جهود مكثفة لحل الأزمة السورية..وترامب يغازل بوتين
الثلاثاء 15/نوفمبر/2016 - 10:21 م
طباعة

لا تزال الأزمة السورية تفرض نفسها على المجالس الأممية، وسط محاولات من المبعوث الأممى للأمم المتحدة لتقديم حلول سياسية يمكن من خلالها خدمة المدنيين، فى الوقت الذى ألقت فيه محادثة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بظلالها على الأوساط الدولية لما لها من أهمية بشأن التوافق على أبرز قضايا الساحة الدولية وخاصة الأزمة السورية.

من جانبه أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا أنه يجب أن ينظر إلى روسيا كلاعب هام في مكافحة الإرهاب في سوريا، معتبرا أنه بعد تدخلت القوات الروسية في سوريا، باتت تعتبر موسكو ويجب أن ينظر إليها كلاعب هام هناك في النزاع السوري، موضحا انه يجب أن يتم عقد اتفاق مع روسيا إذا كان ذلك ممكنا، ويجب أن يتم القتال ضد "داعش" بجهود الجميع، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والجميع".
في حين أكد سيرحي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي إن المشاورات الروسية الأمريكية حول سوريا مستمرة، مضيفا أن لقاءات بمشاركة خبراء روس وأمريكيين تعقد هذه الأيام، وأن اللقاءات بين الخبراء تعقد بانتظام.
كان وزيرا الخارجية الروسي، سيرجي لافروف والأمريكي، جون كيري قد اتفقا، بشأن مواصلة المشاورات على مستوى الخبراء بحثا عن طرق لتطبيع الوضع في سوريا، سيما في مدينة حلب.

فى حين بدأت القوات الروسية عملية واسعة النطاق لضرب مواقع تنظمي "داعش" و"جبهة فتح الشام" جبهة النصرة سابقا في ريفي حمص وإدلب.
من جانبه نشرت وزارة الدفاع الروسية شريط فيديو يظهر لحظة إصابة الصواريخ التي اطلقت من البحر لمستودعات ومراكز قيادة التنظيمات المسلحة في حمص وإدلب السوريتين، وتظهر في الفيديو الذي صورته طائرة مسيرة، لحظة إصابة الصواريخ من طراز "باستيون" لمستودعات الأسلحة والذخيرة التابعة للمسلحين، وبعدها تظهر اللقطات تصاعدا كثيفا للدخان، كما تظهر اللقطات إصابة صواريخ من طراز "كاليبر" لمستودعات ومقر قيادة تابع للتنظيمات المسلحة، كما تظهر في الفيديو بناية وهي تحترق.
كان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو أكد أن القوات الروسية بدأت عملية واسعة ضد الإرهابيين في ريفي حمص وإدلب بمشاركة حاملة الطائرات "الأميرال كوزنيتسوف" المتواجدة قبالة سواحل سوريا.
من ناحية اخري لا يزال اتصال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب محل اهتمام الاوساط الدولية ، حيث يعكس الكثير من إمكانيات التحول ليس فقط في علاقات البلدين، ويعكس مقدمات لتهدئة الأمور بعد أن أوصلتها إدارة الرئيس باراك أوباما إلى نقطة الغليان على مستويات عديدة وفي مناطق مختلفة، وفي مجالات حساسة.
ويري مراقبون أن هدف الاتصال توحيد الجهود في محاربة الإرهاب، وهذه أرضية مهمة دعت روسيا مرارا وتكرارا لاعتمادها من أجل الحفاظ على البشرية، بدلا من مغامرات توسع حلف الناتو شرقا، وعسكرة أوروبا، وهدم مبادئ التوازن الاستراتيجي في العالم، والمغامرات العسكرية التي لم تسفر إلا عن تهديد الأمن الإقليمي وانهيار الدول وتفككها، بالإضافة لرغبة موسكو واستعدادها لبناء علاقات شراكة مع الإدارة الجديدة للولايات المتحدة. وهو ما يجب أن يقابلهما استعداد ورغبة من إدارة ترامب على أساس التكافؤ واحترام المصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع ضرورة العمل المشترك والفعال من أجل تطبيع العلاقات وتشكيل قاعدة متينة للعلاقات الثنائية عن طريق تطوير مكوناتها التجارية – الاقتصادية.
وهناك ثلاثة مفاتيح أساسية كانت إدارة أوباما قد قررت الاستغناء عنها ورميها في البحر حتى أوصلت العلاقات إلى مأزق حقيقي يضر بأوروبا بالدرجة الأولى، ويعصف بمقدرات العالم الاقتصادية والعسكرية. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيتمكن ترامب من العزف على هذه المفاتيح بنفس الحنكة والعبقرية اللتين وصل بهما إلى البيت الأبيض؟، الغريب أن إدارة أوباما "القديمة" لا تزال تضع العصا في الدولاب. فقبل رحيلها، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، في 14 نوفمبرأنها وسعت قائمة العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الوضع في أوكرانيا، بفرض عقوبات على 6 نواب في مجلس الدوما الروسي. هذا إضافة إلى التوسيع الأخير الذي تضمَّن شركات وشخصيات روسية. هذا النهج الغريب يوضِّح إلى أيم يمكن أن تذهب إدارة أوباما قبل رحيلها، ليس فقط ضد روسيا، بل وضد أي خطط في السياسة الخارجية قد تطرحها إدارة ترامب المقبلة.

من جانبه وضع أوباما خلفه ترامب أمام تحديات ومآزق كثيرة، في مؤتمره الصحفي الاخير، حيث تناول أوباما عدة ملفات، أهمها الشأن السوري، حيث شدد على أن القيام بعملية عسكرية في سوريا على غرار ما كان في ليبيا، أمر مستحيل، لأن الوضع في سوريا مختلف تماما، وأن الوضع أكثر تعقيدا بكثير حيث يوجد هناك وكلاء يمثلون دولا أخرى، و الحرب على داعش، حيث رأى أن الأولوية الرئيسية للأمن القومي الأمريكي في قتال الجماعات المسلحة المتمثلة بتنظيم "داعش" في كل من العراق وسوريا، كذلك حلف الناتو، حيث أكد على أن ترامب ملتزم بالحفاظ على العلاقات الاستراتيجية لولايات المتحدة، ومن بينها مع حلف الناتو، مع الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، حيث اعتبر أنه من غير المجدي التراجع عن الصفقة النووية مع إيران، معترفا بأن تنفذ التزاماتها طوال أكثر من سنة.
وهناك أيضا المهاجرين غير الشرعيين، حيث نصح ترامب بالتفكير طويلا وبشكل جدي قبل سحب الإقامة من المهاجرين غير الشرعيين، وذلك لأسباب إنسانية.
كما وضع أوباما وضع "روشتة" خطيرة مصحوبة بتحذيرات، أو ربما بإدانات لترامب بأثر رجعي، بقوله: "إن ترامب سيجد أن تلك الجوانب من مواقفه أو قوالب تفكيره التي لا تتجاوب مع الواقع ستتطلب تغييرا سريعا.. آمل بأنه سيتمكن من أن يستخدم تلك المواهب، التي سمحت له بتحقيق إحدى أكبر المفاجآت السياسية في التاريخ، بما يصب في مصلحة الشعب الأمريكي بأسره".
من الواضح أن أوباما لا يطرح البنود الخمسة أعلاه فقط، وإنما يطرح أمرا أكثر خطورة يتضمن محورين. الأول، ضرورة تغيير تفكير ترامب. والثاني، مواهب ترامب التي سمحت له بتحقيق أكبر مفاجأة سياسية في التاريخ. هذا ما أراد أوباما أن يبعث به إلى المجتمع الأمريكي، وإلى العالم أجمع. ولكنه ليس بالضرورة أن يكون محقا أو على طريق صواب. لأن خطاب أوباما هذا يلخِّص خوف الديمقراطيين والجمهوريين معا من ترامب الذي جاء شكليا ليمثل الجمهوريين، ولكن على أرض الواقع، جاء لتغيير أمريكا من الداخل، لأنه جاء عمليا ليمثل حزبا غير موجود، وهذا الحزب يقف ضد "المؤسسة الأمريكية"، وهو ما يشكل خطرا على الحزبين معا. ما يجعلنا نقف أمام إرهاصات "العالم الجديد" المقبل مع ترامب والترامبية الأمريكية التي أصبح لزاما عليها أن تُرسي قواعد جديدة للعبة، حتى وإن كان ذلك لا يرضي الأيديولوجيتين الديمقراطية والجمهورية، أو إذا تحرينا الدقة، لا يرضي المؤسسة الأمريكية بوجهيها الديمقراطي والجمهوري، وفي ضوء ذلك، فإن أوباما يعترف ليس فقط بعبقرية ترامب، بل وأيضا بخطورة هذه العبقرية.
ووفقا لمقال مهم للكاتب الصحفي الروسي سيرجي ستروكان بصحيفة "كوميرسانت" الروسية، فإن ترامب "تفوق على الساسة المحترفين، بفضل إحساسه الصائب فى إدراك متطلبات أسواق البناء والإحساس بها. إذ أدرك نمو وتعاظم رفض قواعد اللعبة القديمة داخل المجتمع الأمريكي، واكتشف علامات التقادم والاستهلاك التي لم يشر إليها أحد حتى قبل بضعة أشهر في العالم، ولا حتى في المجتمع الأمريكي". وربط الكاتب الروسي بين نجاح ترامب، وبين الدور المهم الذي لعبته الملايين الهادئة والمتربصة، من "كادحى أمريكا" الذين يطلق عليهم أحيانا فى الولايات المتحدة تسمية مهينة هي أصحاب "الرقاب الحمراء" والذين سعت وسائل الإعلام الرائدة وعلماء الاجتماع وغيرهم من الوجوه الإعلامية، إلى تجاهلهم حتى آخر لحظة، حيث توقعوا حتى عشية الانتخابات فوز مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.