تقدم الجيش اليمني في صنعاء وتعز.. وأزمة ثقة بين "الحوثي" و"صالح"
الخميس 29/ديسمبر/2016 - 04:53 م
طباعة

تواصل القوات الحكومية في اليمن تقدمها، مع صعوبات كبيرة تواجهها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في تعزيز جبهات القتال بمزيد من المقاتلين.
الوضع الميداني

وعلى صعيد الوضع الميداني، دمرت مقاتلات التحالف العربي منصة صواريخ كاتيوشا تابعة للانقلابيين في بلدة عسيلان بشبوة شرق عدن، فيما أعلنت القوات الموالية للشرعية مقتل قيادي من الانقلابيين في معارك مساء أمس الأربعاء.
وقالت المصادر: إن "مقاتلات التحالف العربي قصفت منصة صواريخ كاتيوشا تابعة للانقلابيين في بلدة عسيلان بشبوة بثلاث غارات متتالية".
وقتل 8 من مقاتلي التمرد الحوثي، في ثاني يوم من المعارك في محافظة شبوة جنوب اليمن، فيما واصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة تقدمها في منطقتي بيحان وعسيلان، في حين تقوم وحدات هندسية بتمشيط المواقع المحررة بعد اندحار الميليشيات.
وقال قائد الـلواء 21 ميكا العميد جحدل حنش، الأربعاء: إن هذه الانتصارات جاءت تـنفيذا للخطة المرسومة من القيادة السياسية والعسكرية والتحالف العربي.
وتأتي أهمية المواقع المحررة في كونها تقطع خطوط الإمدادات التي تغذّي الميليشيات الانقلابية، وإطباق الحصار عليها في الصفراء والمنقاش وسويداء.
وتمكن الجيش اليمني- الأربعاء- من تحرير عدة مؤسسات حكومية بمدينة تعز وسط البلاد من قبضة الانقلابيين.
وذكر المركز الإعلامي لقيادة محور تعز، في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، أن الوحدات العسكرية استكملت تحرير المواقع التي كانت تتمركز عليها ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، ومن أبرزها مدرسة صلاح الدين ومحيط البنك المركزي الجديد، القريب من القصر الجمهوري والمتاخم لمعسكر التشريفات.
وأوضح المركز الإعلامي أن المعارك أسفرت عن مقتل ثلاثة من مسلحي الميليشيا، وإصابة خمسة آخرين، فيما أصيب اثنان من عناصر الجيش الوطني.
ووفقاً للبيان، فقد استهدفت مدفعية الجيش في الجبهة الغربية مواقع الانقلابيين غرب المدينة وأحبطت عدة عمليات تسلل باتجاه المواقع المحررة.
كما جددت ميليشيات الحوثي والمخلوع علي صالح قصفها في ساعات متأخرة من مساء الأربعاء، على مواقع قوات الجيش الوطني في جبال كهبوب بمحافظة لحج جنوب غرب اليمن.
وقال مصدر عسكري: إن الحوثيين وقوات صالح يقصفون من مواقعهم "جنوب ذوباب" بصاوريخ الكاتيوشا والمدفعية الثقيلة مواقع لقوات الجيش الوطني في كهبوب.
وشنت مقاتلات التحالف العربي 4 غارات تجمعات لميليشيات الحوثي وصالح بمنطقة كهبوب جنوب غرب مديرية المضاربة.
وأتت غارات الجوية بعد إحباط الجيش الوطني زحف للميليشيات الإنقلابية في الساعات الماضية باتجاه مدرسة كهبوب.
وبحسب المصدر، أسفرت الغازات الجوية والمواجهات عن مقتل وجرح في صفوف عدد من عناصر الميليشيات، فيما أصيب 3 من جنود الجيش الوطني في المواجهات.
فيما كشفت مصادر قبلية بصنعاء في وقت متأخر الأربعاء، عن صعوبات كبيرة تواجهها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في تعزيز جبهات القتال بمزيد من المقاتلين، بعد رفض القبائل الزج بأبنائها في حرب خاسرة.
وأفادت مصادر عسكرية وشهود بأن مقاتلات التحالف استهدفت معسكري ضبوة وريمة حميد جنوب صنعاء ومواقع المتمردين في نهم، كما أغارت على المعسكر التدريبي لقوات الحرس الجمهوري الموالية لعلي صالح غرب مدينة ذمار وسط أنباء أنها استهدفت اجتماعاً لقيادات عسكرية كان يعقد داخله، فضلاً عن آليات عسكرية ومخازن للأسلحة والذخيرة.
وأوضحت المصادر، لـ"العربية نت" أن الميليشيات تواجه شحاً كبيراً في تعزيز جبهات المواجهة بالمقاتلين لعدم استجابة نسبة كبيرة من أبناء القبائل، لا سيما في صنعاء، ورفض الانخراط في صفوف الميليشيات، كما أن طيران التحالف ضيق الخناق عليها من خلال استهداف أي تعزيزات قد تتجه إلى جبهة نهم القريبة من صنعاء، وجبهات محافظتي صعدة وحجة الحدوديتين. وأضافت أن ميليشيات الحوثي تكبدت خسائر بشرية كبيرة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في مختلف الجبهات.
الوضع الحقوقي

كشف تقرير حقوقي، عن تسجيل أكثر من 18 ألف انتهاك، لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية في محافظة حجة الحدودية شمال غرب اليمن خلال العام 2016.
وأوضح تقرير ائتلاف المنظمات الحقوقية في حجة، الأربعاء أن حالات الانتهاك تنوعت بين قتل وتعذيب حتى الموت وإخفاء قسري، واختطاف وتهجير، ومداهمة منازل وقرى، ونهب ممتلكات ومصادرة مرتبات، وتحويل المنشآت العامة والخاصة، إلى ثكنات عسكرية واستخدام المساجد في بث ثقافة الكراهية والتعبئة الطائفية.
ولم تقتصر تلك الانتهاكات على الرجال فقط بل طالت المرأة اليمنية التي فقدت معيلها الوحيد في غياهب السجون الحوثية دون أسباب، فعمدت إلى الاحتجاج على الظلم والقهر.
وقد عمدت جماعة الحوثي إلى التعامل بشكل تعسفي حتى في حالات الموت، فقتلاهم على الجبهات يعاملون معاملة الأبطال ويتم تكريمهم من خلال إقامة موكب جنائزي لائق وتعويض مالي كبير لأسرهم، بينما تترك جثث الآخرين من المعتقلين أو المخفيين قسراً في الصحراء ويدفنون بمقابر جماعية دون مراعاة لحقوقهم الإنسانية.
ولم تتوقف انتهاكاتهم هنا بل أصبحوا يداهمون المحلات التجارية في صنعاء ويفرضون الجباية والإتاوات بالقوة دعما للمجهود الحربي ويعتدون بالضرب والسجن لكل مخالف لتوجههم، وقد خلق هذا الأمر غضبا وسخطا لدى شريحة كبيرة من مؤيديهم السابقين الذين رأوا أفعالهم مخالفة لأقوالهم التي كان يدعون بها قبل انقلابهم على الشرعية ومنها استعادة الحقوق المنهوبة.
المشهد السياسي

وعلى صعيد المشهد السياسي، أقرّ أعضاء ما يُسمى بالمجلس السياسي الأعلى التابع لتحالف الحوثيين وصالح، أمس الأربعاء، تمديد فترة جديدة لصالح الصماد في رئاسة المجلس لمدة 4 أشهر إضافية،على "سبيل الاستثناء".
المجلس السياسي الأعلى، تم تشكيله بين تحالف الحوثي وصالح وجرى الإعلان عنه أواخر شهر يوليو المنصرم، وجاء بديلًا عن اللجنة الثورية العليا لحكم البلاد- حسب ما يدعيه التحالف- بعد أن كان الانقلابيون الحوثيون ينفردون بالقرار السيادي عبر اللجنة الثورية التي كانت خالية من أي تمثيل أو مشاركة للموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ثمة مَن ينظر من المعارضين والمناوئين السياسيين لتحالف صنعاء إلى الأمر وكأن الانقلابيين الحوثيين يحاولون بهذه الخطوة الاستحواذ على القرار وتهميش دور صالح وأنصاره، ويرون أن إقرار تمديد الرئاسة للصماد دلالة واضحة ومؤشر قوي على وجود خلافات تعصف بعلاقة كلا الطرفين مع بعضهما، وبدت تطفو على السطح بشكل بيّن.
يقول رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبدالسلام محمد: "لا أعتقد أن بقاء الصماد رئيسًا لمجلس انقلابي أو تغييره بشخص آخر سيؤثر على الساحة، خصوصا وأن هذا المجلس غير معترف به دوليًا، وجاء عن طريق انقلاب".
ويضيف محمد: "ولذلك ليس له ثبات قانوني داخليًا وبالتالي فرئاسة هذا الشخص أو ذاك له ليست مهمة".
وأشار محمد في حديث خاص لـ"إرم نيوز" إلى أن"هناك إشارة تتعلق بالداخل الانقلابي، أي أنه من الواضح أن الحوثي استطاع أن يُخضِع صالح لسلطته"، منوهًا إلى أن "تمديد فترة الصماد اختلال في الاتفاق بين أطراف الانقلاب، ما قد يكون مؤشرًا على خلافات كبيرة بدأت تظهر بشكل واضح على شكل قرارات استحواذ".
من جانبه، أضاف المحلل السياسي فؤاد مسعد "أنه كان من المتوقع أن تنتهي دورة رئاسة الحوثيين عبر صالح الصماد، وتنتقل إلى قاسم لبوزة أحد أتباع صالح، لكن إصرار الحوثيين على مصادرة كل شيء بما ذلك الأمور المتعلقة بشريكهم في الحرب والانقلاب كان سيد الموقف".
وتابع مسعد "هذا يدل على أنهم لا يثقون حتى بصالح وحزبه رغم ما قدموه لهم، كما يثبت هذا أن الحوثيين باتوا مسيطرين على المجلس رغم أنه شكليا يضم أتباع الطرفين بالمناصفة، لكن يبدو أن بعض المحسوبين على صالح ينفذون توجيهات الحوثيين".
وربط مسعد بين إقرار تمديد فترة الصماد، وبين ما تشهده أرض الميدان من تطورات ومجريات متسارعة على الصعيد العسكري؛ حيث قال: "التطورات الأخيرة في المواجهات العسكرية تدفع بالحوثيين لمزيد من المغامرة ومحاولة إزاحة أتباع صالح لأنهم غير جديرين بالثقة وفق اتهام الحوثي لأنصار صالح في كل هزيمة للانقلابيين، حيث يرددون أن عناصر المؤتمر التابعين لصالح هم السبب"، منوهًا إلى أن "هذه التطورات جاءت جميعها في صالح الحكومة الشرعية والجيش الوطني المدعومان من قبل التحالف العربي في مختلف الجبهات الساخنة وفي مقدمتها شرق صنعاء وبيحان شبوة".
في الجهة المقابلة، يرى بعض المراقبين السياسيين المؤيدين لتحالف الحوثي وصالح، لا سيما المناصرين لجماعة الحوثي احتفاظ الحوثيين برئاسة المجلس السياسي الأعلى عبر التمديد للصماد، حقا مشروعا لهم كون حزب المؤتمر الشعبي العام الذراع التابع لصالح يرأس مجلس النواب عبر يحيى الراعي، كما أنه يرأس حكومة ما تسمى بالانقاذ الوطني من خلال عبدالعزيز بن حبتور.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالوهاب الشرفي: "إن من ضمن بنود اتفاق المجلس السياسي الذي تم بين المؤتمر الشعبي العام وميليشيا الحوثي تداول رئاسة المجلس السياسي بينهما وهو ما كان يفترض حصوله بعد انتهاء فترة رئيس المجلس الأول صالح الصماد عن أنصار الله ونقلها لأحد أعضاء المجلس عن المؤتمر الشعبي العام".
ويضيف الشرفي: "لكن كان من ضمن المتفق عليه في اتفاق المجلس السياسي إعادة مجلس النواب للقيام بمهامه ومجلس النواب يرأسه يحيى الراعي وهو عن المؤتمر الشعبي العام وأثناء تشكيل حكومة الوفاق تم تكليف الدكتور عبدالعزيز بن حبتور رئيسًا للحكومة وهو الآخر بدوره عضو في المؤتمر الشعبي العام"، متابعًا: "وبالتالي كانت رئاسة النواب والحكومة للمؤتمر وهذا الأمر أوجد تحفظًا لدى الحوثيين؛ لأنه بنقل رئاسة المجلس السياسي لعضو حزب المؤتمر سيجعل السياسة والنواب والحكومة جميعها بيد المؤتمر".
ويؤكد الشرفي في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، "بنهاية رئاسة الصماد تم التفاهم على استمراره لفترة أخرى، مراعاة لهذه النقطة كي لا تجتمع الرئاسات الثلاث بيد المؤتمر".
ويبيّن الشرفي في حديثه لـ إرم نيوز "بالطبع الحاجة لتعديل الاتفاق الذي رآه الانقلابيون الحوثيون ضروريًا للملابسات السابقة، أدّى إلى تباين حاد في الآراء بين المؤتمر والحوثيين".
ويستدرك "لا يمكن وصف الأمر بأنه أزمة لأنه لم يظهر على السطح أي انعكاس لهذا التباين فظل المجلس والحكومة والنواب جميعهم يعملون منذ انتهاء رئاسة الصماد وحتى الاتفاق على التمديد له بكل سلاسة".
ويشير الشرفي إلى أنه "رغم أن الأمر أخذ جدلًا في الأوساط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي إلا أنه لم يصل إلى درجة تمثل أزمة بينهما".
المشهد اليمني
مع موافقة الحكومة اليمنية على خارطة الأمم المتحدة الممهدة للحل في اليمن، وفي ظل نجاحات القوات الحكومية في عدة جبهات- يبقى الرهان خلال 2017 على إنهاء الحرب في اليمن وعودة الاستقرار إلى البلاد.