عملية "غضب الفرات".. "القشة" التي قد تقصم ظهر داعش وتركيا
الإثنين 07/نوفمبر/2016 - 01:11 م
طباعة

يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية والمدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تحقق أي انتصار، حتى ولو كان شكلياً، بعد قيام القوات المدعومة من تركيا والتي تقاتل في الشمال السوري تحت مظلة ما يسمى "درع الفرات" بتقليص نفوذها وحصر تواجدها إلى الشرق من نهر الفرات، فجاءت عملية "غضب الفرات"، وهو الاسم الذي أطلقته على محاولة جديدة لإعادة نفوذها في الشمال السوري ولكن هذه المرة على حساب تنظيم داعش الدموي في الرقة السورية.

قوات سوريا الديمقراطية التي تعد مزيجًا من تحالف فصائل عربية وكردية سورية مدعومة من واشنطن، التي عمدت إلى "طمأنة" تركيا عبر رسائل تهدئة، بأنه من الممكن مشاركتها في المعركة، إلا أنها ألمحت إلى أن الدور التركي قد لا يكون عسكرياً ليلتقيا رئيسا أركان الجيش التركي والأمريكي في أنقرة، لبحث التحركات ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، تحديداً في مدينتي الباب والرقة السوريتين، مع تأكيد واشنطن أن تحركات وحدات حماية الشعب الكردية والمخاطر من وقوع اشتباكات طائفية في المنطقة.
معركة تحرير الرقة المعقل الأبرز لتنظيم داعش في سوريا رحبت بها وزارة الدفاع الأمريكية، وأشارت إلى أن المعركة لن تكون سهلة فيما أكد مسئولون أمريكيون على استمرار المباحثات حول من سيتولى المهمة ميدانياً، بعد استعادة المدينة من التنظيم، وأن مسئولية اقتحام المدينة تعود بشكل أساسي لقوات عربية، لأن المدينة عربية ليعلن المتحدث باسم التحالف الدولي أنه عندما يتعلق الأمر بالرقة، فالتحالف يريد أن تكون القوة التي تحرر المدينة في نهاية المطاف قوات عربية. وقال: "لهذا قمنا بتدريب العديد من هؤلاء المقاتلين وسوف نستمر بتدريب المزيد منهم".

ولاقى إطلاق معركة تحرير الرقة من تنظيم داعش تأييداً دولياً، خاصة من فرنسا التي شددت على بدء المعركة ضد التنظيم في المدينة التي تعتبر معقله في سوريا بالتزامن مع عملية الموصل في العراق، إلا أن التأييد الذي لاقته المعركة زاد من مخاوف مشاركة القوات الكردية بمفردها في عملية تحرير الرقة، دون إشراك باقي فصائل المعارضة السورية، على الرغم من أن غالبية سكان المدينة من العرب والبداية كانت من التأكيد الدولي على حتمية انطلاق عملية تحرير مدينة الرقة، معقل داعش المزعوم في سوريا بعد الموصل العراقية فوراً، والتأكيد أيضاً على منع هروب قياديي داعش وعناصره من الموصل إلى الرقة، التي تبعد 400 كيلومتر إلى الغرب، فيما أعلن مسئول أمريكي بعد الإعلان عن انطلاق معركة تحرير الرقة أنه بدء عملية عزل المدينة، تمهيداً لتنفيذ هجوم عليها لتحريرها من سيطرة تنظيم داعش وقال: "سنسعى أولا إلى عزل الرقة للتمهيد لهجوم محتمل على المدينة بالتحديد لتحريرها ونبذل جهداً من أجل تعزيز الضغط على تنظيم داعش في الرقة، بموازاة عملية مماثلة في العراق"، في إشارة إلى الهجوم على الموصل، معقل المتطرفين في العراق، الذي بدأته القوات الحكومية العراقية قبل 3 أسابيع.
أما قوات سوريا الديمقراطية فبعد إعلانها انطلاق معركة تحرير مدينة الرقة أكدت أن المعركة ستجري بالتنسيق مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا، وأكدت أنها تلقت وعوداً دولية بتقديم الدعم العسكري في عملية تحرير الرقة دون تدخل من تركيا؛ حيث أكد عضو مجلس سورية الديمقراطي ورئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية السورية ريزان حدو على استحالة أن تكون قوات سورية الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية في خندق واحد مع الأتراك ولدينا قناعة بأن تركيا ليست جادة في محاربة "داعش"، وفي ظل سياسة الحكومة التركية الحالية ودعمها الواضح للتنظيمات الإرهابية لن نستطيع التمييز بين "داعش" والجيش التركي فكيف نحارب "داعش" بمشاركة الأتراك والقرار، اتخذ بمحاربة الإرهاب بأي مكان وسحب الذريعة من تركيا للتدخل في سوريا. وأنا شخصيا أتمنى أن تكون العملية بالتنسيق مع الجيش السوري وأعول على تحركه من جنوب الرقة ليكون المنطق مشابها لمجريات حرب "داعش" في العراق حيث تحرك البيشمركة والجيش العراقي معا لتحرير الموصل".

واستطرد بالقول: "القضاء على الإرهاب هو مصلحة سورية وطنية عامة وليست مصلحة خاصة لحزب أو تجمع أو مكون عرقي أو طائفي، لذلك حتما تضافر جهود كل السوريين سيسهل ويسرع هذه العملية وتركيا افتعلت المشاكل في معارك تحريركوباني وتل أبيض والشدادة وفي منبج، وحاولت إحداث فتنة عرقية بين مكونات المنطقة، ووصل الحد في الموصل إلى الخروج عن الآداب والأخلاق الدبلوماسية بحق الساسة العراقيين. وفي ريف حلب الشمالي، مع نجاح قوات سوريا الديمقراطية بالتقدم وتحرير قرى وبلدات من "داعش"، تدخلت الطائرات والمدفعية التركية بشكل مباشر واستهدفت هذه القوات وأنه تم تشكيل غرفة عمليات غضب الفرات لقيادة معارك تحرير الرقة وريفها انطلاقًا من ريف الرقة الشمالي في محيط عين عيسى لتضييق الخناق على "داعش" وعزل ريفي الرقة الشمالي والغربي عن الحدود التركية وأن المقصود بتسمية العملية الغضب الإيجابي لاتجاه المجازر التي ارتكبها "داعش" طوال الفترة الماضية بحق كافة المكونات التي تقطن ضفاف الفرات، ونقصد هنا العرب والكرد والسريان والآشور، وكلنا يذكر مجازر الشعيطات بحق العشائر العربية ومجازر الطبقة والرقة وعين العرب".
وتابع: "التحضيرات والمباحثات لمعركة الرقة منذ فترة طويلة، لكن التأخير كان بسبب الخلاف حول الدور التركي والتدخل التركي العسكري في الأراضي السورية والقصف التركي لقوات سورية الديمقراطية في شمال حلب ولدينا الإرادة والتصميم لتخليص أهالي الرقة من داعش، وإن عملية غضب الفرات انطلقت بالتنسيق مع التحالف الدولي ومع المستشارين العسكريين الموجودين على الأرض وعبر الإسناد الجوي والقصف الذي تقوم به طائراته وتزويد مقاتلي سوريا الديمقراطية بالأسلحة والذخائر التي يحتاجونها في مثل هذه المعارك، وإنه كما تجمعهم علاقة جيدة وممتازة مع التحالف الدولي والولايات المتحدة تجمعهم علاقة جيدة جدا مع روسيا، وإن روسيا هي الداعم السياسي الأكبر لضرورة أن يكون الكرد ممثلين في أي اجتماع وأي مباحثات تتعلق بالأزمة السورية.

فيما اعتبر عدد من المقاتلين المشاركين في حملة غضب الفرات أنهم يهدفون من خلال هذه الحملة لدحر مرتزقة داعش من عقر عاصمتهم التي يزعمونها، والقضاء على الظلم والقهر، أن حملة غضب الفرات ستكون ضربة قاسية للدول التي تدعم مرتزقة داعش وتمدها بالأسلحة، ونهاية حلمها بإنشاء إمبراطورية عثمانية جديدة وأنهم بدؤوا هذه الحملة بعد نداءات من أهالي مدينة الرقة لتخليصهم من الظلم والمجازر التي يرتكبها مرتزقة داعش بحقهم، أن هذه الحملة ستكون نهاية لمجازر قلعة الظلم التي أثقلت كاهل السوريين من خلال مجازرها واعتداءاتها، وأنهم يشاركون في هذه الحملة ومن كافة المكونات كون مدينة الرقة كانت تتميز بأخوة الشعوب قبل أن يسيطر عليها مرتزقة داعش، الذين قاموا بتهجير المدنيين وتغير ديمغرافية المنطقة.

مما سبق نستطيع التأكيد على أن يبدو أن عملية "غضب الفرات" ستكون "القشة" التي قد تقصم ظهر داعش وتركيا؛ بسبب الدعم الكبير للعملية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد لحلفائها الأكراد تحقيق أي انتصار حتى ولو كان شكلياً بعد تقليص نفوذهم في الشمال السوري بعد عملية درع الفرات.