بعد التلويح بإمكانية القتال.. سيناريو العلاقة بين "الحشد الشعبي" و"تركيا"
السبت 29/أكتوبر/2016 - 06:15 م
طباعة

فيما يُنذر بصدام عسكري مباشر، بعد التلويح الصريح من قبل ميلشيا الحشد الشعبي العراقية، بالقتال خارج الأراضي العراقية، في محاولة لصد التواجد التركي غير الشرعي في شمال العراق، قال المتحدث الرسمي باسم "الحشد الشعبي" النائب أحمد الأسدي بأن قوات الحشد الشعبي على استعداد للقتال والذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي للعراق.
وتسود حالة من التوتر في العراق بالتزامن مع إطلاق الجيش العراقي عملية تحرير مدينة الموصل – معقل تنظيم داعش في العراق وهي أحد أكبر المحافظات السنية في العراق – حيث أكد الجيش التراكي الذي يتواجد في شمال العراق بشكل غير شرعي في قاعدة بعشيقة، أنه لن يسمح بمشاركة قوات الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل، وأن الجيش التركي سيشارك في عملية تحرير الموصل، ما رفضته الحكومة العراقية بقيادة حيدر العبادي واعتبرت التواجد التركي في شمال العراق بغير الشرعي.
ويحاول أروغان تقديم نفسه كحامي للكتلة السنية في المنطقة من الاعتداءات والتجاوزات الشيعية وخاصة التجاوزات التي وقعت من قبل بعض عناصر الحشد الشعبي أثناء تحرير مدينة تكريت وغيرها من المدن السنية في العراق التي كانت تخضع لسيطرة "داعش".

وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تجنباً لأي تجاوزات طائفية خلال عملية تحرير الموصل، قررت أن الموصل لن يدخلها إلا القوات النظامية من الجيش والشرطة وأن قوات الحشد الشعبي ستكتفي بتقديم الدعم للجيش العراقي من خارج المدينة، ومع ذلك لم تقتنع حكومة أردوغان بذلك وتمسكت بالمشاركةفي عملية التحرير.
وحذرت ميليشات شيعية مسلحة من استمرار التواجد التركي واعتبرت هي والعناصر المسلحة التابعة لرجل الدين العراقي الشيعي مقتدى الصدر، الذي أعلن أن القوات التركية قوات غازية يستوجب قتالها وصد ترحكاتها، إلا ان الكثير من المراقبين رجّحوا عدم وجود صدام مباشر بين القوتين العسكريتين وأن الأوضاع التي يمر بها الطرفين يجعلهما مستمرين فقط في حرب التصريحات الكلامية.
الأسدي قال في تصريحات صحافية اليوم السبت، إن "قوات الحشد الشعبي مستعدة للذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي"، مضيفا أن "الجيش التركي لا يستطيع عرقلة تقدم الحشد الشعبي والقوات الأمنية بشأن عمليات تحرير الموصل من داعش، وأن قوات الحشد الشعبي تتقدم في محاور قتالها مع داعش واستطاعت حتى الآن تحرير 10 قرى جنوب وغربي الموصل.
وتعد قوات الحشد الشعبي بمثابة "العمود الفقري للجيش العراقي" وهي "جزء من المنظومة العسكرية العراقية الرسمية"، وهي إطار جامع لعشرات الميليشيات الشيعية المعروفة، مثل: منظمة بدر وسرايا السلام وعصائب أهل الحق والتيار الرسالي وحزب الله العراقي وغيرها من عشرات الميليشيات التي باتت تمارس نشاطاتها بشكل رسمي يمنحها صفة شرعية كأية مؤسسة من مؤسسات الدولة التي يحميها القانون خلال أداء الواجب العسكري في ظل غياب قانون ناظم لعمل هذه القوات التي تتولى الحكومة تسليحها وتمويلها ودفع رواتب عناصرها.

ترتدي قوات الحشد الشعبي الزي العسكري للجيش العراقي وتتسلح بسلاحه وتستخدم سياراته ومعداته، وتتمتع بدعم حكومي كامل يعطيها سلطات لا محدودة تتعدى حدود صلاحيات القوات النظامية التي تأخذ أوامرها من قادة قوات الحشد الشعبي في كثير من الأحيان؛ حيث إنهم "موجودون في معسكرات الجيش ويوجهون الضباط لمرافقتهم وحمايتهم عندما يقومون باقتحام المناطق وقيادة المعارك"، أو الاشراف عليها؛ حيث قاد هادي العامري وزير النقل السابق، الأمين العام لمنظمة بدر "آلاف المقاتلين لفك الحصار عن مدينة آمرلي"، كما يقوم شخصيًّا بمهمة الإشراف على العمليات القتالية لاستعادة السيطرة على مدن محافظة ديالى.
أهم التنظيمات في قوات الحشد الشعبي:

1 - سرايا السلام:
بعد الانهيار الكبير في المؤسسة الأمنية والعسكرية مباشرة، أعلن زعيم التيار الصدري في 11 يونيو 2014 عن تشكيل "سرايا السلام" للدفاع عن المقدسات. كان الظهور الرسمي الأول لسرايا السلام في الاستعراض العسكري الذي نظمه التيار الصدري يوم 21 يونيو 2014.
تهدف سرايا السلام إلى حماية المقدسات الشيعية من تهديدات تنظيم الدولة، وتحرِّم وتمنع إثارة النعرات الطائفية، وهي لا تدافع عن جهة ما أو تنظيم، وتتبنى استراتيجية تصفها بأنها استراتيجية الدفاع حصرًا، ومنع قيام هذه السرايا بشنِّ أي هجوم على الآخرين منعًا باتًّا.
تعد سرايا السلام جناحًا مسلَّحًا للتيار الصدري بعد تفكيك جناحه الأصلي المسمى: لواء اليوم الموعود، الذي تشكَّل بعد الانشقاقات الحادة التي شهدها جيش الإمام المهدي في العام 2008.
يتركز نشاط سرايا السلام في مدينة سامراء ذات المكانة الدينية الحساسة لدى الشيعة كونها تحتضن مرقدين من أكثر المراقد قدسية لدى عموم الشيعة في العالم، إضافة إلى بعض الأقضية والنواحي في محافظات ديالى وبابل وكركوك وصلاح الدين، وقد شاركت في عمليات هجومية خاصة في جرف الصخر شمال بابل رغم إعلان زعيم التيار الصدري عن استراتيجية دفاعية فقط.
ترفض سرايا السلام القتال إلى جانب القوات الأميركية أو مساندتها، وقد ردت على تصريح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي تحدث فيه عن جهود قوات التحالف في فكِّ الحصار عن العالقين في جبل سنجار واستعادة السيطرة على مدينة آمرلي بالقول: "إن من حرَّر آمرلي ومحيطها هم أبناء العراق وصقور جوِّه وطائراته".

2 - عصائب أهل الحق:
هي جماعة شيعية مسلحة انشقت عن جيش الإمام المهدي في العام 2006.
يُقدَّر عدد أفرادها بأكثر من عشرة آلاف مقاتل تقوم إيران بمهمة تمويلهم وتدريبهم وتسليحهم، وقد أعلنت هذه الجماعة على لسان ممثلها في إيران بيعتها وولاءها للمرشد الأعلى علي خامنئي خريف العام 2014.
نفَّذت عصائب أهل الحق العديد من العمليات ضد القوات الأميركية، كما شاركت في الصراع السوري تحت لواء أبي الفضل العباس لحماية مرقد السيدة زينب، وأعلنت عن مقتل العديد من عناصرها هناك.
بعد الانسحاب الأميركي أعلنت عصائب أهل الحق إلقاء السلاح والدخول في العملية السياسية باسم "كتلة الصادقون" التي يرأسها النائب حسن سالم، وتسهم بشكل واسع في قوات الحشد الشعبي لقتال تنظيم الدولة في معظم مناطق القتال، ومن بينها مدينة الرمادي، وهي جزء من المنظومة الأمنية العراقية، خصوصًا بعد فتوى المرجع الديني علي السيستاني.
لعصائب أهل الحق ممارسات طائفية ضد السنَّة في مناطق تواجدها، مؤخرًا تَمَّ إدراجها على قائمة المنظمات والجماعات الإرهابية التي أصدرتها دولة الإمارات العربية المتحدة، وتتشكَّل من أربع كتائب عسكرية من بينها واحدة على الأقل تعمل في سوريا.

3 - منظمة بدر:
تأسست منظمة بدر في إيران أوائل ثمانينات القرن الماضي تحت مسمى لواء بدر ثم فيلق بدر، من جنود وضباط عراقيين هاربين من الجيش العراقي خلال حرب الخليج الأولى، ويشير بعض التقديرات إلى انها تضم عشرات آلاف المقاتلين، وقد لعبت دورًا في التمهيد لغزو العراق واحتلاله من خلال مشاركتها في مؤتمرات المعارضة العراقية في لندن وصلاح الدين.
بعد الاحتلال مباشرة، أعلن فيلق بدر تحوله إلى منظمة مدنية. واجهت منظمةَ بدر العديدُ من الاتهامات بتنفيذ عمليات اغتيال طالت قيادات سُنيَّة مدنية وعسكرية، وهي الاتهامات التي ظلت تنفيها بشكل رسمي.
وقد أدرجتها الإمارات العربية المتحدة على لائحة المنظمات والجماعات الإرهابية، كما أشار الكثير من المنظمات الدولية إلى مسؤوليتها عن سلسلة من عمليات الاختطاف والقتل على الهوية.
ترفض المنظمة المشاركة في التحالف مع الولايات المتحدة، ولا تُخفي عملها "تحت أمر ولاية الفقيه"، وأنها توجهت إلى جبهات القتال في سوريا والعراق بتكليف شرعي من المرشد الأعلى علي خامنئي قبل إصدار فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني.

4 - كتائب حزب الله العراقي:
تشكَّلت كتائب حزب الله العراقي، في العام 2007، بدعم مباشر من حزب الله اللبناني، من عدَّة كتائب مسلَّحة مثل أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وعلي الأكبر والسَّجَّاد، وغيرها من الكتائب التي كانت تعمل بشكل مستقل. لا تُخفي هذه الكتائب تأييدها وانتماءها إلى ولاية الولي الفقيه، كما جاء في بيان للكتائب.