"نداء تونس" والنهضة.. بين التحالف والصراع!

الثلاثاء 28/أكتوبر/2014 - 06:30 م
طباعة نداء تونس والنهضة..
 
شهدت الجمهورية التونسية، أول أمس الأحد، انتخابات البرلمان التونسي، بعد 4 سنوات على قيام الثورة التونسية "الياسمين"، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، في ديسمبر 2010، ليعقب ذلك صعود حركة النهضة – أبرز أعضاء التنظيم الدولى للإخوان المسلمين- أغلبية المقاعد في البرلمان السابق منذ 2011 وحتى إعلان نتائج انتخابات البرلمان أمس والتي انتهت بفوز حزب "نداء تونس" على حركة النهضة.

صدمة للإخوان

صدمة للإخوان
وجاءت نتيجة الانتخابات البرلمانية على غير رضى الإخوان، حيث تفوق حزب "نداء تونس" على حركة النهضة الإخوانية، ويبدو أن هزيمة حركة النهضة الإخوانية جاءت بعد انهيار مسيرة الإخوان في أغلب البلدان العربية التي شهدت ثورات الربيع العربي.
يأتي ذلك في ظل احتلال حزب نداء والذي ينضم إلى أعضائه عدد من فلول نظام بن علي، وذلك في ظل تَحَدٍّ جديد لتونس بمواجهة فلول الرئيس الأسبق "بن علي"، بالإضافة إلى مواجهة المشاكل الاقتصادية مع العمل على بناء دولة ديمقراطية.

انتخابات ديمقراطية

انتخابات ديمقراطية
أجمع مراقبون دوليون على أن العملية الانتخابية في تونس جرت من دون إخلالات من شأنها أن تؤثر على النتائج النهائية، حيث تمت تحت إشراف عدد ضخم من المراقبين الذين بلغ عددهم 75 ألف مراقب و21 ألف ملاحظ، بالإضافة إلى تخصيص الهيئة المستقلة للانتخابات لـ50 ألف عضو لهذا الغرض.
كما نظمت بعثة مجلس أوروبا، لقاء إعلاميا أكدت فيه على أن الانتخابات التشريعية التونسية تمت في ظروف ممتازة، حيث وصف المتحدّث باسم البعثة وعضو البرلمان السويسري أندرياس جروس العملية الانتخابية التي أشرفت البعثة على مراقبتها بـ"الاستثنائية"، مؤكداً سيرها في ظروف جيدة، مع اعتبارها خطوة حاسمة في عملية الانتقال ما بعد الثورة.

ترحيب دولي بهزيمة الإخوان

ترحيب دولي بهزيمة
الوفد البرلماني الأوروبي، قدم جملة من المقترحات لأخذها بعين الاعتبار في الانتخابات المقبلة، وتتمثل أبرز هذه المقترحات في دعوة وسائل الإعلام إلى فتح حلقات نقاش ومقارنة بين البرامج والمشاريع السياسية، وذلك لتمكين المواطنين من فهم أفضل للتحديات التي تطرحها تلك البرامج حتى يكون اختيارهم يوم الانتخابات واضحا.
ودعا رئيس الوفد البرلماني الأوروبي إلى نشر التقارير الخاصة بتمويل الحملة الانتخابية للأحزاب، وذلك لإضفاء الشفافية الكاملة حول مصدر تمويلها.
فيما هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تونس بإجراء الانتخابات البرلمانية، وقال "إنها خطوة حاسمة من أجل مستقبل البلاد".
وقال في بيان نشر على موقع الأمم المتحدة على الإنترنت: إن الانتخابات التي أجريت الأحد تشكل "حجر زاوية في عملية التحول الديمقراطي"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية.
كما هنأت كندا على لسان وزير خارجيتها "جون بيرد"، الشعب التونسي بإجراء الانتخابات. 
وقال بيرد: إن التونسيين مارسوا حقهم الديمقراطي في انتخابات حرة ونزيهة.
وأشاد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بحسن سير الانتخابات التشريعية في تونس، وقال فابيوس، في تصريح إعلامي، الاثنين: "بعد قرابة أربع سنوات من اندلاع الثورة التونسية أقبل التونسيون على هذا الاقتراع الحاسم، الذي يدشن مرحلة تنصيب المؤسسات الدائمة والديمقراطية للجمهورية التونسية الثانية".
وأضاف فابيوس أن "فرنسا مسرورة بذلك"، وأكد وزير الخارجية الفرنسي: "لقد حقق التونسيون تقدما تاريخيا يوم الأحد، بتأكيد تمسكهم بالديمقراطية.. إنهم يثبتون أن الديمقراطية ممكنة في كل القارات وفي كل الثقافات"، على حد تعبيره.

"النهضة" و"نداء".. وبدء الصرعات

النهضة ونداء.. وبدء
في ظل الصراعات التي ستشهدها تونس في الفترة المقبلة، عقب الإطاحة بحركة النهضة الإخوانية، وحصول حزب "نداء" العلماني على 83 مقعدًا، بينما حصلت النهضة على 68 مقعدًا، ستشهد الفترة المقبلة حالة من التفكك بين القوى والأحزاب المختلفة، فقد أصبح مصير جماعة الإخوان في تونس مجهولا، بعدما كان مسيطرا على أغلبية المقاعد أصبح لا شيء.
أعضاء حركة النهضة عقب سماع النتائج، أصيبوا بالإحباط وأصبحت ردود أفعالهم متوترة وغاضبة.
من جانبه، قال نائب رئيس حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي: إن الخط السياسي لحركة النهضة والتحالفات المحتملة مع باقي الأحزاب ستكون مشروطة بتطبيق البرنامج الثوري وضمان استقرار تونس وعلى تحقيق أهداف الثورة، وإن الموقع السياسي غير مهم بقدر أهمية البرنامج الذي ستضطلع به مستقبلا.
وأضاف الجلاصي أن الحركة سيكون لها دور رئيسي في السنوات القادمة، وستكون ضمن مفاتيح المشهد السياسي الجديد فهي قوة وطرف رئيسي.
وفي اعتراف صريح بفشلهم، قال عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة: إن الحركة فشلت في تحقيق طموحات وآمال الشعب التونسي بعد الثورة، وأكد أن حزب النهضة ارتكب أخطاء سياسية كبيرة؛ تسببت في فقدان المتعاطفين والمؤيدين لها.
وطالب مورو حزب نداء تونس بأن يشكل حكومة ائتلافية قائلا: من الممكن أن نشارك مع حزب نداء تونس في حكومة ائتلافية، وعندي أمل كبير أن لا يسعى حزب نداء تونس على جميع مقاليد الحكم في البلاد خاصة، وأن قائد السبسي سيترشح للرئاسة، وله فرص كبيرة للفوز.
فيما رد حزب نداء تونس، على إمكانية التحالف مع النهضة، يقول القيادي في نداء تونس، الطيب البكوش، إن حزبه سيدرس التوازنات السياسية المقبلة والحديث عن تحالفات أمر سابق لأوانه.
وأضاف أن التحالفات لن تكون إلا مع الأطراف التي لديها تصور لنمط مجتمع ونظام جمهوري مدني ديمقراطي ذات بعد اجتماعي لتكون بذلك قريبة من تصور حزب "نداء تونس".
وأكد أن مفهوم التحالف غير محبذ لأنه يحيل لتحالف مجموعة ضد مجموعة، في حين أن الهدف من هذا التقارب بين الأحزاب المختلفة من المفروض أن يكون من أجل مشروع مجتمعي لإنقاذ تونس، قائلا: نحن لسنا في منطق الصراع بل فتح الحوار مع الجميع لإنقاذ تونس.
وحول مستقبل التحالفات قال الباجي قائد السبسي رئيس حزب  "نداء تونس" : أنا لا أتحالف مع أحد، مستدركا، نحكم مع الأقرب لنا، والعائلة الديمقراطية "دون أن يذكر أسماء معينة"، الأقرب لنا.
وتابع: توقعت الانتصار في الانتخابات ونحن نتجاوب مع وجدان التونسيين أكثر من غيرنا.
وقال السبسي: نجاحنا في التشريعية له تأثير على الانتخابات الرئاسية.

النهضة تغازل.. ونداء: لا تحالفات

النهضة تغازل.. ونداء:
عقب الانتهاء من فرز الأصوات، وإعلان النتيجة بفوز حزب "نداء"، قال رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي: إن النهضة لن تسمح بعودة أصنام الحزب الواحد والزعيم الأوحد والانتخابات المزيفة والمال الفاسد إلى الأبد.
وأضاف، المستقبل في تونس اليوم للحرية وللإسلام والوحدة الوطنية ورفض العنف والإقصاء والإرهاب، مشيرا إلى أن التحالف مع نداء تونس وارد.
 وأوضح الغنوشي أن الشعب التونسي تعرّض لمحاولات متكررة من الغش ومن غسيل الأدمغة ولكنه سيبقى شعبًا ذكيًا ووفيا وأبيا.
فيما قال الباجي قائد السبسي، رئيس حركة نداء تونس، في أول تصريح له عقب الفوز، إنه لا يتحالف مع أحد.
وحول مستقبل تحالفات حزبه بعد الانتخابات، قال: أنا لا أتحالف مع أحد، مستدركا، نحكم مع الأقرب لنا، والعائلة الديمقراطية "دون أن يذكر أسماء معينة"، الأقرب لنا.
وتابع: توقعت الانتصار في الانتخابات ونحن نتجاوب مع وجدان التونسيين أكثر من غيرنا.
وقال السبسي: نجاحنا في التشريعية له تأثير على الانتخابات الرئاسية.
صحيفة الجارديان البريطانية، قالت: إن إقرار حركة النهضة التونسية بتقدم حزب نداء تونس في الانتخابات البرلمانية خطوة شديدة الأهمية في إطار انتقال البلاد إلى النظام الديمقراطي.
وأضافت أن الحركة الإسلامية في تونس كانت من الذكاء لتختار التسويات والحلول الوسطى على العنف والمواجهة لتكون الرابح الوحيد في منطقة دول الربيع العربي.
ولفتت الجارديان إلى أن الحدث الفاصل تمثل في الاعتراف بفشل حكومة النهضة في الإمساك بزمام الأمور في البلاد، وهو ما رجح فيما بعد كفة المعارضة، لكنه أيضا أنقذ الديمقراطية في البلاد.

صراعات مستقبلية

صراعات مستقبلية
يبدو أن نداء تونس والنهضة، أصبحا يتعاملان بحذر عقب نتائج الانتخابات، لكن يبدو أن الحسابات السياسية ستطغى على المشهد المقبل خاصة أن كلا الحزبين يتعارضان فكريًا، وفكرة التحالفات تطبيقها أمر صعب المنال، قد يستدعي تنازل بعض الأطراف وربما دمج أحزاب أخرى في التوازن السياسي المقبل الذي يظهر واضحًا بشكل أكبر بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 نوفمبر المقبل.
وستشهد الأيام القليلة المقبلة والتي تسبق إجراء الانتخابات الرئاسية في تونس- صراعات بين الإسلاميين والعلمانيين، ليعود التوتر والاحتقان يسيطر من جديد على المشهد السياسي.

شارك