تقارب تركى روسي يزعج واشنطن..وطى صفحة الطائرة الروسية بعد تنازلات أنقرة
الأربعاء 02/نوفمبر/2016 - 09:45 م
طباعة


وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو
تتواصل محاولات التقارب التركي الروسي بعد أشهر من المقاطعة والتراشق الاعلامى، على خلفية اسقاط طائرة روسية على الحدود التركية السورية، ولكن بعد اعتذار أنقرة فى الفترة الأخيرة عن هذه الواقعة، ومحاولة تحسين الأجواء واستعادة العلاقات الاستراتيجية بينهم، على خلفية الدعم الذى تقدمه الولايات المتحدة للأكراد، اعتبر الخبراء انه فرصة لتحقيق مكاسب مشتركة بين الطرفين، واستغلال حالة عدم الاتزان للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
ويمثل إعلان وزير الخارجية التركي استعداده شخصيا للاعتذار من أرملة قائد "سوخوي- 24" التي أسقطتها بلاده قبل عام؛ خطوة متقدمة على طريق التطبيع الكامل للعلاقات، حيث لم تشف الجرح الروسي، رسالة رجب طيب اردوغان الى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي تضمنت تعبيرا، حرص مدبج الرسالة على ان يكون اقرب الى الاسف منه الى الاعتذار، حتى جاء الوزير مولود جاويش اوغلو يعلن لقناة روسية تلفزيونية انه مستعد شخصيا للاعتذار من ارملة الطيار، وان انقرة جاهزة لاعادة محاكمة المواطن التركي الذي قتل الطيار الاسير ومثل بجثته.
وقبل يوم من المقابلة المطولة، اجرى رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي، الجنرال خلوصي أكار مع وفد عسكري وامني كبير مباحثات في موسكو، وسط تقارير تشير الى ان التنسيق بين روسيا وتركيا بلغ درجة عالية بما في ذلك حول سوريا، وربما يبدو امرا عجيبا لغير المتبحر في زوابع السياسية ان انقرة التي قتلت الطيار الروسي، عمدا وليس عن طريق الخطأ، تجاوزت ما وصفه حينها الرئيس الروسي "طعنة في الظهر" واستانفت علاقات الشراكة مع موسكو في مختلف المجالات وصولا الى التنسيق العسكري في سوريا.

اردوغان يعتذر بعد ضغوط روسية
ويري الخبراء أن الحادث المأساوي، جدد دماء العلاقة الروسية التركية من منطلق المصلحة المشتركة في البحث عن حل يجنب البلدين الخوض اكثر في الرمال المتحركة للازمة السورية ، وليس خافيا ان موسكو تغض البصر، عن الدور التركي العسكري في اجزاء من الاراضي السورية؛ مقابل الاعتراف الواضح ودون مواربة من انقرة بان ما كان "جبهة النصرة " وتغير الى " فتح الشام" تنظيم ارهابي، الامر الذي اعلنه جهارا اوغلو مشددا على استعداد بلاده للتنسيق التام مع الاجهزة الروسية في ملاحقة والقضاء على التنظيمات الارهابية "دون حدود".
ويعتبر البعض انه بالرغم من أن الوزير التركي كرر مقولات من قبيل "استحالة التوصل الى حل سياسي في سوريا بمشاركة الحكومة الحالية في دمشق"، الا ان انقرة لم تتوقف عن ارسال اشارات التقطتها موسكو، بان "مصير الاسد" لم يعد عائقا امام الانخراط في عمل سياسي وعسكري مشترك في سوريا.
وفى سياق متصل قال اوغلو أن روسيا وتركيا شكلتا فرقا دبلوماسية وعسكرية واستخباراتية مشتركة لدراسة كافة المسائل السورية والإقليمية والعسكرية، وانه من الصعب تخيل قيام احلاف في فترة زمنية قياسية، بيد انه ليس من المستبعد ان ينتهي العام بعمل سياسي وعسكري في سوريا يضع الرئيس الامريكي القادم امام واقع جيوسياسي ترسخ اوتاده الشراكة الروسية- التركية المتجددة ، فتركيا طلقت وهم الانضمام الى الاتحاد الاوربي، وادركت انها كاليتيم على مائدة حلف شمال الاطلسي، وان واشنطن تنظر في سرها الى نظام حزب العدالة والتنمية كانه "منبوذ" وان كانت تضطر في العلن للوك مفردة الشراكة من باب رفع العتب .
كما يدرك قادة تركيا ان مصالح بلادهم التجارية والاقتصادية والعسكرية الكبيرة مع روسيا وليست مع الغرب والولايات المتحدة. فقد ذاقت مئات الشركات والمصالح التركية لوعة "الفراق" مع الشريك الروسي لثمانية اشهر؛ خسرت خلالها المليارات، فى حين يجد الكرملين في تركيا شريكا لن يتورط مجددا في اخطاء سببها اوهام بالقوة لا تاخذ بنظر الاعتبار حقائق التاريخ والجغرافيا وبداية تشكل عالم متعدد الاقطاب، يتعين على ساكن البيت الابيض الجديد التعامل معه سواء بنعومة الانثى ام بعنفوان الرجل!
على الجانب الاخر أرسلت السلطات التركية تعزيزات عسكرية إضافية إلى ولاية كليس التركية الحدودية مع سوريا ، لدعم الوحدات العسكرية المتمركزة هناك، وكشفت تقارير اعلامية أن عربات عسكرية ترافقها حراسة من قوات الدرك، وصلت إلى مركز الولاية، كما أرسلت ناقلات جنود.
وقام وزير الدفاع التركي، فكري إشيق بزيارة تفقدية لقوات بلاده على الحدود مع سوريا، في ولاية هتاي، عقب التعزيزات العسكرية للمنطقة، ووصل إشيق، برفقة قائد القوات البرية، صالح ذكي جولاق، وضباط في القوات المسلحة، إلى مخفر حدودي للقوات البرية عند نقطة الصفر على الحدود مع سوريا.
قال إشيق إن قوات بلاده تؤدي واجبها على أكمل وجه في المناطق الحدودية وتقوم بخطوات هامة من أجل ضمان أمن الحدود، مشيرا إلى أن تركيا مستعدة لكافة الاحتمالات التي من الممكن أن تحدث في المنطقة، مضيفا بقوله "لا نهتم فقط بتحرير مدينة الرقة من داعش، بل نولي اهتماما كبيرا بالخطوة التي ستلي عملية تحرير المحافظة من هؤلاء الإرهابيين".

اسقاط طائرة روسية وتر العلاقات التركية الروسية
كانت تركيا أرسلت في الآونة الأخيرة تعزيزات عسكرية إلى مناطق مختلفة على حدودها مع سوريا والعراق، كان آخرها في منطقة سيولبي الواقعة في المثلث الحدودي مع البلدين.
وقال نائب رئيس وزراء تركيا نعمان قورتولموش إن التعزيزات العسكرية على الحدود مع العراق يأتي كإجراء احترازي وليس تهديدا، وحث الحكومة العراقية على تخفيف التوترات، بعد أن حذر رئيس الحكومة حيدر العبادي من أن تركيا ستدفع ثمن أي توغل تجاه الموصل.
أضاف قورتولموش "أرى أن تصريحات العبادي تجاوزت الحد. يجب على العبادي أن يدلى بتصريحات تخفف من التوتر"، مضيفا إننا مضطرون لاتخاذ إجراءات للحماية من التهديدات عبر الحدود التركية.