المحيسني.. وسيط "داعش" و"أحرار الشام" ينجو من محاولة اغتيال
السبت 17/يونيو/2017 - 06:23 م
طباعة
بعد أيام من تصنيف الربعاعي العربي رجل الدين السعودي عبد الله المحيسني على قائمة الإرهاب، قال المحيسني إنه نجا من محاولة اغتيال نفذها انتحاري في سوريا أمس الجمعة، وظهر المحيسني في مقطع فيديو وهو يقول إنه لم يصب في الانفجار. وقال "ركبنا السيارة فإذا برجل يركض باتجاهنا مرتديا حزاما ناسفا فاقترب من السيارة ثم فجر نفسه".
ولم يشر المحيسني إلى من يعتقد أنه المسؤول عن الهجوم، الذي قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه وقع بعد أن غادر المحيسني مسجدا في إدلب.
والحكومة السورية وحلفاؤها تصف المحيسني بأنه إرهابي، وكذلك الولايات المتحدة التي شنت ضربات جوية ضد هيئة تحرير الشام الجماعة التي يرتبط بها، ومنذ وصول المحيسني إلى سوريا عام 2013 أصبح واحدا من أشهر الجهاديين لأسباب منها ظهوره المستمر على مواقع التواصل الاجتماعي.
والمحيسني هو عضو في مجلس شورى هيئة تحرير الشام، وهي تحالف يضم فصائل متشددة منها جبهة فتح الشام التي كانت تعرف سابقا بجبهة النصرة.
والمحيسني لم يكن له سابقة جهاد من قبل، لكنه منذ وصوله إلى الأراضي السورية قبل عامين، صعد نجمه بشكل مريب ليحتلّ خلال فترة وجيزة مكانة عالية بين التنظيمات "الجهادية" مكنته من تولي دور القاضي والحَكَم في أهم الخصومات التي جرت بين هذه التنظيمات.
وبالرغم من أنه لم يبايع أيّ تنظيم، وآثر العمل كمستقل، إلا أن المحيسني سرعان ما اتخذ موقفاً معادياً لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وحافظ على علاقات وثيقة مع "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" وغيرها من أوجه القاعدة في سوريا.
اللافت أن المحيسني، وبرغم نفيره، ظل وفياً لبيعة سابقة كانت في عنقه للملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز قبل أن يضطر إلى التبرؤ منها بعد انفضاح الأمر.
وكان رجل الدين السعودي الشاب قد وصل إلى الأراضي السورية في أوائل أكتوبر 2013، أي بعد أشهر من الخلاف بين "جبهة النصرة" و"داعش" ومع ذلك لقي وصوله ترحاباً واسعاً من قبل أنصار الفريقين.
وولد المحيسني في مدينة القصيم ببريدة المعروفة كخزّان "الجهاديين" الذي لا ينضب في السعودية، لأب يعتبر من أشهر القرّاء السعوديين، هو الشيخ محمد بن سليمان المحيسني. ثم انتقل مع عائلته إلى مدينة مكة حيث تدرج في الدراسة حتى تخرج من جامعة أم القرى حاملاً شهادة بكالوريوس في الشريعة الاسلامية. بعد ذلك التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض (المعهد العالي للقضاء) لإكمال دراسة الماجستير تخصص (فقه مقارن) وتخرج بتقدير امتياز.
وينحدر المحيسني من عائلة ثرية ومعروفة بولائها للعائلة المالكة في السعودية، فوالده القارئ المعروف ما زال على قيد الحياة ويجاهر ببيعته للملوك على تعاقبهم، ولم يُعرف عنه أنه تبرأ من ولده أو أنكر فعله بالنفير إلى الشام، ومع ذلك لم يتعرض لأي مضايقات أمنية.
وحتى بعد وصوله إلى سوريا وانخراطه في سلك الجهاد، الذي من أبرز تعاليمه محاربة الطواغيت، ولم يُظهر المحيسني أي انتقاد لعائلة آل سعود، بل على العكس عبّر في أكثر من مناسبة عن التزامه بالبيعة التي قدمها للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وكتب ذات مرة على سبيل المناصحة تغريدة شهيرة يخاطب فيها الملك عبدالله ويقدم له بعض النصائح من باب ما توجبه البيعة عليه من واجب النصح، وكان هذا اعترافاً مكتوباً منه بولائه لآل سعود.
ومما لا شك فيه أن اسم المحيسني لم يكن غريباً عن أجهزة الاستخبارات السعودية، فالرجل قبل نفيره كان له نشاط حافل بدعم الفصائل الجهادية من خلال تنظيم حملات التبرع لجمع الأموال لها، وكان المسجد الذي يتولى إمامة الصلاة فيه في مكة المكرمة معروفاً بكونه أحد أهم صناديق التبرع لهذه الفصائل.
وفي سوريا، برز اسم المحيسني للمرة الاولى عندما تدخل كوسيط بين داعش و أحرار الشام لحل الخلاف الذي اندلع بينهما وشكّل شرارة بداية الاقتتال لاحقاً، في مدينة مسكنة بريف حلب في شهر كانون الأول من العام 2013، أي بعد وصوله بشهرين، واشترك معه في هذه الوساطة حينها الداعية الكويتي المعروف فهد العجمي.
وقد جاءت محاولات المحيسني للتوسط بعد ذلك في أكثر من مشكلة حدثت بين –داعش- والفصائل الأخرى انطلاقاً من تقديمه نفسه على أنه مستقل ويقف - على مسافة واحدة من الجميع. وبالرغم من أنه كان كثير الثناء على تنظيم داعش وقيادته، حتى كان يُعتبر من المقربين منهم، إلا أن ذلك لم يمنع أن بعض التسريبات المبكرة من أوساط التنظيم كانت تشكك بالرجل ودوره. حتى أنه عندما اجتمع مع القائد العسكري في داعش عمر الشيشاني، همس البعض بأن هذا الاجتماع كان بهدف إقناع الأخير للانشقاق عن التنظيم مقابل مغريات كبيرة جداً.