قمع أنقرة يزيد الخلافات مع برلين
الثلاثاء 15/نوفمبر/2016 - 11:22 م
طباعة

بالرغم من التراشق السياسي والاعلامى بين برلين وأنقرة، زار وزير الخارجية الألمانى والمرشح للرئاسة الألمانية أنقرة للتشاور بشان عدد من القضايا، أبرزها الاتفاق التركى الأوروبي بشأن اللاجئين، وكذلك ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، إلى جانب عمليات الاعتقال المستمرة من جانب حكومة أنقرة تجاه المعراضين، وخاصة رئيس تحرير جمهوريات، واعتقال مزيد من السياسيين والنواب من حزب الشعوب المدعوم من الأكراد.

من جانبه قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير انه كان من الواضح أنه لا يمكن إزالة الاختلافات في وجهات النظر من خلال زيارة أو بضع محادثات،معتبرا أن محادثاته كانت صعبة حسبما كان متوقعا لها، والاشارة إلى أن قرار مواصلة عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي من عدمه تعود إلى أنقرة وليس بروكسل.
والتقى وزير الخارجية الألماني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، وسط توتر بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة بسبب عمليات "التطهير" التي بدأتها السلطات التركية إثر محاولة الانقلاب الفاشل، وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة، اعتقلت السلطات التركية وطردت عشرات الآلاف من جميع قطاعات المجتمع من الجامعات إلى العسكر مرورا بالإعلام.
من جانبه عبّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عقب لقائه شتاينماير عن استيائه البالغ مما اعتبره إيواء ألمانيا لـ "إرهابيي" حزب العمال الكردستاني وأنصار حركة الداعية فتح الله غولن الذي وصففه أوغلو بأنه "مريض عقليا".
فى حين نشرت حوالى 40 صحيفة ألمانية افتتاحية صحيفة "جمهورييت" المعارضة التركية التي اعتقلت السلطات كبير مسؤوليها وعشرة من الصحافيين بتهمة القيام بأنشطة "إرهابية"، وأعرب شتاينماير عن "قلقه الشديد إزاء الأوضاع بعد محاولة الانقلاب"، في إشارة إلى الاجراءات الصارمة المطبقة حاليا، قائلا أنه تبادل مع نظيره تشاوش اوغلو وجهات نظر "متباينة" حول هذا الموضوع.
أكد شتاينماير أن الطريقة التي تعامل بها تركيا المعارضين "لا تتوافق مع معاييرنا الخاصة بدولة القانون" وأن هذه الطريقة لم تعد تقتصر على ملاحقة المسؤولين عن محاولة الانقلاب الفاشلة. وأشار شتاينماير إلى أنه أوضح ذلك خلال محادثاته وأعلن في الوقت ذاته استعداد ألمانيا للعودة للتعاون مع تركيا بشكل وثيق وتشاركي على أساس القيم الأوروبية. ويأتي ذلك وسط توتر بين برلين وأنقرة فقد، اتهم أردوغان ألمانيا الأسبوع الماضي بأنها "تؤوي" أعضاء حزب العمال الكردستاني، ورد شتاينماير أنه "على أقل تقدير غاضب" بسبب هذه الاتهامات.

وفى سياق اخر التقى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير خلال زيارته اليوم الثلاثاء في العاصمة التركية أنقرة بعدد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وعقد اللقاء الذي جمع شتاينماير بالنواب عثمان بيدمير ومدحت سانجار وزيا بير في مقر البرلمان التركي.
وعاش النائب بير فترة من حياته في مدينة ديوسبورغ الألمانية واعتقل قبل بضعة أيام قبل إطلاق سراحه. ولا يزال رئيسا الحزب صلاح الدين دميرتاش وفيجين يوكسيكداغ رهن الاعتقال بتهمة دعم "تنظيم إرهابي".
وطالبت منظمات حقوقية شتاينماير قبل توجهه إلى تركيا بالعمل على الإفراج عن رئيسي الحزب.
تجدر الإشارة إلى أن هذه أول زيارة يقوم بها شتاينماير لتركيا عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في منتصف تموز/يوليو الماضي 2016. وكانت آخر زيارة له لأنقرة في سبتمبر عام 2015. واتهمت الحكومة التركية نظيرتها الألمانية عقب محاولة الانقلاب بعدم إبداء التضامن معها على نحو كافٍ، حيث يتهم نشطاء حقوق الإنسان وساسة معارضون الحكومة التركية باستغلال محاولة الانقلاب العسكري والتذرع بمكافحة الإرهاب كذريعة لتكميم المعارضة وتصفية حسابات قديمة.
وطالبت منظمة هيومَن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان شتاينماير بحث تركيا على "العودة إلى دولة القانون والإصرار على تخلي الحكومة التركية عن كافة خطط إعادة تطبيق عقوبة الإعدام".
كان وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير أكد أنه لا يجد مبررا لاتهام وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو ألمانيا بأنها تدعم حزب العمال الكردستاني، مضيفا"لم نستهن هنا منذ البداية بمدى خطورة محاولة الانقلاب، لقد عبرت عدة مرات على مستوى الرأي العام الألماني وتجاه زميلي التركي أيضا عن أننا نحترم بشكل بالغ اصطفاف الرأي العام التركي من أجل الدفاع عن المؤسسات الديمقراطية والبرلمان، وأضفت دائما: أفهم ذلك وكنا سنفعل ذلك أيضا لكي يتم تجاوز آثار محاولة الانقلاب سياسية و قانونيا، كل ذلك يرتبط ببعضه البعض".

بيد أن شتاينماير شدد في الوقت ذاته على ضرورة أن يحدث ذلك في إطار احترام متطلبات دولة القانون وأن الاعتقالات الجماعية لا تتفق مع هذه المتطلبات.
وأكد شتاينماير أن الانتقادات التي وجهتها ألمانيا لتركيا تستند إلى هذه الخلفية في ضوء اعتقال برلمانيين أتراك في الأيام الأخيرة، وشدد شتاينماير على أن بلاده لا تدعم حزب العمال الكردستاني وقال إن أنقرة تعلم أن العكس هو الصحيح وقال إن ألمانيا تصنف الحزب وغيره من الأحزاب المتطرفة على أنها تنظيمات إرهابية وتلاحقها جنائيا "لذلك لا أستطيع أن أتفهم التصريحات التي صدرت اليوم من تركيا تجاه ألمانيا، تكرار الاتهام لا يجعله صحيحا".
ان وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو قد قال في وقت سابق اليوم إن ألمانيا البلد الأكثر دعما "للإرهابيين" المنحدرين من تركيا.
وذكر جاويش أوغلو أن أنصار الداعية التركي فتح الله غولن يتم استقبالهم في ألمانيا "بأذرع مفتوحة"، مضيفا أن أنصار حزب العمال الكردستاني يستطيعون ممارسة نشاطهم هناك دون عوائق. وتصنف تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني على أنه منظمة إرهابية.
من جانب آخر، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن حكومتها تحث الحكومة التركية على الحفاظ على الحقوق الأساسية وذلك في ظل اعتقالات لصحفيين ونواب برلمان معارضين، فيما قالت وزارة الخارجية التركية اليوم الثلاثاء إن تعليقات مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني بشأن تركيا "غير مقبولة" مضيفة أن التكتل أخفق في تفهم حساسيات أنقرة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.