تراجع اليمين في النمسا يبدد المخاوف الأوروبية من السياسات المتطرفة
الأحد 04/ديسمبر/2016 - 11:30 م
طباعة


تراجع اليمين المتطرف خالف التوقعات
بعد تنامي اليمين في أوروبا ومخاوف من تقدم الأحزاب اليمينية، تنفست أوروبا الصعداء بعد خسارة اليمين المتطرف النسماوي في الانتخابات التي جرت اليوم، بعد أن كان التيار الأقرب للفوز، في ظل تنامي نفوذ السياسات والأفكار المتطرفة تجاه المهاجرين والمسلمين في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والمجر.
يأتي ذلك بعد أن أخفق اليمين المتطرف النمساوي في رهانه على ترجمة الاندفاعة الشعبوية في أوروبا عبر إيصال مرشحه إلى الرئاسة، إذ أظهرت التوقعات تصدر المرشح المدافع عن البيئة الكسندر فان دير بيلين الانتخابات الرئاسية متقدما على نوربرت هوفر، والذى اعترف بخسارته مؤكدا بقوله"أنا حزين للغاية لعدم فوزي، أهنئ الكسندر فان دير بيلين بفوزه وأدعو جميع النمساويين إلى البقاء متضامنين والعمل سوية".
وكانت التوقعات الأولى أظهرت أن فان دير بيلين العميد السابق لكلية الاقتصاد في فيينا والقيادي السابق في حزب الخضر حصد 53,3 % من الأصوات مقابل 46,7 % لهوفر (45 عاما) نائب رئيس البرلمان والقيادي في حزب الحرية منذ 25 عاما، ويري محللون أن النتيجة تعكس تقدما واضحا للمرشح المدافع عن البيئة، إذ لم يحصل سوى على 50,3 % من الأصوات في الدورة السابقة في 22 أيار/مايو والتي ألغيت بسبب أخطاء في العملية الانتخابية بعد طعن لحزب الحرية. وأعلن الحزب اليميني المتطرف الأحد انه لن يشكك في نتائج هذه الدورة.
من جانبه صرح فان دير بيلين للتلفزيون النمساوي العام "منذ البداية، خضت المعركة ودافعت عن نمسا التي تشكل جزءا من أوروبا"، مؤكدا انه سيدافع عن "قيم المساواة والحرية والتضامن".
شدد فان دير بيلين على القيم الإنسانية للجمهورية النمساوية وعلى أهمية العلاقات مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، علما بان أكثر من أربعين % من إجمالي الناتج الداخلي للنمسا مرتبط بصادراتها.

تنامى اليمين فى بريطنيا عزز المخاوف الاوروبية
تشكل هذه النتيجة هزيمة للمعسكر الشعبوي الذي تعززت أسهمه مع تأييد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية قبل نحو شهر.
وقال لوثر لوكل مدير حملة فان دير بيلين "نحن جميعا مرتاحون جدا وممتنون جدا". واحتفل أنصار المرشح الليبرالي بإعلان فوزه في قصر هوفبورغ في فيينا،في المقابل، اقر الأمين العام لحزب الحرية هربرت كيكل بهزيمة حزبه، علما بان النتيجة الرسمية لن تعلن قبل الاثنين.
وفى سياق متصل اعتبر وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني أن فوز فان دير بيلين "هو حقا خبر جيد لأوروبا"، فيما تحدث رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز عن "رسالة واضحة مؤيدة لأوروبا".
شدد على أن فوز فان دير بيلين يشكل هزيمة ثقيلة للقومية ومناهضة أوروبا والشعبوية الرجعية، وأن مرشح حزب الخضر فاز في الانتخابات "برسالة مؤيدة لأوروبا بشكل واضح".
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إن "الشعب النمساوي اختار أوروبا والانفتاح" فيما اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير أن نتيجة الانتخابات تشكل "فال خير لأوروبا".
ويري متابعون انه بالرغم من أن منصب رئيس الدولة في النمسا فخري، فإن فوز هوفر كان سيعتبر إشارة مشجعة بالنسبة إلى حلفائه على المستوى الأوروبي مثل الجبهة الوطنية في فرنسا وحزب الحرية بقيادة غيرت فيلدرز في هولندا، البلدين اللذين سيشهدان انتخابات في 2017.
وفى سياق أخر قالت زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن "أهنئ حزب الحرية الذي خاض المعركة بشجاعة. النصر سيتحقق في الانتخابات التشريعية المقبلة". بدوره، علق فيلدرز أن "حزب الحرية كافح بشجاعة".

ا مارين لوبن
كان فان دير بيلين المؤيد لأوروبا أكد أن الانتخابات الرئاسية ستحدد "الاتجاه الذي تريد النمسا سلوكه" وما إذا كانت البلاد لا تزال ترغب في أن تكون "عضوا وفيا في الاتحاد الأوروبي أو لا".
ورغم انه لم يدع علنا خلال حملته إلى خروج النمسا من الاتحاد الأوروبي، أكد هوفر مجددا الأحد انه يريد تسهيل التقارب مع الولايات المتحدة بقيادة ترامب وروسيا بقيادة فلاديمير بوتين. كذلك، تجنب هوفر التعبير عن آراء معادية للأجانب استخدمها باستمرار حزبه الذي أسسه نازي سابق العام 1956، وركز في خطابه على الضمان الاجتماعي والقوة الشرائية والدفاع عن الوظائف.
وكان الائتلاف الكبير بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين والذي يتولى الحكم في النمسا منذ 2007 هزم من الدورة الأولى في 24 نيسان/ابريل. وأعلن العديد من قادة الحزبين وفي مقدمهم المستشار الاشتراكي الديمقراطي كريستيان كيرن دعمهم لفان دير بيلين الذي خاض معركته بوصفه "مستقلا".
ورغم أن المؤشرات الاقتصادية في النمسا لا تزال ايجابية مقارنة بغالبية جيرانها الأوروبيين، فان فئة من سكانها لا تخفي قلقها من أزمة اللاجئين وتأثيرات توسع الاتحاد الأوروبي نحو بلدان الشرق.

نوربرت هوفر
كانت الصحف الأوروبية وخاصة النمساوية رصدت بالتزامن مع سير الانتخابات،تنامى نفوذ اليمين فى أوروبا، وتساءلت في تغطيتها" كيف يمكن تفسير تنامي قوة اليمين الشعبوي في أوروبا؟، وقالت صحيفة فراكفورتر ألجماينة تسايتونج ترى في سياسة اللاجئين السبب الرئيس" إن ثقافة الترحيب بما في ذلك في ألمانيا، ناخبين من جميع الطبقات للشعبويين، لأنهم يشعرون أن "الأحزاب الشعبية" لا تفهم موقفهم في قضية الهجرة المهيمنة، ويتم نعتهم بأنهم مغفلون ومعادون للأجانب، وأنهم سقطوا في شباك "صائدي الجرذان".
أضافت "لكن هؤلاء الناس لا يدفعهم الرغبة بالفشل وإنما الخوف من فشل الخطط الوردية لدمج اللاجئين في المجتمع، وإذا لم يستوعب الحزبان المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي ذلك، فإنهما سيدفعان الثمن، ليس في الانتخابات الرئاسية وإنما في الانتخابات البرلمانية القادمة".
في حين كشفت صحيفة كولنر شتادت أنتسايجر أن "النمسا غير واثقة بنفسها وهي تعاني منذ فترة من سوء مزاج مزمن، لكن النمسا ليست يمينية ولا حتى محافظة كما يتمنى البعض في ألمانيا. وهي بالطبع ليست دولة مليئة بالنازيين".
شددت على أن الرئيس الجديد ألكسندر فان دير بيلين نمساوي قح. وهو، بسنواته الـ 72، يجسد الجانب اللطيف والإيجابي في النمسا من خلال هدوئه وسخريته الذاتية وتسامحه ورفضه الانصياع لإملاءات البرجوازية بشقيها اليمين واليساري، لذا لا يجب أن نستغرب إذا حظي عضو حزب الخضر بشعبية".