المعارك في الموصل.. تجسيد جديد للحرب الثقيلة بدمائها وأيامها

الثلاثاء 20/ديسمبر/2016 - 12:50 م
طباعة المعارك في الموصل..
 
 يبدو أن المعارك في الموصل ستستمر لفترة طويلة لتشكل مع مرور الوقت تجسيد جديد للحرب الثقيلة بدمائها وأيامها؛ حيث ذكرت صحيفة "إيزفيستيا" أن القيادة الأمريكية اعترفت بأن العملية ضد الإرهابيين الإسلامويين في الموصل سوف تكون طويلة الأمد.
المعارك في الموصل..
 وهو الأمر الذي أكدت عليه قيادة عملية "العزم الراسخ" بأن تحرير مدينة الموصل سيستغرق في أحسن الأحوال الملائمة مدة شهر أو شهرين، أما في الظروف غير المواتية فمن الممكن أن يمتد حتى ستة أشهر والمشكلة تكمن أيضًا في المناطق الغربية من المدينة، التي لم تمسها الاشتباكات بعد؛ حيث ستكون مقاومة "الجهاديين" أكثر ضراوة مما هي عليه الآن فحتى الآن، تمكن العراقيون وقوات التحالف الدولي من تحرير ربع المدينة تقريبا وهو نصف الجزء الشرقي منها وقد اعترف قائد قوات التحالف الفريق ستيفن تاونسند بأن العملية العسكرية تسير بصورة أبطأ مما كان يرغب فمقاومة المسلحين لم تضعف، وعلاوة على ذلك، نفذوا خلال الأسبوع الماضي هجومًا معاكسًا في ثلاثة أحياء دفعة واحدة، مستغلين سوء الأحوال الجوية، الذي عقد عمل الاستطلاعات الجوية.
 وفي الوقت الحالي تسود هدنة على جبهات التماس في المدينة؛ حيث تحتاج القوات العراقية إلى بعض من الوقت من أجل استكمال تطهير الأحياء المحررة، وإحضار تعزيزات عسكرية جديدة ومنح فرصة لاستراحة الوحدات التي خاضت الحرب في المدينة على مدى شهرين وبحسب رأي الخبراء الأجانب، فإن أحد أسباب التباطؤ في هجوم القوات العسكرية العراقية يتلخص في أن عملية اقتحام المدينة اقتصرت فقط على وحدات النخبة في الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب. ولا يتجاوز عدد هؤلاء الإجمالي 15 ألف مقاتل وهذا يفوق فقط بـ 2 - 2.5 مرة عدد المسلحين الذين تحصنوا في المدينة وتبقى الفرقة الذهبية، التي دربها الأمريكيون، هي القوة الضاربة الرئيسة في خوض العمليات الخاصة وبلغ تعدادها قبل بدء اقتحام الموصل 10 آلاف فرد، فيما أفاد المستشارون الأمريكيون بأن خسائر فادحة لحقت بالقوات الخاصة في المواجهات اليومية، إلى حد فقدانها 50% من المقاتلين لهذا بعد شهر آخر من المواجهة في مثل ظروف كهذه، يمكن أن تفقد هذه الفرقة بكل بساطة قدرتها القتالية.
المعارك في الموصل..
وتقدر الأمم المتحدة أن خسائر قوات الأمن العراقية في شهر نوفمبر 2016م فقط قد بلغت 2000 قتيل وفي حين أن السلطات العراقية نفت هذه المعلومات، فإنها لم تقدم أرقاما بديلة وبحسب معطيات القيادة المركزية الأمريكية (المسئولة عن العراق)، فإن المسلحين استخدموا خلال المواجهة في الموصل نحو 600 سيارة مفخخة بقيادة انتحاريين وأن الانتحاريين بالذات هم الذين أصبحوا السلاح الأكثر شراسة ضد القوات المتقدمة ووباء حقيقيًّا لها . 
أحد الضباط الأمريكيين اعترف أمام صحافيي "بوليتيكو" الأمريكية قائلًا: "نحن كنا نعلم أن معركة الموصل ستكون شاقة، ولكن تبين في الواقع أنها أشد ضراوة بكثير مما كان يتخيل أي إنسان وإن كلمات وزير الدفاع أشتون كارتر حول أن "أيام "داعش" معدودة" أصبحت مثارا للسخرية في أوساط الجيش الأمريكي هذا في الوقت الذي توقع الخبراء العراقيون، الذين أجرت وكالة "رويترز" للأنباء مقابلات معهم، أن تنتهي الحرب في الموصل فقط بعدما ينفد العتاد والسيارات المفخخة المخبأة في المرائب والأقبية، وقال مايكل كوفمان، الخبير العسكري، والباحث في معهد كينان التابع لمركز وودرو ويلسون (في الولايات المتحدة): إن "المسلحين ما زالوا أقوياء". وعلى الرغم من سلسلة الهزائم التي لحقت بهم، فما زالوا قادرين على تنفيذ عمليات هجومية، كما اتضح من الأحداث الأخيرة في تدمر ولكن الخبير أعرب عن ثقته بأن النصر على تنظيم "داعش" هو مسألة وقت وأن التنظيم محكوم عليه بالهزيمة إن لم يكن في عام 2017، فسيكون ذلك في عام 2018، وخاصة أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وروسيا سيحرر مناطق جديدة تدريجيا وسيحرم التنظيم من مصادر التمويل أن القوة البشرية للتنظيم لن تعود كافية للدفاع عن الموصل والرقة.
المعارك في الموصل..
وأكد كوفمان أن الانتصار على "داعش" لا يتطلب العديد والعدة اللتين وضعتهما الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من المشاركين في هذه الحرب، بل "الاهتمام المستمر بالمنطقة، والتوقف عن البحث عن حلول استراتيجية فورية على حساب المنطقة، وعدم تركها تسير في مهب الرياح من أجل مصالح جيوسياسية في أجزاء أخرى من العالم ويجب تكريس ترتيب خاص في هذه المنطقة، لكيلا ينشأ وريث للمتطرفين في المستقبل. 
 وفي محاولة من الجيش العراقي لتسريع عملية تحرير المدينة من داعش كشف قائد عسكري عراقي عن صدور أوامر من القيادة العسكرية العليا بالتحرك نحو مدينة الموصل من المحاور كافة لاستعادتها من سيطرة تنظيم داعش، بعد تصاعد الدعوات، للإسراع في حسم معركة الموصل، التي تبدو متباطئة، ولا أفق لإنهائها قبل نهاية هذا العام 2016م كما وعد القائد العام للقوات المسلحة العراقية رئيس الوزراء حيدر العبادي عن صدور أوامر من القيادة العسكرية العليا بالتحرك نحو مركز مدينة الموصل من المحاور كافة، لاستعادتها من سيطرة تنظيم داعش، في وقت يؤخر وجود المدنيين عمليات تحرير المدينة مع تغيير التنظيم الإرهابي لتكتيكاته الهجومية.
وقال قائد عمليات نينوى نجم الجبوري: إن "القيادة أمرت كل القطعات العسكرية بالتحرك المكثف للبدء باستكمال تحرير كل المناطق والوصول إلى مركز مدينة الموصل وإن القوات المسلحة المشتركة باتت الآن جاهزة، وتم تغيير الكثير في الخطط العسكرية، من دون تحديد موعد التحرك  وأنه في القريب العاجل سيتم الإعلان عن استعادة الساحل الأيسر- الشرقي، من الموصل بالكامل وأن تغيير الخطط يأتي للتعجيل بعملية تحرير الموصل بعد البطء في تقدم القوات العراقية في بعض المحاور، وأن تعزيزات عسكرية وصلت إلى الأحياء الشرقية وأن القطاعات الأمنية في مختلف المحاور مسيطرة تماماً على الوضع، ولا تتأثر بالمنخفض الجوي الحاصل، وداعش بات عاجزاً عن المقاومة". 
المعارك في الموصل..
وبحسب قائد الفرقة الذهبية في جهاز مكافحة الإرهاب، فاضل برواري، فإن المعارك في جبهة الموصل والمنطلقة منذ شهرين، تختلف عن سابقاتها في الفلوجة والرمادي، وقد تم اجتياز مراحل مهمة، وتطهير مساحة شاسعة، كما تم الاستيلاء على العديد من الدبابات والعتاد، فيما رجح مجلس محافظة نينوي تحرير نحو 50 %من إجمالي مساحة الموصل مع حلول نهاية العام الحالي، كما تم إرسال ألوية جديدة لتعزيز القوات في محيط الموصل شمال البلاد استعدادا لانطلاق ما وصفها بالصفحة الثانية من معركته ضد التنظيم . 
وقال العميد الركن في الجيش العراقي عزيز نور الدين: إن "الفوج الثالث لواء المشاة الثامن عشر والفوج الثاني لواء المشاة الحادي والعشرين بفرقة المشاة الخامسة في طريقهما إلى قاعدة القيارة جنوب الموصل، ومن ثم إلى مواقع قوات الفرقة التاسعة في الجانب الأيسر للموصل (شرق نهر دجلة) لمساندتها في عملياتها ضد تنظيم الدولة، وأن هذه الألوية مجهزة بأحدث المعدات العسكرية ومدربة على حرب الشوارع لمواجهة التنظيم، بعد أن خاضت مثل تلك المعارك في محافظة ديالي شمال شرق بغداد.
المعارك في الموصل..
وكان قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري قال إن خطة معركة الموصل ستشهد تغييرا يشمل بدء عمليات جديدة في الجزء الغربي للمدينة وسبق ذلك إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن القيادة العسكرية قررت إعادة النظر في جميع الخطط المتعلقة بمعركة استعادة الموصل حيث تواجه القوات العراقية صعوبات كبيرة في اقتحام الأحياء السكنية بالموصل خلال عملية استعادتها من التنظيم المستمرة منذ أكثر من شهرين وتتمثل الصعوبات في اعتماد تنظيم الدولة على العبوات الناسفة والبراميل المتفجرة والسيارات المفخخة والقناصة وشبكة الأنفاق لسهولة الحركة، فضلا عن معرفته الجغرافية بالمنطقة.
 مما سبق نستطيع التأكيد على أنه منذ أن بدأت عملية استعادة الموصل في 17 أكتوبر 2016م بدعم من التحالف الدولي لا زال تنظيم الدولة يقاوم بشراسة شديدة؛ حيث شن عدة هجمات مضادة تمكن في إحداها من استعادة حيين في المحور الشرقي للمدينة الذي يوصف بأنه المحور الأكثر سخونة منذ بدء العمليات العسكرية، وهو ما يعني أن المعارك في الموصل ستستمر لفترة طويلة لتشكل مع مرور الوقت تجسيدًا جديدًا للحرب الثقيلة بدمائها وأيامها في العراق. 

شارك