بعد تحرير "سرت".. فرار "داعش" يربك الأوضاع في الجنوب الليبي
الأربعاء 16/نوفمبر/2016 - 04:56 م
طباعة
تواصل قوات الوفاق عملية تحرير مدينة سرت من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"، فيما تسعي وحدات الجيش التونسي والجزائري لضبط طول حدودها مع ليبيا وسط إعلانات عن ضبط الجانبين لخلايا تابعة لداعش ومواقع كان يجهزها الأخير ربما لنقل مواقعه أو لشن هجمات في مناطق أخرى خارج ليبيا.
وسبق للسلطات الجزائرية أن أعلنت مؤخرا عن ضبطها لكمية من الأسلحة من بينها 17 صاروخا مضادا للطيران على مشارف محافظة وادي سوف الحدودية مع ليبيا، وفي تونس قالت وزارة الداخلية إنها تمكنت من كشف مخزنين للسلاح في منطقة بن قردان المتاخمة للحدود الليبية بالإضافة لإعلانها عن تمكنها من قتل "طلال السعيدي" زعيم منظمة إرهابية موالية لداعش كانت قد نفذت هجوما في محافظة القصرين قبل أيام.
كان مسؤول أمني في البنتاجون قال إن أوامر صدرت من قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا أفريكوم، تنهي العمليات الجوية والهجمات الدفاعية ضد داعش في سرت، مؤكدًا أن الجيش الأمريكي سيستمر في تقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق الوطني والقوات التابعة لها.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يلفظ فيه داعش أنفاسه الأخيرة في عاصمته "سرت" بعد أن سيطرت القوات الموالية لحكومة الوفاق على أغلب أجزاء المدينة لتحصر وجوده في حي سكني صغير شمال المدينة.
ويترقب البعض عن أماكن فرار التنظيم الإرهابي "داعش"، فالإحصائيات التي صرح بها مسؤولون غربيون كانت تتحدث عن وجود ما يقارب 6000 مقاتل داعش في سرت، لكن المقاومة التي لقيتها قوات حكومة الوفاق لا تشير إلى وجود هذا العدد الكبير كما أن القتلى والأسرى المعلن عنهم لم يصل عددهم إلى بضع مئات، فإلى أين يتجه داعش؟
ويري متابعون أن داعش لا يتجه إلى الجنوب الليبي، حيث أن الجنوب الليبي تحت سيطرة مجموعات إرهابية تنتمي للقاعدة خصم تنظيم داعش، وتنشط هناك مجموعات يقودها "مختار بلمختار" الذي لم يتأكد حتى الآن نبأ وفاته في قصف جوي على أجدابيا شرق ليبيا آخر مكان رصد فيه مطلع العام الحالي، معتبرين أن داعش الذي تلقى ضربات موجعة في سرت لن يتجه للجنوب ليلاقي معارضة ويدخل في صدام مسلح من جديد مع خصومه السابقين الممثلة في مجموعات القاعدة.
ويرجح بعض الخبراء إلي أن داعش سيتجه إلى الغرب سيما وأن جزءا كبيرا من مقاتليه في ليبيا هم من جنسيات مغاربية وعلى رأسهم التونسيون، وكثيرا ما عبرت هذه الدول عن مخاوفها من انتشار المقاتلين العائدين من سرت بعد حسم القتال فيها الذي أوشك على النهاية.
وعبرت السلطات التونسية عن مخاوفها، في أكثر من مناسبة، من تسرّب عناصر "داعش" الفارين من سرت الليبية إلى أراضيها.
وكان وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني قال في تصريح صحافي أول أمس الأثنين إن "الشروع في تركيز المراقبة الإلكترونية للحدود بالجنوب التونسي من برج الخضراء إلى راس جدير سيبدأ قريبا"، مضيفا أن "الحدود ستصبح مؤمنة بوسائل المراقبة الإلكترونية والحرارية الضرورية في مكافحة الإرهاب" وجاء هذا الإجراء التونسي بعد عام من إقامتها ساترا ترابيا وخندقا على طول حدودها مع ليبيا.
كانت قامت الجزائر ببناء منظومتها الأمنية على الحدود الليبية وقد سبق وأن اشترت 48 مروحية من روسيا بالإضافة لاستعانتها بخبرات أجنبية لتحديث 39 طائرة أخرى زودت بمناظير الرؤية الليلية سيما وأن حدوها مع الجزائر تتوفر على سلاسل من الجبال يصعب مراقبتها ومطاردة المجموعات الخارجة عن القانون المتنقلة عبرها.
وتعتبر مدينة سرت آخر وأهم معقل لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا؛ لذا فإن إعادة السيطرة عليها تعني نهاية داعش من الناحية النظرية على الأقل.
وتحظى مدينة سرت بأهمية استراتيجية كبيرة بحكم موقعها الجغرافي على خريطة ليبيا، فهي تعتبر حلقة الوصل بين شرق ليبيا وغربها وتقع بمحاذاة ما يعرف بالهلال النفطي، وتشكل السيطرة عليها نجاحا مهما في معركة محاربة داعش، وكانت أغلب القوات للتنظيم في ليبيا متمركزة في سرت، والتي تضعها أغلب التقديرات قبل الحملة العسكرية التي تخوضها قوات حكومة الوفاق منذ ثلاثة أشهر، بين 2000 و5000 مقاتل.
ووفق ما يرى متابعون، فإن القوات الموالية لحكومة الوفاق، أوشكت على الخلاص من التنظيم الإرهابي ودك كافة معاقلة في مدينة سرت.
وتشير تقارير إلي أن التنظيم الإرهابي سيتجه نحو الشمال، وبالرغم من مراقبة سفن عملية "صوفيا" الأوروبية الشديدة لسواحل ليبيا أعلنت السلطات الإيطالية منتصف أغسطس الماضي عن تلقيها بلاغا عن تسرب عناصر لداعش ضمن قوارب الهجرة غير الشرعية.
ونقلت صحيفة "كورييرا ديلا سيرا" الإيطالية عن مصادرها وصول عشرات من مقاتلي داعش من ليبيا إلى إيطاليا متخفين في القوارب التي يستخدمها المهاجرون غير الشرعيين.
وبحسب مسؤلين إيطاليين فإن وثائق داعش التي كشف عنها في سرت إثر سيطرة قوات حكومة الوفاق على مقرات التنظيم الرئيسية تؤكد وصول فارين من سرت إلى مدينة ميلانو الإيطالية.
العديد من وسائل الإعلام الإيطالية، كانت ذكرت آنذاك أنباء عن وجود خلية بمدينة ميلانو تسعى لتنفيذ عمليات وأنها تأتمر بأوامر قيادي للتنظيم يدعى "أبونسيم" تونسي الجنسية.
ويبدو أن التنظيم الإرهابي سيقوم بالفرار إلي الشمال بعد الترتيبات الأمنية التي وضعها الجنوب منعا لتسلل التنظيم إلي أراضيه.