غموض سياسات ترامب بشأن الغرب والعرب تثير الجدل

الخميس 10/نوفمبر/2016 - 11:11 م
طباعة غموض سياسات ترامب
 
ترامب مثير للجدل
ترامب مثير للجدل
تداعيات نجاح المرشح الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة لاتزال مستمرة، وسط ترقب غربي وعربي لسياسات الرئيس الجديد، وهل تختلف رؤيته لقضايا الشرق الأوسط خلال فترة رئاسته عما طرحه فى حملاته الانتخابية، أم تظل مستمرة، فى ضوء الهلع الذى ساد الأوساط السياسية والاقتصادية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى بحث فيه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما والرئيس المنتخب دونالد ترامب سلسلة من الموضوعات الداخلية والمتعلقة بالسياسة الخارجية في البيت الأبيض خلال أول اجتماع لهما منذ الفوز المفاجئ لترامب، وقال أوباما إنه سيفعل كل ما يستطيع لمساعدة الجمهوري ترامب على النجاح عندما يتولى السلطة في العشرين من يناير ، ودعا البلاد إلى التوحد لمواجهة تحدياتها.
من جانبه، قال ترامب، إنه يتطلع إلى مزيد من الاجتماعات مع أوباما وأضاف أنه بحث معه العديد من القضايا بما في ذلك المصاعب التي تواجه البلاد.
وكرد فعل على انتخاب ترامب، تظاهر آلاف الأميركيين في سبع مدن أميركية،  احتجاجا على فوزه منددين بتصريحاته "العنصرية" أثناء حملته بشأن المهاجرين والمسلمين وجماعات أخرى، وسط أنباء عن إطلاق رصاص وسقوط عدة ضحايا في محيط احتجاجات شهدتها سياتل، وتظاهر آلاف المحتجين إلى شوارع وسط مانهاتن للتعبير عن رفضهم ما اعتبروها "مواقف عنصرية ومعادية للأقليات والمسلمين والنساء" أثناء حملة ترامب الانتخابية، فيما هتف مئات تجمعوا في متنزه بوسط المدينة "ليس رئيسي".
وفي شيكاغو حاول نحو ألف شخص التجمع خارج فندق "ترامب إنترناشونال" مرددين عبارات، مثل "لا لترامب" و"أميركا لن تكون عنصرية." وأغلقت شرطة شيكاغو الطرق بالمنطقة مما حال دون تقدم المتظاهرين.
وفوز ترامب بات يلقي بظلاله على الاتحاد الأوروبي، حتى قبل توليه المنصب بشكل رسمي أو الإعلان عن توجهات سياسته الخارجية، إذ توجد جملة من المشكلات التي لا يملك الاتحاد الأوروبي الأدوات اللازمة للتعامل معها، لاسيما في أعقاب القرار البريطاني الانسحاب من عضويته، وانشغلت قيادات الاتحاد بتنامي الميول المناهضة لمؤسسات الحكم في القارة الأوروبية ذاتها لدرجة أنها لم تهتم باحتمال وصول رجل وصفه نائب المستشارة الألمانية بأنه "رائد حركة دولية جديدة استبدادية ومغالية في القومية" إلى قمة هرم السلطة في الولايات المتحدة.
ففي اليوم السابق للانتخابات، قال أحد زعماء الاتحاد الأوروبي إن خطة الطوارئ تتمثل في "رسم علامة الصليب على الصدور والدعاء"، في إشارة إلى عدم وجود خطة للتعامل مع فوز ترامب. وفي اليوم التالي للانتخابات، لخص دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى المعضلة بينما كانت قيادات أوروبا تتعهد بالتعاون مع ترامب، إذ قال لوكالة رويترز: "رفضنا التفكير فعلياً في هذا السيناريو، ولدينا الآن قائمة أسئلة بحاجة لإجابات. لكن كل شيء تقريباً مجهول".
ويمثل موقف اوروبا من روسيا وتنظيم "الدولة الإسلامية" يتعين على أوروبا أن تخط فيها مساراً لنفسها إذا انسحبت واشنطن تحت قيادة ترامب من المسرح العالمي.
اوروبا في قلق بعد
اوروبا في قلق بعد انتخاب ترامب
ويمثل موقف اوروبا من روسيا وتنظيم "الدولة الإسلامية" يتعين على أوروبا أن تخط فيها مساراً لنفسها إذا انسحبت واشنطن تحت قيادة ترامب من المسرح العالمي.
وقال مانفريد فيبر، حليف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الذي يقود كتلة المحافظين في البرلمان الأوروبي: "هذه صيحة تنبيه أخرى. الأمر عائد لأوروبا الآن. علينا أن نكون أكثر ثقة بالنفس ونتحمل قدراً أكبر من المسؤولية".، من جانبه، أوضح ديدييه رايندرز، وزير خارجية بلجيكا، أن البيت الأبيض في ظل ترامب "قد يساعد البعض في أوروبا على إدراك الحاجة لتعزيز التعاون الدفاعي بين الأوروبيين".
ويري محللون أن العالم بأسره سيلزمه مدة من الوقت لاستيعابه، حتى أن البعض بدأ يعيد حساباته ويدرس تبعات وصول هذا الرجل إلى البيت الأبيض، رغم أن هذه الفرضية كانت قائمة منذ البداية، لكنها وبحسب ردود الفعل الأولى يبدو أنها أهملت عن جهل أو عن قصد، فما هي الملفات التي ينتظر العرب أن يضعها ترامب على جدول أعمال إدارته الجديدة؟، ويحبس العرب والمسلمون أنفاسهم تحسبا لطريقة تعامل ترامب معهم ومع قضاياهم المصيرية. وبالنظر إلى تصريحاته ووعوده خلال الحملات الانتخابية، تبرز عدة نقاط تهم مباشرة العرب والمسلمين. فما الذي سيتغير بالنسبة إليهم مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض وهو المعروف بمواقفه الحمائية والانعزالية؟
كان ترامب قد ردد أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية أنه سيمنع المسلمين من دخول بلاده في حال وصوله إلى سدة الرئاسة، وأثار تصريحه الشهير في ديسمبر الماضي عن عزمه تفعيل هذا الإجراء موجة عارمة من الانتقادات في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، خاصة أن القرار في حال نفذ سيكون مخالفا للدستور الأمريكي الذي يعارض تمييز المواطنين على أساس الأصول العرقية أو الدينية، إلا أن البعض يعتقد أنه من غير الوارد أن ينفذ ترامب هذه الوعود التي لا تعدو أن تكون سوى وعودا انتخابية من الصعب الوفاء بها.
ويري مراقبون أن مواقف ترامب من القضية الفلسطينية لا تطمئن كثيرا العرب، حيث يبدو ترامب أقل حماسة من أوباما لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وجلب كلا الطرفين إلى طاولة المفاوضات، حتى أن وزير التعليم الإسرائيلي المتشدد وصف هذا الحدث، أي انتخاب ترامب، بأنه نهاية عملية لفكرة قيام الدولة الفلسطينية. الإسرائيليون عبروا صراحة عن ارتياحهم لفوز ترامب، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ترامب بالصديق الحقيقي لإسرائيل ، وذكّره البعض بوعده خلال حملته الانتخابية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
تنظيم داعش من اهم
تنظيم داعش من اهم تحديات ترامب
كذلك هناك تساؤلات  بشأن تعامل ترامب مع الملف السوري؟ ترامب الذي صرح خلال المناظرة التلفزيونية الثانية مع كلينتون بأن أولويته هي محاربة الإرهاب، يعتقد أن "بشار الأسد" رجل سيء لكنه "يجيد محاربة الإرهابيين" ، فهل يعني ذلك تغيرا مرتقبا في التعامل الأمريكي مع الرئيس السوري؟ وهل انتقاده لسياسة أوباما في سوريا ووصفه إياها بالسياسة الضعيفة مؤشر على تغيير في طبيعة التدخل الأمريكي العسكري هناك؟ وهل سيكون للتقارب بين ترامب وفلاديمير بوتين تأثيرا مباشرا على رغبة الولايات المتحدة في الإطاحة بنظام الأسد ودعم الجيش السوري الحر؟ خاصة أن روسيا لم تتخل أبدا عن حليفها السوري وتدعمه سياسيا وعسكريا؟ أما بخصوص العراق فلا تبدو رؤية ترامب للشأن العراقي واضحة، باستثناء أنه مصرّ على القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" حيث ما كان.
كذلك هناك تساؤلات كثيرة بشأن موقف ترامب إذا وقف في نفس الصف الروسي بخصوص المسألة السورية فقد يقف لا محالة مع الإيرانيين، وهو الذي أعلن عن رفضه الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى ووعد بمراقبة تنفيذه بدقة شديدة، ولئن يصعب التراجع عن الاتفاق، إلا أن ترامب يستطيع دائما لعب ورقة العقوبات الاقتصادية القاسية.
فالغموض يحيط بالكثير من الملفات الخاصة بالسياسة الأمريكية الجديدة تجاه العرب وانتظاراتهم، ويعتقد البعض أن سياسة ساكن البيت الأبيض الجديد قد تتسم بتغيير كلي مقارنة مع عهدتي الديمقراطي باراك أوباما، في حين يعتقد البعض الآخر أن المصالح الأمريكية هي التي قد تتحكم في سياسة الولايات المتحدة بغض النظر عن طبيعة الحزب أو الرئيس الذي يقود أقوى دولة في العالم.

شارك