رابطات حماية الثورة تثير الجدل فى تونس..والنهضة تناور
السبت 26/نوفمبر/2016 - 09:13 م
طباعة

عادت ما يسمّى برابطات حماية الثورة لتتصدر المشهد التونسي وتثير قلق الأطراف السياسية والمجتمعية، بعد القرار القضائي المثير للجدل بتبرئة عدد من أعضائها من تهمة قتل العضو في حركة نداء تونس لطفي نقض قبل نحو أربع سنوات.

من جانبه وصف عضو البرلمان التونسي عن حزب حركة "نداء تونس"، النائب محمد الراشدي "رابطات حماية الثورة" المنحلّة قانونيا، بأنها "رابطات حماية الفوضى وبث الفتنة بين أبناء الشعب التونسي".، متهما حركة النهضة، بانتهاجها لغتين، منذ وصولها إلى سدّة الحكم، إحداهما رسمية تدين رابطات حماية الثورة، ولغة أخرى يتحدث بها الجناح المتصلب في حزب حركة النهضة والذين يعتبرون تلك الرابطات فرعا من فروع حركة النهضة.
أضاف الراشدي، ما إذا عدنا بالتاريخ قليلا إلى الوراء، لوجدنا أن رابطات حماية الثورة كانت مرتبطة أساسا، وضمنيا بحركة النهضة ،منذ العام 2011 وحتى 2014، مشيرا إلى أن هناك تصرفات من بعض الإدارات، ومنخرطي حزب النهضة، تدل على أنهم يساندون رابطات حماية الثورة، ونحن كحزب نداء تونس، سبق وأن طلبنا بشكل واضح ومعلن من حزب النهضة أن يوضح موقفه من تلك الرابطات، سواء كان بالمساندة أو التبرؤ، ولكننا لم نتلق ردا حتى الآن.
أكد الراشدي على أن العدالة التونسية ستأخذ مجراها، وأن الحكم ببراءة أعضاء رابطات حماية الثورة من تهمة قتل لطفي نقض، هو حكم ابتدائي، تم إحالته إلى محكمة الاستئناف، التي بدورها ستقوم بالبتّ فيه.

يذكر أنه قد صدر، الاثنين الماضي، قرار قضائي بتبرئة عدد من أعضاء "رابطات حماية الثورة" من تهمة قتل العضو في حركة "نداء تونس" لطفي نقض، قبل نحو أربع سنوات، الأمر الذي أحدث توترا، تردد صداه داخل الائتلاف الحكومي الحالي، بين حزبي حركة نداء تونس، وحركة النهضة الإسلامية، في عودة لتلك الرابطات لإثارة قلق الأطراف السياسية والمجتمعية في تونس، عقب تصدرها للمشهد السياسي التونسي من جديد، بعد هذا القرار القضائي المثير للجدل.
ويري محللون أن رابطات حماية الثورة هي ميليشيات تتبنى خطاب العنف والإقصاء، برزت خلال فترة صعود الإسلاميين إبّان سقوط حكم الرئيس زين العابدين بن علي في العام 2011، وصدر قرار قضائي بحلّها في العام 2014، بعد أن ثبت تورطها في أحداث عنف، لعلّ من أشهرها حادثة الاعتداء على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل -أكبر منظمة نقابية في تونس- في 4 ديسمبر 2012، والاعتداء على مسيرة نظمت بمناسبة عيد الشهداء في 9 أبريل من نفس العام.
وفى سياق متصل حذر رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، من عودة “رابطات حماية الثورة” إلى سالف أنشطتها، وجاء تحذير رئيس الحكومة في كلمة له في جلسة عامة في البرلمان الجمعة بعد أيام من صدور الحكم الذي برّأ ساحة أربعة عناصر من الرابطات مرهوبة الجانب، كانوا متهمين في مقتل لطفي نقض أحد أعضاء حزب نداء تونس بمحافظة تطاوين جنوب تونس.
وقال رئيس الحكومة يوسف الشاهد “لن أعلّق على حكم القاضي، ولكن أريد أن أقول إن الشهيد لطفي نقض، ليس شهيد نداء تونس فقط، هو شهيد تونس وجميع التونسيين.
أضاف الشاهد “لن نسمح لأحد بأن يعيد تقسيم التونسيين وبأن يبثّ خطابات الكره والخوف. تونس ليست بحاجة اليوم لإعلانات حرب من أيّ كان. تونس بحاجة لمن يؤمن بالديمقراطية ومدنية الدولة وعلوية الدستور.

وبخلاف الجدل الذي أثاره قرار المحكمة بين مؤيد معارض، فإن الحكم ببراءة المتهمين سمح بإعادة صورة الرابطات إلى السطح ومنح دفعة معنوية وسياسية لأنصارها.
ولقي لطفي نقض ممثل حزب حركة نداء تونس وأيضا اتحاد الفلاحين في تطاوين جنوب البلاد، حتفه سحلا يوم 18 أكتوبر 2012 في أحداث عنف بين أعضاء الرابطات وأنصار الحزب.
كان الاتهام بالقتل موجها إلى رابطات حماية الثورة الذراع الميدانية للائتلاف الحاكم بين 2011 و2014 والذي قاده حزب حركة النهضة الإسلامية وحليفه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية للرئيس السابق المنصف المرزوقي وحزب التكتل.
وخلال فترة نشاط الرابطات كان العداء على أشده آنذاك بين الائتلاف الحاكم والمعارضة العلمانية، وبشكل أساسي حزب حركة نداء تونس الذي أسسه الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي لمنع هيمنة الإسلاميين على الحكم بعد نجاحهم في أول انتخابات أعقبت "الثورة".
وأحدث الصعود المفاجئ لرابطات حماية الثورة بعد صدور الحكم القضائي الاثنين الماضي توترا تردد صداه داخل الائتلاف الحكومي الحالي بين حزبي حركة نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية.
سارعت النهضة، إلى النأي بنفسها عنها، حيث أصدرت الخميس بيانا “مخاتلا وضبابيا” قالت فيه إنه “لا علاقة مطلقا لها بما كان يعرف برابطات حماية الثورة التي تمّ حلّها ووقف نشاطها بطلب من الحكومة عام 2013 وبحكم قضائي سنة 2014، مشيرة إلى أنها “ترفض عودتها للنشاط من جديد.
ويري متابعون أن النهضة لم تعلن موقفا واضحا وصريحا من الرابطات حيث استبطن دفاعا عن المتهمين في مقتل لطفي نقض، مشددا على أن الأحكام القضائية “ينبغي احترامها ولا مصلحة للبلاد في التشكيك فيها، بل ذهبت الحركة إلى حد القول بأن "توظيف قضية نقض يشوّش على القضايا الحقيقية لتونس ولا يخدم إلا أجندة تقسيم التونسيين وتمزيق نسيجهم الاجتماعي” وذلك في رد على مطالبة العلمانيين والنشطاء بإنهاء عنف الرابطات ميدانيا وإعلان موقف بقطع أيّ صلة لهم بالحركة الإسلامية، وتجنبت النهضة تحميل الرابطات أيّ شكل من أشكال ممارسة العنف أو التحريض عليه على الرغم من أنها تعلم أكثر من غيرها أنها كثيرا ما استنجدت بـ"الذراع العسكرية" لاستهداف نشاط العديد من الشخصيات السياسية.
ودعا نداء تونس النهضة إلى “توضيح موقفها الرسمي من هذه الميليشيات ومواقف بعض قياداتها الداعم لها” كما دعا “القوى الديمقراطية إلى الالتفاف حول المبادئ الوطنية والوقوف صفا واحدا ضد قوى الردة والميليشيات الداعية للفوضى والعنف.
على الجانب الآخر شدد منجي عبدالرحمن الخبير في الجماعات الإسلامية وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية على أن "بيان النهضة لم يتضمن موقفا واضحا يؤكد تبرؤ الحركة من الرابطات” مشيرا إلى أن “النهضة تنتهج سياسة المخاتلة والتمويه في قضايا حساسة وخاصة بشأن ذراعها الميدانية التي تنفذ جزءا من أجندتها على الأرض، و المسألة لا تتمثل في نص يروّج للتبرؤ وإنما تتمثل في أن تقطع النهضة تماما علاقاتها مع ميليشيات” تتبنى العنف. وترى النهضة أن الحملة السياسية والإعلامية على رابطاتها ما هي إلا جزء من حملة عامة يقودها خصومها وتقديمها على أنها حركة تتبنّى العنف منهجا ووسيلة إما لهرسلة العلمانيين وشل جهودهم أو للتموقع أكثر ما يمكن ضمن مواقع صنع القرار الإداري والسياسي.
كان حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل قد سبق ووصف رابطات حماية الثورة بـ"الذراع العسكرية وذراع العنف لحركة النهضة" مشددا على أن “هذا الجناح العسكري كان مخوّل له ممارسة العنف" في إشارة ضمنية إلى عدة أعمال عنف ارتكبتها الرابطات وتستّرت عليها النهضة بل ودافعت عنها.