة عسكرية موحدة في ليبيا، قد يهدئ من الأوضاع ويعمل على توازن الأمور، بينما يرى آخرون أنه قد يقود إلى المزيد من الصراعات وخاصة مع الاختلاف على اختيار القيادات التي تحرك هذه القوة العسكرية.

شارك