النازحون من حلب السورية بين الموت من "القصف" أو"الجوع"
الخميس 01/ديسمبر/2016 - 01:12 م
طباعة

ليس أمام النازحين من مدينة حلب المحاصرة خيار ثالث، فإما الموت من القصف اليومي المتواصل من كافة الأطراف المتصارعة أو الموت من الجوع بعد الحصار الذي ضرب عليهم منذ 3 شهور، وهو الأمر الذي حذر منه مسئول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة "ستيفن أوبراين" من أن شرق حلب قد "يتحول إلى مقبرة ضخمة" إذا لم تتوقف المعارك واستمر منع إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان.

وشدد في اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك عقد الأربعاء 30-11-2016م دعت إليه فرنسا، لبحث الأوضاع في مدينة حلب المحاصرة قال فيه: "إن 25 ألف مدني فروا من شرق حلب منذ السبت باتجاه غرب المدينة التي يسيطر عليها نظام الأسد أو مناطق أخرى مجاورة، وانا على أطراف النزاع ومن لديهم نفوذ إلى أن يبذلوا ما في وسعهم لحماية المدنيين ولإتاحة الوصول إلى القسم المحاصر من شرق حلب، قبل أن يتحول إلى مقبرة ضخمة؛ لأن هناك قلقًا بالغًا على نحو 250 ألف مدني عالقين في شرق حلب، وإن هؤلاء الأشخاص محاصرون منذ 150 يومًا، ولا يملكون وسائل البقاء لفترة أطول".
بدوره حذر المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستفان دي ميستورا من أن حلب قد تتحول إلى "مقبرة هائلة"، وأن التقارير الأولية في حلب تشير إلى أن نحو 16 ألف مدني قد شردوا وهذا العدد في تزايد كل ساعة، وأن الهجمات البرية والجوية على شرق حلب وغربها تواصلت خلال الأسبوعين الماضيين ليكشف المندوب البريطاني في مجلس الأمن الدولي ماثيو رايكروفت عن المسئول عنه هذا الوضع اللا إنساني، قائلا: "إن نظام الأسد يقصف المدنيين الهاربين من حلب سيرًا على الأقدام، وهو ما يعد جريمة حرب، وأننا سنلاحق المسئولين عن هذه الجرائم، ويجب أن يكون هناك وقف عاجل لإطلاق النار في سوريا لدخول المساعدات الإنسانية إلى حلب، وأن روسيا ضرورية لأي حل في سوريا".

أما مندوب فرنسا في مجلس الأمن "فرانسوا ديلاتر" فقال: إنه يجب احترام الاتفاقات الدولية بشأن حماية المدنيين في حلب، لافتًا إلى أن نظام الأسد أظهر استعداده لعمل أي شيء؛ من أجل استعادة السيطرة على المدينة، وأنه يجب التوصل إلى قرار لمساعدة المدنيين بعدما أفشلت روسيا المحاولات السابقة للتوصل إلى اتفاق ورحبت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سامانثا باور، بأي هدنة في سوريا "لكن دون أن تكون مقدمة للعودة للقصف الوحشي؛ لأن القنابل وقذائف الهاون تنهمر على المنازل والمستشفيات والمدارس في حلب".
فيما كشفت مصادر عن حملة اعتقالات واختطاف لمئات الشباب والرجال الفارين من المناطق التي احتلتها ميليشيات إيران خلال الأيام الماضية في أحياء حلب المحاصرة، وقال مارتن شلوف الكاتب في صحيفة "الجارديان" البريطانية: "هناك تنامي للمخاوف بعد اختطاف قوات النظام السوري 500 رجل من حلب، وإن 3 عائلات اتصلت بهم أكدوا أنهم لم يسمعوا أي خبر عن أقربائهم الذين اعتقلوا في حي مساكن هنانو، بعدما استطاعت الميليشيات العراقية واللبنانية السيطرة على أجزاء من المدينة خلال ساعات، وإن أهالي مدينة شرقي حلب في حالة من القلق الشديد على مصير هؤلاء الرجال، الذين اختطفوا على يد قوات موالية لبشار الأسد، بعدما استطاعت السيطرة على ثلثي المدينة، التي كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، وإن المناطق التي سيطرت عليها الميليشيات في حلب تم تسليمها إلى قوات الأسد التي قامت بدورها باعتقال الرجال وأغلبيتهم من الشباب، وإن نحو 15 ألف مقاتل شيعي من العراق ولبنان شاركوا في قيادة المعارك في حلب".

وفي السياق نفسه، أكد "مركز حلب الإعلامي" أن قوات الأسد أنشأت معسكرين، أحدهما في مدرسة بحي الصاخور، والآخر في منطقة نقارين قرب مطار النيرب العسكري، يتم فيهما احتجاز الشباب، الذين فروا مع عوائلهم من مناطق الاشتباك داخل حلب إلى الأحياء التي سيطرت عليها قوات الأسد، وأن عملية الاحتجاز اقتصرت على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين سن 18- 40 عامًا، وأن قوات الأسد انتزعت الأوراق الثبوتية لهم، وأن أعدادهم تجاوزت 1000 محتجز حتى الآن".
فيما أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا طالبت فيه الأمم المتحدة بحماية النازحين من أحياء حلب الشرقية، وقالت: إن عددًا كبيرًا من النازحين تم اعتقالهم من قبل قوات النظام والميليشيات الشيعية، وتحت عنوان "يجب على الأمم المتحدة ضمان سلامة ومصير المشردين من أحياء حلب الشرقية" قالت الشبكة في تقريرها: إن قوات النظام السوري وروسيا لم تتوقف يومًا واحدًا عن قصف وتدمير أحياء حلب الشرقية منذ انتهاء مهلة وقف الأعمال العدائية الثانية في 19 سبتمبر، وإن تلك القوات ارتكبت مئات الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب، وإن الحصار على شرق حلب عاد مجددًا بعد تمكن قوات النظام وميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيات إيرانية وعراقية من استعادة حي الراموسة، وإن الطائرات الروسية كثفت قصفها في منتصف الشهر الجاري ودمرت أحياء بشكل شبه كامل، مما ساعد قوات النظام والميليشيات على اقتحام أحياء مساكن هنانو وجبل بدرو والحيدرية والصاخور شرق حلب.

ونتيجة لذلك، وصل معدل الضحايا من المدنيين إلى 35 قتيلًا يوميًّا؛ حيث قتل 676 مدنيًّا- بينهم 165 طفلًا و87 سيدة- في أحياء مدينة حلب الشرقية منذ 19 سبتمبر وحتى اليوم، وإن هذه التطورات أدت إلى انقسام أحياء حلب الشرقية إلى شطرين، شمالي وجنوبي؛ حيث هرب معظم أهالي الأحياء التي اجتاحتها قوات النظام وحلفائه إلى أحياء عدة، بما فيها حي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وإزاء عجز عدد كبير من الأهالي عن الهرب تم اعتقالهم من قبل قوات النظام والميليشيات الشيعية، وما زال مصير أغلبهم مجهولًا، واختتمت التقرير بمطالبة المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمبعوث الأممي إلى سوريا ومجلس الأمن بلعب دور للكشف عن مصير المختفين منعا لتكرار مأساة حي بابا عمرو في حمص، حسب قولها.
مما سبق نستطيع التأكيد على أنه ليس أمام النازحين من مدينة حلب المحاصرة خيار ثالث فما الموت من القصف اليومي المتواصل من كافة الأطراف المتصارعة أو الموت من الجوع، بعد الحصار الذي ضرب عليهم منذ 3 شهور، وهو ما يعني أن نازحي حلب تنتظرهم نهاية قاسية.