البطريرك 68 ميخائيل الثاني.. ثلاثة شروط قبل الرسامة
الخميس 18/مايو/2017 - 12:30 م
طباعة
البابا ميخائيل الثامن والستون من باباوات الكرازة المرقسية كان عالمًا فاضلًا تأدب بكتب الكنيسة منذ صغره وحفظ أكثرها فاشتاقت نفسه إلى التعبد لله فخرج إلى البرية وترهب بدير القديس مقاريوس وبعد عدة سنين رُسِمَ قسًا ثم خرج إلى ناحية سنجار وحبس نفسه في مغارة هناك أكثر من عشرين سنة وهو يجاهد جهادًا عظيمًا حتى ذاعت فضائله فوقع عليه الاختيار للكرسي البطريركي فتولاه في 12 بابه سنة 809 ش. (9 أكتوبر سنة 1092) بعد أن أقر بالإيمان المستقيم وتعهد بافتقاد إكليروس الإسكندرية وكنائسها بنوع خاص وباجتناب السيمونية (هذه اللفظة اتخذوها من اسم سيمون الساحر الذي قال عنه كاتب سفر الأعمال أنه كان يريد أن يشتري مواهب الروح القدس بالفضة).وتعني بيع الرتب الكهنوتية لمن يدفع.
وإعادة ما كان اغتصبه البابا السابق عبد المسيح لذاته عن الكنائس (كنيسة المعلقة ومرقوريوس أبو سيفين والسيدة العذراء بحارة الروم والملاك ميخائيل بالجيزة ثم دير الشمع ودير الفخارواشترطوا عليه قبل رسامته ثلاثة شروط مكتوبة:
1- أن يحرم السيمونية.- بيع الكهنوت
2- أن يتعهد بدفع راتب لوكيل الكرازة المرقسية بالإسكندرية.
3- أن يرد لأساقفة بعض الكراسي ما اغتصبه بعض البطاركة السابقين من إيبارشياتهم، سواء من جهة الإيراد أو بعض الكنائس، وضربوا له مثلًا ما استولى عليه البابا خريستوزولوس من كنائس السيدة العذراء المعلقة وأبو سيفين والعذراء بحارة الروم، ومن أسقفية أوسيم والجيزة كنيسة ميخائيل بجزيرة الروضة ومن كرسي طموه دير الشمع ودير الفخار (دير أبو سيفين الآن) وغيرها..
فوافقهم القس ميخائيل السنجاري -المرشح للبطريركية على ذلك- وكتب لهم بخطه ما يفيد ذلك.
رسم البابا في 12 بابه 809 ش/ 9 أكتوبر 1091 وقصد بعدها دير أبو مقار بشيهات ومنه إلى الكنيسة المعلقة بمصر. وبعد فترة طلب منه الأساقفة الوفاء بما تعهد به ورد الكنائس، فنكص بوعده وحرم كل من يشهد بهذا، واستولى على ثلاثة نسخ من هذا الإقرار وظلت الرابعة بحوزة الأنبا سنهوت أسقف مصر، فحاول أخذها منه فأبى، فمنعه من الصلاة فهاج الشعب فأرجعه إلى عمله، وظلا متسالمين، إلا أن البابا لم يكن مرتاح إليه وأراد أن يتخلص منه، فعقد مجمعا وادعى عليه أنه عقد قداسين في يوم واحد في عهد البابا السابق وهذا يخالف قوانين الكنيسة، فلما علم بهذا الاتهام هرب واختبأ، فوضع البطريرك يده على كنائسه!
ومن إخبار الكنيسة في أيامه:
قام البابا ميخائيل بخدمة جليلة لمصر إذ حدت أن النيل أخذ في الانخفاض عامًا بعد عام نتيجة إنشاء ملك الحبشة سدًا في بلاده يمنع المياه الكثيرة عن الوصول إلى مصر، فطلب الخليفة المستنصر منه أن يذهب إلى ملك الحبشة، وبما له من مكانه روحية لديه يستطيع أن يجد حلا في هذه المياه، وفعلا سافر البابا ميخائيل إلى الحبشة وقابله ملكها بالترحاب، فعرض عليه المشكلة، فأمر الملك -بعد أن أخذ هدية كان قد أرسلها معه المستنصر- بفتح السد فوصلت المياه إلى مصر وعادت الحياة إلى الزرع والضرع وهبط الغلاء، وعمَّ السرور وكانت هذه أول زيارة لبطريرك مصر للحبشة منذ خضوعها دينيا لكنيسة الإسكندرية. وفي سنة 1102 توفي مطران الحبشة فأرسل ملكها وفدًا إلى البطريرك يطلب منه أن يرسم لهم مطرانا آخر، فرسم لهم الراهب جرجس مطرانًا، وسافر إلى الحبشة مع الوفد المٌصاحِب له، إلا أنه كان طامِعًا في المال فغضب عليه الأحباش، وألزمه ملك الحبشة برد كل ما حصل عليه منهم وأعاده إلى مصر، فطرحه الوزير الأفضل في السجن حتى مات.
وأصيب البطريرك بالطاعون وتوفي في 30 بشنس 816 الموافقة 1102 م.