موسكو تتهم المعارضة المسلحة باستغلال الهدنة لارتكاب جرائمها..والغرب يبحث عن بديل للأسد
الخميس 03/نوفمبر/2016 - 06:59 م
طباعة


بوتين
اتهمت موسكو المعارضة السورية المسلحة باستغلال الهدنة الانسانية للتزود بالسلاح وارتكاب جرائم ضد المدنيين، فى الوقت الذى تبحث فيه العواصم الغربية مستقبل سوريا بعد رحيل نظام بشار الأسد، والتشاور مع فصائل المعارضة على السيناريوهات المختلفة.
يأتى ذلك في الوقت أكدت فيه الخارجية الروسية أن الإرهابيين في سوريا استفادوا من الهدنة الإنسانية المعلنة في حلب من أجل إعادة نشر قواتهم وتجديد مخزوناتهم، وقالت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، "إن الوضع في سوريا صعب جدا، وتمكن مسلحو تنظيمي داعش وجبهة فتح الشام الإرهابيين من استغلال الهدنة الإنسانية التي كانت في حيز التنفيذ في حلب والمعلنة من أجل تحسين وضع السكان المدنيين المحاصرين في المدينة".
أوضحت زاخاروفا أن المسلحين "قاموا بإعادة انتشار قواتهم وتجديد مخزوناتهم، وثم حاولوا خرق خط الدفاع للقوات السورية الحكومية من خلال شن هجوم واسع على غرب حلب من 28 إلى 30 أكتوبر، معتبرة أن الهجوم تم صده من قبل القوات الحكومية في معارك شرسة، مضيفة أن المسلحين "تكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".
أشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية إلى أن "الطيران الروسي لم ينفذ، حتى في هذه الظروف، ضربات على حلب"، مؤكدة أن الهدف الأساسي لتعليق القوات الجوية الفضائية الروسية شن غارات على مواقع المسلحين في المدينة هو إعطاء فرصة للولايات المتحدة للفصل بين المعارضة والإرهابيين.
وتعليقا على التطورات الأخيرة في الموصل العراقية، حذرت زاخاروفا التحالف الدولي ضد "داعش" من استخدام القوة المفرطة خلال شنه غارات على المدينة، وأشارت المسؤولة الروسية إلى "تدهور مستمر للأوضاع الإنسانية" في الموصل، لافتة إلى أن "تدفق السكان المحليين الذين يفرون من المدينة وريفها يرتفع باطّراد".

وزير خارجية المانيا مع ممثل للمعراضة السورية
أعادت زاخاروفا إلى الأذهان أن حوالي 20 ألف شخص انسحبوا، وفقا لمعطيات منظمة الهجرة الدولية، من مناطق الأعمال القتالية في المدينة منذ انطلاق عملية تحريرها من قبضة "داعش"، مشددة على أن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير، مشيرة إلى أن هذه العمليات تتعرض لها دائما الأحياء السكنية والمؤسسات المدنية، ودعت زاخاروفا من جديد "الولايات المتحدة وحلفاءها إلى العمل بمسؤولية ومنع الاستخدام المفرط للقوة، مثلما حصل سابقا في العراق".
وفى سياق متصل أكد الكرملين بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي الوضع في سوريا على خلفية القرار حول الهدنة الإنسانية، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف جرى بحث الوضع في سوريا، بما في ذلك على خلفية القرار الأخير حول فرض هدنة إنسانية جديدة".
أضاف بيسكوف أن اجتماع مجلس الأمن الروسي تناول كذلك مسائل الوضع الاقتصادي الاجتماعي الداخلي.
يذكر أن الاجتماع عقد بمشاركة مدير الديوان الرئاسي أنطون فاينو وأمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف ورئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين ووزير الخارجية سيرجي لافروف ووزير الدفاع سيرجي شويجو ووزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف ومدير هيئة الأمن الفدرالية ألكسندر بورتنيكوف ورئيس مصلحة الاستخبارات الخارجية الروسية سيري ناريشكين.
وعلى صعيد المعارك تمكن الجيش السوري من صد هجوم عنيف شنته الفصائل المسلحة بقيادة "النصرة" على عدد من أحياء حلب الغربية باتجاه بلدة منيان، فقد فشل الهجوم في إحداث أي خرق، بدأ الهجوم الذي أعلن عنه ما يسمى بـ"غرفة عمليات ملحمة حلب الكبرى"، صباح اليوم بمحاولة تفجير مزدوج، لكن الجيش السوري تصدى للهجوم ودمر عربتين مفخختين قبل وصولهما إلى خطوطه الدفاعية في محيط حي "حلب الجديدة".
وفي وقت لاحق، تم تفجير مفخخة ثالثة على محور مشروع 3000 شقة، فيما استمرت الاشتباكات على محاور منيان وحلب الجديدة وأكاديمية الأسد العسكرية، وارتفعت حصيلة الضحايا في صفوف المدنيين إلى 12 قتيلا، فيما ذكرت مصادر أخري أن عدد المصابين تجاوز 60 شخصا، بعد أن طالت عمليات قصف عنيفة كلية الآداب بحلب الجديدة، ومناطق سكنية عدة، بالإضافة إلى هجوم بقذائف تحمل غازات سامة، إذ نقل 9 أشخاص إلى مشفى جامعة حلب بعد إصابتهم بالاختناق.
وفي وقت سابق، تحدثت مصادر عن سقوط 19 شخصا بين قتيل وجريح، معظمهم طلاب، جراء استهداف كلية الآداب بالقذائف والرصاص المتفجر. وأكدت مصادر في مشفى الجامعة وصول جثتي قتيلين و17 مصابا بعد استهداف الكلية.
جاء الهجوم بعد أن شهدت المدينة، خلال الـ 48 ساعة الماضية، هدوء نسبياً بعد فشل المسلحين في تحقيق الهدف المعلن لما سمي بـ "ملحمة حلب الكبرى"، وهو فك الحصار عن الأحياء الشرقية التي يطوقها الجيش السوري، كما تحدثت مصادر عن قصف مدفعي تركي عنيف على قرى أم حوش وحربل وسد الشهباء في ريف حلب الشمالي، استهدف مواقع "قوات سوريا الديمقراطية" ، فيما أعلنت المقاومة الوطنية السورية عن هبوط مروحيات تركية على الحدود.
ولم تنجح مساعي الجبهة الشامية التي أعلنت في بيان عن توليها فض النزاع بين الفصائل المذكورة في التوصل إلى حل، وسط إصرار الزنكي وكتائب أبو عمارة باعتقال قائد فصيل "استقم كما أمرت".
وفي وقت سابق شهدت عدة أحياء شرق المدينة اشتباكات واعتقالات متبادلة سقط خلالها ما يقارب 30 مسلحاً من الطرفين بين قتيل وجريح .

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا
بالتزامن مع تلك الاشتباكات أعلن لواء "سيوف الشام" المنتشر في ريف حلب الشمالي في بيان له انضمامه لحركة نور الدين الزنكي، عازيا الخطوة إلى "الحاجة إلى رص الصفوف شمال المدينة".
مشهد الاقتتال بين الفصائل بات متكررا في أكثر من منطقة في سورية حيث شهد ريف إدلب قبل شهرين اشتباكات عنيفة بين فصيل جند الأقصى الإسلامي وحركة أحرار الشام الإسلامية سبقها "اقتتال الأخوة" في غوطة دمشق الشرقية بين جيش الإسلام من جهة وحركة الفسطاط وفيلق الرحمن في الجهة المقابلة.
وفى غطار المحاولات الغربية لتسوية سياسية دعا وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينمايرإلى منع حدوث "فراغ" في تسوية الأزمة في سوريا بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
قال شتاينماير: "يجب عدم السماح بحدوث فراغ بسبب تغير الإدارة الأمريكية المرتقب. لذا، فنحن بحاجة ماسة إلى زخم جديد للمحادثات بين موسكو وواشنطن، وكذلك بين شركاء إقليميين".
جدد وزير الخارجية الألماني رأيه بأن الهدن الإنسانية التي تنظمها موسكو في محيط مدينة حلب وجيزة جدا من حيث مدتها، وهي بالتالي غير كافية لإجلاء المرضى والجرحى وإيصال مساعدات إنسانية إلى أهالي المدينة، معتبرا أن توقف تحليقات الطائرات الحربية فوق حلب قد خفف من معاناة سكانها، لكنه أعرب عن أسفه من مواصلة عمليات القصف في ضواحي المدينة.
ودعا شتاينماير إلى عدم الإبطاء في فصل المعارضة المعتدلة في حلب عن مسلحي "جبهة النصرة". وقال إن "على جميع أطراف النزاع تنفيذ التزاماتها لتخفيف معاناة الناس في حلب وإنهاء هذه الكارثة. وكانت الهدنة ولا تزال الخطوة الأولى في هذا الطريق". وتابع قائلا إن ثمة ضرورة لا أقل إلحاحا هي "الفصل الواضح بين المقاتلين وتنظيم جبهة النصرة الإرهابي".
اعتبر الوزير أن روسيا، بوصفها حليفة دمشق، تتحمل "مسؤولية خاصة" عن حل النزاع في سوريا بوسائل سياسية، لكنه ذكر أن برلين تدعو "سائر الأطراف المشاركة في النزاع، ولا سيما ذات الوزن الخاص في المنطقة، إلى المساهمة في جهود ترمي إلى إنهاء معاناة الناس".
كما أشار شتاينماير إلى أهمية الحفاظ على وحدة صف المعارضة السورية المعتدلة، قائلا إنه أعرب لرياض حجاب عن امتنان بلاده لتمسك المعارضة بوحدتها.