تجدد الاتهامات الدولية للحشد الشعبي بقتل وتعذيب أهالي جنوب الموصل
الإثنين 14/نوفمبر/2016 - 11:29 ص
طباعة

على الرغم من التحذيرات المتكررة من انتهاكات بعض فصائل الحشد الشعبي التي تتوالى في العراق، إلا أنها لا تجد أي صدى لدى هذه الميليشيات الدموية؛ فقد اتهمت المنظمة البلجيكية الدولية للتنمية وحقوق الإنسان "BAMRO" ميليشيات "الحشد الشعبي" بارتكاب انتهاكات خطيرة، والتورط في عمليات قتل جماعي وتغييب قسري لسكان المناطق التي شهدت معارك بين قوات الأمن العراقية وتنظيم "داعش".

وحذرت المنظمة البلجيكية من "خطورة ما تقوم به الميليشيات المسلحة في العراق، والتي تعمل تحت اسم ميليشيات الحشد الشعبي، خصوصًا في المناطق الشرقية من محافظة الموصل العراقية"، وأن تقارير وفيديوهات أثبتت ارتكاب الميليشيات بما لا يدع مجالًا للشك عمليات قتل وتعذيب لسكان مناطق جنوب الموصل، منها سلسلة من المجازر بحق النازحين من مدينة الموصل آخرها فيديو تظهر فيه دبابة تابعة لهذه الميليشيات وهي تسحق طفلا.
وتناول التقرير الحوادث المقترنة بالأدلة، التي تؤكد ارتكاب ميليشيات "الحشد" لجنايات وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، موضحاً أن "ميليشيات الحشد الشعبي لها سوابق جنائية خطيرة وانتهاكات حقوقية جسيمة، سواء في التغير الديمغرافي في محافظة ديالي، أو القتل على الهوية في محافظة صلاح الدين العراقية، وأنها رفعت توصية مستعجلة إلى المفوض السامي في جنيف بشأن ضرورة إخضاع ميليشيات الحشد الشعبي للقانون كونها تعمل خارج سلطة القانون الدولي"، مشيرةً إلى أنها "لا تُعد جيشًا نظاميًّا يقع عليه كل ما جاء في بنود المواثيق الدولية، وليس لها أي سند قانوني في الدستور العراقي المحلي ينظم عملها، وأن هناك ارتفاعًا غير مسبوق في انتشار الأمراض المعدية بين المعتقلين في السجون العراقية، خصوصًا سجن الكاظمية في بغداد، وسجن الناصرية جنوب العراق"؛ حيث يقبع فيهما آلاف المعتقلين العراقيين المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية، وفق ما تقوله السلطات القضائية والأمنية العراقية.

وهو الأمر الذي سبق ووثقه تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية وضح انتهاكات جديدة بحق المدنيين في العراق، ارتكبتها ميليشيات الحشد الشعبي وقال: إن عناصر مسلحة ترتدي زي الشرطة العراقية قاموا بتعذيب وقتل مدنيين في بلدات جنوب الموصل في شهر أكتوبر الماضي، وأفادت مصادر عراقية، بأن ميليشيات الحشد الشعبي تريد توسيع مشاركتها في معارك نينوي في كشف تقرير منظمة العفو الدولية، عن انتهاكات وإعدامات ميدانية بحق سكان القرى في مناطق جنوب الموصل.
فرغم التحذيرات منها، وارتكابها قائمة طويلة من بالانتهاكات أينما حلت.. تشارك ميليشيات الحشد الشعبي في معارك استعادة نينوي وتركزت مشاركة الميليشيات في بعض المناطق الجنوبية.. والجهة الغربية من الموصل.. نحو قضاء تلعفر وسرعان ما سجلت الانتهاكات؛ حيث طالبت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية بإجراء تحقيق عاجل في تقارير كشفت عن قيام مقاتلين يتنكرون بزي القوات العراقية، بتعذيب سكان قرى وإعدامهم ميدانيا دون محاكمة قرب الشورة والقيارة.
وحسب منظمة العفو الدولية، جمع باحثون أدلة تشير إلى إعدام 6 أشخاص ميدانيا حتى الآن. لكن قيادة قوات الشرطة الاتحادية، التي تقاتل قواتها في عدة مناطق منها جنوب الموصل نفت ذلك وأكدت مصادر أخرى أن بعض العناصر من ميليشيات الحشد الشعبي يقاتلون في مناطق مختلفة في نينوي، وهم متنكرون بزي القوات الأمنية، بحسب هذه المصادر أما عن تلعفر، ذات الموقع الاستراتيجي، فتأمل الميليشيات بالاستيلاء على القضاء، والقاعدة الجوية فيه لتكون قاعدة عمليات لها، لا تبعد عن الحدود السورية إلا نحو 50 كيلومتراً وتبعد عن إقليم كردستان العراق وتركيا عشرات الكيلومترات.

وفي تصريحات يبدو أنها تأكيد لنهج القتل والانتهاك لدى هذه الميليشيات أكد أيوب الربيعي الملقب بــ(أبو عزرائيل)- قيادي في ميليشيا الحشد الشعبي في «كتائب الإمام علي»- المشاركة في معركة الموصل في تسجيل مصور نشره المكتب الإعلامي للميليشيا التابع لها أنهم لن يتراجعوا عن عمليات السحل والذبح بالرغم من الأصوات التي تطالب بوقف هذه العمليات؛ مبرراً هذه الأفعال بأنها ضرورية لترهيب وتخويف العدو، وأنهم لن يتراجعوا عن عمليات السحل، وتقطيع الأوردة والشرايين في معركة الموصل، بالرغم من الأصوات المطالبة بإيقاف هذه الممارسات.
ودعا جميع المعترضين على هذه الممارسات بالتوقف عن التصريحات والكلام مبررًا استخدامهم لهذه الأساليب؛ من أجل بث الرهبة والخوف في قلوب الأعداء، وأن الحشد العشائري السني يتعاون مع تنظيم داعش وينسق معه عبر توصيل المعلومات، بينما حذر من محاولات أمريكية لفك الحصار عن عناصر التظيم المحاصرين، والعمل على فتح ثغره لهم؛ من أجل الهروب على حد تعبيره.
وبالرغم من التحذيرات الاستباقية التي أطلقتها منظمات دولية من الانتهاكات التي ستقوم بها الميليشيات المرافقة للقوات الأمنية العراقية في معركة الموصل، إلا أن ملامح هذه الممارسات بدأت بالظهور بعد نشر مقاطع فديو وتسجيلات مسربة من عناصر هذه الميليشيات وإحداها تظهر عمليات تعذيب لطفل من أهالي الموصل بغية انتزاع الاعترافات منه، وسبقت هذه الانتهاكات تصريحات من زعيم أبرز الفصائل الشيعية المشاركة في عملية الموصل وهو قيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحق، والذي أكد في خطاب جماهيري أن معركة الموصل ستكون انتقامًا وثأرًا من قتلة الحسين؛ لأن هؤلاء الأحفاد من أولئك الأجداد.

من جهته دعا مسئول ملف التصدي لعمليات الإبادة الجماعية في الأمم المتحدة اداما دينغ الحكومة العراقية إلى التذكر بأن عملياتها العسكرية يجب أن تتم مع الاحترام الكامل للقانون الدولي، وأنه ينبغي معالجة جميع مزاعم العنف الانتقامي من قبل قوات الأمن أو من قبل الميليشيات المسلحة المرتبطة بها على نحو فعال ودون تأخير، كما اتهمت منظمة العفو الدولية الحشد الشعبي والقوات الحكومية العراقية بارتكاب جرائم حرب وهجمات انتقامية وحشية في حق المواطنين السنّة الفارين من تنظيم الدولة في الموصل.
وأوضح مدير أبحاث منطقة الشرق الأوسط في منظمة العفو فيليب لوثر أن التهديدات الأمنية التي يواجهها العراق لا يمكن أن تكون مبرراً لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الاختفاء القسري أو التعذيب أو الاعتقال التعسفي.
الى ذلك أوضح المحلل السياسي العراقي عدنان الحاج أن عمليات مقاتلة تنظيم الدولة تتحول بشكل أو بآخر إلى أعمال تهجير وتطهير عرقي يستهدف المدنيين، مبيناً أن الكثير من المناطق التي تم إخراج عناصر التنظيم منها لم تشهد إعادة أي مواطن إليها وبقي سكانها يعيشون في المخيمات.

وبين أن أبرز مثال على عمليات التطهير في المناطق السُّنية هو ما حصل في منطقة جرف الصخر «جنوب بغداد»، والتي انتهت العمليات العسكرية فيها أواخر عام 2014، ومع هذا أغلقتها ميليشيا الحشد ولم تسمح لأي مواطن بالعودة إليها. وتابع أن سكان تلك المنطقة توزعوا بين معتقل وهو مصير شمل أغلب الرجال والشباب، بينما نقل الباقون- وأغلبهم من النساء والأطفال- إلى مخيمات وتجمعات خاصة باللجوء، وتفتقد إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية.
مما سبق نستطيع التأكيد على أنه على الرغم من التحذيرات المتكررة من انتهاكات بعض فصائل الحشد الشعبي التي تتوالى في العراق، إلا أنها لا تجد أي صدى لدى هذه الميليشيات الدموية، ويبدو أن الأمر أصبح بالنسبة لها منهجًا ومخططًا محددًا تقوم به لتصفية خصومها بالعراق.