تحركات دبلوماسية لانهاء الأزمة السورية وواشنطن تطلب ضمانات للمعارضة المسلحة
السبت 10/ديسمبر/2016 - 06:34 م
طباعة

اجتمع في باريس ممثلو عشر دول غربية وعربية داعمة للمعارضة السورية لبحث الوضع الإنساني في حلب والتي شارفت قوات الجيش السوري على تحريرها من المسلحين، لبحث تطورات الأوضاع في حلب وسوريا عامة وسبل التسوية السياسية للأزمة السورية، وبين الحضور عن المعارضة السورية، رياض حجاب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، ورئيس المجلس المحلي المعارض لمدينة حلب بريتا حجي حسن.
من جانبه دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري روسيا إلى توفير ضمانات للمقاتلين الفارين من شرق حلب، وأشار إلى أن المسلحين سيواصلون القتال حتى الموت لعدم ثقتهم بالقوات الحكومية.
كما حث كيري المعارضة السورية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات دون شروط، معلنا أن الحل يجب أن يكون سياسيا.

فى الوقت الذى أكد فيه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن المعارضة السورية أكدت استعدادها لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة، وقال إن "باريس لن تقبل بأي حل يؤدي لإنقاذ الحكومة السورية، مشيرا إلى أنه "يتوجب على المجتمع الدولي التعامل مع الحكومة السورية بحزم".، غير أن الوزير الفرنسي أكد أن الأولويات الأساسية هي وقف القتال في سوريا وإيصال المساعدات الإنسانية.
بينما أوضح وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير أن "المشاركين في اجتماع باريس لم يتوافقوا حول كل المسائل لكن الجميع اتفق على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية وجعلها أولوية".
يأتي هذا الاجتماع على وقع التقدم الكبير الذي أحرزه الجيش السوري في مدينة حلب حيث صار يسيطر حتى الآن على زهاء 90 في المئة من المدينة وسط نزوح كبير للسكان عن مناطق القتال شرق المدينة قاصدين مناطق سيطرة الجيش السوري، بعد أن جعلهم المسلحون رهائن بشرية.
وفى سياق أخر أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيجور كوناشينكوف خروج أكثر من 20 ألف مدني من شرق مدينة حلب، وأن 1200 من المقاتلين سلموا أسلحتهم، وسبق وأن أعلن في وقت سابق أن القوات السورية أوقفت هجومها خلال فترة إجلاء المدنيين من شرق حلب.

أشار إلى أن المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا يراقب عملية خروج المدنيين من المناطق المحاصرة في المدينة بمساعدة طائرات بدون طيار، وذكر أن ذلك يبث بشكل مباشر على موقع وزارة الدفاع الروسية في الإنترنت، مشيرا إلى أن تيار المدنيين المغادرين لشرق حلب يستمر بدون توقف عبر المعابر الإنسانية المفتوحة في بعض مناطق شرق حلب. وشدد على أن وحدات الجيش السوري ستواصل تحرير شرق حلب بعد إنجاز عملية خروج المدنيين وسيتم إجبار المسلحين على الخروج من المنطقة أو القضاء عليهم.
ويري محللون أن الأوضاع في حلب تدهورت للغاية في الأشهر الأخيرة وتشهد أحياء المدينة وضواحيها قتالا عنيفا بين مسلحي " جبهة النصرة" الإرهابية والفصائل المسلحة المتحالفة معها من جهة والقوات السورية وحلفائها من جهة أخرى، حيث يستخدم المسلحون السكان المدنيين كدروع بشرية ويمنعون خروجهم من الأحياء المحاصرة عبر الممرات الإنسانية التي يفتحها الجيش السوري.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد سبق وأكد أن الدعوات العديدة إلى الهدنة في حلب هي جزء من الخطابات السياسية للبلدان التي تدعم المسلحين الموجودين في المدينة، منوها فى حواره لـ "الوطن" السورية إنهم "يصرون على الهدنة، وخاصة الأمريكيين، لأن صنائعهم الإرهابيين في وضع صعب جدا".
أضاف أن طلب وقف إطلاق النار في حلب سببه الرغبة في تقديم المساعدة للإسلامويين، وجاءت كلمات الأسد متعارضة مع جهود وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة بشأن التسوية السلمية للمشكلة، واعترف الرئيس السوري بأن وقف إطلاق النار المؤقت قد يكون مفيدا، لأنه "قبل كل شيء سيسمح للمدنيين بمغادرة المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون، ويسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية ويمنح فرصة للإرهابيين للتفكير فيما إذا كانوا يرغبون بتسوية وضعهم القانوني مع الدولة، أم يرغبون بمغادرة منطقة القتال كما يحصل غالبا". وبحسب رأيه، فإن اتفاق الهدنة يساعد في منع حصول دمار شامل، "ولكن بالنسبة إلينا من الناحية العسكرية يهمنا بالدرجة الأولى أمن جنودنا".
أضاف الرئيس السوري أن قرار تحرير حلب من هذه المجموعات اتخذ منذ بداية النزاع المسلح، وأن الحملة في شرق حلب ليست ضمن الأطر السياسية، وأن ما يدور في المدينة هو عملية عسكرية اعتيادية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى توجَّه الانتقادات إلى موسكو من جانب اللاعبين الدوليين، ويتهمونها بمساعدة دمشق وعدم رغبتها في الضغط عليها، فقد طلبت ست دول غربية من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون معاقبة المسؤولين بجرائم الحرب في سوريا، وجاء في الطلب: "يجب ألا يبقى المسؤولون من دون عقاب.

من جانبها، تحاول روسيا التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن تسوية الأوضاع في حلب، التي ستنتهي بانتصار قوات الحكومة السورية. فقد جاء في بيان الخارجية الروسية المنشور على موقعها الرسمي أنه "تمت مناقشة سبل تجاوز النزاع في سوريا مع التركيز على الأوضاع في شرق حلب. وقد أعرب سيرغي لافروف عن أسفه لاستمرار إدارة أوباما في اتخاذ تدابير غير ودية في محاولة منها لتقويض أسس التعاون المتبادل بين روسيا والولايات المتحدة". أما وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، فصرح عقب لقائه لافروف على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة معاهدة الأمن والتعاون في أوروبا المنعقد بمدينة هامبورغ الألمانية، قائلا: "علينا انتظار ردود الأفعال. نحن نعمل. وواثقون ونأمل أن نرى ما نحن فيه".
وفى هذا الإطار أوضح ميخائيل بوجدانوف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا أن إحدى المسائل المطروحة على جدول الأعمال هي الأوضاع الإنسانية في حلب. كما تمت مناقشة خطة إجلاء المسلحين من الأحياء المحاصرة، وكانت المناقشات مكثفة جدا بحيث لا يمكن الحديث عن الخيار المتفق عليه، و "أؤكد من دون شك أننا قريبون من التوصل إلى تفاهم، لكنني أحذركم من التوقعات المفرطة بهذا الشأن، علما أن خبرتنا من حوارنا مع الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، ولا سيما الأسابيع الأخيرة، تدفعنا إلى التحقق مرة بعد أخرى من ماهية المراحل التي تمر بها اتفاقاتنا".
كما ناقش لافروف مسألة حلب في هامبورغ مع وزير خارجية ألمانيا فرانك–فالتر شتاينماير، الذي طلب من جانبه وقف إطلاق النار والعودة إلى الحوار السياسي، وإضافة إلى ذلك، يطالب بوقف إطلاق النار مؤقتا لمدة خمسة أيام خصوم الأسد أنفسهم المحاصرون في شرق حلب.
بينما أكد أحد قادة مجموعة "نورالدين الزنكي" ياسر اليوسف أن جميع المجموعات ومن ضمنها "جبهة فتح الشام" وافقت على بيان طلب وقف إطلاق النار. كما تدعو المجموعات المسلحة في البيان إلى إجلاء المدنيين الذي يحتاجون إلى مساعدات طبية بالسرعة الممكنة. ولكنهم يرفضون الخروج باتجاه إدلب، إذ "لم تعد إدلب منطقة آمنة بسبب الغارات الروسية وغارات الطيران السوري".، بينما يشكك المحللون في أن تتمسك دمشق في هذه المرحلة باتفاقية بين موسكو وواشنطن، لأن دمشق ليست طرفا فيها، أي ليست ملزمة للقيادة السورية.