تضارب آراء علماء الأزهر حول ولاية المرأة
الأربعاء 30/نوفمبر/2016 - 03:41 م
طباعة

أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، خلال كلمته بندوة الرواق الأزهري بكلية الدراسات الإنسانية بنات بجامعة الأزهر، بعنوان: «العطاء الحضاري للأزهر الشريف في مصر والعالم» أمس، اهتمام الأزهر الشريف بالمرأة، وأنها مكون مهم في الأزهر الشريف، كاشفًا أنه ليس هناك ما يمنع قانونا أن تنضم المرأة إلى هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية، وليس لدىَّ مانع أن تكون امرأة رئيسة لجامعة الأزهر، لافتًا إلى أنه من الخطأ الشائع القول على المرأة بأنها الجنس الآخر، مشيرًا إلى أن الأصح قول «النوع الآخر» وليس الجنس الآخر.

الدكتور عباس شومان
إلا أن كلمة الشيخ شومان لا تمنع اختلاف العلماء المسلمين في ولاية المرأة «الولاية الكبرى» وهي الرئاسة أو حكم البلاد، وعلماء داخل المؤسسة الأزهرية نفسها التي يتحدث بلسانها الشيخ شومان، إلا إذا امتلك وحده صحيح الدين الأزهري وعين نفسه المتحدث الرسمي للأزهر الشريف. وتفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، إلا أن هناك نماذج نسائية مسلمة تحكم الآن دولاً إسلامية، واستطاعت أن تكون لها بصمة واضحة أثناء حكمها لهذه الدول، وكانت آخر النماذج السيدة المسلمة «عاطفة يحيى»، وهي الرئيس الحالي لدولة كوسوفو، وأول رئيسة لدولة من دول البلقان الحديثة، وأصغر من تم انتخابهم على الإطلاق، والسيدة «أمينة غريب فقيه»، الرئيس الجديد لدولة موريشيوس، وقائدها العام، ومن قبل تولت السيدة «بنظير بوتو» رئاسة وزراء باكستان، وهي المسلمة الأولى والوحيدة التي تولت هذا المنصب حتى الآن، و«ميجاواتى سوكارنوبوترى» التي تولت رئاسة إندونيسيا في الفترة ما بين 2001 إلى 2004 ، و«تانسو تشيلر» التركية التي تولت رئاسة الوزراء، من عام 1993 حتى عام 1996.

الدكتور فؤاد عبد النبي
يقول الدكتور فؤاد عبد النبي، الفقيه الدستور المصري: إن الدستور كفل للمرأة حق الولاية، وفقًا للمادة الأولى، مادة سيادة القانون والمادة 4 والمادة 5 والمادة 9 والمادة 10 والمادة 11 والمادة 56 والمادة 72 من دستور 2014 ، انه من حق المرأة تولى منصب الولاية (الرئاسة) شأنها شأن الرجل؛ لأن المشرع الدستوري في المادة 11 ساواها بالرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية، وقال في تلك المادة: «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور»، و«تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها».
وأضاف عبد النبي أن المرأة مساوية للرجل، في جميع الحقوق، ومبدأ تكافؤ الفرص، فمن حق المرأة تولى منصب الولاية (الرئاسة)، بل من حق المسيحي أن يتولى منصب الرئاسة في مصر وفق مبدأ المواطنة، من المادة الأولى وسيادة القانون وتكافؤ الفرص؛ لأن هناك أكثر من تسعة نصوص دستورية تعطيها حق الولاية، فنص الدستور على موافقة للشريعة الإسلامية؛ لأنه لا يوجد في القرآن الكريم ما يدل على عدم ولاية المرأة في الإسلام، أما الأحاديث فقد تكون ضعيفة.
ويقول الدكتور خالد راتب، عضو لجنة الفتوى بالأزهر: إن هناك اختلافاً بين العلماء في الولاية الخاصة والعامة، فجمهور العلماء قال: إن المرأة يجوز لها أن تتولى الولاية الخاصة مثل الولاية على أموالها، والتصرف فيها مثل إدارة مؤسسة وبعض المصالح وغيرها، ولكنهم افتوا بعدم جواز تولى المرأة الولاية العامة، وهي أمور الناس مثل الرئاسة وغيرها من الأمور التي يكون فيها سلطة على الناس؛ لأن المرأة يعتريها مالا يعترى الرجل، ولها حالات خاصة، أما الإمام أبو حنيفة فقد أجاز أن تتولى المرأة ولاية القضاء مع أنها ولاية عامة.
وأضاف راتب أن هناك حديثاً صريحاً واضحاً في دلالته، على منع تولي المرأة منصب الولاية العامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر بعدم فلاح قوم يولون أمرهم امرأة، فقال صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، فالحديث عام في كل قوم وكل امرأة في أي زمن وفي أي مكان، والقول بأنه خاص بقوم فارس الذين ملكوا بنت كسرى، هذا قول ضعيف لا حجة فيه؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وينطبق هذا الحكم على رئاسة الوزراء، فلا يجوز أن تتولاها المرأة؛ لأن مهام رئيس الوزراء كمهام رئيس الجمهورية، ولم يخالف في هذه المسألة أحد من العلماء السابقين، وإنما خالف فيها بعض المعاصرين فأجازوا أن تكون المرأة رئيسة الجمهورية أو رئيسة الوزراء.

الدكتور محمد الشحات الجندي
وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن حديث "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، المقصود به الولاية العامة أو الخلافة العامة للمسلمين على مستوى كل أقطار الدولة الإسلامية، أما إذا كانت الولاية لقطر معين مثل مصر أو تونس وغيرها، فهذا يجوز والقرآن الكريم لم ينكر ولاية المرأة في قصة بلقيس ملكة سبأ، بل مدحها بقوله تعالى في سورة النمل {إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}، وقال في موضع آخر {قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ}، وبالرغم من وجود رجال أشداء أولى بأس شديد وقوة، تركوا الولاية والأمر لها.
وفي وقت سابق في 2010 وقبيل الانتخابات الرئاسية دار جدال حول تولي المرأة الرئاسة حيث عارضها الشيخ فرحات المنجى، مؤكدا أن تولية المرأة الرئاسة أمر غير جائز على الإطلاق، قائلاً: إن الله لم يعط حق الطلاق للمرأة وهو من أخص خصوصيتها؛ وذلك لأن المرأة بطبيعتها سريعة الانفعال والغضب ومن الممكن أن تهدد الأسرة بسرعة، كما أنها سريعة التأثر والغضب لأنها لم تخلق مثل آدم من شيء صلب بل خلقت من دم ولحم.
وأوضح أن القرآن ذكر في ملكة سبأ أن الهدهد استعجب واستغرب أن تكون امرأة هي الحاكمة في نص الآية {إني وجدت امرأة}، متسائلاً: لماذا تعجب الهدهد إذاً؟ ولماذا قال هذا؟ مؤكداً أن النبي تنبأ أن القوم الذين حكمتهم بنت كسرى سيذلون ويقهرون.

الدكتورة سعاد صالح
كانت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن أكدت اتفاقها على أن تتقلد المرأة المناصب القيادية منها الرئاسة بشرط ألا يؤثر ذلك على دورها في رعاية أفراد أسرتها، قائلة: "لو أضرت المرأة بمصالح أسرتها في هذه الحالة فإنها تصبح آثمة وعاصية"، مؤكدة أن العلاقة بين الرجل والمرأة مثلما حددها الإسلام تقوم على العدل والمساواة والإحسان والفضل. وأضافت أن الذي يخلق الاختلاف بين الرجل والمرأة هو التفسير الخاطئ لبعض نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية
من جهته، قال الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدرى إن المرأة لا يمكن أن تتولى الولاية؛ لأنها تعجز أن تكون ولاية نفسها في الزواج فكيف تتولى الحكم، وأنها لا تملك الولاية إلا في الأموال، مستشهداً أن النبي كان يفتح البلاد ويعين عليها حكاما، فلماذا لم يعين امرأة؟ كما أن الله لم يرسل نبيه أو رسوله لأي من الأمم السابقة، قائلاً إنه لو كان هذا الرأي سياسيًّا، فالسياسة تحل الحرام وتحرم الحلال.

الدكتور عبد المعطي بيومي
بينما أكد الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام منح المرأة حق خوض الانتخابات الرئاسية، وأن تصبح المرأة، رئيسة، نافياً أن يكون معنى الحديث الشريف "لن يفلح قوم ولَوا أمرهم امرأة" يحرم تولى المرأة الرئاسة، موضحاً أن مضمون الحديث يدلل على دعم الإسلام لرئاسة المرأة للدولة، مضيفاً أن أداة النفي "لن" لا تفيد النهي، كما أن معنى "ولًوا أمرهم" يتنافى مع النظم السياسية الحالية في الدول التي لا يكون فيها رئيس الجمهورية سواء كان رجلاً أو سيدة هو ولي الأمر وحده دون مستشارين، موضحا أن معنى لفظ "لن يفلح" في الحديث لم يكن الغرض منه ربط فساد الدولة بأن حاكمها امرأة إنما وصول المرأة للسلطة مجرد علامة قائمة على عدد من العوامل السابقة التي أسهمت في سقوط الدولة الفارسية، وأن القرآن امتدح ملكة سبأ بأنها حاكمة صالحة، مؤكداً على أنها لم تكن ولية الأمر وحدها.
وقالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: إنه من حيث الشريعة فهناك من أجاز تولي المرأة الحكم قياساً على ما ذكره القرآن عن ملكة سبأ وهو قياس لا بأس به، وأن ابن حزم وابن جرير لم يرفضا تولي المرأة الرئاسة، كما أنها لم تصل إلى عهد النبي، فالمرأة في عهد النبوة شاركت في البيعة وميثاق المدينة المنورة والغزوات وفي الكثير من المواقف المؤثرة، ولكن توضح الدكتورة آمنة نصير أن الحديث عن هذا الأمر في عصرنا الحالي يعد نوعا من الاستخفاف بالمرأة، موضحةً أن دور المرأة الآن في التفاعل السياسي والحزبي ما زال خافتاً؛ لأن الرجل لن يحتمل أن يسمح للمرأة أن ترأسه في حزب، كما أوضحت أنه يصعب على المرأة الآن أن تصبح حاكمة؛ لأن الوضع السياسي الآن متشرذم، كما أنه لا يوجد ترحيب من القيادة الدينية بأن يبرز دور المرأة وأهميتها والدليل عدم مشاركتها في مجمع البحوث الإسلامية، مستدلة أيضا بعدم ترحيب القيادة الدينية على دور المرأة وأهميتها إلى أن نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات رجل وليس امرأة.
أما الدكتورة ملكة زرار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة القاهرة، فترى أن الرئاسة من الإمامة الكبرى وهي للرجال دون النساء وهو الأمر الشائع، لكن إذا كانت هناك امرأة صالحة لتولي القيادة، فلا يوجد مانع إذا توافرت فيها شروط من بينها فصاحة العقل ورجاحته والالتزام بالشورى، مستشهدة بملكة سبأ وبرجاحة عقلها وكيف أنها كانت تأخذ بالشورى، مستنكرة أن يكون في هذا الزمن امرأة في مثل مواصفاتها، قائلة إنه لا يخفى على أحد أن هناك رؤساء دول يصدرون القرارات وهي في الحقيقة تكون قرارات امرأة!