مع صمت دولي.. أبناء بوذا يضطهدون مسلمي الروهينجا في ميانمار
الثلاثاء 22/نوفمبر/2016 - 03:39 م
طباعة

واصلت حكومة ميانمار اضطهادها للأقلية الروهينجا المسلمة والتي تعبر أقلية عرقية ودينية في ميانمار"بورما" ذات الأغلبية البوذية، وتعتبر حكومة ميانمار مسلمي الروهينجا "مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش"، بينما تصنفهم الأمم المتحدة بـ "الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم".
اضطهاد الروهينجا

فقد كشفت منظمة "هيومان رايتس ووتش"، أن صور الأقمار الصناعية عالية الدقة أظهرت دمار 820 منزلًا، خلال نوفمبر2016، في خمس قرى يقطنها مسلمو الروهينجا، في ولاية "أراكان" المضطربة، غربي ميانمار "بوما".
وأوصت المنظمة (غير حكومية حقوقية)، في بيان صدر عنها اليوم، الحكومة إلى دعوة الأمم المتحدة للمساعدة في إجراء تحقيق محايد.
وقال مدير آسيا في "هيومن رايتس" براد آدامز: إن "صور الأقمار الصناعية الجديدة، مقلقة للغاية؛ لأنها تؤكد حجم الدمار الكبير في القرى التي يقطنها مسلمو الروهينجا".
واتهم المتحدث باسم رئيس ميانمار، زاو هتاي، الأسبوع الماضي، "هيومن رايتس ووتش"، بالمبالغة بشأن الوضع في أراكان، وذلك على خلفية صدور الصور الأولية للأقمار الصناعية، التي أظهرت أن 430 مبنى دمرت تمامًا في ثلاث قرى.
كما أقرت الحكومة أن جيشها يشن، منذ 14 نوفمبر 2016، حملة عسكرية، باستخدام مروحيات مقاتلة لدعم عمليات القوات البرية في قرى المسلمين في "أراكان"، أدت إلى مقتل 28 شخصًا، وفقًا لتقارير إعلامية.
وفي 9 أكتوبر الماضي، شن مسلحون هجومًا على مراكز شرطة حدودية في أراكان؛ ما أدى إلى مقتل 29 شخصًا، بينهم 13 من رجال الأمن.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن الحكومة الميانمارية أعلنت قبل أسابيع،عن أنها تخطط لتدمير أكثر من 2500 منزل و600 محل و12 مسجدًا وأكثر من 30 مدرسة في المنطقة التي يعيش فيها الروهينجا.
وقالت فيه اللجنة الإعلامية لمكتب مستشارية الدولة (SCOIC) في بيان لها: إنه تم توقيف 59 شخصًا اليوم ضمن العملية التي بدأها جيش ميانمار بعد الهجوم على مراكز الشرطة في التاسع من الشهر الماضي، ليصل العدد الإجمالي لمن تم اعتقالهم إلى 337 شخصًا.
وبدأت قوات الأمن حملة في المنطقة إثر ذلك، ولم يسمح للإعلاميين والعاملين في المؤسسات الإغاثية بدخول المنطقة، وشهدت الحملة أعمال عنف، واعتقالات واسعة في صفوف السكان.
ويشهد الإقليم حالة من القلق مع استمرار العملية العسكرية، لملاحقة أعضاء منظمة "مجاهدين أكا مول"، التي حملتها رئاسة ميانمار مسئولية الهجمات.
ويُعرف المركز الروهينجي العالمي على موقعه الإلكتروني، الروهينجا بأنهم "عرقية مضطهدة في إقليم أراكان منذ 70 عامًا، وقد مُورس بحقها أبشع ألوان التنكيل والتعذيب؛ حيث تعرضت للتشريد، والقتل، والحرق".
اضطهاد تاريخي

ويعيش مسلمو الروهينجا في وضع صعب جدًّا وما يحدث لهم اليوم هو امتداد لسلسلة معاناة طويلة جدا بدأت عام 1784، وفي 1942حصلت المذبحة الأولي، وما بين مايو 1991 ومارس 1992 فرّ أكثر من 260,000 من الروهينجا خارج البلاد؛ بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي قام بها الجيش البورمي من مصادرة الأراضي والسُّخرة والاغتصاب والتعذيب، انتهاءً بالإعدامات دون محاكمة، كما أوردت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في تقريرها عام 2013. مرورا بالمأساة التي وقعت في يونيو 2012 والتي تزال قائمة حتى اليوم.
والروهينجا هم من سكان ما قبل الاستعمار في ولاية راخين (آراكان) بميانمار. وحسبما ذكر معهد الشرق الأوسط، فإن أول ظهور لمصطلح الروهينجا كان في عام 1799.
ويقع إقليم (أراكان) جنوب غرب بورما على الحدود مع بنجلاديش. وتبلغ مساحتها 20 ألف ميل مربع، ويحدها غرباً خليج البنجال الذي كان يسمى تاريخياً (بحيرة العرب) ثم غير اسمه. ويحدها شمالاً بنجلاديش، وذلك على طول 171 ميلاً، ومن الشرق جبال الأراكان التي تعتبر حداً فاصلاً بين أراكان وبورما الدولة الغازية..
ويوجد في بورما عدة ديانات، ولكن أكثر سكانها يعتنقون البوذية، وأقلية يعتنقون الإسلام وهم يتركزون في الشمال على حدود الهند. ويصل عدد المسلمين إلى حوالي 10 ملايين نسمة أي حوالي 20% من سكان بورما. ويتركز معظمهم في إقليم أراكان الذي احتله البورميون عام 1784.
ومنذ 2012 ذلك الوقت هناك قرابة مليون نسمة من النازحين يعيشون في المخيمات غير إنسانية، فهناك 13 ألف أسرة بلا عائل فالأب إما قتل أو هجر قسريًّا عبر القوارب أو ملاحق في الغابات أو معتقل.
ويتعرض مسلمو الروهينجا لاضطهاد من ثلاثة انواع ديني بالدرجة الأولي، وعرقي وأخيرًا أن دولة بورما لا تعترف بالروهينجا ولا تحضر أي نقاش عنهم في أي مؤتمر دولي.
كما سمحت حكومة ميانمار "بورما" ضمنيًّا بصعود حركة 969, وهم مجموعة من الرهبان البوذيين يشتهرون بتقديمهم مبررات أخلاقية لتبرير موجة من سفك الدماء الموجهة ضد المسلمين، حسبما أوردت تقارير رويترز. ومنذ عام 2012, فرّ نحو 140,000 من الروهينجا تقريبًا، من شمال غرب ميانمار، وسط اشتباكات دامية مع الأغلبية البوذية.
وقد طالبت الغالبية البوذية، السفارات الأجنبية في البلاد، استخدام كلمة "بنغالي"، للإشارة إلى أقلية مسلمي "الروهينجا"، التي لا يحمل أفرادها جوازات سفر، وهم بالتالي لا يتمتعون بحقوقهم في الحصول على الخدمات الصحية، والعمل، أو إرسال أولادهم إلى المدارس، واصفةً إياهم بـ"المتطفلين من بنجلاديش المجاورة".
كما قامت السلطات الميانمارية بإغلاق الكثير من المدارس الإسلامية التابعة للروهنيجا، منذ أحداث العنف الواقعة ضدهم في 2012، وما زالت تمنعهم من إعادة فتحها وأداء دورها بشكل تعسفي، وفقًا لناشطين روهينجيين.
وفي 8 أكتوبر الماضي، اقتحم مسلحون 3 مراكز شرطة في بلدتي "ماونجداو"، و"ياثاي تايونغ" في أراكان؛ ما أسفر عن مقتل 4 جنود، و9 من أفراد الشرطة إضافة إلى سرقة عشرات الأسلحة وآلاف الذخائر.
وأطلق الجيش حملة عسكرية، عقب الهجمات، شهدت أعمال عنف، واعتقالات واسعة في صفوف السكان.
وتشهد الولاية حالة من القلق مع استمرار العملية العسكرية، لملاحقة أعضاء منظمة "مجاهدين أكا مول"، التي حملتها رئاسة ميانمار مسئولية الهجمات.
كما يعيش نحو مليون من مسلمي الروهينجا، في مخيمات ولاية "أراكان" أو "راخين" غربي البلاد، بعد أن حُرموا من حق المواطنة بموجب قانون أقرته ميانمار عام 1982، إذ تعتبرهم الحكومة مهاجرين غير شرعيين من بنجلادش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة بـ "الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم".
كما أضف إلى ذلك انتفاضة الروهينجا المطالبة بالانفصال بين عامي 1948 و1961 والتي باءت بالفشل، كذلك المخاوف الدائمة من الزحف والتعدّي الإسلامي على البوذيين، وأيضًا قانون المواطنة الصادر عام 1982، والذي "يضفي الشرعية أساسًا على التمييز ضد الروهينجا"، وفقًا لمعهد الشرق الأوسط.
تنديد أممي

فيما طالبت الأمم المتحدة، سلطات ميانمار، بضمان احترام كرامة، وحماية مسلمو الروهينجا في إقليم أراكان غربي البلاد، مانشده حكومة بنجلاديش بالسماح للمدنيين الفارين من العنف في "أراكان" بالمرور الآمن عبر حدودها.
وقال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحفي عقده بمقر المنظمة الدولية في نيويورك: إن "مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين تشعر بقلق بالغ إزاء سلامة المدنيين في الجزء الشمالي من ولاية راخين (أراكان)"، مضيفاً أنها (الأمم المتحدة) "تحث حكومة ميانمار على ضمان حماية واحترام كرامة جميع المدنيين على أراضيها، وفقا لسيادة القانون والتزاماتها الدولية".
وتابع المسئول الأممي: "كما دعت المفوضية إلى تحقيق الهدوء، و(السماح) بوصول المساعدات الإنسانية، وتلبية احتياجات الآلاف من الناس الذين يقال إنهم تم تشريدهم من ديارهم بسبب العملية الأمنية الجارية في المنطقة، وهم في حاجة ماسة للغذاء والمأوى والرعاية الطبية".
وأشار أن المفوضية الأممية، حثت حكومة ميانمار على السماح فوراً للجهات الفاعلة الإنسانية باستئناف الأنشطة المنقذة للحياة لأكثر من 160 ألف من المدنيين في ولاية "راخين"، خاصة وأن هذه الأنشطة تم تعليقها منذ 9 أكتوبر الماضي.
وعلى الصعيد ذاته، ناشد "حق" حكومة بنجلاديش، بالسماح للمدنيين الفارين من العنف في ميانمار بالمرور الآمن عبر حدودها.
وفي وقت سابق، دعت "هانجي لي"، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في ميانمار، حكومة نايبيداو، إلى اتخاذ إجراءات فورية إزاء ارتفاع نسبة انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي ولاية أراكان غربي البلاد.
وأضافت "لي"، في بيان وصل الأناضول نسخة منه، اليوم، أن "المسلمين في أراكان (الروهينجا) يتعرضون لانتهاكات إنسانية واسعة النطاق".
وطالبت الأمم المتحدة ميانمار بضرورة الالتزام بالقانون الدولي في حماية المدنيين وممتلكاتهم في إقليم أراكان، معربة عن قلقها البالغ إزاء أحداث العنف الجارية بالإقليم منذ عدة أيام.
كما عبرت الأمم المتحدة، عن قلقها إزاء تقارير أفادت بمقتل 28 من مسلمي الروهينجا، في غارات نفذها الجيش على قرى في إقليم أراكان.
والتقى مدير عام اتحاد روهنجيا أراكان (ARU) البروفسور وقار الدين، الأحد الماضي، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك مسئولين أممين وعقد معهم اجتماعًا مطولًا بحث فيه الأوضاع الطارئة في ولاية أراكان بميانمار.
وتركزت المباحثات خلال اللقاء عن التوترات التي تشهدها ولاية أراكان وعمليات القتل والإحراق والاعتقال التعسفي التي تطال مسلمي الروهنغيا في عدة مدن شمال ولاية أراكان.
ودعا وقار الدين المسئولين إلى السعي لتحقيق السلام في شمال ولاية أراكان ووقف العنف وحماية السكان المدنيين الورهنغيا وإجبار ميانمار على العمل بالالتزام الدولي بحماية السكان المدنيين في منطقة النزاع المسلح.
تنديد اسلامي

كما استنكر مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بشدة الانتهاكات التي ترتكب بحق مسلمي الروهينجا في ميانمار، في وقت تتصاعد فيه المواقف الدولية تنديداً بعودة الاضطهاد المنظم للأقلية المسلمة في هذا البلد، وسط دعوات لسلطات ميانمار بالتعاون للتحقيق في الانتهاكات.
وأكد المجلس، في بيان له أمس، أن ما تتناقله وسائل الإعلام من قتل لعشرات الأشخاص وتدمير وحرق مئات المنازل هي أعمال ضد الإنسانية وبعيدة كل البعد عن تعاليم كافة الأديان السماوية والتقاليد والأعراف الإنسانية والمواثيق والاتفاقات الدولية التي تجرم بوضوح هذه الجرائم الوحشية.
وطالب مجلس حكماء المسلمين بتحرك عاجل لإنقاذ المسلمين الروهينجا في ميانمار والاعتراف بحقهم في العيش في أمان وسلام، بعيدًا عن سياسات الاضطهاد والتمييز.
كما ندد مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الافتاء المصرية بالهجمة الوحشية التي تستهدف مسلمي بورما، والتي تسببت في مقتل العديد من المسلمين هناك وتشريد الآلاف وهدم المنازل وطرد سكانها واعتقال العديد من الرجال والنساء، داعيًا المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره في حماية الأقليات الدينية والعرقية من الانتهاكات المتكررة التي تستهدف أقلية الروهينجا المسلمة ودفعها نحو ترك وطنها والهرب إلى الدول المجاورة.
وأكد المرصد أن الانتهاكات المتكررة والممنهجة ضد أقلية الروهينجا باتت تشكل تهديدًا للأمن والسلم الدولي وتدفع الكثير من أبناء أقلية الروهينجا إلى اللجوء إلى العنف كسبيل لحماية نفسه من بطش وعنف السلطات المحلية، وهو الأمر الذي يغري الكثير من التنظيمات المتطرفة والتكفيرية إلى استثمار تلك الأوضاع وتجنيد أبناء الأقلية هناك لممارسة العنف تحت دعاوى كاذبة وخادعة لأقلية تتعرض لأقصى أنواع الاضطهاد والتمييز داخل وطنهم.
الصين تستضيف مسلمي الروهينجا

فيما أكدت صحيفة "تشاينا ديلي" الرسمية الصينية اليوم الثلاثاء، أن بين مسلمي الروهينجا الفارين من ميانمار للصين، مصابين نقلوا إلى مستشفى في إقليم يونان بجنوب غرب الصين.
وقالت: إن الصين استقبلت أكثر من 3000 من الروهينجا المسلمين الفارين من اضطهاد الحكومة.
ونشرت نيويورك تايمز في افتتاحيتها اليوم الثلاثاء، تفاصيل الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، ضد المسلمين في ميانمار، وأعربت عن خيبة الأمل في رئيسة البلاد الحائزة على جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي.
وقالت الصحيفة: إن ميانمار ظلت سنوات طويلة تضطهد الروهينجا وتحرمهم من حقوق أساسية، مثل المواطنة والزواج وحرية العبادة والتعليم، مؤكدة أن العنف الذي انطلق من المتطرفين البوذيين عام 2012 وطُرد خلاله عشرات الآلاف من الروهينجا من منازلهم اضطر كثيرون منهم للهروب في قوارب المهربين مخاطرين بحياتهم، وظل أكثر من مئة ألف آخرين يعيشون في معسكرات اعتقال مزرية.
يبقى اضطهاد أقلية الروهينجا قائمًا طالما لا يوجد موقف دولي وإقليمي قوي تجاه حكومة ميانمار التي تواصل اضطهاد الأقليية الدنية والعرقية في البلاد، دون أي رادع من دول الإقيليم أو من المجتمع الدولي، ليدفع مسملو الروهينجا ثمن التخاذل الدولي وتطرف أبناء بوذا.