العفو الدولية تنتقد ألمانيا بسبب توجهاتها نحو تشديد قوانين اللجوء

الخميس 23/فبراير/2017 - 03:22 م
طباعة العفو الدولية تنتقد
 
 التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية الصادر أمس، لم يستثن ألمانيا من قائمة الدول التي وجهت إليها انتقادات، والسبب توجهات برلين نحو تشديد قوانين اللجوء والاعتداءات التي طالت الأجانب ومراكزاللاجئين. 

إذا كان تقرير منظمة العفو الدولية للعام الماضي قد ركز على المذابح في سوريا، والانتهاكات المسجلة في السعودية بما في ذلك الجلد في أماكن عامة، وملاحقات في ميانمار، فإن تقرير هذا العام "2016/17" الذي تضمن 400 صفحة، والصادر أمس ، فإنه قد ركز بالأساس على دول أخرى اتهمها بانتهاك حقوق الإنسان بما في ذلك بولندا والمجر وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة على وجه الخصوص. ووجهت انتقادات المنظمة خاصة إلى الرئيس الأمريكي ترامب الذي أبدى تفهما للتعذيب ومنع الأبرياء من الدول الإسلامية من دخول الولايات المتحدة، كما اتهمت المنظمة قادة دول أوروبية كا هو الحال في المجر  بنشر خطاب الكراهية وشيطنة الآخر.
ألمانيا بدورها، لم تسلم من انتقادات المنظمة الحقوقية. فالدولة التي أشاد فيها تقرير االعام الماضي بـ"ثقافة الترحيب" التي كرستها المستشارة ميركل إزاء اللاجئين، تندد اليوم بتشديد قوانين اللجوء والاعتداءات على الأجانب، وذلك في ذات اليوم الذي تناقش فيه حكومة برلين حزمة إجراءات لتسهيل عمليات ترحيل جماعية لمهاجرين رفضت طلباتهم للجوء.
كما رصدت المنظمة اعتداءات على مراكز لاجئين بلغت 813 اعتداء و1803 جريمة ضد طالبي اللجوء ما أسفر عن تعرض 254 شخص لاصابات.
وجدير بالذكر أقرار  الحكومة الألمانية صباح  امس حزمة إجراءات جديدة تقضي بترحيل سريع ومنضبط للمهاجرين الذين رفضت طلباتهم للجوء. ووفق القوانين الجديدة سيتم تمديد مدة احتجاز المعنيين إلى عشرة أيام حتى يمنعون من تفادي عملية الترحيل.
وفي إطار ذلك، منح مكتب الهجرة واللاجئين الاتحادي صلاحيات أوسع للإطلاع على بيانات الهواتف المحمولة لطالبي اللجوء للتحقق من هويتهم بصورة أفضل، ولمنعهم من الإدلاء ببيانات غير صحيحة عن هويتهم قصد تجنب الترحيل أو التحايل في الحصول على مساعدات اجتماعية. وتمّ الاتفاق عل هذه النقطة في اجتماع عقد في التاسع من الشهر الجاري بين المستشارة أنغيلا ميركل ورؤساء الولايات الألمانية. وحتى الآن لم يكن يسمح للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بالاطلاع على بيانات الهواتف المحمولة لطالبي اللجوء إلا بناء على موافقة منهم.  
 وتسهل الإجراءات الجديدة عملية مراقبة الأشخاص القادمين إلى ألمانيا بأهداف مشبوهة وإمكانية ترحيلهم بسرعة انطلاقا من مراكز استقبالهم الأولى. ولهذا الغرض سيتم إحداث "مركز لدعم العودة" يخضع لإدارة الحكومة الاتحادية والولايات. وحسب بيانات الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين فإن عدد الأشخاص الذين يتعين عليهم مغادرة ألمانيا وصل إلى 207.000 شخص بنهاية شهر ديسمبر 2016.
وتواجه الحكومة الألمانية انتقادات شديدة بسبب هذه الخطوة، إذ اعتبرت منظمة "برو أزول" المعنية بحقوق اللاجئين بأنه يشكل خطوة "ستمهد الطريق للترحيل التعسفي وعمليات التنصت على اللاجئين"، وذلك حسبما أعلن عنه رئيس المنظمة غونتر بوركاردت اليوم الأربعاء.
وجدير بالذكر أن هذا الإجراء وجهت  باعتراضات قوية طبقا لدويتشه فيله  من قبل أحزاب المعارضة وبعض ممثلي الحزب الاشتراكي الديمقراطي شريك الإتحاد المسيحي الديمقراطي في الائتلاف الحكومي الالماني . بل وإن بعض الولايات الألمانية قررت تعليق العمل بهذا القرار، حيث رفض ساسة بارزون من الائتلاف الحاكم في ولاية برلين الترحيل الجماعي لطالبي لجوء مرفوضين إلى أفغانستان. غير أن متحدثا باسم وزارة داخلية الولاية شدد على ضرورة الاستمرار بترحيل مرتكبي الجرائم أو الخطرين حتى إلى أفغانستان.
ورد علي هذه الانتقادات أشار متحدث باسم وزارة الداخلية في ولاية برلين، إلى أنه لا يوجد وقف عام للترحيل في الولاية "لا بالنسبة لأفغانستان ولا بالنسبة لدول أخرى"، لكنه لفت إلى أنه يجري عملية تقييم جذرية في كل حالة ترحيل، وشدد على ضرورة الاستمرار في ترحيل "مرتكبي الجرائم أو الخطرين حتى إلى أفغانستان". وتابع المتحدث أن اندرياس غايزل، وزير داخلية ولاية برلين لم يخف أنه يعتبر الوضع الأمني في أفغانستان صعبا.
يذكر أن من المنتظر مساء اليوم ترحيل نحو 50 أفغانياً من مطار ميونخ إلى العاصمة الأفغانية كابول، وستكون هذه هي ثالث عملية ترحيل جماعي لطالبي لجوء أفغان مرفوضين منذ نهاية 2016.
ويشار إلى أن عدة ولايات ألمانية ترفض هذه العملية، حتى إن الحكومة الائتلافية في ولاية شلزفيج هولشتاين أوقفت الترحيل إلى أفغانستان. وحسب وزارة الداخلية في برلين، فإنه قد تم في العام الماضي ترحيل 23 أفغانياً، لكن ليس إلى أوطانهم بل إلى دولة ثالثة.
مجموعة من الإجراءات أقرتها الحكومة الألمانية الأربعاء لتسهيل عمليات ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم ومن بينها تمديد مدة الاعتقال لعشرة أيام إضافية حتى لا يتمكن اللاجئون من تفادي الترحيل.
وفي نفس التقرير  ركزت المنظمة على ترامب الذي تولى منصبه يوم 20 يناير وقالت في بيان صدر في باريس "يجسد خطاب دونالد ترامب في الحملة الانتخابية اتجاها عالميا نحو سياسة أشد غضبا وأكثر إثارة للفرقة". وأضافت أن العالم أصبح "مكانا أكثر قتامة... واضطرابا" مع تزايد خطاب الكراهية الموجه ضد اللاجئين في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة. وتابعت المنظمة قائلة "المؤشرات الأولية من... ترامب تشير إلى سياسة خارجية ستقوض إلى حد كبير التعاون المتعدد الأطراف وتنذر بمرحلة جديدة تشهد اضطرابا أكبر وشكوكا متبادلة". وقالت إن الحركات والرسائل الشعبوية أصبحت كذلك أكثر شيوعا في أوروبا لاسيما في بولندا والمجر. وأضافت "النتيجة هي إضعاف منتشر لحكم القانون وانحسار في حماية حقوق الإنسان خصوصا بالنسبة للاجئين ولمن يشتبه في صلتهم بالإرهاب بل وبالنسبة للجميع في نهاية المطاف".
وتابع التقرير أن "سياسات شيطنة الآخر السائدة في الوقت الراهن تروج بلا حياء لفكرة مفادها أن هناك بشرا أدنى إنسانيا من غيرهم، وهو الأمر الذي ينزع الصفة الإنسانية عن جماعات بكاملها من البشر"، وأول المستهدفين بهذه السياسات بحسب التقرير اللاجئون.
وأشار التقرير تحديدا إلى المرسوم الذي أصدره ترامب وحظر مؤقتا الهجرة والسفر من سبع بلدان ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، قبل أن يعلقه القضاء الأميركي، وإلى الاتفاق "غير القانوني والمتهور" الذي أبرم بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة والذي يسمح بإعادة طالبي لجوء إلى تركيا.
 وقال مدير منظمة العفو لأوروبا جون دالويسن نقلا عن دويتشه فيله  إن خطاب استهداف الآخر ليس حكرا على القادة المتطرفين، بل اعتمدته أيضا "أحزاب توصف بأنها وسطية (...) بشكل مبطن أحيانا، وبصورة أكثر صراحة أحيانا أخرى".
وشدد على أن الأجانب والمسلمين هم "الأهداف الرئيسية للديماغوجية الأوروبية"، مشيرا إلى أنهم "يقدمون على أنهم يشكلون خطرا على الأمن والهوية الوطنية، ويسرقون الوظائف ويستغلون نظام الضمان الاجتماعي".

شارك