صراع (سعودي – إيراني) على النفوذ المذهبي فى نيجيريا
الثلاثاء 08/نوفمبر/2016 - 01:02 م
طباعة

يشهد الصراع السعودي الإيراني توسعا جديدا خارج مناطق نفوذه الجغرافية التقليديه وتشكل منطقة غرب إفريقيا بشكل عام ونيجيريا بشكل خاص بؤرة مثالية لهذا الصراع الجديد حيث يتحدث عدد من المراقبين عن حرب بالوكالة بين السعودية وإيران في نيجيريا، حيث يتنافس فيها كل من الشيعة بدعم إيراني والسنة بسند سعودي.

وتتجه مناطق شمال نيجيريا المسلم الذي يعاني من تمرد حركة بوكو حرام المتطرفة، إلى حرب أخرى بالوكالة بين إيران والسعودية، وذلك بعد مواجهات عنيفة بين مجموعات متنافسة سنية وشيعية ففي أكتوبر هاجم عناصر حركة "إزالة البدعة وإقامة السنة" السلفية المدعومة من السعودية عناصر الحركة الإسلامية النيجيرية الشيعية المتشددة المقربة من إيران وزادت حدة رفض الشيعة في الآونة الأخيرة في شمال نيجيريا وخصوصا في كادونا التي يهيمن عليها السلفيون ويقول سكان إن أئمة المساجد لم يعودوا يتورعون عن إلقاء خطب مشحونة بالكراهية ضد الأقلية الشيعية.
وتشير المواجهات والتصعيد الأخير إلى توسع حرب بالوكالة بين السعودية وإيران ويقول خبراء إن هذه الحرب قائمة منذ مدة في لبنان وسوريا واليمن وباكستان، وهي الآن بصدد الانتقال إلى نيجيريا وبحسب المحلل السياسي أبوبكر الصديق محمد فإن، "السعودية مولت في الواقع الحملات ضد الشيعة في العديد من مناطق العالم وأذا تكثفت الهجمات على الشيعة، فمن البديهي أن تهب إيران لمساعدتهم وأن تدعم السعودية الهجمات عليهم وأن رد فعل إيران والسعودية على المواجهات في زاريا، يعكس وجود تيارات طائفية".

وفى نفس السياق تشهد نيجيريا ارتفاعاً بالتوتر المذهبي بين السنة والشيعة وتشير تقارير مختلفة إلى أن النشاط الإيراني المتزايد في هذه الدولة الإفريقية يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في حدة التوتر لا سيما في ظل أنباء عن دعم عسكري إيراني وإنشاء ميليشيات مسلحة، مما دفع المراقبين إلى التحذير من صراع جديد تغذيه إيران في افريقيا في سياق محاولاتها لمد هيمنتها الإقليمية وتأكيد دورها في المنطقة.
وقال "بيتر فام"، مدير مجموعة "أفريكا سانتر البحثية" التابعة لمجموعة التفكير الأميركية "أطلانتيك كاونسيل" " إن إيران لا تكتفي بمعاركها المكشوفة في الشرق الأوسط لتقوية تمددها في المنطقة، بل وضعت خططا منفصلة لتثبيت هذا التمدد في أفريقيا ذات الثقل الاستراتيجي والجغرافي والكثافة السكانية العالية، والتي يمثّل فيها المسلمون ثقلا كبيراً وتتلقى "المنظمة الإسلامية في نيجيريا"، التي تتولى نشر المذهب الشيعي في إفريقيا، دعماً عسكرياً من إيران وتدريبات على حروب العصابات واستخدام الأسلحة الخفيفة وتصنيع القنابل اليدوية، فضلا عن الدعم المباشر للدعاية الدينية وسفر قياداتها إلى إيران لتلقي التكوين الديني وإعلان الولاء للمرجعية هناك.
وتابع " بدأ السكان المحليون يشعرون بتوسع التأثير الإيراني بينهم، وخاصة مع نجاح طهران في بناء مساجد ومدارس دينية لأتباع المذهب الشيعي الذين استقطبتهم "المنظمة الإسلامية النيجيرية"، وبحسب الصحيفة دفع الدعم الإيراني السخي المنظمة إلى تحدّي الدولة، ومواجهتها بالقوة، فضلا عن استهداف خصومها السنة الذين لا يحصلون على دعم سخي مثلها من الخارج ويأتي التركيز على نيجيريا ضمن خطة أشمل للتوسع في أفريقيا، وتستفيد إيران في ذلك من تراجع الجمعيات المدعومة من السعودية تحت وطأة الحرب على الإرهاب.

وفى رد فعل مباشر من قبل الشباب النيجيري طالبت الرابطة الطلابية النيجيرية المقيمة في قبرص حكومة بلادها بألا تصدر تصاريح سفر للشباب النيجيري إلى إيران، ووَقْف سفر الطلاب النيجيريين إلى إيران من أجل الدراسة، و أن السبب في ذلك هو تحوُّل هؤلاء الأشخاص إلى متطرِّفين إسلاميين كما تظاهر هؤلاء الطلاب في جامعتهم في العاصمة القبرصية نيكوزيا، ضدّ موجة الإرهاب والتطرُّف، وقالوا إن نيجيريا ستواجه في المستقبل خطرًا أمنيًّا في حالة إصدار تصاريح سفر لشبابها للسفر إلى دول يتحولون فيها إلى متطرفين.
وقال جرمي أوماداتشي، رئيس رابطة الطلاب المعترضين، وأن الشباب النيجيري عَبْر السفر إلى إيران تحت غطاء الدراسة، يذهبون إلى دول أخرى مثل اليمن والصومال وحذر مسئولي الحكومة النيجيرية ووزارة الخارجية من رئيس الحركة الإسلامية الشيعة إبراهيم الزكزاكي لكونه تهديدًا واقعيًّا، كما لفت رئيس رابطة الطلاب النيجيريين المعترضين إلى أن الشباب النيجيري يتحولون من خلال السفر لإيران إلى متطرِّفين، وأنه توجد شواهد ودلائل على أن إيران تدرّبهم عسكريًّا وأنه ينبغي للحكومة النيجيرية والزعماء الأفارقة أن يبذلوا قصارى جهدهم ليمنعوا إيران من نقل أزمة الشرق الأوسط إلى أفريقيا عن طريق الحركة الإسلامية النيجيرية.

على الجانب الرسمى كان رد فعل السلطات النيجيرية لمنع انتشار التشيع هو اقتحام مراكز "المنظمة الإسلامية" في معقلها بمدينة "زاريا" في ولاية "كادونا" حيث انتهت تلك الحملة بإلقاء القبض على زعيم التنظيم "الزكزاكي" بعد اتهام السلطات لمنظمته بمهاجمة موكب حكومي بالقرب من مقراته، وكان بارزاً موقف إيران من هذه الأحداث حيث احتجت رسمياً لدى الحكومة النيجيرية واستخدمت في معرض احتجاجها على الحكومة النيجيرية بأن ما حصل في زاريا هو اعتداء على شيعة "آل البيت" وقال "علي لاريجاني"، رئيس مجلس الشورى الإيراني، إن بلاده "سوف تتخذ الإجراءات اللازمة بشأن المجازر التي یتعرض لها شیعة آل الرسول (ص) المظلومين في نیجیریا"، وبحسب متابعين فاللغة الإيرانية في التعاطي مع نيجيريا تشبه كثيراً تلك المستخدمة في العراق وسوريا واليمن مما يشي بعمل إيراني للتدخل في نيجيريا من باب حماية "الشيعة".

يذكر أن التشيع بدأ فى الانتشار بين مواطني نيجيريا مع بداية الثمانينات في القرن الماضي، حيث وجهت إيران، بعد سيطرة الخميني على الحكم فيها، جهودها لنشر أفكارها ونشر الولاء لنظرية "الإمام الفقيه" بين المسلمين في العالم، وكانت إفريقيا إحدى أهدافها المهمة حيث بدأت بافتتاح الجمعيات الخيرية وتنظيم الاحتفالات بالمناسبات الدينية، وكانت بداية انتشار المذهب بين طلاب المدارس والجامعات وبرز اسم "إبراهيم الزكزاكي" الذي أنشأ "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" والتي تقوم بالإشراف على نشر المذهب في نيجيريا وتعتبر الناطقة باسم الشيعة النيجيريين، والمنظمة كمثيلاتها من التنظيمات التي أنشأتها إيران تنتمي إلى نظرية الإمام الفقيه وتدين بالولاء لـ"المرشد الأعلى" كما يسموه بإيران، ويسمي البعض هذه المنظمة بـ"حزب الله النيجيري".
مما سبق نستطيع التأكيد على ان الصراع السعودي الإيراني سوف يشهد المزيد من التوسع خارج مناطق نفوذه الجغرافية التقليديه وأن منطقة غرب إفريقيا بشكل عام ونيجيريا ستشكل مع مرور الوقت بؤرة مثالية لتمدد هذا الصراع الجديد .