تحرير "دابق" يقضي على نبوءة "داعش" الدينية
الأربعاء 26/أكتوبر/2016 - 07:32 م
طباعة


تقع دابق على سهل واسع وخصيب في منطقة إعزاز، وهي على بعد 35 كلم شمال شرقي مدينة حلب، وتتبع دابق إداريا ناحية أخترين، كما تمثل محطة على الطريق ما بين مدينة مارع و محافظة الرقة عاصمة "داعش" في سوريا.
وتعمد دعاية تنظيم "داعش" الدعائية و الأيديولوجية والفكرية على "دابق" بوصفها "الملحمة الكبرى في نهاية الزمان" بين جيوش المسلمين وخصومهم، وذلك استناداً إلى الحديث النبوي "لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق"، وبهذا الفكر سيطر التنظيم عليها في شهر أغسطس عام 2014 وسمى مجلته الإنجليزية باسمها.
و كانت فصائل درع الفرات قد بدأت السبت 15 اكتوبر الجاري معركة تحرير بلدة "دابق" بريف حلب الشمالي، ذات الرمزية الدينية والعقائدية والدعائية المهمة لتنظيم الدولة (داعش).

وأكد حينها العقيد "أحمد عثمان" قائد فرقة "السلطان مراد" التابعة للجيش الحر، بدء معركة تحرير بلدة دابق من قبضة تنظيم "داعش"، وذلك بدعم من الجيش التركي.
وأوضح العقيد "عثمان" أن فصائل "درع الفرات" تعمل في المرحلة الأولى على محاصرة "دابق"، حيث استهلت المعركة بالسيطرة على قرية "الغيلانية" الواقعة جنوب شرق البلدة، بالتزامن مع التحضير لتحرير قرية أرشاف الواقعة جنوب دابق.
ورجح قائد فرقة "السلطان مراد" المنضوية في صفوف غرفة عمليات "درع الفرات" أن يبدي تنظيم "داعش" استماتة في دابق، مشدداً في الوقت نفسه على أن الثوار مصممون على طرد التنظيم من كامل ريف حلب الشمالي.
وكان تنظيم "داعش" قد تحضر معنوياً وبرر لمواليه "شرعياً" من ناحية الانسحاب من دابق، حيث ذكرت مجلة "النبأ" الناطقة باسم التنظيم في عددها الصادر قبل يومين من تحريرها تحت عنوان "إلى ملحمة دابق الكبرى"، أن "عُبّاد الصليب وأولياءهم (الأتراك والصحوات) حشدوا في ريف حلب الشمالي معلنين دابق هدفهم الأكبر، زاعمين أن تدنيسها بـ"أقدامهم النجسة وراياتهم الرجسة" سيكون انتصاراً معنوياً عظيماً على الدولة الإسلامية"، مضيفة "جنود الدولة يميزون بين معركة دابق الصغرى وملحمة دابق الكبرى".
وأضافت المجلة بمقالها المنشور في تاريخ 13 اكتوبر 2016 "لم يعلموا أن ملحمة دابق الكبرى تسبقها أحداث عظام، معتبرة أن "ما هذه الأحداث العظام في الشمال الشامي، في دابق وما حولها، إلا من إرهاصات الملاحم المقبلة ، التي ستُرغم الصليبيين، عاجلاً أو أجلاً ، على القبول بشروط جماعة المسلمين، وبعدها وما يتبعها من نصر، يغدر الصليبيون، فتكون ملحمة دابق الكبرى".
واعتبرت المجلة الناطقة باسم التنظيم أن "هذا الكر والفر في دابق وما حولها – معركة دابق الصغرى – ستنتهي بملحمة دابق الكبرى، لا محالة".
هذا ويعتبر سيطرة الجيش الحر على دابق بمثابة هزيمة معنوية وإيديولوجية كبيرة لمشروع تنظيم "داعش" في سوريا، وتصدع مشروع دولته "الإسلامية" المزعومة.

فيما قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة إن تنظيم "داعش" الإرهابي قد فقد أحد أهم نبوءاته وسردياته الدينية بسقوط قرية "دابق" في أيدي قوات ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر"، وفرار مقاتلي التنظيم من القرية التي تقع في شمال مدينة حلب، وذلك بعد أن رسخ لدى مقاتليه والمتعاطفين معه أنه جاء تحقيقًا لنبوءة تتحدث عن معركة في آخر الزمان في "دابق" بين المسلمين وأعدائهم ينتصر فيها المسلمون.
وأوضح المرصد أن التنظيم قد عمد في تقديم نفسه إلى المسلمين باعتباره محققًا لنبوءة دينية وردت في حديث نبوي مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرُّومُ بِالأَعمَاقِ أَو بِدَابِقٍ، فيخرُجُ إليهِم جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ من خِيَارِ أهلِ الأرضِ يَومَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَينَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلُهُمْ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَينَكُم وَبَينَ إِخوَانِنَا فَتُقَاتِلُونَهُم، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُم أَفضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ".
وأضاف المرصد أن خسارة التنظيم لتلك القرية تمثل فاجعة كبرى لديهم، حيث تتهاوى الكثير من رواياته وحججه التي ينشرها بين أتباعه والمتعاطفين معه، والتي يوظفها بشكل مكثف في عمليات تجنيد المقاتلين وغسيل العقول التي يجريها للعناصر المنضمة له، وقد أفرد المرصد مساحة كبيرة في وقت سابق للحديث عن هذه السردية التي يتحجج بها "داعش"، وأكد المرصد خلالها على أن داعش لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون تحقيقًا لنبوءة نبوية جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنها لا تمثل جماعة المسلمين، وما يقوم به هذا التنظيم لا يمت للإسلام بصلة لا من قريب أو بعيد، ولا يمكن بحال من الأحوال التسليم لكل جماعة مسلحة تسيطر على قرية "دابق" بأنها جماعة الإسلام وجاءت تحقيقًا لنبوءة نبوية.

وشدد المرصد على أهمية أن تنال عملية تحرير قرية "دابق" اهتمامًا إعلاميًّا كبيرًا لكشف زيف الادعاءات الداعشية الباطلة، وفضح التنظيم أمام مناصريه وأتباعه ومن يميلون إلى التطرف والعنف، وكافة المسلمين في مختلف بقاع الأرض؛ كي يعلموا بحق ويقين أن "داعش" لا يمت للنبوءات بأية صلة، كما أن استناده إلى روايات أو نصوص دينية يكون وفق فهمه الخاطئ لها، فيقتطع تلك النصوص عن سياقاتها وينسبها له بما يوافق مصالحه كي يضفي قداسة دينية على كل جرائمه وإرهابه ضد البشر في كل مكان.
وفي نفس السياق قال بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية إن تحرير بلدة “دابق” في محافظة حلب، شمالي سوريا، من قبضة تنظيم “داعش” الإرهابي، قطع الطريق أمام الهجمات بالقذائف الصاروخية التي يشنها التنظيم على تركيا.
وأورد البيان نتائج عملية “درع الفرات” في يومها الـ55، الأسبوع الماضي، وأشار إلى أن الجيش السوري الحر، تمكن، عبر دعم مدفعي وجوي، من السيطرة على 9 بلدات تقع شرق مدينة “مارع”، بريف محافظة حلب الشمالي، وهي: “دابق” و”صوران” و”احتيملات” و”رسم الورد” و”صالحية” و”حميدية” و”تلالين”، و”حوار النهر”، و”أسنبل”.
وأفاد بأن العمل جارٍ على تطهير تلك المناطق من الألغام والمتفجرات يدوية الصنع، وأكد أنه مع السيطرة على بلدة دابق يكون خطر سقوط قذائف داعش على الأراضي التركية قد زال تماماً، كما تم تأمين الخط الحدودي بين كيليس وقارقاميش بشكل كبير.
وأفاد البيان أن 9 من عناصر المعارضة السورية قتلوا في عمليات الأمس، وجرح 24 آخرون، فيما قتل عدد كبير من عناصر تنظيم داعش، منهم 6 قتلوا في غارتين جويتين لطائرات التحالف على أهداف لداعش في أسنبل.
وأوضح البيان أنه مع عمليات أمس، بلغت المساحة التي سيطرت عليها قوات المعارضة السورية منذ بدء عملية درع الفرات، حوالي ألف و220 كيلومترا مربعا.

ودعمًا لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم “درع الفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.
ونجحت العملية، خلال ساعات، في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، كما تم لاحقاً تحرير كل الشريط الحدودي ما بين مدينتي جرابلس وإعزاز السوريتين، وبذلك لم يبقَ أي مناطق متاخمة للحدود التركية تحت سيطرة “داعش”.
فيما اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن تحرير بلدة دابق من تنظيم داعش الإرهابي هو بداية النهاية له، ويشكل حدثاً مفصلياً وهاماً في مسيرة تطهير سورية من هذا التنظيم، لاسيما أن دابق لها رمزية خاصة أشاعها التنظيم بين أتباعه.
وأكد الائتلاف مجدداً على أن القوة الفعّالة في دحر الإرهاب من سورية بكل أشكاله وتنويعاته من تنظيمات وأنظمة؛ إنما هو الجيش السوري الحر، وذلك في حال توافر له الدعم الحقيقي، وتوافرت إرادة حقيقية لدى المجتمع الدولي في دحر الإرهاب.

وذكر ناشطون أن الثوار سيطروا على عشرة قرى في ريف حلب الشمالي خلال اليومين الماضيين ضمن معارك عملية "درع الفرات"، وهذا ما مكنهم من فك الحصار عن مدينة مارع وما حولها، وأضاف الناشطون أن الجيش الحر يعيد ترتيب صفوفه من أجل إكمال المعارك باتجاه مدينة الباب الاستراتيجية.
ورحبت دول إقليمية ودولية، بتقدم الجيش السوري الحر ضمن عملية "درع الفرات" التي تحظى بدعم تركي، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، إنه يرحب بالسيطرة على قرية دابق، واصفاً استعادتها بأنه "ضربة عسكرية ورمزية" للتنظيم، وأنه" يعطي قوة دفع جديدة" للحملة الرامية لهزيمته.
من جانبها، أعربت المملكة العربية السعودية، عن ترحيبها بنجاح الجيش الحر، من تحرير القرية، معتبرة أن "هذا الانتصار، يعد ضربة جديدة ضد تنظيم الدولة، لما تحمله القرية من بُعد رمزي للتنظيم الإرهابي".
كذلك اعتبرت وزارة الخارجية القطرية، أن السيطرة على قرية دابق وبلدة صوران، "تعد تقدماً إيجابياً وخطوة هامة نحو استعادة باقي المدن السورية"، مؤكدة "دعمها الكامل لكافة الإجراءات التي تتخذها تركيا لتعزيز الأمن على حدودها ضد التهديدات الخارجية".